الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْراهِيمَ المُكْرَمِينَ﴾ ذَكَرَ سُبْحانَهُ قِصَّةَ إبْراهِيمَ لِيُبَيِّنَ أنَّهُ أهْلَكَ بِسَبَبِ التَّكْذِيبِ مَن أهْلَكَ.
وفِي الِاسْتِفْهامِ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ هَذا الحَدِيثَ لَيْسَ مِمّا قَدْ عَلِمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وأنَّهُ إنَّما عَلِمَهُ بِطَرِيقِ الوَحْيِ.
وقِيلَ إنَّ ( هَلْ ) بِمَعْنى قَدْ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿هَلْ أتى عَلى الإنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ والضَّيْفُ مَصْدَرٌ يُطْلَقُ عَلى الواحِدِ والِاثْنَيْنِ والجَماعَةِ، وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى قِصَّةِ ضَيْفِ إبْراهِيمَ في سُورَةِ هُودٍ، وسُورَةِ الحِجْرِ، والمُرادُ بِكَوْنِهِمْ مُكْرَمِينَ: أنَّهم مُكْرَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحانَهُ لِأنَّهم مَلائِكَةٌ جاءُوا إلَيْهِ في صُورَةِ بَنِي آدَمَ، كَما قالَ تَعالى في وصْفِهِمْ في آيَةٍ أُخْرى ﴿بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ﴾ وقِيلَ: هم جِبْرِيلُ، ومِيكائِيلُ، وإسْرافِيلُ.
وقالَ مُقاتِلٌ، ومُجاهِدٌ: أكْرَمَهم إبْراهِيمُ وأحْسَنَ إلَيْهِمْ، وقامَ عَلى رُءُوسِهِمْ، وكانَ لا يَقُومُ عَلى رُءُوسِ الضَّيْفِ، وأمَرَ امْرَأتَهُ أنْ تَخْدِمَهم.
وقالَ الكَلْبِيُّ: أكْرَمَهم بِالعِجْلِ.
﴿إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ﴾ العامِلُ في الظَّرْفِ حَدِيثُ أيْ: هَلْ أتاكَ حَدِيثُهُمُ الواقِعُ في وقْتِ دُخُولِهِمْ عَلَيْهِ، أوِ العامِلُ فِيهِ ضَيْفِ لِأنَّهُ مَصْدَرٌ، أوِ العامِلُ فِيهِ المُكْرَمِينَ أوِ العامِلُ فِيهِ فِعْلٌ مُضْمَرٌ: أيِ اذْكُرْ ﴿فَقالُوا سَلامًا﴾ أيْ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ (p-١٤٠٧)سَلامًا ﴿قالَ سَلامٌ﴾ أيْ قالَ إبْراهِيمُ سَلامٌ.
قَرَأ الجُمْهُورُ بِنَصْبِ سَلامًا الأوَّلِ، ورَفْعِ الثّانِي، فَنَصْبُ الأوَّلِ عَلى المَصْدَرِيَّةِ بِتَقْدِيرِ الفِعْلِ كَما ذَكَرْنا، والمُرادُ بِهِ التَّحِيَّةُ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: فَقالُوا كَلامًا حَسَنًا لِأنَّهُ كَلامٌ سَلِمَ بِهِ المُتَكَلِّمُ مِن أنْ يَلْغُوَ، فَيَكُونَ عَلى هَذا مَفْعُولًا بِهِ.
وأمّا الثّانِي: فَرَفْعُهُ عَلى أنَّهُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الخَبَرِ: أيْ: عَلَيْكم سَلامٌ، وعَدَلَ بِهِ إلى الرَّفْعِ لِقَصْدِ إفادَةِ الجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِلدَّوامِ والثَّباتِ، بِخِلافِ الفِعْلِيَّةِ فَإنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّجَدُّدِ والحُدُوثِ، ولِهَذا قالَ أهْلُ المَعانِي: إنَّ سَلامَ إبْراهِيمَ أبْلَغُ مِن سَلامِ المَلائِكَةِ.
وقُرِئَ بِالرَّفْعِ في المَوْضِعَيْنِ، وقُرِئَ بِالنَّصْبِ فِيهِما.
وقَرَأ أهْلُ الكُوفَةِ إلّا عاصِمًا بِكَسْرِ السِّينِ، وقُرِئَ ( سِلْمٌ ) فِيهِما ﴿قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ ارْتِفاعُ ( قَوْمٌ ) عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أيْ: أنْتُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ.
قِيلَ: إنَّهُ قالَ هَذا في نَفْسِهِ ولَمْ يُخاطِبْهم بِهِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ يُخالِفُ الإكْرامَ.
قِيلَ: إنَّهُ أنْكَرَهم لِكَوْنِهِمُ ابْتَدَءُوا بِالسَّلامِ ولَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَعْهُودًا عِنْدَ قَوْمِهِ، وقِيلَ: لِأنَّهُ رَأى فِيهِمْ ما يُخالِفُ بَعْضَ الصُّوَرِ البَشَرِيَّةِ، وقِيلَ: لِأنَّهُ رَآهم عَلى غَيْرِ صُورَةِ المَلائِكَةِ الَّذِينَ يَعْرِفُهم، وقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ.
﴿فَراغَ إلى أهْلِهِ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: أيْ: عَدَلَ إلى أهْلِهِ، وقِيلَ: ذَهَبَ إلَيْهِمْ في خُفْيَةٍ مِن ضُيُوفِهِ، والمَعْنى مُتَقارِبٌ وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ في سُورَةِ الصّافّاتِ.
يُقالُ: راغَ وارْتاغَ بِمَعْنى طَلَبَ، وماذا يُرِيغُ: أيْ يُرِيدُ ويَطْلُبُ، وأراغَ إلى كَذا: مالَ إلَيْهِ سِرًّا وحادَ ﴿فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ أيْ: فَجاءَ ضَيْفَهُ بِعَجَلٍ قَدْ شَواهُ لَهم كَما في سُورَةِ هُودٍ ﴿بِعِجْلٍ حَنِيذٍ﴾ [هود: ٦٩] وفي الكَلامِ حَذْفٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ الفاءُ الفَصِيحَةُ: أيْ فَذَبَحَ عِجْلًا فَحَنَذَهُ فَجاءَ بِهِ.
﴿فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ﴾ أيْ: قَرَّبَ العِجْلَ إلَيْهِمْ ووَضَعَهُ بَيْنَ أيْدِيهِمْ فَ ﴿قالَ ألا تَأْكُلُونَ﴾ الِاسْتِفْهامُ لِلْإنْكارِ، وذَلِكَ أنَّهُ لَمّا قَرَّبَهُ إلَيْهِمْ لَمْ يَأْكُلُوا مِنهُ.
قالَ في الصِّحاحِ: العِجْلُ ولَدُ البَقَرِ، والعُجُولُ مِثْلُهُ والجَمْعُ العَجاجِيلُ، والأُنْثى عِجْلَةٌ، وقِيلَ: العِجْلُ في بَعْضِ اللُّغاتِ الشّاةُ.
﴿فَأوْجَسَ مِنهم خِيفَةً﴾ أيْ أحَسَّ في نَفْسِهِ خَوْفًا مِنهم لَمّا لَمْ يَأْكُلُوا مِمّا قَرَّبَهُ إلَيْهِمْ.
وقِيلَ: مَعْنى أوْجَسَ أضْمَرَ، وإنَّما وقَعَ لَهُ ذَلِكَ لَمّا لَمْ يَتَحَرَّمُوا بِطَعامِهِ، ومِن أخْلاقِ النّاسِ أنَّ مَن أكَلَ مِن طَعامِ إنْسانٍ صارَ آمِنًا مِنهُ، فَظَنَّ إبْراهِيمُ أنَّهم جاءُوا لِلشَّرِّ ولَمْ يَأْتُوا لِلْخَيْرِ.
وقِيلَ: إنَّهُ وقَعَ في قَلْبِهِ أنَّهم مَلائِكَةٌ، فَلَمّا رَأوْا ما ظَهَرَ عَلَيْهِ مِن أماراتِ الخَوْفِ ﴿قالُوا لا تَخَفْ﴾ وأعْلَمُوهُ أنَّهم مَلائِكَةٌ مُرْسَلُونَ إلَيْهِ مِن جِهَةِ اللَّهِ سُبْحانَهُ ﴿وبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ﴾ أيْ بَشَّرُوهُ بِغُلامٍ يُولَدُ لَهُ كَثِيرِ العِلْمِ عِنْدَ أنْ يَبْلُغَ مَبالِغَ الرِّجالِ، والمُبَشَّرُ بِهِ عِنْدَ الجُمْهُورِ هو إسْحاقُ.
وقالَ مُجاهِدٌ وحْدَهُ: إنَّهُ إسْماعِيلُ، وهو مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ: ﴿وبَشَّرْناهُ بِإسْحاقَ﴾ [الصافات: ١١٢] وقَدْ قَدَّمْنا تَحْقِيقَ هَذا المَقامِ بِما لا يَحْتاجُ النّاظِرُ فِيهِ إلى غَيْرِهِ.
﴿فَأقْبَلَتِ امْرَأتُهُ في صَرَّةٍ﴾ لَمْ يَكُنْ هَذا الإقْبالُ مِن مَكانٍ إلى مَكانٍ، وإنَّما هو كَقَوْلِكَ: أقْبَلَ يَشْتُمُنِي أيْ: أخَذَ في شَتْمِي، كَذا قالَ الفَرّاءُ، وغَيْرُهُ.
والصَّرَّةُ الصَّيْحَةُ والضَّجَّةُ، وقِيلَ: الجَماعَةُ مِنَ النّاسِ.
قالَ الجَوْهَرِيُّ: الصَّرَّةُ: الضَّجَّةُ والصَّيْحَةُ، والصَّرَّةُ: الجَماعَةُ، والصَّرَّةُ الشِّدَّةُ مِن كَرْبٍ، أوْ غَيْرِهِ، والمَعْنى: أنَّها أقْبَلَتْ في صَيْحَةٍ، أوْ في ضَجَّةٍ، أوْ في جَماعَةٍ مِنَ النّاسِ يَسْتَمِعُونَ كَلامَ المَلائِكَةِ، ومِن هَذا قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
؎فَألْحَقَنا بِالهادِياتِ ودُونَهُ جَواحِرُها في صَرَّةٍ لَمْ تَزَيَّلِ
وقَوْلُهُ: ﴿فِي صَرَّةٍ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ ﴿فَصَكَّتْ وجْهَها﴾ أيْ ضَرَبَتْ بِيَدِها عَلى وجْهِها كَما جَرَتْ بِذَلِكَ عادَةُ النِّساءِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ.
قالَ مُقاتِلٌ، والكَلْبِيُّ: جَمَعَتْ أصابِعَها فَضَرَبَتْ جَبِينَها تَعَجُّبًا، ومَعْنى الصَّكِّ: ضَرْبُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ العَرِيضِ، يُقالُ صَكَّهُ: أيْ: ضَرَبَهُ ﴿وقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ أيْ: كَيْفَ ألِدُ وأنا عَجُوزٌ عَقِيمٌ، اسْتَبْعَدَتْ ذَلِكَ لِكِبَرِ سِنِّها، ولِكَوْنِها عَقِيمًا لا تَلِدُ.
﴿قالُوا كَذَلِكَ قالَ رَبُّكِ﴾ أيْ: كَما قُلْنا لَكِ وأخْبَرْناكِ قالَ رَبُّكِ، فَلا تَشُكِّي في ذَلِكَ ولا تَعْجَبِي مِنهُ، فَإنَّ ما أرادَهُ اللَّهُ كائِنٌ لا مَحالَةَ ولَمْ نَقُلْ ذَلِكَ مِن جِهَةِ أنْفُسِنا، وقَدْ كانَتْ إذْ ذاكَ بِنْتَ تِسْعٍ وتِسْعِينَ سَنَةً، وإبْراهِيمُ ابْنَ مِائَةِ سَنَةٍ، وقَدْ سَبَقَ بَيانُ هَذا مُسْتَوْفًى، وجُمْلَةُ ﴿إنَّهُ هو الحَكِيمُ العَلِيمُ﴾ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَها: أيْ: حَكِيمٌ في أفْعالِهِ وأقْوالِهِ، عَلِيمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ.
وجُمْلَةُ ﴿قالَ فَما خَطْبُكم أيُّها المُرْسَلُونَ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوابًا عَنْ سُؤالٍ مُقَدَّرٍ، كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا قالَ إبْراهِيمُ بَعْدَ هَذا القَوْلِ مِنَ المَلائِكَةِ. والخَطْبُ: الشَّأْنُ والقِصَّةُ، والمَعْنى: فَما شَأْنُكم وما قِصَّتُكم أيُّها المُرْسَلُونَ مِن جِهَةِ اللَّهِ، وما ذاكَ الأمْرُ الَّذِي لِأجْلِهِ أرْسَلَكم سِوى هَذِهِ البِشارَةِ.
﴿قالُوا إنّا أُرْسِلْنا إلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ﴾ يُرِيدُونَ قَوْمَ لُوطٍ.
﴿لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِن طِينٍ﴾ أيْ لِنَرْجُمَهم بِحِجارَةٍ مِن طِينٍ مُتَحَجِّرٍ.
وانْتِصابُ مُسَوَّمَةً عَلى الصِّفَةِ لِ ( حِجارَةً ) أوْ عَلى الحالِ في الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ في الجارِّ والمَجْرُورِ، أوْ مِنَ الحِجارَةِ لِكَوْنِها قَدْ وُصِفَتْ بِالجارِّ والمَجْرُورِ.
ومَعْنى مُسَوَّمَةً مُعَلَّمَةً بِعَلاماتٍ تُعْرَفُ بِها قِيلَ: كانَتْ مُخَطَّطَةً بِسَوادٍ وبَياضٍ، وقِيلَ: بِسَوادٍ وحُمْرَةٍ، وقِيلَ: مَعْرُوفَةٌ بِأنَّها حِجارَةُ العَذابِ، وقِيلَ: مَكْتُوبٌ عَلى كُلِّ حَجَرٍ مَن يَهْلِكُ بِها، وقَوْلُهُ عِنْدَ رَبِّكَ ظَرْفٌ لِ ( مُسَوَّمَةً ) أيْ: مُعَلَّمَةً عِنْدَهُ لِلْمُسْرِفِينَ المُتَمادِينَ في الضَّلالَةِ المُتَجاوِزِينَ الحَدَّ في الفُجُورِ وقالَ مُقاتِلٌ: لِلْمُشْرِكِينَ.
والشِّرْكُ أسْرَفُ الذُّنُوبِ وأعْظَمُها.
﴿فَأخْرَجْنا مَن كانَ فِيها مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ هَذا كَلامٌ مِن جِهَةِ اللَّهِ سُبْحانَهُ: أيْ: لَمّا أرَدْنا إهْلاكَ قَوْمِ لُوطٍ أخْرَجْنا مَن كانَ في قُرى قَوْمِ لُوطٍ مِن قَوْمِهِ المُؤْمِنِينَ بِهِ.
﴿فَما وجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ المُسْلِمِينَ﴾ أيْ: غَيْرَ أهْلِ بَيْتٍ.
يُقالُ: بَيْتٌ شَرِيفٌ، ويُرادُ بِهِ أهْلُهُ، قِيلَ: وهم أهْلُ بَيْتِ لُوطٍ، والإسْلامُ: الِانْقِيادُ والِاسْتِسْلامُ لِأمْرِ اللَّهِ سُبْحانَهُ، فَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ، ومِن ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿قالَتِ الأعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ولَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا﴾ الحُجُراتِ: ١٤ ] وقَدْ أوْضَحَ الفَرْقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بَيْنَ الإسْلامِ والإيمانِ في الحَدِيثِ في الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما الثّابِتِ مِن طُرُقٍ «أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الإسْلامِ، فَقالَ: أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتِي الزَّكاةَ، وتَحُجَّ البَيْتَ وتَصُومَ رَمَضانَ وسُئِلَ عَنْ (p-١٤٠٨)الإيمانِ فَقالَ: أنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ» فالمَرْجِعُ في الفَرْقِ بَيْنَهُما هو هَذا الَّذِي قالَهُ الصّادِقُ المَصْدُوقُ، ولا التِفاتَ إلى غَيْرِهِ مِمّا قالَهُ أهْلُ العِلْمِ في رَسْمِ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما بِرُسُومٍ مُضْطَرِبَةٍ مُخْتَلِفَةٍ مُخْتَلَّةٍ مُتَناقِضَةٍ، وأمّا ما في الكِتابِ العَزِيزِ مِنِ اخْتِلافِ مَواضِعِ اسْتِعْمالِ الإسْلامِ والإيمانِ، فَذَلِكَ بِاعْتِبارِ المَعانِي اللُّغَوِيَّةِ والِاسْتِعْمالاتِ العَرَبِيَّةِ، والواجِبُ تَقْدِيمُ الحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلى اللُّغَوِيَّةِ، والحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ هي هَذِهِ الَّتِي أخْبَرَنا بِها رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وأجابَ سُؤالَ السّائِلِ لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِها.
﴿وتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ العَذابَ الألِيمَ﴾ أيْ وتَرْكَنا في تِلْكَ القُرى عَلامَةً ودَلالَةً تَدُلُّ عَلى ما أصابَهم مِنَ العَذابِ كُلَّ مَن يَخافُ عَذابَ اللَّهِ، ويَخْشاهُ مِن أهْلِ ذَلِكَ الزَّمانِ، ومَن بَعْدَهم، وهَذِهِ الآيَةُ هي آثارُ العَذابِ في تِلْكَ القُرى، فَإنَّها ظاهِرَةٌ بَيِّنَةٌ، وقِيلَ: هي الحِجارَةُ الَّتِي رُجِمُوا بِها، وإنَّما خَصَّ الَّذِينَ يَخافُونَ العَذابَ الألِيمَ لِأنَّهُمُ الَّذِينَ يَتَّعِظُونَ بِالمَواعِظِ ويَتَفَكَّرُونَ في الآياتِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لا يَخافُ ذَلِكَ وهُمُ المُشْرِكُونَ المُكَذِّبُونَ بِالبَعْثِ والوَعْدِ والوَعِيدِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: في صَرَّةٍ قالَ: في صَيْحَةٍ ﴿فَصَكَّتْ وجْهَها﴾ قالَ: لَطَمَتْ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَما وجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ المُسْلِمِينَ﴾ قالَ: لُوطٍ وابْنَتَيْهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: كانُوا ثَلاثَةَ عَشَرَ.
{"ayahs_start":24,"ayahs":["هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِیثُ ضَیۡفِ إِبۡرَ ٰهِیمَ ٱلۡمُكۡرَمِینَ","إِذۡ دَخَلُوا۟ عَلَیۡهِ فَقَالُوا۟ سَلَـٰمࣰاۖ قَالَ سَلَـٰمࣱ قَوۡمࣱ مُّنكَرُونَ","فَرَاغَ إِلَىٰۤ أَهۡلِهِۦ فَجَاۤءَ بِعِجۡلࣲ سَمِینࣲ","فَقَرَّبَهُۥۤ إِلَیۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ","فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِیفَةࣰۖ قَالُوا۟ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَـٰمٍ عَلِیمࣲ","فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِی صَرَّةࣲ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِیمࣱ","قَالُوا۟ كَذَ ٰلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡعَلِیمُ","۞ قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَیُّهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ","قَالُوۤا۟ إِنَّاۤ أُرۡسِلۡنَاۤ إِلَىٰ قَوۡمࣲ مُّجۡرِمِینَ","لِنُرۡسِلَ عَلَیۡهِمۡ حِجَارَةࣰ مِّن طِینࣲ","مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُسۡرِفِینَ","فَأَخۡرَجۡنَا مَن كَانَ فِیهَا مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","فَمَا وَجَدۡنَا فِیهَا غَیۡرَ بَیۡتࣲ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ","وَتَرَكۡنَا فِیهَاۤ ءَایَةࣰ لِّلَّذِینَ یَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِیمَ"],"ayah":"قَالُوا۟ كَذَ ٰلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡعَلِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق