الباحث القرآني
هَذا تَكْرِيرٌ لِلتَّوْبِيخِ لِقَصْدِ تَأْكِيدِ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، ووَحَّدَ السَّمْعَ لِأنَّهُ مَصْدَرٌ يَدُلُّ عَلى الجَمْعِ بِخِلافِ البَصَرِ ولِهَذا جَمَعَهُ، والخَتْمُ: الطَّبْعُ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ في البَقَرَةِ، والمُرادُ: أخْذُ المَعانِي القائِمَةِ بِهَذِهِ الجَوارِحِ أوْ أخْذُ الجَوارِحِ نَفْسِها، والِاسْتِفْهامُ في ﴿مَن إلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكم بِهِ﴾ لِلتَّوْبِيخِ، و" مَن " مُبْتَدَأٌ، و" إلَهٌ " خَبَرُهُ، و" غَيْرُ اللَّهِ " صِفَةٌ لِلْخَبَرِ، ووَحَّدَ الضَّمِيرَ في بِهِ مَعَ أنَّ المَرْجِعَ مُتَعَدِّدٌ عَلى مَعْنى: فَمَن يَأْتِيكم بِذَلِكَ المَأْخُوذِ أوِ المَذْكُورِ.
وقِيلَ: الضَّمِيرُ راجِعٌ إلى أحَدِ هَذِهِ المَذْكُوراتِ، وقِيلَ: إنَّ الضَّمِيرَ بِمَنزِلَةِ اسْمِ الإشارَةِ: أيْ يَأْتِيكم بِذَلِكَ المَذْكُورِ، ثُمَّ أمَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِالنَّظَرِ في تَصْرِيفِ الآياتِ وعَدَمِ قَبُولِهِمْ لَها تَعْجِيبًا لَهُ مِن ذَلِكَ، والتَّصْرِيفُ المَجِيءُ بِها عَلى جِهاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، تارَةً إنْذارٌ وتارَةً إعْذارٌ وتارَةً تَرْغِيبٌ وتارَةً تَرْهِيبٌ.
وقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ هم يَصْدِفُونَ﴾ عَطْفٌ عَلى " نُصَرِّفُ "، ومَعْنى يَصْدِفُونَ: يُعْرِضُونَ، يُقالُ: صَدَفَ عَنِ الشَّيْءِ: إذا أعْرَضَ عَنْهُ صَدَفًا وصُدُوفًا.
قَوْلُهُ: ﴿قُلْ أرَأيْتَكم إنْ أتاكم عَذابُ اللَّهِ﴾ أيْ أخْبِرُونِي عَنْ ذَلِكَ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ البَغْتَةِ قَرِيبًا أنَّها الفَجْأةُ.
قالَ الكِسائِيُّ: بَغَتَهم يَبْغَتُهم بَغْتًا وبَغْتَةً: إذا أتاهم فَجْأةً: أيْ مِن دُونِ تَقْدِيمِ مُقَدِّماتٍ تَدُلُّ عَلى العَذابِ، والجَهْرَةُ أنْ يَأْتِيَ العَذابُ بَعْدَ ظُهُورِ مُقَدِّماتٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وقِيلَ: البَغْتَةُ: إتْيانُ العَذابِ لَيْلًا، والجَهْرَةُ: إتْيانُ العَذابِ نَهارًا كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَياتًا أوْ نَهارًا﴾ [يونس: ٥٠] .
﴿هَلْ يُهْلَكُ إلّا القَوْمُ الظّالِمُونَ﴾ الِاسْتِفْهامُ لِلتَّقْرِيرِ: أيْ ما يَهْلِكُ هَلاكَ تَعْذِيبٍ وسُخْطٍ إلّا القَوْمُ الظّالِمُونَ.
وقُرِئَ يَهْلِكُ عَلى البِناءِ لِلْفاعِلِ.
قالَ الزَّجّاجُ: مَعْناهُ هَلْ يَهْلِكُ إلّا أنْتُمْ ومَن أشْبَهَكم ؟ انْتَهى.
قَوْلُهُ: ﴿وما نُرْسِلُ المُرْسَلِينَ إلّا مُبَشِّرِينَ ومُنْذِرِينَ﴾ كَلامٌ مُبْتَدَأٌ لِبَيانِ الغَرَضِ مِن إرْسالِ الرُّسُلِ: أيْ مُبَشِّرِينَ لِمَن أطاعَهم بِما أعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنَ الجَزاءِ العَظِيمِ، ومُنْذِرِينَ لِمَن عَصاهم بِما لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ العَذابِ الوَبِيلِ: وقِيلَ: مُبَشِّرِينَ في الدُّنْيا بِسَعَةِ الرِّزْقِ وفي الآخِرَةِ بِالثَّوابِ، ومُنْذِرِينَ مُخَوِّفِينَ بِالعِقابِ، وهُما حالانِ مُقَدَّرَتانِ: أيْ ما نُرْسِلُهم إلّا مُقَدِّرِينَ تَبْشِيرَهم وإنْذارَهُمْ﴿فَمَن آمَنَ وأصْلَحَ﴾ أيْ آمَنَ بِما جاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ وأصْلَحَ حالَ نَفْسِهِ بِفِعْلِ ما يَدْعُونَهُ إلَيْهِ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ ولا هم يَحْزَنُونَ بِحالٍ مِنَ الأحْوالِ، هَذا حالُ مَن آمَنَ وأصْلَحَ.
وأمّا حالُ المُكَذِّبِينَ فَهو أنْ يَمَسَّهُمُ العَذابُ بِسَبَبِ فِسْقِهِمْ: أيْ خُرُوجِهِمْ عَنِ التَّصْدِيقِ والطّاعَةِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، في قَوْلِهِ: يَصْدِفُونَ قالَ: يَعْدِلُونَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: يَصْدِفُونَ قالَ: يُعْرِضُونَ، وقالَ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ أرَأيْتَكم إنْ أتاكم عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً﴾ قالَ: فَجْأةً آمِنِينَ، أوْ جَهْرَةً قالَ: وهم يَنْظُرُونَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قالَ: كُلُّ فِسْقٍ في القُرْآنِ فَمَعْناهُ الكَذِبُ.
{"ayahs_start":46,"ayahs":["قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِنۡ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمۡعَكُمۡ وَأَبۡصَـٰرَكُمۡ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنۡ إِلَـٰهٌ غَیۡرُ ٱللَّهِ یَأۡتِیكُم بِهِۗ ٱنظُرۡ كَیۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ ثُمَّ هُمۡ یَصۡدِفُونَ","قُلۡ أَرَءَیۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغۡتَةً أَوۡ جَهۡرَةً هَلۡ یُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ","وَمَا نُرۡسِلُ ٱلۡمُرۡسَلِینَ إِلَّا مُبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَۖ فَمَنۡ ءَامَنَ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ","وَٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یَمَسُّهُمُ ٱلۡعَذَابُ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ"],"ayah":"قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِنۡ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمۡعَكُمۡ وَأَبۡصَـٰرَكُمۡ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنۡ إِلَـٰهٌ غَیۡرُ ٱللَّهِ یَأۡتِیكُم بِهِۗ ٱنظُرۡ كَیۡفَ نُصَرِّفُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ ثُمَّ هُمۡ یَصۡدِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق