الباحث القرآني

لَمّا فَرَغَ سُبْحانَهُ مِن تَعْدادِ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ عَلى الثَّقَلَيْنِ ذَكَرَ نِعَمَهُ الأُخْرَوِيَّةَ الَّتِي أنْعَمَ بِها عَلَيْهِمْ فَقالَ: ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ مَقامُهُ سُبْحانَهُ هو المَوْقِفُ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ العِبادُ لِلْحِسابِ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمِينَ﴾ [المطففين: ٦] فالمَقامُ مَصْدَرٌ بِمَعْنى القِيامِ، وقِيلَ المَعْنى خافَ قِيامَ رَبِّهِ عَلَيْهِ، وهو إشْرافُهُ عَلى أحْوالِهِ واطِّلاعُهُ عَلى أفْعالِهِ وأقْوالِهِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿أفَمَن هو قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ﴾ قالَ مُجاهِدٌ، والنَّخَعِيُّ: هو الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ فَيَدَعُها مِن خَوْفِهِ. واخْتُلِفَ في الجَنَّتَيْنِ، فَقالَ مُقاتِلٌ: يَعْنِي جَنَّةَ عَدْنٍ وجَنَّةَ النَّعِيمِ، وقِيلَ إحْداهُما الَّتِي خُلِقَتْ لَهُ والأُخْرى ورِثَها. وقِيلَ إحْداهُما مَنزِلُهُ والأُخْرى مَنزِلُ أزْواجِهِ. وقِيلَ إحْداهُما أسافِلُ القُصُورِ والأُخْرى أعالِيها. وقِيلَ جَنَّةٌ لِلْخائِفِ الإنْسِيِّ، وجَنَّةٌ لِلْخائِفِ الجِنِّيِّ. وقِيلَ جَنَّةٌ لِفِعْلِ الطّاعَةِ وأُخْرى لِتَرْكِ المَعْصِيَةِ، وقِيلَ جَنَّةٌ لِلْعَقِيدَةِ الَّتِي يَعْتَقِدُها، وأُخْرى لِلْعَمَلِ الَّذِي يَعْمَلُهُ، وقِيلَ جَنَّةٌ بِالعَمَلِ وجَنَّةٌ بِالتَّفَضُّلِ وقِيلَ جَنَّةٌ رُوحانِيَّةٌ وجَنَّةٌ جُسْمانِيَّةٌ وقِيلَ جَنَّةٌ لِخَوْفِهِ مِن رَبِّهِ وجَنَّةٌ لِتَرْكِهِ شَهْوَتَهُ. وقالَ الفَرّاءُ: إنَّما هي جَنَّةٌ واحِدَةٌ، والتَّثْنِيَةُ لِأجْلِ مُوافَقَةِ رُؤُوسِ الآيِ. قالَ النَّحّاسُ: وهَذا القَوْلُ مِن أعْظَمِ الغَلَطِ عَلى كِتابِ اللَّهِ، فَإنَّ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿جَنَّتانِ﴾ ويَصِفُهُما بِقَوْلِهِ فِيهِما إلَخْ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ مِن جُمْلَتِها هَذِهِ النِّعْمَةَ العَظِيمَةَ، وهي إعْطاءُ الخائِفِ مِن مَقامِ رَبِّهِ جَنَّتَيْنِ مُتَّصِفَتَيْنِ بِالصِّفاتِ الجَلِيلَةِ العَظِيمَةِ. ﴿ذَواتا أفْنانٍ﴾ هَذِهِ صِفَةٌ لَلَجْنَّتانِ، وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ، والأفْنانُ: (p-١٤٣٩)الأغْصانُ، واحِدُها فَنَنٌ وهو الغُصْنُ المُسْتَقِيمُ طُولًا، وبِهَذا قالَ مُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ، وعَطِيَّةُ وغَيْرُهم. وقالَ الزَّجّاجُ: الأفْنانُ الألْوانُ واحِدُها فَنٌّ، وهو الضَّرْبُ مِن كُلِّ شَيْءٍ، وبِهِ قالَ عَطاءٌ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وجَمَعَ عَطاءٌ بَيْنَ القَوْلَيْنِ، فَقالَ: في كُلِّ غُصْنِ فُنُونٌ مِنَ الفاكِهَةِ، ومِن إطْلاقِ الفَنَنِ عَلى الغُصْنِ قَوْلُ النّابِغَةِ: ؎دُعاءَ حَمامَةٍ تَدْعُو هَدِيلًا مُفَجَّعَةً عَلى فَنَنٍ تُغَنِّي وقَوْلُ الآخَرِ: ؎ما هاجَ شَوْقَكَ مِن هَدِيرِ حَمامَةٍ ∗∗∗ تَدْعُو عَلى فَنَنِ الغُصُونِ حَماما وقِيلَ مَعْنى ﴿ذَواتا أفْنانٍ﴾ ذَواتا فَضْلٍ وسَعَةٍ عَلى ما سِواهُما، قالَهُ قَتادَةُ، وقِيلَ الأفْنانُ: ظِلُّ الأغْصانِ عَلى الحِيطانِ، رُوِيَ هَذا عَنْ مُجاهِدٍ، وعِكْرِمَةَ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنها لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلتَّكْذِيبِ ولا بِمَوْضِعٍ لِلْإنْكارِ. ﴿فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ﴾ هَذا أيْضًا صِفَةٌ أُخْرى لِجَنَّتانِ: أيْ في كُلِّ واحِدَةٍ مِنهُما عَيْنٌ جارِيَةٌ. قالَ الحَسَنُ: إحْداهُما السَّلْسَبِيلُ والأُخْرى التَّسْنِيمُ. وقالَ عَطِيَّةُ: إحْداهُما مِن ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، والأُخْرى مَن خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ، قِيلَ كُلُّ واحِدَةٍ مِنهُما مِثْلُ الدُّنْيا أضْعافًا مُضاعَفَةً. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ مِن جُمْلَتِها هَذِهِ النِّعْمَةَ الكائِنَةَ في الجَنَّةِ لِأهْلِ السَّعادَةِ. ﴿فِيهِما مِن كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ﴾ هَذا صِفَةٌ ثالِثَةٌ لِجَنَّتانِ، والزَّوْجانِ الصِّنْفانِ والنَّوْعانِ، والمَعْنى: أنْ في الجَنَّتَيْنِ مِن كُلِّ نَوْعٍ يُتَفَكَّهُ بِهِ ضَرْبَيْنِ يُسْتَلَذُّ بِكُلِّ نَوْعٍ مِن أنْواعِهِ، قِيلَ أحَدُ الصِّنْفَيْنِ رَطْبٌ والآخَرُ يابِسٌ لا يَقْصُرُ أحَدُهُما عَنِ الآخَرِ في الفَضْلِ والطِّيبِ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ في مُجَرَّدِ تَعْدادِ هَذِهِ النِّعَمَ ووَصْفِها في هَذا الكِتابِ العَزِيزِ مِنَ التَّرْغِيبِ إلى فِعْلِ الخَيْرِ والتَّرْهِيبِ عَنْ فِعْلِ الشَّرِّ ما لا يَخْفى عَلى مَن يَفْهَمُ، وذَلِكَ نِعْمَةٌ عُظْمى ومِنَّةٌ كُبْرى، فَكَيْفَ بِالتَّنَعُّمِ بِهِ عِنْدَ الوُصُولِ إلَيْهِ. ﴿مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِن إسْتَبْرَقٍ﴾ انْتِصابُ مُتَّكِئِينَ عَلى الحالِ مِن فاعِلِ قَوْلِهِ: ﴿ولِمَن خافَ﴾ وإنَّما جَمَعَ حَمْلًا عَلى مَعْنى مَن، وقِيلَ عامِلُها مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: يَتَنَعَّمُونَ مُتَّكِئِينَ. وقِيلَ مَنصُوبٌ عَلى المَدْحِ، والفُرُشُ جَمْعُ فَرْشٍ، والبَطائِنُ: هي الَّتِي تَحْتَ الظَّهائِرِ، وهي جَمْعُ بِطانَةٍ. قالَ الزَّجّاجُ: هي ما يَلِي الأرْضَ، والإسْتَبْرَقُ: ما غَلُظَ مِنَ الدِّيباجِ، وإذا كانَتِ البَطائِنُ مِن إسْتَبْرَقٍ فَكَيْفَ تَكُونُ الظَّهائِرُ ؟ قِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: البَطائِنُ مِن إسْتَبْرَقٍ فَما الظَّواهِرُ ؟ قالَ: هَذا بِما قالَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهم مِن قُرَّةِ أعْيُنٍ﴾ قِيلَ إنَّما اقْتَصَرَ عَلى ذِكْرِ البَطائِنِ؛ لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ أحَدٌ في الأرْضِ يَعْرِفُ ما في الظَّهائِرِ. وقالَ الحَسَنُ: بَطائِنُها مِن إسْتَبْرَقٍ وظَهائِرُها مِن نُورٍ جامِدٍ. وقالَ الحَسَنُ: البَطائِنُ هي الظَّهائِرُ، وبِهِ قالَ الفَرّاءُ: وقالَ: قَدْ تَكُونُ البِطانَةُ الظِّهارَةَ والظِّهارَةُ البِطانَةَ، لِأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما يَكُونُ وجْهًا، والعَرَبُ تَقُولُ هَذا ظَهْرُ السَّماءِ، وهَذا بَطْنُ السَّماءِ لِظاهِرِها الَّذِي نَراهُ، وأنْكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ هَذا، وقالَ لا يَكُونُ هَذا إلّا في الوَجْهَيْنِ المُتَساوِيَيْنِ ﴿وجَنى الجَنَّتَيْنِ دانٍ﴾ مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ، والجَنى: ما يُجْتَنى مِنَ الثِّمارِ، قِيلَ إنَّ الشَّجَرَةَ تَدْنُو حَتّى يَجْنِيَها مَن يُرِيدُ جَناها، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎هَذا جَنايَ وخَيارُهُ فِيهِ ∗∗∗ إذْ كَلُّ جانٍ يَدَهُ إلى فِيهِ قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿فُرُشٍ﴾ بِضَمَّتَيْنِ وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ بِضَمَّةٍ وسُكُونٍ، وقَرَأ الجُمْهُورُ جَنى بِفَتْحِ الجِيمِ، وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ بِكَسْرِها، وقَرَأ عِيسى أيْضًا بِكَسْرِ النُّونِ عَلى الإمالَةِ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّها كُلَّها بِمَوْضِعٍ لا يَتَيَسَّرُ لِمُكَذِّبٍ أنْ يُكَذِّبَ بِشَيْءٍ مِنها لِما تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الفَوائِدِ العاجِلَةِ والآجِلَةِ. ﴿فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ أيْ في الجَنَّتَيْنِ المَذْكُورَتَيْنِ. قالَ الزَّجّاجُ: وإنَّما قالَ ﴿فِيهِنَّ﴾ لِأنَّهُ عَنى الجَنَّتَيْنِ وما أعَدَّ لِصاحِبِهِما فِيهِما مِنَ النَّعِيمِ، وقِيلَ فِيهِنَّ: أيْ في الفُرِشِ الَّتِي بَطائِنُها مِن إسْتَبْرَقٍ، ومَعْنى ﴿قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ أنَّهُنَّ يَقْصُرْنَ أبْصارَهُنَّ عَلى أزْواجِهِنَّ لا يَنْظُرْنَ إلى غَيْرِهِمْ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذا في سُورَةِ الصّافّاتِ ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانٌّ﴾ قالَ الفَرّاءُ: الطَّمْثُ الِافْتِضاضُ وهو النِّكاحُ بِالتَّدْمِيَةِ، يُقالُ طَمَثَ الجارِيَةَ: إذا افْتَرَعَها. قالَ الواحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ لَمْ يَطَأْهُنَّ ولَمْ يَغْشَهُنَّ ولَمْ يُجامِعْهُنَّ قَبْلَهم أحَدٌ. قالَ مُقاتِلٌ: لِأنَّهُنَّ خُلِقْنَ في الجَنَّةِ، والضَّمِيرُ في " قَبْلَهم " يَعُودُ إلى الأزْواجِ المَدْلُولُ عَلَيْهِ بِقاصِراتِ الطَّرْفِ، وقِيلَ يَعُودُ إلى مُتَّكِئِينَ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ رَفْعٍ صِفَةً لِ " قاصِراتُ "، لِأنَّ إضافَتَها لَفْظِيَّةٌ، وقِيلَ الطَّمْثُ: المَسُّ، أيْ لَمْ يَمْسَسْهُنَّ قالَهُ أبُو عَمْرٍو. وقالَ المُبَرِّدُ: أيْ لَمْ يُذَلِّلْهُنَّ، والطَّمْثُ التَّذْلِيلُ، ومِنَ اسْتِعْمالِ الطَّمْثِ فِيما ذَكَرَهُ الفَرّاءُ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ: ؎دُفِعْنَ إلَيَّ لَمْ يُطْمَثْنَ قَبْلِي ∗∗∗ وهُنَّ أصَحُّ مِن بَيْضِ النَّعامِ قَرَأ الجُمْهُورُ " يَطْمِثْهُنَّ " بِكَسْرِ المِيمِ، وقَرَأ الكِسائِيُّ بِضَمِّها، وقَرَأ الجَحْدَرِيُّ، وطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِفَتْحِها، وفي هَذِهِ الآيَةِ بَلْ في كَثِيرٍ مِن آياتِ هَذِهِ السُّورَةِ دَلِيلٌ أنَّ الجِنَّ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إذا آمَنُوا بِاللَّهِ سُبْحانَهُ وعَمِلُوا بِفَرائِضِهِ وانْتَهَوْا عَنْ مَناهِيهِ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ في مُجَرَّدِ هَذا التَّرْغِيبِ في هَذِهِ النِّعَمِ نِعْمَةً جَلِيلَةً ومِنَّةً عَظِيمَةً، لِأنَّ بِهِ يَحْصُلُ الحِرْصُ عَلى الأعْمالِ الصّالِحَةِ والفِرارُ مِنَ الأعْمالِ الطّالِحَةِ فَكَيْفَ بِالوُصُولِ إلى هَذِهِ النِّعَمِ والتَّنَعُّمِ بِها في جَنّاتِ النَّعِيمِ بِلا انْقِطاعٍ ولا زَوالٍ. ﴿كَأنَّهُنَّ الياقُوتُ والمَرْجانُ﴾ هَذا صِفَةٌ لِ " قاصِراتُ "، أوْ حالٌ مِنهُنَّ، شَبَّهَهُنَّ سُبْحانَهُ في صَفاءِ اللَّوْنِ مَعَ حُمْرَتِهِ بِالياقُوتِ والمَرْجانِ، والياقُوتُ هو الحَجَرُ المَعْرُوفُ، والمَرْجانُ قَدْ قَدَّمْنا الكَلامَ فِيهِ في هَذِهِ السُّورَةِ عَلى الخِلافِ في كَوْنِهِ صِغارَ الدُّرِّ، أوِ الأحْمَرَ المَعْرُوفَ. قالَ الحَسَنُ: هُنَّ في صَفاءِ الياقُوتِ وبَياضِ المَرْجانِ، وإنَّما خَصَّ المَرْجانَ عَلى القَوْلِ بِأنَّهُ صِغارُ الدُّرِّ، لِأنَّ صَفاءَها أشَدُّ مِن صَفاءِ كِبارِ الدُّرِّ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ نِعَمَهُ كُلَّها لا يَتَيَسَّرُ تَكْذِيبُ شَيْءٍ مِنها كائِنَةً ما كانَتْ، فَكَيْفَ بِهَذِهِ النِّعَمِ الجَلِيلَةِ والمِنَنِ الجَزِيلَةِ. ﴿هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلّا الإحْسانُ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ (p-١٤٤٠)لِمَضْمُونِ ما قَبْلَها، والمَعْنى ما جَزاءُ مَن أحْسَنَ العَمَلَ في الدُّنْيا إلّا الإحْسانُ إلَيْهِ في الآخِرَةِ، كَذا قالَ ابْنُ زَيْدٍ وغَيْرُهُ. قالَ عِكْرِمَةُ: هَلْ جَزاءُ مَن قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ إلّا الجَنَّةُ، وقالَ الصّادِقُ: هَلْ جَزاءُ مَن أحْسَنْتَ إلَيْهِ في الأزَلِ إلّا حِفْظُ الإحْسانِ عَلَيْهِ في الأبَدِ. قالَ الرّازِيُّ: في هَذِهِ الآيَةِ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ حَتّى قِيلَ: إنَّ في القُرْآنِ ثَلاثَ آياتٍ في كُلِّ واحِدَةٍ مِنها مِائَةُ قَوْلٍ، إحْداها قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ﴾ وثانِيها ﴿وإنْ عُدْتُمْ عُدْنا﴾ وثالِثُها ﴿هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلّا الإحْسانُ﴾ . قالَ مُحَمَّدُ بْنُ الحَنَفِيَّةِ: هي لِلْبَرِّ والفاجِرِ: البَرُّ في الآخِرَةِ، والفاجِرُ في الدُّنْيا. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ مِن جُمْلَتِها الإحْسانَ إلَيْكم في الدُّنْيا والآخِرَةِ بِالخَلْقِ والرِّزْقِ والإرْشادِ إلى العَمَلِ الصّالِحِ والزَّجْرِ عَنِ العَمَلِ الَّذِي لا يَرْضاهُ. ﴿ومِن دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ أيْ ومَن دُونِ تَيْنِكَ الجَنَّتَيْنِ المَوْصُوفَتَيْنِ بِالصِّفاتِ المُتَقَدِّمَةِ جَنَّتانِ أُخْرَيانِ لِمَن دُونَ أصْحابِ الجَنَّتَيْنِ السّابِقَتَيْنِ مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَعْنى مِن دُونِهِما: أيْ مِن أمامِهِما ومِن قَبْلِهِما، أيْ هُما أقْرَبُ مِنهُما وأدْنى إلى العَرْشِ، وقِيلَ الجَنَّتانِ الأُولَيانِ جَنَّةُ عَدْنٍ وجَنَّةُ النَّعِيمِ، والأُخْرَيانِ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ وجَنَّةُ المَأْوى. قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هي أرْبَعُ جَنّاتٍ: جَنَّتانِ مِنهُما لِلسّابِقِينَ المُقَرَّبِينَ ﴿فِيهِما مِن كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ﴾ وعَيْنانِ تَجْرِيانِ، وجَنَّتانِ لِأصْحابِ اليَمِينِ ﴿فِيهِما فاكِهَةٌ ونَخْلٌ ورُمّانٌ﴾ و﴿فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ﴾ قالَ ابْنُ زَيْدٍ: إنَّ الأُولَيَيْنِ مِن ذَهَبٍ لِلْمُقَرَّبِينَ، والأُخْرَيَيْنِ مِن ورِقٍ لِأصْحابِ اليَمِينِ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّها كُلَّها حَقٌّ ونِعَمٌ لا يُمْكِنُ جَحْدُها. ﴿مُدْهامَّتانِ﴾ وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ، والزَّجّاجُ: مِن خُضْرَتِهِما قَدِ اسْوَدَّتا مِنَ الرِّيِّ، وكُلُّ ما عَلاهُ السَّوادُ رِيًّا فَهو مُدْهَمٌّ. قالَ مُجاهِدٌ: مُسْوَدَّتانِ، والدُّهْمَةُ في اللُّغَةِ: السَّوادُ، يُقالُ فَرَسٌ أدْهَمُ وبَعِيرٌ أدْهَمُ: إذا اشْتَدَّتْ وُرْقَتُهُ حَتّى ذَهَبَ البَياضُ الَّذِي فِيهِ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ جَمِيعَها نِعَمٌ ظاهِرَةٌ واضِحَةٌ لا تُجْحَدُ ولا تُنْكَرُ. ﴿فِيهِما عَيْنانِ نَضّاخَتانِ﴾ النَّضْخُ فَوَرانُ الماءِ مِنَ العَيْنِ، والمَعْنى: أنَّ في الجَنَّتَيْنِ المَذْكُورَتَيْنِ عَيْنَيْنِ فَوّارَتَيْنِ. قالَ أهْلُ اللُّغَةِ: والنَّضْخُ بِالخاءِ المُعْجَمَةِ أكْثَرُ مِنَ النَّضْحِ بِالحاءِ المُهْمَلَةِ. قالَ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ: تَنْضَخُ عَلى أوْلِياءِ اللَّهِ بِالمِسْكِ والعَنْبَرِ والكافُورِ في دُورِ أهْلِ الجَنَّةِ كَما يَنْضَخُ رَشُّ المَطَرِ. وقالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إنَّها تَنْضَخُ بِأنْواعِ الفَواكِهِ والماءِ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّها لَيْسَتْ بِمَوْضِعٍ لِلتَّكْذِيبِ ولا بِمَكانٍ لِلْجَحْدِ. ﴿فِيهِما فاكِهَةٌ ونَخْلٌ ورُمّانٌ﴾ هَذا مِن صِفاتِ الجَنَّتَيْنِ المَذْكُورَتَيْنِ قَرِيبًا، والنَّخْلُ والرُّمّانُ وإنْ كانا مِنَ الفاكِهَةِ لَكِنَّهُما خُصِّصا بِالذِّكْرِ لِمَزِيدِ حُسْنِهِما وكَثْرَةِ نَفْعِهِما بِالنِّسْبَةِ إلى سائِرِ الفَواكِهِ كَما حَكاهُ الزَّجّاجُ، والأزْهَرِيُّ وغَيْرُهُما. وقِيلَ إنَّما خَصَّهُما لِكَثْرَتِهِما في أرْضِ العَرَبِ، وقِيلَ خَصَّهُما لِأنَّ النَّخْلَ فاكِهَةٌ وطَعامٌ، والرُّمّانُ فاكِهَةٌ ودَواءٌ. وقَدْ ذَهَبَ إلى أنَّهُما مِن جُمْلَةِ الفاكِهَةِ جُمْهُورُ أهْلِ العِلْمِ، ولَمْ يُخالِفْ في ذَلِكَ إلّا أبُو حَنِيفَةَ وقَدْ خالَفَهُ صاحِباهُ أبُو يُوسُفَ، ومُحَمَّدٌ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ مِن جُمْلَتِها هَذِهِ النِّعَمَ الَّتِي في جَنّاتِ النَّعِيمِ، ومُجَرَّدُ الحِكايَةِ لَها أثَرٌ في نُفُوسِ السّامِعِينَ وتَجْذِبُهم إلى طاعَةِ رَبِّ العالَمِينَ. ﴿فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ﴾ قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿خَيْراتٌ﴾ بِالتَّخْفِيفِ، وقَرَأ قَتادَةُ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ، وأبُو رَجاءٍ العُطارِدِيُّ، وبَكْرُ بْنُ حَبِيبٍ السَّهْمِيُّ، وابْنُ مِقْسَمٍ والنَّهْدِيُّ بِالتَّشْدِيدِ، فَعَلى القِراءَةِ الأوْلى هي جَمْعُ خَيْرَةٍ بِزِنَةِ فَعْلَةٍ بِسُكُونِ العَيْنِ، يُقالُ امْرَأةٌ خَيْرَةٌ وأُخْرى شَرَّةٌ، أوْ جَمْعُ خَيْرَةٍ مُخَفَّفُ خَيِّرَةٍ، وعَلى القِراءَةِ الثّانِيَةِ جَمْعُ خَيِّرَةٍ بِالتَّشْدِيدِ. قالَ الواحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ: الخَيِّراتُ: النِّساءُ خَيِّراتُ الأخْلاقِ حِسانُ الوُجُوهِ. قِيلَ وهَذِهِ الصِّفَةُ عائِدَةٌ إلى الجِنانِ الأرْبَعِ، ولا وجْهَ لِهَذا فَإنَّهُ قَدْ وصَفَ نِساءَ الجَنَّتَيْنِ الأُولَيَيْنِ بِأنَّهُنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ ﴿كَأنَّهُنَّ الياقُوتُ والمَرْجانُ﴾ وبَيْنَ الصِّفَتَيْنِ بَوْنٌ بَعِيدٌ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ شَيْئًا مِنها كائِنًا ما كانَ لا يَقْبَلُ التَّكْذِيبَ. ﴿حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيامِ﴾ أيْ مَحْبُوساتٌ، ومِنهُ القَصْرُ؛ لِأنَّهُ يَحْبِسُ مَن فِيهِ، والحُورُ جَمْعُ حَوْراءَ وهي شَدِيدَةُ بَياضِ العَيْنِ شَدِيدَةُ سَوادِها، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُ مَعْنى الحَوْراءِ والخِلافُ فِيهِ. وقِيلَ مَعْنى ﴿مَقْصُوراتٌ﴾: أنَّهُنَّ قُصِرْنَ عَلى أزْواجِهِنَّ لا يُرِدْنَ غَيْرَهم، وحَكاهُ الواحِدِيُّ عَنِ المُفَسِّرِينَ. والأوَّلُ أوْلى، وبِهِ قالَ أبُو عُبَيْدَةَ، ومُقاتِلٌ وغَيْرُهُما. قالَ في الصِّحاحِ: قَصَرْتُ الشَّيْءَ أقْصُرُهُ قَصْرًا حَبَسْتُهُ، والمَعْنى: أنَّهُنَّ خُدِّرْنَ في الخِيامِ. والخِيامُ جَمْعُ خَيْمَةٍ، وقِيلَ جَمْعُ خِيَمٍ، والخِيَمُ جَمْعُ خَيْمَةٍ، وهي أعْوادٌ تُنْصَبُ وتُظَلَّلُ بِالثِّيابِ، فَتَكُونُ أبْرَدَ مِنَ الأخْبِيَةِ، قِيلَ الخَيْمَةُ مِن خِيامِ الجَنَّةِ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ فَرْسَخٌ في فَرْسَخٍ، وارْتِفاعُ " حُورٌ " عَلى البَدَلِيَّةِ مِن " خَيْراتٌ " . ﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهم ولا جانٌّ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ في صِفَةِ الجَنَّتَيْنِ الأُولَيَيْنِ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّها كُلَّها نِعَمٌ لا تُكْفَرُ ومِنَنٌ لا تُجْحَدُ. ﴿مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ انْتِصابُ مُتَّكِئِينَ عَلى الحالِ أوِ المَدْحِ كَما سَبَقَ، قالَ أبُو عُبَيْدَةَ، الرَّفارِفُ البُسُطُ، وبِهِ قالَ الحَسَنُ، ومُقاتِلٌ، والضَّحّاكُ وغَيْرُهم. وقالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: هي الزَّرابِيُّ. وقالَ ابْنُ كَيْسانَ: هي المَرافِقُ. ورُوِيَ عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ أنَّهُ قالَ: هي حاشِيَةُ الثَّوْبِ. وقالَ اللَّيْثُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيابِ الخُضْرِ وقِيلَ الفُرُشُ المُرْتَفِعَةُ، وقِيلَ: كُلُّ ثَوْبٍ عَرِيضٍ. قالَ في الصِّحاحِ: والرَّفْرَفُ ثِيابٌ خُضْرٌ يُتَّخَذُ مِنها المَحابِسُ، والواحِدَةُ رَفْرَفَةٌ. وقالَ الزَّجّاجُ: قالُوا الرَّفْرَفُ هَنا رِياضُ الجَنَّةِ. وقالُوا الرَّفْرَفُ الوَسائِدُ، وقالُوا الرَّفْرَفُ المَحابِسُ. اهـ. ومِنَ القائِلِينَ بِأنَّها رِياضُ الجَنَّةِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، واشْتِقاقُ الرَّفْرَفِ مِن رَفَّ يَرِفُّ: إذا ارْتَفَعَ، ومِنهُ رَفْرَفَةُ الطّائِرِ، وهي تَحْرِيكُ جَناحَيْهِ في الهَواءِ. قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿رَفْرَفٍ﴾ عَلى الإفْرادِ. وقَرَأ عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ، والحَسَنُ، والجَحْدَرِيُّ " رَفارِفٍ " عَلى الجَمْعِ ﴿وعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ﴾ العَبْقَرِيُّ الزَّرابِيُّ، والطَّنافِسُ المَوْشِيَّةُ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ وشْيٍ مِنَ البُسُطِ عَبْقَرِيٌّ، وهو مَنسُوبٌ إلى أرْضٍ (p-١٤٤١)يُعْمَلُ فِيها الوَشْيُ، قالَ الفَرّاءُ: العَبْقَرِيُّ الطَّنافِسُ الثِّمانُ، وقِيلَ الزَّرابِيُّ، وقِيلَ البُسُطُ، وقِيلَ الدِّيباجُ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: الأصْلُ فِيهِ أنَّ عَبْقَرَ قَرْيَةٌ تَسْكُنُها الجِنُّ يُنْسَبُ إلَيْها كُلُّ فائِقٍ، قالَ الخَلِيلُ: العَبْقَرِيُّ عِنْدَ العَرَبِ كُلُّ جَلِيلٍ فاضِلٍ فاخِرٍ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ، ومِنهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ: ؎بِخَيْلٍ عَلَيْها جِنَّةٌ عَبْقَرِيَّةٌ ∗∗∗ جَدِيرُونَ يَوْمًا أنْ يَنالُوا فَيَسْتَعْلُوا قالَ الجَوْهَرِيُّ: العَبْقَرِيُّ مَوْضِعٌ تَزْعُمُ العَرَبُ أنَّهُ مِن أرْضِ الجِنِّ. قالَ لَبِيدٌ: ؎كُهُولٌ وشُبّانٌ كَجِنَّةِ عَبْقَرِ ثُمَّ نَسَبُوا إلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ تَعَجَّبُوا مِن حِذْقِهِ وجَوْدَةِ صَنْعَتِهِ وقُوَّتِهِ فَقالُوا عَبْقَرِيٌّ، وهو واحِدٌ وجَمْعٌ. قَرَأ الجُمْهُورُ عَبْقَرِيٍّ وقَرَأ عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ، والحَسَنُ، والجَحْدَرِيُّ " عَباقِرِيٍّ " وقُرِئَ " " عَباقِرَ " " وهُما نِسْبَةٌ إلى عَباقِرَ اسْمِ بَلَدِ. وقالَ قُطْرُبٌ: لَيْسَ بِمَنسُوبٍ، وهو مِثْلُ كُرْسِيٍّ وكَراسِيٍّ. وبُخْتِيٍّ وبَخاتِيٍّ. قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿خُضْرٍ﴾ بِضَمِّ الخاءِ وسُكُونِ الضّادِ، وقُرِئَ بِضَمِّهِما، وهي لُغَةٌ قَلِيلَةٌ. ﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ فَإنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنها أجَلُّ مَن أنْ يَتَطَرَّقَ إلَيْهِ التَّكْذِيبُ، وأعْظَمُ مِن أنْ يَجْحَدَهُ جاحِدٌ أوْ يُنْكِرَهُ مُنْكِرٌ، وقَدْ قَدَّمْنا في أوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ وجْهَ تَكْرِيرِ هَذِهِ الآيَةِ فَلا نُعِيدُهُ. ﴿تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ والإكْرامِ﴾ " تَبارَكَ " تَفاعَلَ مِنَ البَرَكَةِ. قالَ الرّازِيُّ: وأصْلُ التَّبارُكِ مِنَ التَّبَرُّكِ، وهو الدَّوامُ والثَّباتُ، ومِنهُ بَرَكَ البَعِيرُ وبِرْكَةُ الماءِ فَإنَّ الماءَ يَكُونُ دائِمًا، والمَعْنى: دامَ اسْمُهُ وثَبَتَ أوْ دامَ الخَيْرُ عِنْدَهُ، لِأنَّ البَرَكَةَ وإنْ كانَتْ مِنَ الثَّباتِ لَكِنَّها تُسْتَعْمَلُ في الخَيْرِ، أوْ يَكُونُ مَعْناهُ عَلا وارْتَفَعَ شَأْنُهُ. وقِيلَ مَعْناهُ: تَنْزِيهُ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَقْدِيسُهُ، وإذا كانَ هَذا التَّبارُكُ مَنسُوبًا إلى اسْمِهِ عَزَّ وجَلَّ، فَما ظَنُّكَ بِذاتِهِ سُبْحانَهُ ؟ وقِيلَ الِاسْمُ بِمَعْنى الصِّفَةِ، وقِيلَ هو مُقْحَمٌ كَما في قَوْلِ الشّاعِرِ: ؎إلى الحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلامِ عَلَيْكُما ∗∗∗ ومَن يَبْكِ حَوْلًا كامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرْ وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ﴿ذِي الجَلالِ والإكْرامِ﴾ في هَذِهِ السُّورَةِ. قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿ذِي الجَلالِ﴾ عَلى أنَّهُ صِفَةٌ لِلرَّبِّ سُبْحانَهُ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ " ذُو الجَلالِ " عَلى أنَّهُ صِفَةٌ لِ " اسْمُ " . وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ قالَ: وعَدَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ خافُوا مَقامَهُ فَأدَّوْا فَرائِضَهُ الجَنَّةَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ في الآيَةِ يَقُولُ: خافَ ثُمَّ اتَّقى، والخائِفُ: مِن رَكِبَ طاعَةَ اللَّهِ وتَرَكَ مَعْصِيَتَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ في العَظَمَةِ عَنْ عَطاءٍ أنَّها نَزَلَتْ في أبِي بَكْرٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في الآيَةِ قالَ: لِمَن خافَهُ في الدُّنْيا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وابْنُ مَنِيعٍ، والحاكِمُ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسائِيُّ، والبَزّارُ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ «عَنْ أبِي الدَّرْداءِ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ فَقُلْتُ: وإنْ زَنى وإنْ سَرَقَ يا رَسُولَ اللَّهِ، فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الثّانِيَةَ ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ فَقُلْتُ: وإنْ زَنى وإنْ سَرَقَ، فَقالَ الثّالِثَةَ ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ فَقُلْتُ: وإنْ زَنى وإنْ سَرَقَ، قالَ: نَعَمْ وإنْ رَغِمَ أنْفُ أبِي الدَّرْداءِ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ فَقالَ أبُو الدَّرْداءِ: وإنْ زَنى وإنْ سَرَقَ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قالَ: وإنْ زَنى وإنْ سَرَقَ، وإنْ رَغِمَ أنْفُ أبِي الدَّرْداءِ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ يَسارٍ مَوْلًى لِآلِ مُعاوِيَةَ «عَنْ أبِي الدَّرْداءِ في قَوْلِهِ: ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ قالَ: قِيلَ لِأبِي الدَّرْداءِ: وإنْ زَنى وإنْ سَرَقَ ؟ قالَ: مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ لَمْ يَزْنِ ولَمْ يَسْرِقْ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ شِهابٍ قالَ: كُنْتُ عِنْدَ هِشامِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَقالَ: «قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: وإنْ زَنى وإنْ سَرَقَ ؟ فَقُلْتُ: إنَّما كانَ ذَلِكَ قَبْلَ أنْ تَنْزِلَ الفَرائِضُ، فَلَمّا نَزَلَتِ الفَرائِضَ ذَهَبَ هَذا» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «جِنانُ الفِرْدَوْسِ أرْبَعُ جَنّاتٍ: جَنَّتانِ مِن ذَهَبٍ حِلْيَتُهُما وأبْنِيَتُهُما وما فِيهِما، وجَنَّتانِ مِن فِضَّةٍ حِلْيَتُهُما وأبْنِيَتُهُما وما فِيهِما وما بَيْنَ القَوْمِ وبَيْنَ أنْ يَنْظُرُوا إلى رَبِّهِمْ إلّا رِداءُ الكِبْرِياءِ عَلى وجْهِهِ في جَنَّةِ عَدْنٍ» وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي مُوسى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «فِي قَوْلِهِ: ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ وفي قَوْلِهِ: ﴿ومِن دُونِهِما جَنَّتانِ﴾ قالَ: جَنَّتانِ مِن ذَهَبٍ لِلْمُقَرَّبِينَ، وجَنَّتانِ مِن ورِقٍ لِأصْحابِ اليَمِينِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ أبِي مُوسى في قَوْلِهِ: ﴿ولِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ﴾ قالَ: جَنَّتانِ مِن ذَهَبٍ لِلسّابِقِينَ، وجَنَّتانِ مِن فِضَّةٍ لِلتّابِعِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ ﴿ذَواتا أفْنانٍ﴾ قالَ: ذَواتا ألْوانٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ قالَ: فَنُّ غُصُونُها يَمَسُّ بَعْضُها بَعْضًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ أيْضًا قالَ: الفَنُّ الغُصْنُ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ الزُّهْدِ وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِن إسْتَبْرَقٍ﴾ قالَ: أُخْبِرْتُمْ بِالبَطائِنِ، فَكَيْفَ بِالظَّهائِرِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قِيلَ لَهُ " بَطائِنُها مِن إسْتَبْرَقٍ "، فَما الظَّواهِرُ ؟ قالَ: ذَلِكَ مِمّا قالَ اللَّهُ " ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهم مِن قُرَّةِ أعْيُنٍ﴾ " . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْهُ في قَوْلِهِ: وجَنى الجَنَّتَيْنِ دانٍ قالَ: جَناها: ثَمَرُها، والدّانِي: القَرِيبُ مِنكَ يَنالُهُ القائِمُ والقاعِدُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْهُ أيْضًا (p-١٤٤٢)فِي قَوْلِهِ: ﴿فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ يَقُولُ: عَنْ غَيْرِ أزْواجِهِنَّ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ يَقُولُ: لَمْ يَدْنُ مِنهُنَّ أوْ لَمْ يُدْمِهِنَّ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ حِبّانَ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «فِي قَوْلِهِ: كَأنَّهُنَّ الياقُوتُ والمَرْجانُ قالَ: تَنْظُرُ إلى وجْهِها في خِدْرِها أصْفى مِنَ المِرْآةِ، وإنَّ أدْنى لُؤْلُؤَةٍ عَلَيْها لَتُضِيءُ ما بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، وإنَّهُ يَكُونُ عَلَيْها سَبْعُونَ ثَوْبًا ويَنْفُذُها بَصَرُهُ حَتّى يَرى مُخَّ ساقِها مِن وراءِ ذَلِكَ» وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وهَنّادُ بْنُ السَّرِيِّ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في صِفَةِ الجَنَّةِ وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ حِبّانَ، وأبُو الشَّيْخِ في العَظَمَةِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إنَّ المَرْأةَ مِن نِساءِ أهْلِ الجَنَّةِ لَيُرى بَياضُ ساقِها مِن وراءِ سَبْعِينَ حُلَّةً حَتّى يُرى مُخُّها، وذَلِكَ أنَّ اللَّهَ يَقُولُ:﴿كَأنَّهُنَّ الياقُوتُ والمَرْجانُ﴾ فَأمّا الياقُوتُ فَإنَّهُ حَجَرٌ لَوْ أدْخَلْتَ فِيهِ سِلْكًا ثُمَّ اسْتَصْفَيْتَهُ لَرَأيْتَهُ مِن ورائِهِ» وقَدْ رَواهُ التِّرْمِذِيُّ مَوْقُوفًا وقالَ هو أصَحٌّ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ وضَعَّفَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فِي قَوْلِهِ: " ﴿هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلّا الإحْسانُ﴾ " قالَ: ما جَزاءُ مَن أنْعَمْتَ عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إلّا الجَنَّةُ» . وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في نَوادِرِ الأُصُولِ، والبَغَوِيُّ في تَفْسِيرِهِ، والدَّيْلَمِيُّ في مُسْنَدِ الفِرْدَوْسِ، وابْنُ النَّجّارِ في تارِيخِهِ عَنْ أنَسٍ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جابِرٍ مَرْفُوعًا في الآيَةِ قالَ: «هَلْ جَزاءُ مَن أنْعَمْنا عَلَيْهِ بِالإسْلامِ إلّا أنْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ» . وأخْرَجَ ابْنُ النَّجّارِ في تارِيخِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ مَرْفُوعًا مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: " ﴿هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلّا الإحْسانُ﴾ " قالَ: هَلْ جَزاءُ مَن قالَ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ في الدُّنْيا إلّا الجَنَّةُ في الآخِرَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والدَّيْلَمِيُّ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ وضَعَّفَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ هَذِهِ الآيَةَ في سُورَةِ الرَّحْمَنِ لِلْكافِرِ والمُسْلِمِ: ﴿هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلّا الإحْسانُ﴾» . وأخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مَوْقُوفًا عَلى ابْنِ عَبّاسٍ. وأخْرَجَ هَنّادٌ وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: " ﴿مُدْهامَّتانِ﴾ " قالَ: هُما خَضْراوانِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ في الآيَةِ قالَ: قَدِ اسْوَدَّتا مِنَ الخُضْرَةِ مِنَ الرِّيِّ مِنَ الماءِ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وهَنّادٌ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ «عَنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصارِيِّ قالَ: سَألْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿مُدْهامَّتانِ﴾ قالَ: خَضْراوانِ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿نَضّاخَتانِ﴾ قالَ: فائِضَتانِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ قالَ: يَنْضَخانِ بِالماءِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في صِفَةِ الجَنَّةِ وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: " ﴿خَيْراتٌ حِسانٌ﴾ " قالَ: لِكُلِّ مُسْلِمٍ خَيْرَةٌ ولِكُلِّ خَيْرَةٍ خَيْمَةٌ، ولِكُلِّ خَيْمَةٍ أرْبَعَةُ أبْوابٍ يَدْخُلُ عَلَيْها مِنَ اللَّهِ كُلَّ يَوْمٍ تُحْفَةٌ وكَرامَةٌ وهَدِيَّةٌ لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ، لا مَرّاحاتٍ ولا طَمّاحاتٍ ولا بَخِراتٍ ولا دَفِراتٍ، حُورٌ عِينٌ كَأنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ. وأخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن وجْهٍ آخَرَ عَنْهُ مَرْفُوعًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: " ﴿حُورٌ﴾ " قالَ: بِيضٌ " ﴿مَقْصُوراتٌ﴾ " قالَ: مَحْبُوساتٌ في الخِيامِ قالَ: في بُيُوتِ اللُّؤْلُؤِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ قالَ: الحَوَرُ سُودُ الحَدَقِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «الخِيامُ دُرٌّ مُجَوَّفٌ» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «الخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ طُولُها في السَّماءِ سِتُّونَ مِيلًا، في كُلِّ زاوِيَةٍ مِنها لِلْمُؤْمِنِ أهْلٌ لا يَراهُمُ الآخَرُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُ» . وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ﴾ قالَ: فُضُولُ المَحابِسِ والفُرُشِ والبُسُطِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: هي فُضُولُ المَحابِسِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ " ﴿رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ " قالَ: المَحابِسُ " ﴿وعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ﴾ " قالَ: الزَّرابِيُّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ في الآيَةِ قالَ: الرَّفْرَفُ الرِّياضُ، والعَبْقَرِيُّ الزَّرابِيُّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب