الباحث القرآني

(p-٤٠٧)قالَ الثَّعْلَبِيُّ: سُورَةُ الأنْعامِ مَكِّيَّةٌ إلّا سِتَّ آياتٍ نَزَلَتْ بِالمَدِينَةِ وهي ﴿وما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: ٩١] إلى آخِرِ ثَلاثِ آياتٍ [الأنعام: ٩١، ٩٣]، و﴿قُلْ تَعالَوْا أتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكم عَلَيْكم﴾ [الأنعام: ١٥١] إلى آخِرِ ثَلاثِ آياتٍ [الأنعام: ١٥١، ١٥٣] . قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وهي الآياتُ المُحْكَماتُ، يَعْنِي في هَذِهِ السُّورَةِ. وقالَ القُرْطُبِيُّ: هي مَكِّيَّةٌ إلّا آيَتَيْنِ هُما ﴿وما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ نَزَلَتْ في مالِكِ بْنِ الصَّيْفِ وكَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ اليَهُودِيَّيْنِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وهُوَ الَّذِي أنْشَأ جَنّاتٍ مَعْرُوشاتٍ﴾ [الأنعام: ١٤١] نَزَلَتْ في ثابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ الأنْعامِ بِمَكَّةَ. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ، قالَ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ الأنْعامِ بِمَكَّةَ لَيْلًا جُمْلَةً وحَوْلَها سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَجْأرُونَ حَوْلَها بِالتَّسْبِيحِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الأنْعامِ يُشَيِّعُها سَبْعُونَ ألْفًا مِنَ المَلائِكَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أسْماءَ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الأنْعامِ عَلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وهو في مَسِيرٍ في زَجَلٍ مِنَ المَلائِكَةِ. وقَدْ نُظِّمُوا ما بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أسْماءَ بِنْتِ يَزِيدَ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «نَزَلَتْ عَلَيَّ سُورَةُ الأنْعامِ جُمْلَةً واحِدَةً يُشَيِّعُها سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ لَهم زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ والتَّحْمِيدِ» وهو مِن طَرِيقِ إبْراهِيمَ بْنِ نائِلَةَ شَيْخِ الطَّبَرانِيِّ عَنْ إسْماعِيلَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ عَوْنٍ عَنْ نافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، فَذَكَرَهُ. وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، رَواهُ عَنِ الطَّبَرانِيِّ عَنْ إسْماعِيلَ المَذْكُورِ بِهِ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وأبُو الشَّيْخِ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «نَزَلَتْ سُورَةُ الأنْعامِ ومَعَها مَوْكِبٌ مِنَ المَلائِكَةِ يَسُدُّ ما بَيْنَ الخافِقَيْنِ، لَهم زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ والتَّقْدِيسِ، والأرْضُ تَرْتَجُّ، ورَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يَقُولُ: سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ» . وأخْرَجَ الحاكِمُ وقالَ: صَحِيحٌ عَلى شَرْطِ مُسْلِمٍ، والإسْماعِيلِيُّ في مُعْجَمِهِ والبَيْهَقِيُّ عَنْ جابِرٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ سُورَةُ الأنْعامِ سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ثُمَّ قالَ: «لَقَدْ شَيَّعَ هَذِهِ السُّورَةَ مِنَ المَلائِكَةِ ما سَدَّ الأُفُقَ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ وضَعَّفَهُ والخَطِيبُ في تارِيخِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: «أُنْزِلَ القُرْآنُ خَمْسًا خَمْسًا، ومَن حَفِظَهُ خَمْسًا خَمْسًا لَمْ يَنْسَهُ، إلّا سُورَةُ الأنْعامِ فَإنَّها نَزَلَتْ جُمْلَةً يُشِيِّعُها مِن كُلِّ سَماءٍ سَبْعُونَ مَلَكًا حَتّى أدَّوْها إلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، ما قُرِئَتْ عَلى عَلِيلٍ إلّا شَفاهُ اللَّهُ» . وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وأخْرَجَ النَّحّاسُ في تارِيخِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، قالَ: سُورَةُ الأنْعامِ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ جُمْلَةً واحِدَةً، فَهي مَكِّيَّةٌ إلّا ثَلاثَ آياتٍ مِنها نَزَلْنَ بِالمَدِينَةِ ﴿قُلْ تَعالَوْا أتْلُ ما حَرَّمَ﴾ إلى تَمامِ الآياتِ الثَّلاثِ [ الآياتِ: ١٥١ - ١٥٣ . وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ أنَسٍ مَرْفُوعًا «يُنادِي مُنادٍ: يا قارِئَ سُورَةِ الأنْعامِ هَلُمَّ إلى الجَنَّةِ بِحُبِّكَ إيّاها وتِلاوَتِها» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي جُحَيْفَةَ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الأنْعامِ جَمِيعًا مَعَها سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ كُلُّها مَكِّيَّةٌ إلّا ﴿ولَوْ أنَّنا نَزَّلْنا إلَيْهِمُ المَلائِكَةَ﴾ [الأنعام: ١١١] فَإنَّها مَدَنِيَّةٌ. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ في فَضائِلِهِ والدّارِمِيُّ، في مُسْنَدِهِ ومُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ في كِتابِ الصَّلاةِ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: الأنْعامُ مِن نَواجِبِ القُرْآنِ. وأخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ السَّلَفِيُّ بِسَنَدٍ واهٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مَرْفُوعًا: «مَن قَرَأ إذا صَلّى الغَداةَ ثَلاثَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الأنْعامِ إلى ﴿ويَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ﴾ [الأنعام: ٣] نَزَلَ إلَيْهِ أرْبَعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يُكْتَبُ لَهُ مِثْلُ أعْمالِهِمْ، ونَزَلَ إلَيْهِ مَلَكٌ مِن فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ ومَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِن حَدِيدٍ، فَإنْ أوْحى الشَّيْطانُ في قَلْبِهِ شَيْئًا مِنَ الشَّرِّ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً حَتّى يَكُونَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ سَبْعُونَ حِجابًا، فَإذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: أنا رَبُّكَ وأنْتَ عَبْدِي، امْشِ في ظِلِّي واشْرَبْ مِنَ الكَوْثَرِ واغْتَسِلْ مِنَ السَّلْسَبِيلِ وادْخُلِ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسابٍ ولا عَذابٍ» . وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «مَن صَلّى الفَجْرَ في جَماعَةٍ وقَعَدَ في مُصَلّاهُ وقَرَأ ثَلاثَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الأنْعامِ وكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعِينَ مَلَكًا يُسَبِّحُونَ اللَّهَ ويَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إلى يَوْمِ القِيامَةِ» . وفِي فَضائِلَ هَذِهِ السُّورَةِ رِواياتٌ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ التّابِعِينَ مَرْفُوعَةٌ وغَيْرُ مَرْفُوعَةٍ. قالَ القُرْطُبِيُّ: قالَ العُلَماءُ: هَذِهِ السُّورَةُ أصْلٌ في مُحاجَّةِ المُشْرِكِينَ وغَيْرِهِمْ مِنَ المُبْتَدِعِينَ ومَن كَذَّبَ بِالبَعْثِ والنُّشُورِ، وهَذا يَقْتَضِي إنْزالَها جُمْلَةً واحِدَةً لِأنَّها في مَعْنًى واحِدٍ مِنَ الحُجَّةِ وإنْ تَصَرَّفَ ذَلِكَ بِوُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وعَلَيْها بَنى المُتَكَلِّمُونَ أُصُولَ الدِّينِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب