الباحث القرآني

قَوْلُهُ ﴿وإنْ طائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ قَرَأ الجُمْهُورُ ( اقْتَتَلُوا ) بِاعْتِبارِ كُلِّ فَرْدٍ مِن أفْرادِ الطّائِفَتَيْنِ كَقَوْلِهِ ﴿هَذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا﴾ [الحج: ١٩] والضَّمِيرُ في قَوْلِهِ ( بَيْنَهُما ) عائِدٌ إلى الطّائِفَتَيْنِ بِاعْتِبارِ اللَّفْظِ. وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ ( اقْتَتَلَتا ) اعْتِبارًا بِلَفْظِ ( طائِفَتانِ )، وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ ( اقْتَتَلا ) وتَذْكِيرُ الفِعْلِ في هَذِهِ القِراءَةِ بِاعْتِبارِ الفَرِيقَيْنِ أوِ الرَّهْطَيْنِ. والبَغْيُ: التَّعَدِّي بِغَيْرِ حَقٍّ والِامْتِناعُ مِنَ الصُّلْحِ المُوافِقِ لِلصَّوابِ، والفَيْءُ: الرُّجُوعُ والمَعْنى: أنَّهُ إذا تَقاتَلَ فَرِيقانِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَعَلى المُسْلِمِينَ أنْ يَسْعَوْا بِالصُّلْحِ بَيْنَهم ويَدْعُوهم إلى حُكْمِ اللَّهِ، فَإنْ حَصَلَ (p-١٣٩٢)بَعْدَ ذَلِكَ التَّعَدِّي مِن إحْدى الطّائِفَتَيْنِ عَلى الأُخْرى ولَمْ تَقْبَلِ الصُّلْحَ ولا دَخَلَتْ فِيهِ كانَ عَلى المُسْلِمِينَ أنْ يُقاتِلُوا هَذِهِ الطّائِفَةَ الباغِيَةَ حَتّى تَرْجِعَ إلى أمْرِ اللَّهِ وحُكْمِهِ، فَإنْ رَجَعَتْ تِلْكَ الطّائِفَةُ الباغِيَةُ عَنْ بَغْيِها وأجابَتِ الدَّعْوَةَ إلى كِتابِ اللَّهِ وحُكْمِهِ، فَعَلى المُسْلِمِينَ أنْ يَعْدِلُوا بَيْنَ الطّائِفَتَيْنِ في الحُكْمِ، ويَتَحَرَّوُا الصَّوابَ المُطابِقَ لِحُكْمِ اللَّهِ ويَأْخُذُوا عَلى يَدِ الطّائِفَةِ الظّالِمَةِ حَتّى تَخْرُجَ مِنَ الظُّلْمِ وتُؤَدِّيَ ما يَجِبُ عَلَيْها لِلْأُخْرى. ثُمَّ أمَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ المُسْلِمِينَ أنْ يَعْدِلُوا في كُلِّ أُمُورِهِمْ بَعْدَ أمْرِهِمْ بِهَذا العَدْلِ الخاصِّ بِالطّائِفَتَيْنِ المُقْتَتِلَتَيْنِ، فَقالَ: ﴿وأقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ أيْ واعْدِلُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العادِلِينَ، ومَحَبَّتُهُ لَهم تَسْتَلْزِمُ مُجازاتَهم بِأحْسَنِ الجَزاءِ. قالَ الحَسَنُ، وقَتادَةُ، والسُّدِّيُّ، ﴿فَأصْلِحُوا بَيْنَهُما﴾ بِالدُّعاءِ إلى حُكْمِ كِتابِ اللَّهِ، والرِّضا بِما فِيهِ لَهُما وعَلَيْهِما ﴿فَإنْ بَغَتْ إحْداهُما﴾ وطَلَبَتْ ما لَيْسَ لَها ولَمْ تَرْجِعْ إلى الصُّلْحِ ﴿فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي﴾ حَتّى تَرْجِعَ إلى طاعَةِ اللَّهِ والصُّلْحِ الَّذِي أمَرَ اللَّهُ بِهِ. وجُمْلَةُ ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِما قَبْلَها مِنَ الأمْرِ بِالإصْلاحِ، والمَعْنى: أنَّهم راجِعُونَ إلى أصْلٍ واحِدٍ وهو الإيمانُ. قالَ الزَّجّاجُ: الدِّينُ يَجْمَعُهم، فَهم إخْوَةٌ إذا كانُوا مُتَّفِقِينَ في دِينِهِمْ فَرَجَعُوا بِالِاتِّفاقِ في الدِّينِ إلى أصْلِ النَّسَبِ لِأنَّهم لِآدَمَ وحَوّاءَ ﴿فَأصْلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكُمْ﴾ يَعْنِي كُلَّ مُسْلِمَيْنِ تَخاصَما وتَقاتَلا، وتَخْصِيصُ الِاثْنَيْنِ بِالذِّكْرِ لِإثْباتِ وُجُوبِ الإصْلاحِ فِيما فَوْقَهُما بِطَرِيقِ الأوْلى. قَرَأ الجُمْهُورُ بَيْنَ أخَوَيْكم عَلى التَّثْنِيَةِ، وقَرَأ زَيْدُ بْنُ ثابِتٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، والحَسَنُ، وحَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وابْنُ سِيرِينَ ( إخْوانِكم ) بِالجَمْعِ، ورُوِيَ عَنْ أبِي عُمَرَ، ونَصْرِ بْنِ عاصِمٍ، وأبِي العالِيَةِ، والجَحْدَرِيِّ، ويَعْقُوبَ أنَّهم قَرَءُوا ( بَيْنَ إخْوَتِكم ) بِالفَوْقِيَّةِ عَلى الجَمْعِ أيْضًا. قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ في تَوْجِيهِ قِراءَةِ الجُمْهُورِ: أرادَ بِالأخَوَيْنِ الطّائِفَتَيْنِ؛ لِأنَّ لَفْظَ التَّثْنِيَةِ قَدْ يَرِدُ ويُرادُ بِهِ الكَثْرَةُ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: أيْ أصْلِحُوا بَيْنَ كُلِّ أخَوَيْنِ ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ في كُلِّ أُمُورِكم ﴿لَعَلَّكم تُرْحَمُونَ﴾ بِسَبَبِ التَّقْوى، والتَّرَجِّي بِاعْتِبارِ المُخاطَبِينَ: أيْ: راجِينَ أنْ تُرْحَمُوا، وفي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى قِتالِ الفِئَةِ الباغِيَةِ إذا تَقَرَّرَ بَغْيُها عَلى الإمامِ، أوْ عَلى أحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، وعَلى فَسادِ قَوْلِ مَن قالَ بِعَدَمِ الجَوازِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «قِتالُ المُسْلِمِ كُفْرٌ» فَإنَّ المُرادَ بِهَذا الحَدِيثِ وما ورَدَ في مَعْناهُ قِتالُ المُسْلِمِ الَّذِي لَمْ يَبْغِ. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: لَوْ كانَ الواجِبُ - في كُلِّ اخْتِلافٍ يَكُونُ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ - الهَرَبَ مِنهُ ولُزُومَ المَنازِلِ لَما أُقِيمَ حَقٌّ، ولا أُبْطِلَ باطِلٌ، ولَوَجَدَ أهْلُ النِّفاقِ والفُجُورِ سَبَبًا إلى اسْتِحْلالِ كُلِّ ما حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِن أمْوالِ المُسْلِمِينَ، وسَبْيِ نِسائِهِمْ وسَفْكِ دِمائِهِمْ بِأنْ يَتَحَزَّبُوا عَلَيْهِمْ، ولِكَفِّ المُسْلِمِينَ أيْدِيَهم عَنْهم، وذَلِكَ مُخالِفٌ لِقَوْلِهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «خُذُوا عَلى أيْدِي سُفَهائِكم» قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ: هَذِهِ الآيَةُ أصْلٌ في قِتالِ المُسْلِمِينَ، وعُمْدَةٌ في حَرْبِ المُتَأوِّلِينَ، وعَلَيْها عَوَّلَ الصَّحابَةُ، وإلَيْها لَجَأ الأعْيانُ مِن أهْلِ المِلَّةِ، وإيّاها عَنى النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «تَقْتُلُ عَمّارًا الفِئَةُ الباغِيَةُ»، وقَوْلُهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - في شَأْنِ الخَوارِجِ: «يَخْرُجُونَ عَلى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النّاسِ تَقْتُلُهم أوْلى الطّائِفَتَيْنِ بِالحَقِّ» . ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِن قَوْمٍ عَسى أنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنهم﴾ السُّخْرِيَةُ: الِاسْتِهْزاءُ: وحَكى أبُو زَيْدٍ: سَخِرْتُ بِهِ وضَحِكْتُ بِهِ وهَزَأْتُ بِهِ. وقالَ الأخْفَشُ: سَخِرْتُ مِنهُ وسَخِرْتُ بِهِ، وضَحِكْتُ مِنهُ وضَحِكْتُ بِهِ، وهَزَأْتُ مِنهُ وهَزَأْتُ بِهِ، كُلُّ ذَلِكَ يُقالُ، والِاسْمُ السُّخْرِيَةُ والسُّخْرى، وقُرِئَ بِهِما في ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهم بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ [الزخرف: ٣٢] ومَعْنى الآيَةِ النَّهْيُ لِلْمُؤْمِنِينَ عَنْ أنْ يَسْتَهْزِئَ بَعْضُهم بِبَعْضٍ، وعَلَّلَ هَذا النَّهْيَ بِقَوْلِهِ: ﴿عَسى أنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنهم﴾ أيْ أنْ يَكُونَ المَسْخُورُ بِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا مِنَ السّاخِرِينَ بِهِمْ، ولَمّا كانَ لَفْظُ ( قَوْمٌ ) مُخْتَصًّا بِالرِّجالِ؛ لِأنَّهُمُ القُوَّمُ عَلى النِّساءِ أفْرَدَ النِّساءَ بِالذِّكْرِ، فَقالَ: ﴿ولا نِساءٌ مِن نِساءٍ﴾ أيْ ولا يَسْخَرْ نِساءٌ مِن نِساءٍ ﴿عَسى أنْ يَكُنَّ﴾ المَسْخُورُ بِهِنَّ ﴿خَيْرًا مِنهُنَّ﴾ يَعْنِي خَيْرًا مِنَ السّاخِراتِ مِنهُنَّ، وقِيلَ: أفْرَدَ النِّساءَ بِالذِّكْرِ لِأنَّ السُّخْرِيَةَ مِنهُنَّ أكْثَرُ ﴿ولا تَلْمِزُوا أنْفُسَكُمْ﴾ اللَّمْزُ العَيْبُ، وقَدْ مَضى تَحْقِيقُهُ في سُورَةِ بَراءَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿ومِنهم مَن يَلْمِزُكَ في الصَّدَقاتِ﴾ [التوبة: ٥٨] قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: اللَّمْزُ بِاليَدِ والعَيْنِ واللِّسانِ والإشارَةِ، والهَمْزُ لا يَكُونُ إلّا بِاللِّسانِ، ومَعْنى ﴿ولا تَلْمِزُوا أنْفُسَكُمْ﴾ لا يَلْمِزْ بَعْضُكم بَعْضًا كَما في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَقْتُلُوا أنْفُسَكم﴾ [النساء: ٢٩] وقَوْلُهُ: ﴿فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكم﴾ [النور: ٦١] قالَ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لا يَطْعَنْ بَعْضُكم عَلى بَعْضٍ. وقالَ الضَّحّاكُ: لا يَلْعَنْ بَعْضُكم بَعْضًا ﴿ولا تَنابَزُوا بِالألْقابِ﴾ التَّنابُزُ: التَّفاعُلُ مِنَ النَّبْزِ بِالتَّسْكِينِ وهو المَصْدَرُ، والنَّبَزُ بِالتَّحْرِيكِ اللَّقَبُ، والجَمْعُ أنْبازٌ، والألْقابُ جَمْعُ لَقَبٍ، وهو اسْمٌ غَيْرُ الَّذِي سُمِّيَ بِهِ الإنْسانُ، والمُرادُ هُنا لَقَبُ السُّوءِ، والتَّنابُزُ بِالألْقابِ أنْ يُلَقِّبَ بَعْضُهم بَعْضًا. قالَ الواحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ: هو أنْ يَقُولَ لِأخِيهِ المُسْلِمِ يا فاسِقُ، يا مُنافِقُ، أوْ يَقُولَ لِمَن أسْلَمَ: يا يَهُودِيُّ، يا نَصْرانِيُّ، قالَ عَطاءٌ: هو كُلُّ شَيْءٍ أخْرَجْتَ بِهِ أخاكَ مِنَ الإسْلامِ، كَقَوْلِكَ يا كَلْبُ، يا حِمارُ، يا خِنْزِيرُ. قالَ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ: كانَ الرَّجُلُ يُعَيَّرُ بِكُفْرِهِ، فَيُقالُ لَهُ: يا يَهُودِيُّ، يا نَصْرانِيُّ، فَنَزَلَتْ، وبِهِ قالَ قَتادَةُ، وأبُو العالِيَةِ، وعِكْرِمَةُ. ﴿بِئْسَ الِاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإيمانِ﴾ أيْ بِئْسَ الِاسْمُ الَّذِي يُذْكَرُوا بِالفِسْقِ بَعْدَ دُخُولِهِمْ في الإيمانِ، والِاسْمُ هُنا بِمَعْنى الذِّكْرِ. قالَ ابْنُ زَيْدٍ: أيْ بِئْسَ أنْ يُسَمّى الرَّجُلُ كافِرًا، أوْ زانِيًا بَعْدَ إسْلامِهِ وتَوْبَتِهِ. وقِيلَ المَعْنى: أنَّ مَن فَعَلَ ما نُهِيَ عَنْهُ مِنَ السُّخْرِيَةِ، واللَّمْزِ، والنَّبْذِ، فَهو فاسِقٌ. قالَ القُرْطُبِيُّ: إنَّهُ يُسْتَثْنى مِن هَذا مَن غَلَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِعْمالُ كالأعْرَجِ، والأحْدَبِ، ولَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ يَجِدُ في نَفْسِهِ مِنهُ عَلَيْهِ، فَجَوَّزَتْهُ الأئِمَّةُ، واتَّفَقَ عَلى قَوْلِهِ أهْلُ اللُّغَةِ اهـ ﴿ومَن لَمْ يَتُبْ﴾ عَمّا نَهى اللَّهُ عَنْهُ ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ﴾ لِارْتِكابِهِمْ ما نَهى اللَّهُ عَنْهُ، وامْتِناعِهِمْ مِنَ التَّوْبَةِ، فَظَلَمُوا مَن لَقَّبُوهُ، وظُلْمِهِمْ أنْفُسَهم بِما لَزِمَهم مِنَ الإثْمِ. (p-١٣٩٣)﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾ الظَّنُّ هُنا: هو مُجَرَّدُ التُّهْمَةِ الَّتِي لا سَبَبَ لَها كَمَن يَتَّهِمُ غَيْرَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الفَواحِشِ ولَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ ما يَقْتَضِي ذَلِكَ، وأمَرَ سُبْحانَهُ بِاجْتِنابِ الكَثِيرِ لِيَفْحَصَ المُؤْمِنُ عَنْ كُلِّ ظَنٍّ يَظُنُّهُ حَتّى يَعْلَمَ وجْهَهُ؛ لِأنَّ مِنَ الظَّنِّ ما يَجِبُ اتِّباعُهُ، فَإنَّ أكْثَرَ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ مَبْنِيَّةٌ عَلى الظَّنِّ، كالقِياسِ وخَبَرِ الواحِدِ، ودَلالَةِ العُمُومِ، ولَكِنَّ هَذا الظَّنَّ الَّذِي يَجِبُ العَمَلُ بِهِ قَدْ قُوِّيَ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ المُوجِبَةِ لِلْعَمَلِ بِهِ فارْتَفَعَ عَنِ الشَّكِّ والتُّهْمَةِ. قالَ الزَّجّاجُ: هو أنْ يَظُنَّ بِأهْلِ الخَيْرِ سُوءًا، فَأمّا أهْلُ السُّوءِ والفُسُوقِ فَلَنا أنْ نَظُنَّ بِهِمْ مِثْلَ الَّذِي ظَهَرَ مِنهم. قالَ مُقاتِلُ بْنُ سُلَيْمانَ، ومُقاتِلُ بْنُ حَيّانَ: هو أنْ يَظُنَّ بِأخِيهِ المُسْلِمِ سُوءًا، ولا بَأْسَ بِهِ ما لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ، فَإنْ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ الظَّنِّ وأبْداهُ أثِمَ. وحَكى القُرْطُبِيُّ، عَنْ أكْثَرِ العُلَماءِ: أنَّ الظَّنَّ القَبِيحَ بِمَن ظاهِرُهُ الخَيْرُ لا يَجُوزُ، وأنَّهُ لا حَرَجَ في الظَّنِّ القَبِيحِ بِمَن ظاهِرُهُ القَبِيحُ، وجُمْلَةُ ﴿إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ﴾ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَها مِنَ الأمْرِ بِاجْتِنابِ كَثِيرٍ مِنَ الظَّنِّ، وهَذا البَعْضُ هو ظَنُّ السُّوءِ بِأهْلِ الخَيْرِ، والإثْمُ هو ما يَسْتَحِقُّهُ الظّانُّ مِنَ العُقُوبَةِ. ومِمّا يَدُلُّ عَلى تَقْيِيدِ هَذا الظَّنِّ المَأْمُورِ بِاجْتِنابِهِ بِظَنِّ السُّوءِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا﴾ [الفتح: ١٢] فَلا يَدْخُلُ في الظَّنِّ المَأْمُورِ بِاجْتِنابِهِ شَيْءٌ مِنَ الظَّنِّ المَأْمُورِ بِاتِّباعِهِ في مَسائِلِ الدِّينِ، فَإنَّ اللَّهَ قَدْ تَعَبَّدَ عِبادَهُ بِاتِّباعِهِ، وأوْجَبَ العَمَلَ بِهِ جُمْهُورُ أهْلِ العِلْمِ، ولَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ إلّا بَعْضُ طَوائِفِ المُبْتَدِعَةِ كِيادًا لِلدِّينِ وشُذُوذًا عَنْ جُمْهُورِ المُسْلِمِينَ، وقَدْ جاءَ التَّعَبُّدُ بِالظَّنِّ في كَثِيرٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ المُطَهَّرَةِ بَلْ في أكْثَرِها. ثُمَّ لَمّا أمَرَهُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ بِاجْتِنابِ كَثِيرٍ مِنَ الظَّنِّ نَهاهم عَنِ التَّجَسُّسِ فَقالَ: ﴿ولا تَجَسَّسُوا﴾ التَّجَسُّسُ: البَحْثُ عَمّا يَنْكَتِمُ عَنْكَ مِن عُيُوبِ المُسْلِمِينَ وعَوْراتِهِمْ، نَهاهُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ عَنِ البَحْثِ عَنْ مَعايِبِ النّاسِ ومَثالِبِهِمْ. قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿تَجَسَّسُوا﴾ بِالجِيمِ، ومَعْناهُ ما ذَكَرْنا. وقَرَأ الحَسَنُ، وأبُو رَجاءٍ، وابْنُ سِيرِينَ بِالحاءِ. قالَ الأخْفَشُ: لَيْسَ يَبْعُدُ أحَدُهُما مِنَ الآخَرِ؛ لِأنَّ التَّجَسُّسَ بِالجِيمِ: البَحْثُ عَمّا يُكْتَمُ عَنْكَ، والتَّحَسُّسُ بِالحاءِ: طَلَبُ الأخْبارِ والبَحْثُ عَنْها. وقِيلَ: إنَّ التَّجَسُّسَ بِالجِيمِ هو البَحْثُ، ومِنهُ قِيلُ: رَجُلٌ جاسُوسٌ: إذا كانَ يَبْحَثُ عَنِ الأُمُورِ، وبِالحاءِ ما أدْرَكَهُ الإنْسانُ بِبَعْضِ حَواسِّهِ. وقِيلَ: إنَّهُ بِالحاءِ فِيما يَطْلُبُهُ الإنْسانُ لِنَفْسِهِ، وبِالجِيمِ أنْ يَكُونَ رَسُولًا لِغَيْرِهِ. قالَهُ ثَعْلَبٌ. ﴿ولا يَغْتَبْ بَعْضُكم بَعْضًا﴾ أيْ: لا يَتَناوَلْ بَعْضُكم بَعْضًا بِظَهْرِ الغَيْبِ بِما يَسُوءُهُ، والغِيبِةُ: أنْ تَذْكُرَ الرَّجُلَ بِما يَكْرَهُهُ، كَما في حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ الثّابِتِ في الصَّحِيحِ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «أتَدْرُونَ ما الغِيبِةُ ؟ قالُوا: اللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ذِكْرُكَ أخاكَ بِما يَكْرَهُ، فَقِيلَ: أفَرَأيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقُولُ ؟ فَقالَ: إنْ كانَ فِيهِ ما تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ»، ﴿أيُحِبُّ أحَدُكم أنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أخِيهِ مَيْتًا﴾ مَثَّلَ سُبْحانَهُ الغِيبِةَ بِأكْلِ المَيْتَةِ؛ لِأنَّ المَيِّتَ لا يَعْلَمُ بِأكْلِ لَحْمِهِ، كَما أنَّ الحَيَّ لا يَعْلَمُ بِغِيبَةِ مَنِ اغْتابَهُ. ذَكَرَ مَعْناهُ الزَّجّاجُ. وفِيهِ إشارَةٌ إلى أنَّ عِرْضَ الإنْسانِ كَلَحْمِهِ، وأنَّهُ كَما يَحْرُمُ أكْلُ لَحْمِهِ يَحْرُمُ الِاسْتِطالَةُ في عِرْضِهِ، وفي هَذا مِنَ التَّنْفِيرِ عَنِ الغِيبَةِ والتَّوْبِيخِ لِفاعِلِها والتَّشْنِيعِ عَلَيْهِ ما لا يَخْفى، فَإنَّ لَحْمَ الإنْسانِ مِمّا تَنْفِرُ عَنْ أكْلِهِ الطِّباعُ الإنْسانِيَّةُ، وتَسْتَكْرِهُهُ الجِبِلَّةُ البَشَرِيَّةُ، فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا شَرْعًا فَكَرِهْتُمُوهُ قالَ الفَرّاءُ: تَقْدِيرُهُ فَقَدْ كَرِهْتُمُوهُ فَلا تَفْعَلُوا، والمَعْنى: فَكَما كَرِهْتُمْ هَذا فاجْتَنِبُوا ذِكْرَهُ بِالسُّوءِ غائِبًا. قالَ الرّازِيُّ: الفاءُ في تَقْدِيرِ جَوابِ كَلامٍ. كَأنَّهُ قالَ: لا يُحِبُّ أحَدُكم أنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أخِيهِ فَكَرِهْتُمُوهُ إذَنْ. وقالَ أبُو البَقاءِ: هو مَعْطُوفٌ عَلى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: عُرِضَ عَلَيْكم ذَلِكَ فَكَرِهْتُمُوهُ ﴿واتَّقُوا اللَّهَ﴾ بِتَرْكِ ما أمَرَكم بِاجْتِنابِهِ ﴿إنَّ اللَّهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ﴾ لِمَنِ اتَّقاهُ عَمّا فَرَطَ مِنهُ مِنَ الذَّنْبِ ومُخالَفَةِ الأمْرِ. وقَدْ أخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وغَيْرُهُما، عَنْ أنَسٍ قالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - «لَوْ أتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ، فانْطَلَقَ إلَيْهِ ورَكِبَ حِمارًا وانْطَلَقَ المُسْلِمُونَ يَمْشُونَ وهي أرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلَمّا انْطَلَقَ إلَيْهِ قالَ: إلَيْكَ عَنِّي، فَواللَّهِ لَقَدْ آذانِي رِيحُ حِمارِكَ، فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: واللَّهِ لَحِمارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أطْيَبُ رِيحًا مِنكَ، فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رِجالٌ مِن قَوْمِهِ، فَغَضِبَ لِكُلٍّ مِنهُما أصْحابُهُ، فَكانَ بَيْنَهم ضَرْبٌ بِالجَرِيدِ والأيْدِي والنِّعالِ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ ﴿وإنْ طائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ الآيَةَ» . وقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذا مِن وُجُوهٍ أُخَرَ. وأخْرَجَ الحاكِمُ، وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: ما وجَدْتُ في نَفْسِي مِن شَيْءٍ ما وجَدْتُ في نَفْسِي مِن هَذِهِ الآيَةِ، إنِّي لَمْ أُقاتِلْ هَذِهِ الفِئَةَ الباغِيَةَ كَما أمَرَنِي اللَّهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: إنَّ اللَّهَ أمَرَ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - والمُؤْمِنِينَ إذا اقْتَتَلَتْ طائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ أنْ يَدْعُوَهم إلى حُكْمِ اللَّهِ ويُنْصِفَ بَعْضَهم مِن بَعْضٍ، فَإذا أجابُوا حَكَمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ كِتابِ اللَّهِ حَتّى يُنْصِفَ المَظْلُومَ، فَمَن أبى مِنهم أنْ يُجِيبَ فَهو باغٍ، وحَقَّ عَلى إمامِ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنِينَ أنْ يُقاتِلُوهم حَتّى يَفِيئُوا إلى أمْرِ اللَّهِ ويُقِرُّوا بِحُكْمِ اللَّهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿وإنْ طائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا﴾ الآيَةَ، قالَ: كانَ قِتالٌ بِالنِّعالِ والعِصِيِّ، فَأمَرَهم أنْ يُصْلِحُوا بَيْنَهُما. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: ما رَأيْتُ مِثْلَ ما رَغِبَتْ عَنْهُ هَذِهِ الأُمَّةُ في هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وإنْ طائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأصْلِحُوا بَيْنَهُما﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُقاتِلٍ في قَوْلِهِ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِن قَوْمٍ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في قَوْمٍ مِن بَنِي تَمِيمٍ اسْتَهْزَئُوا مِن بِلالٍ، وسَلْمانَ، وعَمّارٍ، وخَبّابٍ، وصُهَيْبٍ، وابْنِ فُهَيْرَةَ، وسالِمٍ مَوْلى أبِي حُذَيْفَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ في الأدَبِ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في ذَمِّ الغِيبَةِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ، وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَلْمِزُوا أنْفُسَكُمْ﴾ قالَ: لا يَطْعَنْ بَعْضُكم عَلى بَعْضٍ. وأخْرَجَ أحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والبُخارِيُّ في الأدَبِ، وأهْلُ السُّنَنِ (p-١٣٩٤)الأرْبَعِ، وأبُو يَعْلى، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ، وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، في الشُّعَبِ، عَنْ أبِي جَبِيرَةَ بْنِ الضَّحّاكِ، قالَ: «فِينا نَزَلَتْ في بَنِي سَلَمَةَ ﴿ولا تَنابَزُوا بِالألْقابِ﴾ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ولَيْسَ فِينا رَجُلٌ إلّا ولَهُ اسْمانِ، أوْ ثَلاثَةٌ، فَكانَ إذا دَعا واحِدًا مِنهم بِاسْمٍ مِن تِلْكَ الأسْماءِ قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ يَكْرَهُهُ، فَنَزَلَتْ ﴿ولا تَنابَزُوا بِالألْقابِ﴾» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: التَّنابُزُ بِالألْقابِ: أنْ يَكُونَ الرَّجُلُ عَمِلَ السَّيِّئاتِ، ثُمَّ تابَ مِنها، وراجَعَ الحَقَّ، فَنَهى اللَّهُ أنْ يُعَيَّرَ بِما سَلَفَ مِن عَمَلِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في الآيَةِ قالَ: إذا كانَ الرَّجُلُ يَهُودِيًّا، فَأسْلَمَ، فَيَقُولُ: يا يَهُودِيُّ، يا نَصْرانِيُّ، يا مَجُوسِيُّ، ويَقُولُ لِلرَّجُلِ المُسْلِمِ: يا فاسِقُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾ قالَ: نَهى اللَّهُ المُؤْمِنَ أنْ يَظُنَّ بِالمُؤْمِنِ سُوءًا. وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وغَيْرُهُما، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «إيّاكم والظَّنَّ، فَإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَدِيثِ، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَنافَسُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا، ولا يَخْطُبِ الرَّجُلُ عَلى خِطْبَةِ أخِيهِ حَتّى يَنْكِحَ أوْ يَتْرُكَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَجَسَّسُوا﴾ قالَ: نَهى اللَّهُ المُؤْمِنَ أنْ يَتَتَبَّعَ عَوْراتِ المُؤْمِنِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وأبُو داوُدَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وهْبٍ قالَ: أُتِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقِيلَ: هَذا فُلانٌ تَقْطُرُ لِحْيَتُهُ خَمْرًا، فَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنّا قَدْ نُهِينا عَنِ التَّجَسُّسِ، ولَكِنْ إنْ يَظْهَرْ لَنا شَيْءٌ نَأْخُذْهُ. وقَدْ ورَدَتْ أحادِيثُ في النَّهْيِ عَنْ تَتَبُّعِ عَوْراتِ المُسْلِمِينَ، والتَّجَسُّسِ عَنْ عُيُوبِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا يَغْتَبْ بَعْضُكم بَعْضًا﴾ الآيَةَ، قالَ: حَرَّمَ اللَّهُ أنْ يُغْتابَ المُؤْمِنُ بِشَيْءٍ كَما حَرَّمَ المَيْتَةَ. والأحادِيثُ في تَحْرِيمِ الغِيبَةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا مَعْرُوفَةٌ في كُتُبِ الحَدِيثِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب