الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿وأنَّهُ هو أضْحَكَ وأبْكى﴾ أيْ هو الخالِقُ لِذَلِكَ والقاضِي بِسَبَبِهِ.
قالَ الحَسَنُ، والكَلْبِيُّ: أضْحَكَ أهْلَ الجَنَّةِ في الجَنَّةِ وأبْكى أهْلَ النّارِ في النّارِ.
وقالَ الضَّحّاكُ: أضْحَكَ الأرْضَ بِالنَّباتِ وأبْكى السَّماءَ بِالمَطَرِ، وقِيلَ أضْحَكَ مَن شاءَ في الدُّنْيا بِأنْ سَرَّهُ وأبْكى مَن شاءَ بِأنْ غَمَّهُ.
وقالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أضْحَكَ المُطِيعِينَ بِالرَّحْمَةِ وأبْكى العاصِينَ بِالسُّخْطِ.
﴿وأنَّهُ هو أماتَ وأحْيا﴾ أيْ قَضى أسْبابَ المَوْتِ والحَياةِ، ولا يَقْدِرُ عَلى ذَلِكَ غَيْرُهُ، وقِيلَ خَلَقَ نَفْسَ المَوْتِ والحَياةِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿خَلَقَ المَوْتَ والحَياةَ﴾ [الملك: ٢] وقِيلَ أماتَ الآباءَ وأحْيا الأبْناءَ، وقِيلَ أماتَ في الدُّنْيا وأحْيا لِلْبَعْثِ، وقِيلَ المُرادُ بِهِما النَّوْمُ واليَقَظَةُ.
وقالَ عَطاءٌ: أماتَ بِعَدْلِهِ وأحْيا بِفَضْلِهِ، وقِيلَ أماتَ الكافِرَ وأحْيا المُؤْمِنَ كَما في قَوْلِهِ: ﴿أوَمَن كانَ مَيْتًا فَأحْيَيْناهُ﴾ [الأنعام: ١٢٢] .
﴿وأنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ والأُنْثى﴾ ﴿مِن نُطْفَةٍ إذا تُمْنى﴾ المُرادُ بِالزَّوْجَيْنِ الذَّكَرُ والأُنْثى مِن كُلِّ حَيَوانٍ، ولا يَدْخُلُ في ذَلِكَ آدَمُ وحَوّاءُ فَإنَّهُما لَمْ يُخْلَقا مِنَ النُّطْفَةِ: والنُّطْفَةُ الماءُ القَلِيلُ، ومَعْنى إذا تُمْنى إذْ تُصَبُّ في الرَّحِمِ وتَدْفُقُ فِيهِ، كَذا قالَ الكَلْبِيُّ، والضَّحّاكُ، وعَطاءُ بْنُ أبِي رَباحٍ وغَيْرُهم، يُقالُ مَنى الرَّجُلُ وأمْنى: أيْ صَبَّ المَنِيَّ.
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ ﴿إذا تُمْنى﴾ إذا تُقَدَّرُ: يُقالُ مَنَيْتُ الشَّيْءَ: إذا قَدَّرْتُهُ ومُنِيَ لَهُ أيْ قُدِّرَ لَهُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎حَتّى تُلاقِي ما يُمَنِّي لَكِ المانِي
والمَعْنى: أنَّهُ يُقَدِّرُ مِنها الوَلَدَ.
﴿وأنَّ عَلَيْهِ النَّشْأةَ الأُخْرى﴾ أيْ إعادَةَ الأرْواحِ إلى الأجْسامِ عِنْدَ البَعْثِ وفاءً بِوَعْدِهِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ " النَّشْأةَ " بِالقَصْرِ بِوَزْنِ الضَّرْبَةِ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو بِالمَدِّ بِوَزْنِ الكَفالَةِ، وهُما عَلى القِراءَتَيْنِ مَصْدَرانِ.
﴿وأنَّهُ هو أغْنى وأقْنى﴾ أيْ أغْنى مَن شاءَ وأفْقَرَ مَن شاءَ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ: ﴿يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ ويَقْدِرُ﴾ [الرعد: ٢٦] وقَوْلُهُ: ﴿يَقْبِضُ ويَبْسُطُ﴾ قالَ ابْنُ زَيْدٍ، واخْتارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وقالَ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، والحَسَنُ: أغْنى: مَوَّلَ، وأقْنى: أخْدَمَ، وقِيلَ مَعْنى أقْنى: أعْطى القِنْيَةَ، وهي ما يُتَأثَّلُ مِنَ الأمْوالِ.
وقِيلَ مَعْنى أقْنى أرْضى بِما أعْطى: أيْ أغْناهُ، ثُمَّ رَضّاهُ بِما أعْطاهُ.
قالَ الجَوْهَرِيُّ: قَنّى الرَّجُلُ قِنًى، مِثْلَ غَنِيَ غِنًى: أيْ أعْطاهُ ما يَقْتَنِي، وأقْناهُ أرْضاهُ، والقِنى الرِّضا: قالَ أبُو زَيْدٍ: تَقُولُ العَرَبُ مَن أعْطى مِائَةً مِنَ البَقَرِ فَقَدْ أعْطى القِنى، ومَن أعْطى مِائَةً مِنَ الضَّأْنِ فَقَدْ أعْطى الغِنى، ومَن أعْطى مِائَةً مِنَ الإبِلِ فَقَدْ أعْطى المُنى.
قالَ الأخْفَشُ، وابْنُ كَيْسانَ: أقْنى أفْقَرَ، وهو يُؤَيِّدُ القَوْلَ الأوَّلَ.
﴿وأنَّهُ هو رَبُّ الشِّعْرى﴾ هي كَوْكَبٌ خَلَفَ الجَوْزاءِ كانَتْ خُزاعَةُ تَعْبُدُها، والمُرادُ بِها الشِّعْرى الَّتِي يُقالُ لَها العُبُورُ، وهي أشَدُّ ضِياءً مِنَ الشِّعْرى الَّتِي يُقالُ لَها الغُمَيْصاءُ.
وإنَّما ذَكَرَ سُبْحانَهُ أنَّهُ رَبُّ الشِّعْرى مَعَ كَوْنِهِ رَبًّا لِكُلِّ الأشْياءِ لِلرَّدِّ عَلى مَن كانَ يَعْبُدُها، وأوَّلُ مَن عَبَدَها أبُو كَبْشَةَ، وكانَ مِن أشْرافِ العَرَبِ، وكانَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ ابْنُ أبِي كَبْشَةَ تَشْبِيهًا لَهُ بِهِ لِمُخالَفَتِهِ دِينَهم كَما خالَفَهم أبُو كَبْشَةَ، ومِن ذَلِكَ قَوْلُ أبِي سُفْيانَ يَوْمَ الفَتْحِ: لَقَدْ أمِرَ أمْرُ ابْنُ أبِي (p-١٤٢٥)كَبْشَةَ.
﴿وأنَّهُ أهْلَكَ عادًا الأُولى﴾ وصَفَ عادًا بِالأُولى لِكَوْنِهِمْ كانُوا مِن قَبْلِ ثَمُودَ.
قالَ ابْنُ زَيْدٍ: قِيلَ لَها " عادًا الأُولى "؛ لِأنَّهم أوَّلُ أُمَّةٍ أُهْلِكَتْ بَعْدَ نُوحٍ.
وقالَ ابْنُ إسْحاقٍ هُما عادانِ، فالأُوْلى أُهْلِكَتْ بِالصَّرْصَرِ، والأُخْرى أُهْلِكَتْ بِالصَّيْحَةِ.
وقِيلَ عادٌ الأُولى قَوْمُ هُودٍ وعادٌ الأُخْرى إرَمُ.
قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿عادًا الأُولى﴾ بِالتَّنْوِينِ والهَمْزِ، وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ بِنَقْلِ حَرَكَةِ الهَمْزَةِ عَلى اللّامِ وإدْغامِ التَّنْوِينِ فِيها.
﴿وثَمُودَ فَما أبْقى﴾ أيْ وأهْلَكَ ثَمُودَ كَما أهْلَكَ عادًا فَما أبْقى أحَدًا مِنَ الفَرِيقَيْنِ، وثَمُودُ هم قَوْمُ صالِحٍ أُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ، وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى عادٍ وثَمُودَ في غَيْرِ مَوْضِعٍ ﴿وقَوْمَ نُوحٍ مِن قَبْلُ﴾ أيْ وأهْلَكَ قَوْمَ نُوحٍ مِن قَبْلِ إهْلاكِ عادٍ وثَمُودَ.
﴿إنَّهم كانُوا هم أظْلَمَ وأطْغى﴾ أيْ أظْلَمَ مِن عادٍ وثَمُودَ وأطْغى مِنهم، أوْ أظْلَمَ وأطْغى مِن جَمِيعِ الفِرَقِ الكُفْرِيَّةِ، أوْ أظْلَمَ وأطْغى مِن مُشْرِكِي العَرَبِ، وإنَّما كانُوا كَذَلِكَ لِأنَّهم عَتَوْا عَلى اللَّهِ بِالمَعاصِي مَعَ طُولِ مُدَّةِ دَعْوَةِ نُوحٍ لَهم، كَما في قَوْلِهِ: ﴿فَلَبِثَ فِيهِمْ ألْفَ سَنَةٍ إلّا خَمْسِينَ عامًا﴾ [العنكبوت: ١٤] .
﴿والمُؤْتَفِكَةَ أهْوى﴾ الِائْتِفاكُ الِانْقِلابُ: والمُؤْتَفِكَةُ مَدائِنُ قَوْمِ لُوطٍ، وسُمِّيَتِ المُؤْتَفِكَةَ لِأنَّها انْقَلَبَتْ بِهِمْ وصارَ عالِيها سافِلَها، تَقُولُ أفَكْتُهُ إذا قَلَبْتُهُ، ومَعْنى أهْوى: أسْقَطَ، أيْ أهْواها جِبْرِيلُ بَعْدَ أنْ رَفَعَها.
قالَ المُبَرِّدُ: جَعَلَها تَهْوِي.
﴿فَغَشّاها ما غَشّى﴾ أيْ ألْبَسَها ما ألْبَسَها مِنَ الحِجارَةِ الَّتِي وقَعَتْ عَلَيْها، كَما في قَوْلِهِ: ﴿فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وأمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِن سِجِّيلٍ﴾ [الحجر: ٧٤] وفي هَذِهِ العِبارَةِ تَهْوِيلٌ لِلْأمْرِ الَّذِي غَشّاها بِهِ وتَعْظِيمٌ لَهُ، وقِيلَ إنَّ الضَّمِيرَ راجِعٌ إلى جَمِيعِ الأُمَمِ المَذْكُورَةِ: أيْ فَغَشّاها مِنَ العَذابِ ما غَشّى عَلى اخْتِلافِ أنْواعِهِ.
﴿فَبِأيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى﴾ هَذا خِطابٌ لِلْإنْسانِ المُكَذِّبِ: أيْ فَبِأيِّ نِعَمِ رَبِّكَ أيُّها الإنْسانُ المُكَذِّبُ تُشَكِّكُ وتَمْتَرِي، وقِيلَ الخِطابُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَعْرِيضًا لِغَيْرِهِ، وقِيلَ لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ لَهُ، وإسْنادُ فِعْلِ التَّمارِي إلى الواحِدِ بِاعْتِبارِ تَعَدُّدِهِ بِحَسَبِ تَعَدُّدِ مُتَعَلَّقِهِ وسَمّى هَذِهِ الأُمُورَ المَذْكُورَةَ آلاءً: أيْ نِعَمًا مَعَ كَوْنِ بَعْضِها نِقَمًا لا نِعَمًا، لِأنَّها مُشْتَمِلَةٌ عَلى العِبَرِ والمَواعِظِ، ولِكَوْنِ فِيها انْتِقامٌ مِنَ العُصاةِ، وفي ذَلِكَ نُصْرَةٌ لِلْأنْبِياءِ والصّالِحِينَ.
قَرَأ الجُمْهُورُ تَتَمارى مِن غَيْرِ إدْغامٍ، وقَرَأ يَعْقُوبُ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ بِإدْغامِ إحْدى التّاءَيْنِ في الأُخْرى.
﴿هَذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولى﴾ أيْ هَذا مُحَمَّدٌ رَسُولٌ إلَيْكم مِنَ الرُّسُلِ المُتَقَدِّمِينَ قَبْلَهُ فَإنَّهُ أنْذَرَكم كَما أنْذَرُوا قَوْمَهم، كَذا قالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، ومُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وغَيْرُهُما.
وقالَ قَتادَةُ: يُرِيدُ القُرْآنَ، وأنَّهُ أنْذَرَ بِما أنْذَرَتْ بِهِ الكُتُبُ الأُولى، وقِيلَ هَذا الَّذِي أخْبَرَنا بِهِ عَنْ أخْبارِ الأُمَمِ تَخْوِيفٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مِن أنْ يَنْزِلَ بِهِمْ ما نَزَلَ بِأُولَئِكَ. كَذا قالَ أبُو مالِكٍ.
وقالَ أبُو صالِحٍ: إنَّ الإشارَةَ بِقَوْلِهِ: " هَذا " إلى ما في صُحُفِ مُوسى وإبْراهِيمَ.
والأوَّلُ أوْلى.
﴿أزِفَتِ الآزِفَةُ﴾ أيْ قَرُبَتِ السّاعَةُ ودَنَتْ، سَمّاها آزِفَةً لِقُرْبِ قِيامِها، وقِيلَ لِدُنُوِّها مِنَ النّاسِ.
كَما في قَوْلِهِ: ﴿اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ﴾ أخْبَرَهم بِذَلِكَ لِيَسْتَعِدُّوا لَها.
قالَ في الصِّحاحِ: أزِفَتِ الآزِفَةُ: يَعْنِي القِيامَةَ وأزِفَ الرَّجُلُ عَجِلَ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎أزِفَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أنَّ رِكابَنا ∗∗∗ لَمّا تَزَلْ بِرِحالِنا وكَأنْ قَدِ
﴿لَيْسَ لَها مِن دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ﴾ أيْ لَيْسَ لَها نَفْسٌ قادِرَةٌ عَلى كَشْفِها عِنْدَ وُقُوعِها إلّا اللَّهُ سُبْحانَهُ، وقِيلَ كاشِفَةٌ بِمَعْنى انْكِشافٍ، والهاءُ فِيها كالهاءِ في العاقِبَةِ والدّاهِيَةِ، وقِيلَ كاشِفَةٌ بِمَعْنى كاشِفٍ، والهاءُ لِلْمُبالَغَةِ كَراوِيَةٍ، والأوَّلُ أوْلى.
وكاشِفَةٌ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ كَما ذَكَرْنا، والمَعْنى: أنَّهُ لا يَقْدِرُ عَلى كَشْفِها إذا غَشَتِ الخَلْقَ بِشَدائِدِها وأهْوالِها أحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ، كَذا قالَ عَطاءٌ،، والضَّحّاكُ،، وقَتادَةُ وغَيْرُهم.
ثُمَّ وبَّخَهُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ فَقالَ: ﴿أفَمِن هَذا الحَدِيثِ تَعْجَبُونَ﴾ المُرادُ بِالحَدِيثِ القُرْآنُ: أيْ كَيْفَ تَعْجَبُونَ مِنهُ تَكْذِيبًا.
وتَضْحَكُونَ مِنهُ اسْتِهْزاءً مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَحَلٍّ لِلتَّكْذِيبِ ولا مَوْضِعٍ لِلِاسْتِهْزاءِ ولا تَبْكُونَ خَوْفًا وانْزِجارًا لِما فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ الشَّدِيدِ.
وجُمْلَةُ ﴿وأنْتُمْ سامِدُونَ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً لِتَقْرِيرِ ما فِيها، والسُّمُودُ: الغَفْلَةُ والسَّهْوُ عَنِ الشَّيْءِ.
وقالَ في الصِّحاحِ: سَمَدَ سُمُودًا رَفَعَ رَأْسَهُ تَكَبُّرًا، فَهو سامِدٌ قالَ الشّاعِرُ:
؎سَوامِدَ اللَّيْلِ خِفافَ الأزْوادِ
وقالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: السُّمُودُ اللَّهْوُ، والسّامِدُ اللّاهِي، يُقالُ لِلْقَيْنَةِ: أسَمِدِينا، أيْ ألْهِينا بِالغِناءِ، وقالَ المُبَرِّدُ: سامِدُونَ خامِدُونَ.
قالَ الشّاعِرُ:
؎رَمى الحَدَثانِ نِسْوَةَ آلِ عَمْرٍو ∗∗∗ بِمِقْدارٍ سَمَدْنَ لَهُ سُمُودا
؎فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضا ∗∗∗ ورَدَّ وُجُوهَهُنَّ البِيضَ سُودا
﴿فاسْجُدُوا لِلَّهِ واعْبُدُوا﴾ لَمّا وبَّخَ سُبْحانَهُ المُشْرِكِينَ عَلى الِاسْتِهْزاءِ بِالقُرْآنِ والضَّحِكِ مِنهُ والسُّخْرِيَةِ بِهِ وعَدَمِ الِانْتِفاعِ بِمَواعِظِهِ وزَواجِرِهِ أمَرَ عِبادَهُ المُؤْمِنِينَ بِالسُّجُودِ لِلَّهِ والعِبادَةِ لَهُ، والفاءُ جَوابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ: أيْ إذا كانَ الأمْرُ مِنَ الكُفّارِ كَذَلِكَ، فاسْجُدُوا لِلَّهِ واعْبُدُوا، فَإنَّهُ المُسْتَحِقُّ لِذَلِكَ مِنكم، وقَدْ تَقَدَّمَ في فاتِحَةِ السُّورَةِ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَجَدَ عِنْدَ تِلاوَةِ هَذِهِ الآيَةِ، وسَجَدَ مَعَهُ الكُفّارُ، فَيَكُونُ المُرادُ بِها سُجُودَ التِّلاوَةِ، وقِيلَ سُجُودُ الفَرْضِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وأنَّهُ هو أغْنى وأقْنى﴾ قالَ: أعْطى وأرْضى.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ ﴿وأنَّهُ هو رَبُّ الشِّعْرى﴾ قالَ: هو الكَوْكَبُ الَّذِي يُدْعى الشِّعْرى.
وأخْرَجَ الفاكِهِيُّ عَنْهُ أيْضًا قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في خُزاعَةَ، وكانُوا يَعْبُدُونَ الشِّعْرى، وهو الكَوْكَبُ الَّذِي يَتْبَعُ الجَوْزاءَ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿هَذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولى﴾ قالَ: مُحَمَّدٌ ﷺ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أيْضًا قالَ: الآزِفَةُ مِن أسْماءِ القِيامَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ في الزُّهْدِ وهَنّادٌ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ صالِحٍ أبِي الخَلِيلِ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿أفَمِن هَذا الحَدِيثِ تَعْجَبُونَ﴾ ﴿وتَضْحَكُونَ ولا تَبْكُونَ﴾ فَما ضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ ذَلِكَ إلّا أنْ يَتَبَسَّمَ» .
(p-١٤٢٦)ولَفْظُ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ: فَما رُؤِيَ النَّبِيُّ ﷺ ضاحِكًا ولا مُتَبَسِّمًا حَتّى ذَهَبَ مِنَ الدُّنْيا.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: سامِدُونَ قالَ: لاهُونَ مُعْرِضُونَ عَنْهُ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وأبُو عُبَيْدٍ في فَضائِلِهِ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في ذَمِّ المَلاهِي والبَزّارُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْهُ ﴿وأنْتُمْ سامِدُونَ﴾ قالَ: الغِناءُ بِاليَمانِيَّةِ، كانُوا إذا سَمِعُوا القُرْآنَ تَغَنَّوْا ولَعِبُوا.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: سامِدُونَ قالَ: كانُوا يَمُرُّونَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ شامِخِينَ، ألَمْ تَرَ إلى البَعِيرِ كَيْفَ يَخْطُرُ شامِخًا.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي خالِدٍ الوالِبِيِّ قالَ: خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ عَلَيْنا وقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ ونَحْنُ قِيامٌ نَنْتَظِرُهُ لِيَتَقَدَّمَ فَقالَ: ما لَكم سامِدُونَ، لا أنْتُمْ في صَلاةٍ ولا أنْتُمْ في جُلُوسٍ تَنْتَظِرُونَ ؟ .
{"ayahs_start":43,"ayahs":["وَأَنَّهُۥ هُوَ أَضۡحَكَ وَأَبۡكَىٰ","وَأَنَّهُۥ هُوَ أَمَاتَ وَأَحۡیَا","وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَیۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ","مِن نُّطۡفَةٍ إِذَا تُمۡنَىٰ","وَأَنَّ عَلَیۡهِ ٱلنَّشۡأَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰ","وَأَنَّهُۥ هُوَ أَغۡنَىٰ وَأَقۡنَىٰ","وَأَنَّهُۥ هُوَ رَبُّ ٱلشِّعۡرَىٰ","وَأَنَّهُۥۤ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ","وَثَمُودَا۟ فَمَاۤ أَبۡقَىٰ","وَقَوۡمَ نُوحࣲ مِّن قَبۡلُۖ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ هُمۡ أَظۡلَمَ وَأَطۡغَىٰ","وَٱلۡمُؤۡتَفِكَةَ أَهۡوَىٰ","فَغَشَّىٰهَا مَا غَشَّىٰ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ","هَـٰذَا نَذِیرࣱ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلۡأُولَىٰۤ","أَزِفَتِ ٱلۡـَٔازِفَةُ","لَیۡسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ","أَفَمِنۡ هَـٰذَا ٱلۡحَدِیثِ تَعۡجَبُونَ","وَتَضۡحَكُونَ وَلَا تَبۡكُونَ","وَأَنتُمۡ سَـٰمِدُونَ","فَٱسۡجُدُوا۟ لِلَّهِ وَٱعۡبُدُوا۟ ۩"],"ayah":"وَأَنَّهُۥ هُوَ أَضۡحَكَ وَأَبۡكَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق