الباحث القرآني

لَمّا ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - ما احْتَجَّ بِهِ المُشْرِكُونَ وما أجابَ بِهِ عَلَيْهِمْ ذَكَرَ اخْتِصاصَهُ بِالمُلْكِ فَقالَ: ﴿ولِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ أيْ: هو المُتَصَرِّفُ فِيهِما وحْدَهُ لا يُشارِكُهُ أحَدٌ مِن عِبادِهِ. ثُمَّ تَوَعَّدَ أهْلَ الباطِلِ، فَقالَ: ﴿ويَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ المُبْطِلُونَ﴾ أيِ: المُكَذِّبُونَ الكافِرُونَ المُتَعَلِّقُونَ بِالأباطِيلِ يَظْهَرُ في ذَلِكَ اليَوْمِ خُسْرانُهم لِأنَّهم يَصِيرُونَ إلى النّارِ، والعامِلُ في ( يَوْمَ ) هو يَخْسَرُ، و( يَوْمَئِذٍ ) بَدَلٌ مِنهُ، والتَّنْوِينُ لِلْعِوَضِ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ المَدْلُولِ عَلَيْهِ بِما أُضِيفَ إلَيْهِ المُبْدَلُ مِنهُ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: ويَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ، فَيَكُونُ بَدَلًا تَوْكِيدِيًّا، والأوْلى أنْ يَكُونَ العامِلُ في يَوْمٍ هو ( مُلْكُ ) أيْ: ولِلَّهِ مُلْكُ يَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ، ويَكُونُ ( يَوْمَئِذٍ ) مَعْمُولًا لِ يَخْسَرُ. ﴿وتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً﴾ الخِطابُ لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ لَهُ، أوْ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، والأُمَّةُ المِلَّةُ، ومَعْنى ( جاثِيَةً ): مُسْتَوْفِزَةً، والمُسْتَوْفِزُ، الَّذِي لا يُصِيبُ الأرْضَ مِنهُ إلّا رُكْبَتاهُ وأطْرافُ أنامِلِهِ، وذَلِكَ عِنْدَ الحِسابِ. وقِيلَ: مَعْنى جاثِيَةً: مُجْتَمِعَةً، قالَ الفَرّاءُ: المَعْنى وتَرى أهْلَ كُلِّ ذِي دِينٍ مُجْتَمِعِينَ. وقالَ عِكْرِمَةُ: مُتَمَيِّزَةً عَنْ غَيْرِها. وقالَ مُؤَرِّجٌ: مَعْناهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ: خاضِعَةً. وقالَ الحَسَنُ: بارِكَةً عَلى الرُّكَبِ، والجَثْوُ الجُلُوسُ عَلى الرُّكَبِ، تَقُولُ جَثا يَجْثُو ويُجْثِي جَثْوًا وجِثِيًّا: إذا جَلَسَ عَلى رُكْبَتَيْهِ، والأوَّلُ أوْلى. ولا يُنافِيهِ وُرُودُ هَذا اللَّفْظِ لِمَعْنًى آخَرَ في لِسانِ العَرَبِ. وقَدْ ورَدَ إطْلاقُ الجَثْوَةِ عَلى الجَماعَةِ مِن كُلِّ شَيْءٍ في لُغَةِ العَرَبِ، ومِنهُ قَوْلُ طَرَفَةَ يَصِفُ قَبْرَيْنِ: ؎تَرى جُثْوَتَيْنِ مِن تُرابٍ عَلَيْهِما صَفائِحُ صُمٌّ مِن صَفِيحٍ مُنَضَّدِ وظاهِرُ الآيَةِ أنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ تَكُونُ لِكُلِّ أُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ مِن غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أهْلِ الأدْيانِ المُتَّبِعِينَ لِلرُّسُلِ وغَيْرِهِمْ مِن أهْلِ الشِّرْكِ. وقالَ يَحْيى بْنُ سَلامٍ: هو خاصٌّ بِالكُفّارِ، والأوَّلُ أوْلى. ويُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: ﴿كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إلى كِتابِها﴾ ولِقَوْلِهِ فِيما سَيَأْتِي: ﴿فَأمّا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ومَعْنى إلى كِتابِها: إلى الكِتابِ المُنَزَّلِ عَلَيْها، وقِيلَ: إلى صَحِيفَةِ أعْمالِها، وقِيلَ: إلى حِسابِها، وقِيلَ: اللَّوْحُ المَحْفُوظُ، والأوَّلُ أوْلى. قَرَأ الجُمْهُورُ كُلُّ أُمَّةٍ بِالرَّفْعِ عَلى الِابْتِداءِ، وخَبَرُهُ: تُدْعى. وقَرَأ يَعْقُوبُ الحَضْرَمِيُّ بِالنَّصْبِ عَلى البَدَلِ مِن كُلِّ أُمَّةٍ ﴿اليَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أيْ: يُقالُ: لَهُمُ اليَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِن خَيْرٍ وشَرٍّ. ﴿هَذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكم بِالحَقِّ﴾ (p-١٣٦٠)هَذا مِن تَمامِ ما يُقالُ: لَهم، والقائِلُ بِهَذا هُمُ المَلائِكَةُ، وقِيلَ: هو مِن قَوْلِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - أيْ: يَشْهَدُ عَلَيْكم، وهو اسْتِعارَةٌ، يُقالُ: نَطَقَ الكِتابُ بِكَذا أيْ: بَيَّنَ، وقِيلَ: إنَّهم يَقْرَءُونَهُ فَيَذْكُرُونَ ما عَمِلُوا، فَكَأنَّهُ يَنْطِقُ عَلَيْهِمْ بِالحَقِّ الَّذِي لا زِيادَةَ فِيهِ ولا نُقْصانَ، ومَحَلُّ ( يَنْطِقُ ) النَّصْبُ عَلى الحالِ، أوِ الرَّفْعُ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ آخَرُ لِاسْمِ الإشارَةِ، وجُمْلَةُ ﴿إنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ تَعْلِيلٌ لِلنُّطْقِ بِالحَقِّ أيْ: نَأْمُرُ المَلائِكَةَ بِنَسْخِ أعْمالِكم أيْ: بِكَتْبِها وتَثْبِيتِها عَلَيْكم. قالَ الواحِدِيُّ: وأكْثَرُ المُفَسِّرِينَ عَلى أنَّ هَذا الِاسْتِنْساخَ مِنَ اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، فَإنَّ المَلائِكَةَ تَكْتُبُ مِنهُ كُلَّ عامٍ ما يَكُونُ مِن أعْمالِ بَنِي آدَمَ فَيَجِدُونَ ذَلِكَ مُوافِقًا لِما يَعْمَلُونَهُ قالُوا: لِأنَّ الِاسْتِنْساخَ لا يَكُونُ إلّا مِن أصْلٍ. وقِيلَ: المَعْنى: نَأْمُرُ المَلائِكَةَ بِنَسْخِ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. وقِيلَ: إنَّ المَلائِكَةَ تَكْتُبُ كُلَّ يَوْمٍ ما يَعْمَلُهُ العَبْدُ، فَإذا رَجَعُوا إلى مَكانِهِمْ نَسَخُوا مِنهُ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ وتَرَكُوا المُباحاتِ. وقِيلَ: إنَّ المَلائِكَةَ إذا رَفَعَتْ أعْمالَ العِبادِ إلى اللَّهِ - سُبْحانَهُ - أمَرَ - عَزَّ وجَلَّ - أنْ يُثْبَتَ عِنْدَهُ مِنها ما فِيهِ ثَوابٌ وعِقابٌ، ويُسْقَطَ مِنها ما لا ثَوابَ فِيهِ ولا عِقابَ. ﴿فَأمّا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُدْخِلُهم رَبُّهم في رَحْمَتِهِ﴾ أيِ: الإدْخالُ في رَحْمَتِهِ ﴿ذَلِكَ هو الفَوْزُ المُبِينُ﴾ أيِ: الظّاهِرُ الواضِحُ. ﴿وأمّا الَّذِينَ كَفَرُوا أفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكم﴾ أيْ: فَيُقالُ: لَهم ذَلِكَ، وهو اسْتِفْهامُ تَوْبِيخٍ؛ لِأنَّ الرُّسُلَ قَدْ أتَتْهم وتَلَتْ عَلَيْهِمْ آياتِ اللَّهِ، فَكَذَّبُوها ولَمْ يَعْمَلُوا بِها ﴿فاسْتَكْبَرْتُمْ وكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾ أيْ: تَكَبَّرْتُمْ عَنْ قَبُولِها وعَنِ الإيمانِ بِها، وكُنْتُمْ مِن أهْلِ الإجْرامِ، وهي الآثامُ، والِاجْتِرامُ الِاكْتِسابُ، يُقالُ: فُلانٌ جَرِيمَةُ أهْلِهِ: إذا كانَ كاسِبَهم، فالمُجْرِمُ مَن كَسَبَ الآثامَ بِفِعْلِ المَعاصِي. ﴿وإذا قِيلَ إنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ أيْ: وعْدَهُ بِالبَعْثِ والحِسابِ، أوْ بِجَمِيعِ ما وعَدَ بِهِ مِنَ الأُمُورِ المُسْتَقْبَلَةِ واقِعٌ لا مَحالَةَ، والسّاعَةُ أيِ: القِيامَةُ لا رَيْبَ فِيها أيْ: في وُقُوعِها. قَرَأ الجُمْهُورُ ( والسّاعَةُ ) بِالرَّفْعِ عَلى الِابْتِداءِ، أوِ العَطْفِ عَلى مَوْضِعِ اسْمِ إنَّ، وقَرَأ حَمْزَةُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلى اسْمِ إنَّ ﴿قُلْتُمْ ما نَدْرِي ما السّاعَةُ﴾ أيْ: أيُّ شَيْءٍ هي ؟ ﴿إنْ نَظُنُّ إلّا ظَنًّا﴾ أيْ: نَحْدُسُ حَدْسًا ونَتَوَهَّمُ تَوَهُّمًا. قالَ المُبَرِّدُ: تَقْدِيرُهُ: إنْ نَحْنُ إلّا نَظُنُّ ظَنًّا، وقِيلَ: التَّقْدِيرُ: إنْ نَظُنُّ إلّا أنَّكم تَظُنُّونَ ظَنًّا، وقِيلَ: " إنْ نَظُنُّ " مُضَمَّنٌ مَعْنى نَعْتَقِدُ أيْ: ما نَعْتَقِدُ إلّا ظَنًّا لا عِلْمًا، وقِيلَ: إنَّ ظَنًّا لَهُ صِفَةٌ مُقَدَّرَةٌ: أيْ: إلّا ظَنًّا بَيِّنًا، وقِيلَ: إنَّ الظَّنَّ يَكُونُ بِمَعْنى العِلْمِ والشَّكِّ، فَكَأنَّهم قالُوا: ما لَنا اعْتِقادٌ إلّا الشَّكُّ ﴿وما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ أيْ: لَمْ يَكُنْ لَنا يَقِينٌ بِذَلِكَ، ولَمْ يَكُنْ مَعَنا إلّا مُجَرَّدُ الظَّنِّ أنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ. ﴿وبَدا لَهم سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا﴾ أيْ: ظَهَرَ لَهم سَيِّئاتُ أعْمالِهِمْ عَلى الصُّورَةِ الَّتِي هي عَلَيْها ﴿وحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أيْ: أحاطَ بِهِمْ ونَزَلَ عَلَيْهِمْ جَزاءُ أعْمالِهِمْ بِدُخُولِهِمُ النّارَ. ﴿وقِيلَ اليَوْمَ نَنْساكم كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكم هَذا﴾ أيْ: نَتْرُكُكم في النّارِ كَما تَرَكْتُمُ العَمَلَ لِهَذا اليَوْمِ، وأضافَ اللِّقاءَ إلى اليَوْمِ تَوَسُّعًا؛ لِأنَّهُ أضافَ إلى الشَّيْءِ ما هو واقِعٌ فِيهِ ﴿ومَأْواكُمُ النّارُ﴾ أيْ: مَسْكَنُكم ومُسْتَقَرُّكُمُ الَّذِينَ تَأْوُونَ إلَيْهِ ﴿وما لَكم مِن ناصِرِينَ﴾ يَنْصُرُونَكم فَيَمْنَعُونَ عَنْكُمُ العَذابَ. ﴿ذَلِكم بِأنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾ أيْ: ذَلِكُمُ العَذابُ بِسَبَبِ أنَّكُمُ اتَّخَذْتُمُ القُرْآنَ هَزُوًا ولَعِبًا ﴿وغَرَّتْكُمُ الحَياةُ الدُّنْيا﴾ أيْ: خَدَعَتْكم بِزَخارِفِها وأباطِيلِها، فَظَنَنْتُمْ أنَّهُ لا دارَ غَيْرُها، ولا بَعْثَ، ولا نُشُورَ ﴿فاليَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنها﴾ أيْ: مِنَ النّارِ. قَرَأ الجُمْهُورُ ( يُخْرَجُونَ ) بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ الرّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ إلى الغَيْبَةِ لِتَحْقِيرِهِمْ ﴿ولا هم يُسْتَعْتَبُونَ﴾ أيْ: لا يُسْتَرْضَوْنَ، ويُطْلَبُ مِنهُمُ الرُّجُوعُ إلى طاعَةِ اللَّهِ؛ لِأنَّهم يَوْمَ لا تُقْبَلُ فِيهِ تَوْبَةٌ ولا تَنْفَعُ فِيهِ مَعْذِرَةٌ. ﴿فَلِلَّهِ الحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ ورَبِّ الأرْضِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ لا يَسْتَحِقُّ الحَمْدَ سِواهُ. قَرَأ الجُمْهُورُ ( رَبِّ ) في المَواضِعِ الثَّلاثَةِ بِالجَرِّ عَلى الصِّفَةِ لِلِاسْمِ الشَّرِيفِ. وقَرَأ مُجاهِدٌ، وحُمَيْدٌ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ بِالرَّفْعِ في الثَّلاثَةِ عَلى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ أيْ: هو رَبُّ السَّماواتِ إلَخْ. ﴿ولَهُ الكِبْرِياءُ في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ أيِ: الجَلالُ والعَظَمَةُ والسُّلْطانُ، وخَصَّ السَّماواتِ والأرْضَ لِظُهُورِ ذَلِكَ فِيهِما ﴿وهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ أيِ: العَزِيزُ في سُلْطانِهِ، فَلا يُغالِبُهُ مُغالِبٌ، الحَكِيمُ في كُلِّ أفْعالِهِ وأقْوالِهِ وجَمِيعِ أقْضِيَتِهِ. وقَدْ أخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ الزُّهْدِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ باباهْ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «كَأنِّي أراكم بِالكَوْمِ دُونَ جَهَنَّمَ جاثِينَ» ثُمَّ قَرَأ سُفْيانُ ( وتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً ) . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ في قَوْلِهِ: ﴿وتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً﴾ قالَ: كُلُّ أُمَّةٍ مَعَ نَبِيِّها حَتّى يَجِيءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَلى كَوْمٍ قَدْ عَلا الخَلائِقَ، فَذَلِكَ المَقامُ المَحْمُودُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿هَذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكم بِالحَقِّ﴾ قالَ: هو أُمُّ الكِتابِ فِيهِ أعْمالُ بَنِي آدَمَ ﴿إنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ قالَ: هُمُ المَلائِكَةُ يَسْتَنْسِخُونَ أعْمالَ بَنِي آدَمَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ بِمَعْناهُ مُطَوَّلًا، فَقامَ رَجُلٌ، فَقالَ: يا ابْنَ عَبّاسٍ، ما كُنّا نَرى هَذا تَكْتُبُهُ المَلائِكَةُ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ إنَّكم لَسْتُمْ قَوْمًا عَرَبًا ﴿إنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ هَلْ يُسْتَنْسَخُ الشَّيْءُ إلّا مِن كِتابٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ نَحْوَهُ أيْضًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: إنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَنْزِلُونَ في كُلِّ يَوْمٍ بِشَيْءٍ يَكْتُبُونَ فِيهِ أعْمالَ بَنِي آدَمَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَ ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: يَسْتَنْسِخُ الحَفَظَةُ مِن أُمِّ الكِتابِ ما يَعْمَلُ بَنُو آدَمَ، فَإنَّما يَعْمَلُ الإنْسانُ ما اسْتَنْسَخَ المَلِكُ مِن أُمِّ الكِتابِ وأخْرَجَ نَحْوَهُ الحاكِمُ عَنْهُ، وصَحَّحَهُ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْهُ أيْضًا في الآيَةِ قالَ: إنَّ اللَّهَ وكَّلَ مَلائِكَتَهُ يَنْسَخُونَ مِن ذَلِكَ العامِ في (p-١٣٦١)رَمَضانَ لَيْلَةَ القَدْرِ ما يَكُونُ في الأرْضِ مِن حَدَثٍ إلى مِثْلِها مِنَ السَّنَةِ المُقْبِلَةِ، فَيَتَعارَضُونَ بِهِ حَفَظَةَ اللَّهِ عَلى العِبادِ عَشِيَّةَ كُلِّ خَمِيسٍ، فَيَجِدُونَ ما رَفَعَ الحَفَظَةُ مُوافِقًا لِما في كِتابِهِمْ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ زِيادَةٌ ولا نُقْصانٌ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿اليَوْمَ نَنْساكم كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكم هَذا﴾ قالَ: نَتْرُكُكم. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، ومُسْلِمٌ، وأبُو داوُدَ، وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الأسْماءِ والصِّفاتِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «يَقُولُ اللَّهُ - تَبارَكَ وتَعالى -: الكِبْرِياءُ رِدائِي، والعَظْمَةُ إزارِي، فَمَن نازَعَنِي واحِدًا مِنهُما ألْقَيْتُهُ في النّارِ» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب