الباحث القرآني
وهي مَدَنِيَّةٌ. قالَ القُرْطُبِيُّ: بِالإجْماعِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ بِالمَدِينَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، والحاكِمُ، وصَحَّحَهُ البَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، ومَرْوانَ قالا: نَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ في شَأْنِ الحُدَيْبِيَةِ مِن أوَّلِها إلى آخِرِها وهَذا لا يُنافِي الإجْماعَ عَلى كَوْنِها مَدَنِيَّةً؛ لِأنَّ المُرادَ بِالسُّورَةِ المَدَنِيَّةِ النّازِلَةِ بَعْدَ الهِجْرَةِ مِن مَكَّةَ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وغَيْرُهُما، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قالَ: قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عامَ الفَتْحِ في مَسِيرِهِ سُورَةَ الفَتْحِ عَلى راحِلَتِهِ فَرَجَعَ فِيها.
وفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ، عَنْ أبِيهِ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - كانَ يَسِيرُ في بَعْضِ أسْفارِهِ وعُمَرُ بْنُ الخَطّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا، فَسَألَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، ثُمَّ سَألَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَألَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ: هَلَكَتْ أُمُّ عُمَرَ نَزَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ثَلاثَ مَرّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ لا يُجِيبُكَ، فَقالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أمامَ النّاسِ وخَشِيتُ أنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَما نَشِبْتُ أنْ سَمِعْتُ صارِخًا يَصْرُخُ بِي، فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أنْ يَكُونَ قَدْ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَةٌ لَهي أحَبُّ إلَيَّ مِمّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأ ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾» [ أيْ: سُورَةُ الفَتْحِ ]، وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ قَتادَةَ، أنَّ أنَسَ بْنَ مالِكٍ حَدَّثَهم قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ الآيَةَ إلى قَوْلِهِ: ﴿فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [ الفَتْحِ ٥: ١ ] مَرْجِعَهُ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ وهم مُخالِطُهُمُ الحُزْنُ والكَآبَةُ، وقَدْ نَحَرُوا الهَدْيَ بِالحُدَيْبِيَةِ فَقالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هي أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الدُّنْيا جَمِيعِها» .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ: ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ اخْتُلِفَ في تَعْيِينِ هَذا الفَتْحِ، فَقالَ الأكْثَرُ: هو صُلْحُ الحُدَيْبِيَةِ، والصُّلْحُ قَدْ يُسَمّى فَتْحًا.
قالَ الفَرّاءُ: والفَتْحُ قَدْ يَكُونُ صُلْحًا، ومَعْنى الفَتْحِ في اللُّغَةِ: فَتْحُ المُنْغَلِقِ، والصُّلْحُ الَّذِي كانَ مَعَ المُشْرِكِينَ بِالحُدَيْبِيَةِ كانَ مَسْدُودًا مُتَعَذِّرًا حَتّى فَتَحَهُ اللَّهُ.
قالَ الزُّهْرِيُّ: لَمْ يَكُنْ فَتْحٌ أعْظَمَ مِن صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ وذَلِكَ أنَّ المُشْرِكِينَ اخْتَلَطُوا بِالمُسْلِمِينَ، فَسَمِعُوا كَلامَهم، فَتَمَكَّنَ الإسْلامُ في قُلُوبِهِمْ، وأسْلَمَ في ثَلاثِ سِنِينَ خَلْقٌ كَثِيرٌ وكَثُرَ بِهِمْ سَوادُ الإسْلامِ.
قالَ الشَّعْبِيُّ: لَقَدْ أصابَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - في الحُدَيْبِيَةِ ما لَمْ يُصِبْ في غَزْوَةٍ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأخَّرَ، وبُويِعَ بَيْعَةَ الرِّضْوانِ، وأُطْعِمُوا نَخْلَ خَيْبَرَ، وبَلَغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ، وظَهَرَتِ الرُّومُ عَلى فارِسَ، فَفَرِحَ المُؤْمِنُونَ بِظُهُورِ أهْلِ الكِتابِ عَلى المَجُوسِ.
