الباحث القرآني
قَوْلُهُ ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ أيْ صَدِّقُوا بِالتَّوْحِيدِ وبِصِحَّةِ الرِّسالَةِ، وهَذا خِطابٌ لِكُفّارِ العَرَبِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ خِطابًا لِلْجَمِيعِ، ويَكُونُ المُرادُ بِالأمْرِ بِالإيمانِ في حَقِّ المُسْلِمِينَ الِاسْتِمْرارُ عَلَيْهِ، أوِ الِازْدِيادُ مِنهُ، ثُمَّ لَمّا أمَرَهم بِالإيمانِ أمَرَهم بِالإنْفاقِ في سَبِيلِ اللَّهِ فَقالَ: ﴿وأنْفِقُوا مِمّا جَعَلَكم مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ أيْ جَعَلَكم خُلَفاءَ في التَّصَرُّفِ فِيهِ مِن غَيْرِ أنْ تَمْلِكُوهُ حَقِيقَةً، فَإنَّ المالَ مالُ اللَّهِ، والعِبادَ خُلَفاءُ اللَّهِ في أمْوالِهِ فَعَلَيْهِمْ أنْ يَصْرِفُوها فِيما يُرْضِيهِ وقِيلَ جَعَلَكم خُلَفاءَ مَن كانَ قَبْلَكم مِمَّنْ تَرِثُونَهُ، وسَيَنْتَقِلُ إلى غَيْرِكم مِمَّنْ يَرِثُكم فَلا تَبْخَلُوا بِهِ.
كَذا قالَ الحَسَنُ وغَيْرُهُ، وفِيهِ التَّرْغِيبُ إلى الإنْفاقِ في سَبِيلِ الخَيْرِ قَبْلَ أنْ يَنْتَقِلَ عَنْهم ويَصِيرَ إلى غَيْرِهِمْ، والظّاهِرُ أنَّ مَعْنى الآيَةِ التَّرْغِيبُ في الإنْفاقِ في الخَيْرِ، وما يَرْضاهُ اللَّهُ عَلى العُمُومِ، وقِيلَ هو خاصٌّ بِالزَّكاةِ المَفْرُوضَةِ، ولا وجْهَ لِهَذا الخُصُوصِ، ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحانَهُ ثَوابَ مَن أنْفَقَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَقالَ: ﴿فالَّذِينَ آمَنُوا مِنكم وأنْفَقُوا لَهم أجْرٌ كَبِيرٌ﴾ أيِ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الإيمانِ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ، وبَيْنَ الإنْفاقِ في سَبِيلِ اللَّهِ لَهم أجْرٌ كَبِيرٌ، وهو الجَنَّةُ.
﴿وما لَكم لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ هَذا الِاسْتِفْهامُ لِلتَّوْبِيخِ والتَّقْرِيعِ: أيْ أيُّ عُذْرٍ لَكم، وأيُّ مانِعٍ مِنَ الإيمانِ.
وقَدْ أُزِيحَتْ عَنْكُمُ العِلَلُ، و" ما " مُبْتَدَأٌ و" لَكم " خَبَرُهُ و" لا تُؤْمِنُونَ " في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِنَ الضَّمِيرِ في لَكم، والعامِلُ ما فِيهِ مِن مَعْنى الِاسْتِقْرارِ، وقِيلَ المَعْنى: أيُّ شَيْءٍ لَكم مِنَ الثَّوابِ في الآخِرَةِ إذا لَمْ تُؤْمِنُوا ؟ وجُمْلَةُ﴿والرَّسُولُ يَدْعُوكم لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِن ضَمِيرِ " لا تُؤْمِنُونَ " عَلى التَّداخُلِ، و" لِتُؤْمِنُوا " مُتَعَلِّقٌ بِـ " يَدْعُوكم ": أيْ يَدْعُوكم لِلْإيمانِ، والمَعْنى: أيُّ عُذْرٍ لَكم في تَرْكِ الإيمانِ والرَّسُولُ يَدْعُوكم إلَيْهِ ويُنَبِّهُكم عَلَيْهِ ؟ وجُمْلَةُ ﴿وقَدْ أخَذَ مِيثاقَكُمْ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِن فاعِلِ يَدْعُوكم عَلى التَّداخُلِ أيْضًا: أيْ والحالُ أنْ قَدْ أخَذَ اللَّهُ مِيثاقَكم حِينَ أخْرَجَكم مِن ظَهْرِ أبِيكم آدَمَ، أوْ بِما نَصَبَ لَكم مِنَ الأدِلَّةِ الدّالَّةِ عَلى التَّوْحِيدِ ووُجُوبِ الإيمانِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿وقَدْ أخَذَ﴾ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ، وهو اللَّهُ سُبْحانَهُ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ.
وقَرَأ أبُو عَمْرٍو عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ بِما أُخِذَ عَلَيْكم مِنَ المِيثاقِ، أوْ بِالحُجَجِ والدَّلائِلِ، أوْ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِسَبَبٍ مِنَ الأسْبابِ فَهَذا مِن أعْظَمِ أسْبابِهِ وأوْضَحِ مُوجِباتِهِ.
﴿هو الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ﴾ أيْ واضِحاتٍ ظاهِراتٍ، وهي الآيَةُ القُرْآنِيَّةُ، وقِيلَ المُعْجِزاتُ والقُرْآنُ أعْظَمُها ﴿لِيُخْرِجَكم مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ﴾ أيْ لِيُخْرِجَكُمُ اللَّهُ بِتِلْكَ الآياتِ مِن ظُلُماتِ الشِّرْكِ إلى نُورِ الإيمانِ، أوْ لِيُخْرِجَكُمُ الرَّسُولُ بِتِلْكَ الآياتِ، أوْ بِالدَّعْوَةِ ﴿وإنَّ اللَّهَ بِكم لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ أيْ لَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ والرَّحْمَةِ بَلِيغُهُما حَيْثُ أنْزَلَ كُتُبَهُ وبَعَثَ رُسُلَهُ لِهِدايَةِ عِبادِهِ فَلا رَأْفَةَ ولا رَحْمَةَ أبْلَغُ مِن هَذِهِ.
والِاسْتِفْهامُ في قَوْلِهِ: ﴿وما لَكم ألّا تُنْفِقُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ، والكَلامُ في إعْرابِ هَذا كالكَلامِ في إعْرابِ قَوْلِهِ: ﴿وما لَكم لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ وفي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ الإنْفاقَ المَأْمُورَ بِهِ في قَوْلِهِ: ﴿وأنْفِقُوا مِمّا جَعَلَكم مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ هو الإنْفاقُ في سَبِيلِ اللَّهِ كَما بَيَّنّا ذَلِكَ، والمَعْنى: أيُّ عُذْرٍ لَكم وأيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُكم مِن ذَلِكَ، والأصْلُ في أنْ لا تُنْفِقُوا، وقِيلَ (p-١٤٥٦)إنَّ " أنْ " زائِدَةٌ، وجُمْلَةُ ﴿ولِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِن فاعِلِ " ألّا تُنْفِقُوا " أوْ مِن مَفْعُولِهِ، والمَعْنى: أيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُكم مِنَ الإنْفاقِ في ذَلِكَ الوَجْهِ والحالُ أنَّ كُلَّ ما في السَّماواتِ والأرْضِ راجِعٌ إلى اللَّهِ سُبْحانَهُ بِانْقِراضِ العالَمِ كَرُجُوعِ المِيراثِ إلى الوارِثِ، ولا يَبْقى لَهم مِنهُ شَيْءٌ، وهَذا أدْخَلُ في التَّوْبِيخِ وأكْمَلُ في التَّقْرِيعِ، فَإنَّ كَوْنَ تِلْكَ الأمْوالِ تَخْرُجُ عَنْ أهْلِها وتَصِيرُ لِلَّهِ سُبْحانَهُ ولا يَبْقى أحَدٌ مِن مالِكِيها أقْوى في إيجابِ الإنْفاقِ عَلَيْهِمْ مِن كَوْنِها لِلَّهِ في الحَقِيقَةِ، وهم خُلَفاؤُهُ في التَّصَرُّفِ فِيها.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ فَضْلَ مَن سَبَقَ بِالإنْفاقِ في سَبِيلِ اللَّهِ فَقالَ: ﴿لا يَسْتَوِي مِنكم مَن أنْفَقَ مِن قَبْلِ الفَتْحِ﴾ قِيلَ المُرادُ بِالفَتْحِ فَتْحُ مَكَّةَ. وبِهِ قالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ.
وقالَ الشَّعْبِيُّ، والزَّهْرِيُّ: فَتْحُ الحُدَيْبِيَةَ.
قالَ قَتادَةُ: كانَ قِتالانِ أحَدُهُما أفْضَلُ مِنَ الآخَرِ، ونَفَقَتانِ إحْداهُما أفْضَلُ مِنَ الأُخْرى، كانَ القِتالُ والنَّفَقَةُ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ أفْضَلَ مِنَ القِتالِ والنَّفَقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وكَذا قالَ مُقاتِلٌ وغَيْرُهُ.
وفِي الكَلامِ حَذْفٌ، والتَّقْدِيرُ: لا يَسْتَوِي مَن أنْفَقَ مِن قَبْلِ الفَتْحِ وقاتَلَ ومَن أنْفَقَ مِن بَعْدِ الفَتْحِ وقاتَلَ، فَحُذِفَ لِظُهُورِهِ ولِدَلالَةِ ما سَيَأْتِي عَلَيْهِ، وإنَّما كانَتِ النَّفَقَةُ والقِتالُ قَبْلَ الفَتْحِ أفْضَلَ مِنَ النَّفَقَةِ والقِتالِ بَعْدَ الفَتْحِ، لِأنَّ حاجَةَ النّاسِ كانَتْ إذْ ذاكَ أكْثَرَ وهم أقَلُّ وأضْعَفُ، وتَقْدِيمُ الإنْفاقِ عَلى القِتالِ لِلْإيذانِ بِفَضِيلَةِ الإنْفاقِ لِما كانُوا عَلَيْهِ مِنَ الحاجَةِ، فَإنَّهم كانُوا يَجُودُونَ بِأنْفُسِهِمْ ولا يَجِدُونَ ما يَجُودُونَ بِهِ مِنَ الأمْوالِ.
والجُودُ بِالنَّفْسِ أقْصى غايَةِ الجُودِ، والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ إلى " مَن " بِاعْتِبارِ مَعْناها، وهو مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ ﴿أعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أنْفَقُوا مِن بَعْدُ وقاتَلُوا﴾ أيْ أرْفَعُ مَنزِلَةً وأعْلى رُتْبَةً مِنَ الَّذِينَ أنْفَقُوا أمْوالَهم في سَبِيلِ اللَّهِ مِن بَعْدِ الفَتْحِ وقاتَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ عَطاءٌ: دَرَجاتُ الجَنَّةِ تَتَفاضَلُ، فالَّذِينَ أنْفَقُوا مِن قَبْلِ الفَتْحِ في أفْضَلِها.
قالَ الزَّجّاجُ: لِأنَّ المُتَقَدِّمِينَ نالَهم مِنَ المَشَقَّةِ أكْثَرُ مِمّا نالَ مَن بَعْدَهم، وكانَتْ بَصائِرُهم أيْضًا أنْفَذَ.
وقَدْ أرْشَدَ ﷺ إلى هَذِهِ الفَضِيلَةِ بِقَوْلِهِ فِيما صَحَّ عَنْهُ «لَوْ أنْفَقَ أحَدُكم مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ» وهَذا خِطابٌ مِنهُ ﷺ لِلْمُتَأخِّرِينَ صُحْبَةً، كَما يُرْشِدُ إلى ذَلِكَ السَّبَبُ الَّذِي ورَدَ فِيهِ هَذا الحَدِيثُ.
﴿وكُلًّا وعَدَ اللَّهُ الحُسْنى﴾ أيْ وكُلَّ واحِدٍ مِنَ الفَرِيقَيْنِ وعَدَ اللَّهُ المَثُوبَةَ الحُسْنى، وهي الجَنَّةُ مَعَ تَفاوُتِ دَرَجاتِهِمْ فِيها.
قَرَأ الجُمْهُورُ وكُلًّا بِالنَّصْبِ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِلْفِعْلِ المُتَأخِّرِ.
وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ بِالرَّفْعِ عَلى الِابْتِداءِ، والجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرُهُ والعائِدُ مَحْذُوفٌ، أوْ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ، ومِثْلُ هَذا قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎قَدْ أصْبَحَتْ أمُّ الخِيارِ تَدَّعِي عَلِيَّ ذَنْبًا كُلَّهُ لَمْ أصْنَعِ
﴿واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ لا يَخْفى عَلَيْهِ مِن ذَلِكَ شَيْءٌ.
ثُمَّ رَغَّبَ سُبْحانَهُ في الصَّدَقَةِ فَقالَ: ﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾ أيْ مَن ذا الَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ في سَبِيلِ اللَّهِ، فَإنَّهُ كَمَن يُقْرِضُهُ، والعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ مَن فَعَلَ فِعْلًا حَسَنًا قَدْ أقْرَضَ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎وإذا جُوزِيتَ قَرْضًا فاجْزِهِ ∗∗∗ إنَّما يَجْزِي الفَتى لَيْسَ الجَمَلْ
قالَ الكَلْبِيُّ قَرْضًا أيْ صَدَقَةً حَسَنًا أيْ مُحْتَسِبًا مِن قَلْبِهِ بِلا مَنٍّ ولا أذًى.
قالَ مُقاتِلٌ: حَسَنًا طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الآيَةِ في سُورَةِ البَقَرَةِ ﴿فَيُضاعِفَهُ لَهُ﴾ قَرَأ ابْنُ عامِرٍ، وابْنُ كَثِيرٍ " فَيُضْعِفُهُ " بِإسْقاطِ الألِفِ إلّا أنَّ ابْنَ عامِرٍ، ويَعْقُوبَ نَصَبُوا الفاءَ.
وقَرَأ نافِعٌ وأهْلُ الكُوفَةِ والبَصْرَةِ " فَيُضاعِفَهُ " بِالألِفِ وتَخْفِيفِ العَيْنِ إلّا أنَّ عاصِمًا نَصَبَ الفاءَ ورَفَعَ الباقُونَ.
قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الرَّفْعُ عَلى العَطْفِ عَلى يُقْرِضُ، أوِ الِاسْتِئْنافِ والنَّصْبُ لِكَوْنِ الفاءِ في جَوابِ الِاسْتِفْهامِ.
وضَعَّفَ النَّصْبَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ قالَ لِأنَّ السُّؤالَ لَمْ يَقَعْ عَنِ القَرْضِ، وإنَّما وقَعَ عَنْ فاعِلِ القَرْضِ، وإنَّما تَنْصِبُ الفاءُ فِعْلًا مَرْدُودًا عَلى فِعْلٍ مُسْتَفْهَمٍ عَنْهُ، لَكِنَّ هَذِهِ الفِرْقَةَ حَمَلَتْ ذَلِكَ عَلى المَعْنى، كَأنَّ قَوْلَهُ: ﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ﴾ بِمَنزِلَةِ قَوْلِهِ أيُقْرِضُ اللَّهَ أحَدٌ ﴿ولَهُ أجْرٌ كَرِيمٌ﴾ وهو الجَنَّةُ، والمُضاعَفَةُ هُنا هي كَوْنُ الحَسَنَةِ بِعَشَرَةِ أمْثالِها إلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ عَلى اخْتِلافِ الأحْوالِ والأشْخاصِ والأوْقاتِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ في الدَّلائِلِ مِن طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ «خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ عامَ الحُدَيْبِيَةِ حَتّى إذا كُنّا بِعُسْفانَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يُوشِكُ أنْ يَأْتِيَ قَوْمٌ يُحَقِّرُونَ أعْمالَكم مَعَ أعْمالِهِمْ، قُلْنا مَن هم يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ أقَرِيشٌ ؟ قالَ: لا، ولَكِنَّهم أهْلُ اليَمَنِ هم أرَقُّ أفْئِدَةً وألْيَنُ قُلُوبًا، فَقُلْنا: أهم خَيْرٌ مِنّا يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قالَ: لَوْ كانَ لِأحَدِهِمْ جَبَلٌ مِن ذَهَبٍ ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِكم ولا نَصِيفَهُ، إلّا أنَّ هَذا فَصْلُ ما بَيْنَنا وبَيْنَ النّاسِ ﴿لا يَسْتَوِي مِنكم مَن أنْفَقَ مِن قَبْلِ الفَتْحِ وقاتَلَ﴾ الآيَةَ» وهَذا الحَدِيثُ قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: هو غَرِيبٌ بِهَذا الإسْنادِ، وقَدْ رَواهُ ابْنُ جَرِيرٍ ولَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الحُدَيْبِيَةَ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ عَنْ أنَسٍ قالَ: «كانَ بَيْنَ خالِدِ بْنِ الوَلِيدِ وبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَلامٌ، فَقالَ خالِدٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: تَسْتَطِيلُونَ عَلَيْنا بِأيّامٍ سَبَقْتُمُونا بِها ؟ فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: دَعُوا لِي أصْحابِي، فَوالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أنْفَقْتُمْ مِثْلَ أُحُدٍ أوْ مِثْلَ الجِبالِ ذَهَبًا ما بَلَغْتُمْ أعْمالَهم» والَّذِي في الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِلَفْظِ: «لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فَوالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أنَّ أحَدَكم أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ» وفي لَفْظٍ «ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ» وأخْرَجَ هَذا الحَدِيثَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما مِن حَدِيثِ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيٍّ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: لا تَسُبُّوا أصْحابَ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَلَمَقامُ أحَدِهِمْ ساعَةً خَيْرٌ مِن عَمَلِ أحَدِكم عُمُرَهُ.
{"ayahs_start":10,"ayahs":["وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِیرَ ٰثُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا یَسۡتَوِی مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَـٰتَلَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةࣰ مِّنَ ٱلَّذِینَ أَنفَقُوا۟ مِنۢ بَعۡدُ وَقَـٰتَلُوا۟ۚ وَكُلࣰّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ","مَّن ذَا ٱلَّذِی یُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا فَیُضَـٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥۤ أَجۡرࣱ كَرِیمࣱ"],"ayah":"مَّن ذَا ٱلَّذِی یُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا فَیُضَـٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥۤ أَجۡرࣱ كَرِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