وقالَ قَوْمٌ: إنَّهُ فَتْحُ مَكَّةَ.
وقالَ آخَرُونَ: إنَّهُ فَتْحُ خَيْبَرَ.
والأوَّلُ أرْجَحُ، ويُؤَيِّدُهُ ما ذَكَرْناهُ قَبْلَ هَذا مِن أنَّ السُّورَةَ أُنْزِلَتْ في شَأْنِ الحُدَيْبِيَةِ.
وقِيلَ: هو جَمِيعُ ما فَتَحَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ مِنَ الفُتُوحِ، وقِيلَ: هو ما فَتَحَ لَهُ مِنَ النُّبُوَّةِ، والدَّعْوَةِ إلى الإسْلامِ، وقِيلَ: فَتْحُ الرُّومِ، وقِيلَ: المُرادُ بِالفَتْحِ في هَذِهِ الآيَةِ الحُكْمُ والقَضاءُ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿افْتَحْ بَيْنَنا وبَيْنَ قَوْمِنا بِالحَقِّ﴾ [الأعراف: ٨٩] فَكَأنَّهُ قالَ: إنّا قَضَيْنا لَكَ قَضاءً مُبِينًا: أيْ: ظاهِرًا واضِحًا مَكْشُوفًا.
﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأخَّرَ﴾ اللّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ( فَتَحْنا )، وهي لامُ العِلَّةِ.
قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: سَألْتُ أبا العَبّاسِ: يَعْنِي المُبَرِّدَ عَنِ اللّامِ في قَوْلِهِ: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ﴾ فَقالَ: هي لامُ كَيْ مَعْناها: إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِكَيْ يَجْتَمِعَ لَكَ مَعَ المَغْفِرَةِ تَمامُ النِّعْمَةِ في الفَتْحِ، فَلَمّا انْضَمَّ إلى المَغْفِرَةِ شَيْءٌ حادِثٌ واقِعٌ حَسُنَ مَعْنى كَيْ، وغَلِطَ مَن قالَ لَيْسَ الفَتْحُ سَبَبَ المَغْفِرَةِ.
وقالَ صاحِبُ الكَشّافِ: إنَّ اللّامَ لَمْ تَكُنْ عِلَّةً لِلْمَغْفِرَةِ، ولَكِنْ لِاجْتِماعِ ما عُدِّدَ مِنَ الأُمُورِ الأرْبَعَةِ وهي: المَغْفِرَةُ، وإتْمامُ النِّعْمَةِ وهِدايَةُ الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ، والنَّصْرُ العَزِيزُ.
كَأنَّهُ قِيلَ: يَسَّرْنا لَكَ فَتْحَ مَكَّةَ ونَصَرْناكَ عَلى عَدُوِّكَ لِنَجْمَعَ لَكَ بَيْنَ عِزِّ الدّارَيْنِ، وأعْراضِ العاجِلِ والآجِلِ.
وهَذا كَلامٌ غَيْرُ جَيِّدٍ، فَإنَّ اللّامَ داخِلَةٌ عَلى المَغْفِرَةِ فَهي عِلَّةٌ لِلْفَتْحِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ أنْ تَكُونَ مُعَلِّلَةً.
وقالَ الرّازِيُّ في تَوْجِيهِ التَّعْلِيلِ: إنَّ المُرادَ بِقَوْلِهِ: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ﴾ التَّعْرِيفُ بِالمَغْفِرَةِ، تَقْدِيرُهُ: إنّا فَتْحَنْا لَكَ لِتَعْرِفَ أنَّكَ مَغْفُورٌ لَكَ مَعْصُومٌ.
وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: المُرادُ أنَّ اللَّهَ فَتَحَ لَكَ لِكَيْ يَجْعَلَ الفَتْحُ عَلامَةً لِغُفْرانِهِ لَكَ، فَكَأنَّها لامُ الصَّيْرُورَةِ.
وقالَ أبُو حاتِمٍ: هي لامُ القَسَمِ وهو خَطَأٌ، فَإنَّ لامَ القَسَمِ لا تُكْسَرُ ولا يُنْصَبُ بِها.
واخْتُلِفَ في مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأخَّرَ﴾ فَقِيلَ: ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ قَبْلَ الرِّسالَةِ، وما تَأخَّرَ بَعْدَها قالَهُ مُجاهِدٌ، وسُفْيانُ الثَّوْرِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، والواحِدِيُّ، وغَيْرُهم.
وقالَ عَطاءٌ: ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ: يَعْنِي ذَنْبَ أبَوَيْكَ آدَمَ وحَوّاءَ، وما تَأخَّرَ مِن ذُنُوبِ أُمَّتِكَ.
وما أبْعَدَ هَذا عَنْ مَعْنى القُرْآنِ.
وقِيلَ: ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِ أبِيكَ إبْراهِيمَ، وما تَأخَّرَ مِن ذُنُوبِ النَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ، وهَذا كالَّذِي قَبْلَهُ.
وقِيلَ: ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِ (p-١٣٨١)يَوْمَ بَدْرٍ، وما تَأخَّرَ مِن ذَنْبِ يَوْمِ حُنَيْنٍ، وهَذا كالقَوْلَيْنِ الأوَّلَيْنِ في البُعْدِ.
وقِيلَ: لَوْ كانَ ذَنْبٌ قَدِيمٌ أوْ حَدِيثٌ لَغَفَرْناهُ لَكَ، وقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمّا لا وجْهَ لَهُ، والأوَّلُ أوْلى.
ويَكُونُ المُرادُ بِالذَّنْبِ بَعْدَ الرِّسالَةِ تَرْكَ ما هو الأوْلى، وسُمِّيَ ذَنْبًا في حَقِّهِ لِجَلالَةِ قَدْرِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ ذَنْبًا في حَقِّ غَيْرِهِ.
﴿ويُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ بِإظْهارِ دِينِكَ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ، وقِيلَ: بِالجَنَّةِ، وقِيلَ: بِالنُّبُوَّةِ والحِكْمَةِ، وقِيلَ: بِفَتْحِ مَكَّةَ، والطّائِفِ، وخَيْبَرَ، والأوْلى أنْ يَكُونَ المَعْنى: لِيَجْتَمِعَ لَكَ مَعَ الفَتْحِ تَمامُ النِّعْمَةِ بِالمَغْفِرَةِ والهِدايَةِ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، وهو الإسْلامُ، ومَعْنى يَهْدِيَكَ يُثَبِّتَكَ عَلى الهُدى إلى أنْ يَقْبِضَكَ إلَيْهِ.
﴿ويَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا﴾ أيْ: غالِبًا مَنِيعًا لا يَتْبَعُهُ ذُلٌّ.
﴿هُوَ الَّذِي أنْزَلَ السَّكِينَةَ في قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ﴾ أيِ: السُّكُونَ والطُّمَأْنِينَةَ بِما يَسَّرَهُ لَهم مِنَ الفَتْحِ لِئَلّا تَنْزَعِجَ نُفُوسُهم لِما يَرِدُ عَلَيْهِمْ ﴿لِيَزْدادُوا إيمانًا مَعَ إيمانِهِمْ﴾ أيْ لِيَزْدادُوا بِسَبَبِ تِلْكَ السَّكِينَةِ إيمانًا مُنْضَمًّا إلى إيمانِهِمُ الحاصِلِ لَهم مِن قَبْلُ.
قالَ الكَلْبِيُّ: كُلَّما نَزَلَتْ آيَةٌ مِنَ السَّماءِ فَصَدَّقُوا بِها ازْدادُوا تَصْدِيقًا إلى تَصْدِيقِهِمْ وقالَ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: خَشْيَةً مَعَ خَشْيَتِهِمْ.
وقالَ الضَّحّاكُ: يَقِينًا مَعَ يَقِينِهِمْ ﴿ولِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ يَعْنِي المَلائِكَةَ، والإنْسَ، والجِنَّ، والشَّياطِينَ، يُدَبِّرُ أمْرَهم كَيْفَ يَشاءُ، ويُسَلِّطُ بَعْضَهم عَلى بَعْضٍ، ويَحُوطُ بَعْضَهم بِبَعْضٍ وكانَ اللَّهُ عَلِيمًا كَثِيرَ العِلْمِ بَلِيغَهُ حَكِيمًا في أفْعالِهِ، وأقْوالِهِ.
﴿لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ هَذِهِ اللّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ ما قَبْلَهُ تَقْدِيرُهُ: يَبْتَلِي بِتِلْكَ الجُنُودِ مَن يَشاءُ، فَيَقْبَلُ الخَيْرَ مِن أهْلِهِ والشَّرَّ مِمَّنْ قَضى لَهُ بِهِ لِيُدْخِلَ ويُعَذِّبَ، وقِيلَ: مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: إنّا فَتَحْنا كَأنَّهُ قالَ: إنّا فَتَحْنا لَكَ ما فَتَحْنا لِيُدْخِلَ ويُعَذِّبَ، وقِيلَ: مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ( يَنْصُرَكَ ): أيْ: نَصَرَكَ اللَّهُ بِالمُؤْمِنِينَ لِيُدْخِلَ ويُعَذِّبَ، وقِيلَ: مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ( يَزْدادُوا ) أيْ يَزْدادُوا لِيُدْخِلَ ويُعَذِّبَ، والأوَّلُ أوْلى.
﴿ويُكَفِّرَ عَنْهم سَيِّئاتِهِمْ﴾ أيْ يَسْتُرَها ولا يُظْهِرَها ولا يُعَذِّبَهم بِها، وقَدَّمَ الإدْخالَ عَلى التَّكْفِيرِ مَعَ أنَّ الأمْرَ بِالعَكْسِ لِلْمُسارَعَةِ إلى بَيانِ ما هو المَطْلَبُ الأعْلى، والمَقْصِدُ الأسْنى ﴿وكانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أيْ: ظَفَرًا بِكُلِّ مَطْلُوبٍ، ونَجاةً مِن كُلِّ غَمٍّ، وجَلْبًا لِكُلِّ نَفْعٍ، ودَفْعًا لِكُلِّ ضُرٍّ، وقَوْلُهُ: عِنْدَ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ عَلى أنَّهُ حالٌ مِن ( فَوْزًا ) لِأنَّهُ صِفَةٌ في الأصْلِ، فَلَمّا قُدِّمَ صارَ حالًا: أيْ: كائِنًا عِنْدَ اللَّهِ، والجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جَزاءِ المُؤْمِنِينَ وجَزاءِ المُنافِقِينَ والمُشْرِكِينَ.
ثُمَّ لَمّا فَرَغَ مِمّا وعَدَ بِهِ صالِحِي عِبادِهِ ذَكَرَ ما يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُهم فَقالَ: ٦ - ﴿ويُعَذِّبَ المُنافِقِينَ والمُنافِقاتِ والمُشْرِكِينَ والمُشْرِكاتِ﴾ وهو مَعْطُوفٌ عَلى ( يُدْخِلَ ): أيْ يُعَذِّبَهم في الدُّنْيا بِما يَصِلُ إلَيْها مِنَ الهُمُومِ والغُمُومِ بِسَبَبِ ما يُشاهِدُونَهُ مِن ظُهُورِ كَلِمَةِ الإسْلامِ، وقَهْرِ المُخالِفِينَ لَهُ وبِما يُصابُونَ بِهِ مِنَ القَهْرِ، والقَتْلِ، والأسْرِ، وفي الآخِرَةِ بِعَذابِ جَهَنَّمَ.
وفِي تَقْدِيمِ المُنافِقِينَ عَلى المُشْرِكِينَ دَلالَةٌ عَلى أنَّهم أشَدُّ مِنهم عَذابًا وأحَقُّ مِنهم بِما وعَدَهُمُ اللَّهُ بِهِ.
ثُمَّ وصَفَ الفَرِيقَيْنِ، فَقالَ: ﴿الظّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ﴾ وهو ظَنُّهم أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يُغْلَبُ وأنَّ كَلِمَةَ الكُفْرِ تَعْلُو كَلِمَةَ الإسْلامِ.
ومِمّا ظَنُّوهُ ما حَكاهُ اللَّهُ عَنْهم بِقَوْلِهِ: ﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ والمُؤْمِنُونَ إلى أهْلِيهِمْ أبَدًا﴾ [الفتح: ١٢] ﴿عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ﴾ أيْ: ما يَظُنُّونَهُ ويَتَرَبَّصُونَهُ بِالمُؤْمِنِينَ دائِرٌ عَلَيْهِمْ حائِقٌ بِهِمْ، والمَعْنى: أنَّ العَذابَ والهَلاكَ الَّذِي يَتَوَقَّعُونَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ واقِعانِ عَلَيْهِمْ نازِلانِ بِهِمْ.
قالَ الخَلِيلُ، وسِيبَوَيْهِ: السَّوْءُ هُنا الفَسادُ قَرَأ الجُمْهُورُ السَّوْءِ بِفَتْحِ السِّينِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو بِضَمِّها
﴿وغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ولَعَنَهم وأعَدَّ لَهم جَهَنَّمَ وساءَتْ مَصِيرًا﴾ لَمّا بَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّ دائِرَةَ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ في الدُّنْيا بَيَّنَ ما يَسْتَحِقُّونَهُ مَعَ ذَلِكَ مِنَ الغَضَبِ واللَّعْنَةِ وعَذابِ جَهَنَّمَ.
﴿ولِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ مِنَ المَلائِكَةِ، والإنْسِ، والجِنِّ، والشَّياطِينِ ﴿وكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ كَرَّرَ هَذِهِ الآيَةَ لِقَصْدِ التَّأْكِيدِ، وقِيلَ: المُرادُ بِالجُنُودِ هُنا جُنُودُ العَذابِ كَما يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِالعِزَّةِ هُنا مَكانَ العِلْمِ هُنالِكَ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ، وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ حارِثَةَ الأنْصارِيِّ قالَ: «شَهِدْنا الحُدَيْبِيَةَ، فَلَمّا انْصَرَفْنا عَنْها حَتّى بَلَغْنا كُراعَ الغَمِيمِ، إذِ النّاسُ يُوجِفُونَ الأباعِرَ، فَقالَ النّاسُ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: ما لِلنّاسِ ؟ فَقالُوا: أُوحِيَ إلى رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، فَخَرَجْنا مَعَ النّاسِ نُوجِفُ، فَإذا رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَلى راحِلَتِهِ عِنْدَ كُراعِ الغَمِيمِ، فاجْتَمَعَ النّاسُ عَلَيْهِ فَقَرَأ عَلَيْهِمْ ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾، فَقالَ رَجُلٌ: إي رَسُولَ اللَّهِ، أوَفَتْحٌ هو ؟ قالَ: إي والَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنَّهُ لَفَتْحٌ. فَقُسِّمَتْ خَيْبَرُ عَلى أهْلِ الحُدَيْبِيَةِ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهم فِيها أحَدٌ إلّا مَن شَهِدَ الحُدَيْبِيَةَ، فَقَسَّمَها رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ثَمانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وكانَ الجَيْشُ ألْفًا وخَمْسَمِائَةٍ، مِنهم ثَلاثُمِائَةِ فارِسٍ فَأعْطى الفارِسَ سَهْمَيْنِ، وأعْطى الرّاجِلَ سَهْمًا» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والبُخارِيُّ في تارِيخِهِ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «أقْبَلْنا مِنَ الحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، فَبَيْنا نَحْنُ نَسِيرُ إذْ أتاهُ الوَحْيُ، وكانَ إذا أتاهُ اشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَسُرِّيَ عَنْهُ وبِهِ مِنَ السُّرُورِ ما شاءَ اللَّهُ، فَأخْبَرَنا أنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾» وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وغَيْرُهُ، عَنْ أنَسٍ، في قَوْلِهِ: ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ قالَ: الحُدَيْبِيَةُ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وغَيْرُهُ، عَنِ البَراءِ قالَ: تَعُدُّونَ أنْتُمُ الفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ وقَدْ كانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، ونَحْنُ نَعُدُّ الفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوانِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: ﴿إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ قالَ: فَتْحُ مَكَّةَ»، وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وغَيْرُهُما عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قالَ: «كانَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يُصَلِّي حَتّى تَتَوَرَّمَ قَدَماهُ، فَقِيلَ: (p-١٣٨٢)ألَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأخَّرَ قالَ: أفَلا أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» وفي البابِ أحادِيثُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي أنْزَلَ السَّكِينَةَ في قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ﴾ قالَ: السَّكِينَةُ هي الرَّحْمَةُ، وفي قَوْلِهِ: لِيَزْدادُوا إيمانًا مَعَ إيمانِهِمْ قالَ: إنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِشَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، فَلَمّا صَدَّقَ بِها المُؤْمِنُونَ زادَهُمُ الصَّلاةَ، فَلَمّا صَدَّقُوا بِها زادَهُمُ الصِّيامَ، فَلَمّا صَدَّقُوا بِهِ زادَهُمُ الزَّكاةَ، فَلَمّا صَدَّقُوا بِها زادَهُمُ الحَجَّ، فَلَمّا صَدَّقُوا بِهِ زادَهُمُ الجِهادَ.
ثُمَّ أكْمَلَ لَهم دِينَهم، فَقالَ: ﴿اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكم دِينَكم وأتْمَمْتُ عَلَيْكم نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣] .
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فَأوْثَقُ إيمانِ أهْلِ السَّماءِ وأهْلِ الأرْضِ وأصْدَقُهُ وأكْمَلُهُ شَهادَةُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِيَزْدادُوا إيمانًا مَعَ إيمانِهِمْ قالَ: تَصْدِيقًا مَعَ تَصْدِيقِهِمْ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وغَيْرُهُما، عَنْ أنَسٍ قالَ: «لَمّا أُنْزِلَ عَلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأخَّرَ﴾ مَرْجِعَهُ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ، قالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَةٌ هي أحَبُّ إلَيَّ مِمّا عَلى الأرْضِ، ثُمَّ قَرَأها عَلَيْهِمْ. فَقالُوا: هَنِيئًا مَرِيئًا يا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ ماذا يَفْعَلُ بِكَ فَماذا يَفْعَلُ بِنا ؟ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ ﴿لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ﴾ حَتّى بَلَغَ ﴿فَوْزًا عَظِيمًا﴾» .
{"ayahs_start":1,"ayahs":["إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحࣰا مُّبِینࣰا","لِّیَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَیُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَیۡكَ وَیَهۡدِیَكَ صِرَ ٰطࣰا مُّسۡتَقِیمࣰا","وَیَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصۡرًا عَزِیزًا","هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ لِیَزۡدَادُوۤا۟ إِیمَـٰنࣰا مَّعَ إِیمَـٰنِهِمۡۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا","لِّیُدۡخِلَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ جَنَّـٰتࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَا وَیُكَفِّرَ عَنۡهُمۡ سَیِّـَٔاتِهِمۡۚ وَكَانَ ذَ ٰلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوۡزًا عَظِیمࣰا","وَیُعَذِّبَ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡمُنَـٰفِقَـٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِینَ وَٱلۡمُشۡرِكَـٰتِ ٱلظَّاۤنِّینَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَیۡهِمۡ دَاۤىِٕرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَاۤءَتۡ مَصِیرࣰا","وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِیزًا حَكِیمًا"],"ayah":"هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِینَةَ فِی قُلُوبِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ لِیَزۡدَادُوۤا۟ إِیمَـٰنࣰا مَّعَ إِیمَـٰنِهِمۡۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِیمًا حَكِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق