الباحث القرآني
.
لَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ الفُلْكَ أتْبَعَهُ بِذِكْرِ نُوحٍ، لِأنَّهُ أوَّلُ مَن صَنَعَهُ، وذَكَرَ ما صَنَعَهُ قَوْمُ نُوحٍ مَعَهُ بِسَبَبِ إهْمالِهِمْ لِلتَّفَكُّرِ في مَخْلُوقاتِ اللَّهِ سُبْحانَهُ والتَّذَكُّرِ لِنِعَمِهِ عَلَيْهِمْ فَقالَ: ﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا نُوحًا إلى قَوْمِهِ﴾ وفي ذَلِكَ تَعْزِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، وتَسْلِيَةٌ لَهُ بِبَيانِ أنَّ قَوْمَ غَيْرِهِ مِنَ الأنْبِياءِ كانُوا يَصْنَعُونَ مَعَ أنْبِيائِهِمْ ما يَصْنَعُهُ قَوْمُهُ مَعَهُ، واللّامُ جَوابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ ﴿فَقالَ ياقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ أيِ اعْبُدُوهُ وحْدَهُ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا كَما يُسْتَفادُ مِنَ الآياتِ الآخِرَةِ، وجُمْلَةُ ﴿ما لَكم مِن إلَهٍ غَيْرُهُ﴾ واقِعَةٌ مَوْقِعَ التَّعْلِيلِ لِما قَبْلَها، وارْتِفاعُ غَيْرِهِ (p-٩٨٢)لِكَوْنِهِ وصْفًا لِإلَهٍ عَلى المَحَلِّ؛ لِأنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لَكم أيْ: ما لَكم في الوُجُودِ إلَهٌ غَيْرُهُ سُبْحانَهُ، وقُرِئَ بِالجَرِّ اعْتِبارًا بِلَفْظِ إلَهٍ أفَلا تَتَّقُونَ أيْ أفَلا تَخافُونَ أنْ تَتْرُكُوا عِبادَةَ رَبِّكُمُ الَّذِي لا يَسْتَحِقُّ العِبادَةَ غَيْرُهُ، ولَيْسَ لَكم إلَهٌ سِواهُ. وقِيلَ: المَعْنى: أفَلا تَقُونَ أنْفُسَكم عَذابَهُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ ذُنُوبُكم.
﴿فَقالَ المَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ﴾ أيْ قالَ أشْرافُ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ ﴿ما هَذا إلّا بَشَرٌ مِثْلُكم﴾ أيْ مِن جِنْسِكم في البَشَرِيَّةِ، لا فَرْقَ بَيْنَكم وبَيْنَهُ ﴿يُرِيدُ أنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ أيْ يَطْلَبُ الفَضْلَ عَلَيْكم بِأنْ يَسُودَكم حَتّى تَكُونُوا تابِعِينَ لَهُ مُنْقادِينَ لِأمْرِهِ، ثُمَّ صَرَّحُوا بِأنَّ البَشَرَ لا يَكُونُ رَسُولًا فَقالُوا: ﴿ولَوْ شاءَ اللَّهُ لَأنْزَلَ مَلائِكَةً﴾ أيْ لَوْ شاءَ اللَّهُ إرْسالَ رَسُولٍ لَأرْسَلَ مَلائِكَةً، وإنَّما عَبَّرَ بِالإنْزالِ عَنِ الإرْسالِ؛ لِأنَّ إرْسالَهم إلى العِبادِ يَسْتَلْزِمُ نُزُولَهم إلَيْهِمْ ﴿ما سَمِعْنا بِهَذا في آبائِنا الأوَّلِينَ﴾ أيْ بِمِثْلِ دَعْوى هَذا المُدَّعِي لِلنُّبُوَّةِ مِنَ البَشَرِ، أوْ بِمِثْلِ كَلامِهِ، وهو الأمْرُ بِعِبادَةِ اللَّهِ وحْدَهُ أوْ ما سَمِعْنا بِبَشَرٍ يَدَّعِي هَذِهِ الدَّعْوى في آبائِنا الأوَّلِينَ أيْ: في الأُمَمِ الماضِيَةِ قَبْلَ هَذا.
وقِيلَ: الباءُ في بِهَذا زائِدَةٌ أيْ: ما سَمِعْنا هَذا كائِنًا في الماضِينَ، قالُوا هَذا اعْتِمادًا مِنهم عَلى التَّقْلِيدِ واعْتِصامًا بِحَبْلِهِ. ولَمْ يَقْنَعُوا بِذَلِكَ حَتّى ضَمُّوا إلَيْهِ الكَذِبَ البَحْتَ، والبَهْتَ الصُّراحَ فَقالُوا: ﴿إنْ هو إلّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾ أيْ جُنُونٌ لا يَدْرِي ما يَقُولُ: ﴿فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتّى حِينٍ﴾ أيِ انْتَظِرُوا بِهِ حَتّى يَسْتَبِينَ أمْرُهُ، بِأنْ يَفِيقَ مِن جُنُونِهِ فَيَتْرُكَ هَذِهِ الدَّعْوى، أوْ حَتّى يَمُوتَ فَتَسْتَرِيحُوا مِنهُ.
قالَ الفَرّاءُ: لَيْسَ يُرِيدُ بِالحِينِ هُنا وقْتًا بِعَيْنِهِ إنَّما هو كَقَوْلِهِمْ: دَعْهُ إلى يَوْمٍ ما، فَلَمّا سَمِعَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كَلامَهم وعَرِفَ تَمادِيَهِمْ عَلى الكُفْرِ وإصْرارَهم عَلَيْهِ. ﴿قالَ رَبِّ انْصُرْنِي﴾ عَلَيْهِمْ فانْتَقِمْ مِنهم بِما تَشاءُ وكَيْفَ تُرِيدُ، والباءُ في ﴿بِما كَذَّبُونِ﴾ لِلسَّبَبِيَّةِ أيْ: بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ إيّايَ. ﴿فَأوْحَيْنا إلَيْهِ﴾ عِنْدَ ذَلِكَ أيْ أرْسَلْنا إلَيْهِ رَسُولًا مِنَ السَّماءِ ﴿أنِ اصْنَعِ الفُلْكَ﴾ وأنْ هي مُفَسِّرَةٌ لِما في الوَحْيِ مِن مَعْنى القَوْلِ بِأعْيُنِنا أيْ مُتَلَبِّسًا بِحِفْظِنا وكَلاءَتِنا، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُ هَذا في هُودٍ.
ومَعْنى ووَحْيِنا أمْرِنا لَكَ وتَعْلِيمِنا إيّاكَ لِكَيْفِيَّةِ صُنْعِها، والفاءُ في قَوْلِهِ: ﴿فَإذا جاءَ أمْرُنا﴾ لِتَرْتِيبِ ما بَعْدَها عَلى ما قَبْلَها مِن صُنْعِ الفُلْكِ، والمُرادُ بِالأمْرِ العَذابُ ﴿وفارَ التَّنُّورُ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ عَطْفَ النَّسَقِ، وقِيلَ: عَطْفَ البَيانِ أيْ: إنَّ مَجِيءَ الأمْرِ هو فَوْرُ التَّنُّورِ أيْ: تَنُّورِ آدَمَ الصّائِرُ إلى نُوحٍ أيْ: إذا وقَعَ ذَلِكَ ﴿فاسْلُكْ فِيها مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ أيِ ادْخُلْ فِيها، يُقالُ سَلَكَهُ في كَذا أدْخَلَهُ، وأسْلَكْتُهُ أدْخَلْتُهُ.
قَرَأ حَفْصٌ مِن كُلٍّ بِالتَّنْوِينِ، وقَرَأ الباقُونَ بِالإضافَةِ، ومَعْنى القِراءَةِ الأُولى مِن كُلِّ أُمَّةِ زَوْجَيْنِ، ومَعْنى الثّانِيَةِ مِن كُلِّ زَوْجَيْنِ، وهُما أُمَّةُ الذَّكَرِ والأُنْثى اثْنَيْنِ، وانْتابَ أهْلَكَ بِفِعْلٍ مَعْطُوفٍ عَلى فاسْلُكْ، لا بِالعَطْفِ عَلى زَوْجَيْنِ، أوْ عَلى اثْنَيْنِ عَلى القِراءَتَيْنِ لِأدائِهِ إلى اخْتِلافِ المَعْنى أيْ: واسْلُكْ أهْلَكَ ﴿إلّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ مِنهُمْ﴾ أيِ القَوْلِ بِإهْلاكِهِمْ مِنهم ﴿ولا تُخاطِبْنِي في الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ بِالدُّعاءِ لَهم بِإنْجائِهِمْ، وجُمْلَةُ ﴿إنَّهم مُغْرَقُونَ﴾ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنِ المُخاطَبَةِ أيْ: إنَّهم مَقْضِيٌّ عَلَيْهِمْ بِالإغْراقِ لِظُلْمِهِمْ، ومَن كانَ هَكَذا فَهو لا يَسْتَحِقُّ الدُّعاءَ لَهُ.
﴿فَإذا اسْتَوَيْتَ﴾ أيْ عَلَوْتَ ﴿أنْتَ ومَن مَعَكَ﴾ مِن أهْلِكَ وأتْباعِكَ ﴿عَلى الفُلْكِ﴾ راكِبِينَ عَلَيْهِ ﴿فَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجّانا مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ أيْ حالَ بَيْنَنا وبَيْنَهم، وخَلَّصَنا مِنهم، كَقَوْلِهِ: ﴿فَقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [الأنعام: ٤٥] .
وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ القِصَّةِ في سُورَةِ هُودٍ عَلى التَّمامِ والكَمالِ، وإنَّما جَعَلَ اسْتِواءَهم عَلى السَّفِينَةِ نَجاةً مِنَ الغَرَقِ جَزْمًا؛ لِأنَّهُ قَدْ سَبَقَ في عِلْمِهِ أنَّ ذَلِكَ سَبَبُ نَجاتِهِمْ مِنَ الظَّلَمَةِ، وسَلامَتِهِمْ مِن أنْ يُصابُوا بِما أُصِيبُوا بِهِ مِنَ العَذابِ.
ثُمَّ أمَرَهُ أنْ يَسْألَ رَبَّهُ ما هو أنْفَعُ لَهُ وأتَمُّ فائِدَةً فَقالَ: ﴿وقُلْ رَبِّ أنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكًا﴾ أيْ أنْزِلْنِي في السَّفِينَةِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ مُنْزَلًا بِضَمِّ المِيمِ وفَتْحِ الزّايِ عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ. وقَرَأ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ والمُفَضَّلُ بِفَتْحِ المِيمِ وكَسْرِ الزّايِ عَلى أنَّهُ اسْمُ مَكانٍ.
فَعَلى القِراءَةِ الأُولى: أنْزِلْنِي إنْزالًا مُبارَكًا، وعَلى القِراءَةِ الثّانِيَةِ: أنْزِلْنِي مَكانًا مُبارَكًا. قالَ الجَوْهَرِيُّ: والمَنزَلُ بِفَتْحِ المِيمِ والزّايِ النُّزُولُ، وهو الحُلُولُ، تَقُولُ نَزَلْتُ نُزُولًا ومَنزَلًا.
قالَ الشّاعِرُ:
؎أإنْ ذَكَّرَتْكَ الدّارُ مَنزِلَها جُمْلُ بِكَيْتَ فَدَمْعُ العَيْنِ مُنْحَدِرٌ سَجْلُ
بِنَصْبِ مَنزِلِها؛ لِأنَّهُ مَصْدَرٌ، قِيلَ أمَرَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ بِأنْ يَقُولَ هَذا القَوْلَ عِنْدَ دُخُولِهِ السَّفِينَةَ، وقِيلَ: عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنها، والآيَةُ تَعْلِيمٌ مِنَ اللَّهِ لِعِبادِهِ إذا رَكِبُوا ثُمَّ نَزَلُوا أنْ يَقُولُوا هَذا القَوْلَ ﴿وأنْتَ خَيْرُ المُنْزِلِينَ﴾ هَذا ثَناءٌ مِنهُ عَلى اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - إثْرَ دُعائِهِ لَهُ.
قالَ الواحِدِيُّ: قالَ المُفَسِّرُونَ: إنَّهُ أُمِرَ أنْ يَقُولَ عِنْدَ اسْتِوائِهِ عَلى الفُلْكِ: الحَمْدُ لِلَّهِ، وعِنْدَ نُزُولِهِ مِنها: ﴿رَبِّ أنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكًا﴾ .
والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: إنَّ في ذَلِكَ إلى ما تَقَدَّمَ مِمّا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنا مِن أمْرِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ والآياتُ الدَّلالاتُ عَلى كَمالِ قُدْرَتِهِ سُبْحانَهُ، والعَلاماتُ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِها عَلى عَظِيمِ شَأْنِهِ ﴿وإنْ كُنّا لَمُبْتَلِينَ﴾ أيْ لَمُخْتَبِرِينَ لَهم بِإرْسالِ الرُّسُلِ إلَيْهِمْ، لِيَظْهَرَ المُطِيعُ والعاصِي لِلنّاسِ أوِ المَلائِكَةِ. وقِيلَ: المَعْنى: إنَّهُ يُعامِلُهم سُبْحانَهُ مُعامَلَةَ المُخْتَبِرِ لِأحْوالِهِمْ، تارَةً بِالإرْسالِ، وتارَةً بِالعَذابِ.
﴿ثُمَّ أنْشَأْنا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ﴾ أيْ مِن بَعْدِ إهْلاكِهِمْ. قالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ: إنَّ هَؤُلاءِ الَّذِينَ أنْشَأهُمُ اللَّهُ بَعْدَهم هم عادٌ قَوْمُ هُودٍ، لِمَجِيءِ قِصَّتِهِمْ عَلى إثْرِ قِصَّةِ نُوحٍ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ، ولِقَوْلِهِ في الأعْرافِ ﴿واذْكُرُوا إذْ جَعَلَكم خُلَفاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ [الأعراف: ٦٩] وقِيلَ: هم ثَمُودُ لِأنَّهُمُ الَّذِينَ أُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ. وقَدْ قالَ سُبْحانَهُ في هَذِهِ القِصَّةِ ﴿فَأخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ﴾ [ الحِجْرِ: ٧٣ و ٨٣ ] وقِيلَ: هم أصْحابُ مَدْيَنَ قَوْمُ شُعَيْبٍ لِأنَّهم مِمَّنْ أُهْلِكَ بِالصَّيْحَةِ.
﴿فَأرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا﴾ عُدِّيَ فِعْلُ الإرْسالِ بِفي مَعَ أنَّهُ يَتَعَدّى بِإلى، لِلدَّلالَةِ (p-٩٨٣)عَلى أنَّ هَذا الرَّسُولَ المُرْسَلَ إلَيْهِمْ نَشَأ فِيهِمْ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ، يَعْرِفُونَ مَكانَهُ ومَوْلِدَهُ؛ لِيَكُونَ سُكُونُهم إلى قَوْلِهِ أكْثَرَ مِن سُكُونِهِمْ إلى مَن يَأْتِيهِمْ مِن غَيْرِ مَكانِهِمْ.
وقِيلَ: وجْهُ التَّعْدِيَةِ لِلْفِعْلِ المَذْكُورِ بِفي أنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنى القَوْلِ أيْ: قُلْنا لَهم عَلى لِسانِ الرَّسُولِ اعْبُدُوا اللَّهَ ولِهَذا جِيءَ بِأنْ المُفَسِّرَةِ. والأوَّلُ أوْلى؛ لِأنَّ تَضْمِينَ أرْسَلْنا مَعْنى قُلْنا لا يَسْتَلْزِمُ تَعْدِيَتَهُ بِفي، وجُمْلَةُ ﴿ما لَكم مِن إلَهٍ غَيْرُهُ﴾ تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ بِالعِبادَةِ أفَلا تَتَّقُونَ عَذابَهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ شِرْكِكم.
﴿وقالَ المَلَأُ مِن قَوْمِهِ﴾ أيْ أشْرافُهم وقادَتُهم. ثُمَّ وصَفَ المَلَأ بِالكُفْرِ والتَّكْذِيبِ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِلِقاءِ الآخِرَةِ﴾ أيْ كَذَّبُوا بِما في الآخِرَةِ مِنَ الحِسابِ والعِقابِ، أوْ كَذَّبُوا بِالبَعْثِ وأتْرَفْناهم أيْ وسَّعْنا لَهم نِعَمَ الدُّنْيا فَبَطَرُوا بِسَبَبِ ما صارُوا فِيهِ في الحَياةِ الدُّنْيا مِن كَثْرَةِ الأمْوالِ ورَفاهَةِ العَيْشِ ﴿ما هَذا إلّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ أيْ قالَ المَلَأُ لِقَوْمِهِمْ هَذا القَوْلَ، وصَفُوهُ بِمُساواتِهِمْ في البَشَرِيَّةِ، وفي الأكْلِ ﴿مِمّا تَأْكُلُونَ مِنهُ﴾ والشُّرْبِ مِمّا تَشْرَبُونَ مِنهُ، وذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ عِنْدَهم أنَّهُ لا فَضْلَ لَهُ عَلَيْهِمْ.
قالَ الفَرّاءُ: إنَّ مَعْنى ﴿ويَشْرَبُ مِمّا تَشْرَبُونَ﴾ عَلى حَذْفِ مِنهُ أيْ: مِمّا تَشْرَبُونَ مِنهُ، وقِيلَ: إنَّ ما مَصْدَرِيَّةٌ، فَلا تَحْتاجُ إلى عائِدٍ.
﴿ولَئِنْ أطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ﴾ فِيما ذُكِرَ مِنَ الأوْصافِ ﴿إنَّكم إذًا لَخاسِرُونَ﴾ أيْ مَغْبُونُونَ بِتَرْكِكم آلِهَتَكم واتِّباعِكم إيّاهُ مِن غَيْرِ فَضِيلَةٍ لَهُ عَلَيْكم.
والِاسْتِفْهامُ في قَوْلِهِ: ﴿أيَعِدُكم أنَّكم إذا مِتُّمْ﴾ لِلْإنْكارِ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِما قَبْلَها مِن تَقْبِيحِ اتِّباعِهِمْ لَهُ. قُرِئَ بِكَسْرِ المِيمِ مَن مِتُّمْ، مِن ماتَ يَماتُ كَخافَ يَخافُ. وقُرِئَ بِضَمِّها مِن ماتَ يَمُوتُ: كَقالَ يَقُولُ ﴿وكُنْتُمْ تُرابًا وعِظامًا﴾ أيْ كانَ بَعْضُ أجْزائِكم تُرابًا، وبَعْضُها عِظامًا نَخِرَةً لا لَحْمَ فِيها ولا أعْصابَ عَلَيْها، قِيلَ وتَقْدِيمُ التُّرابِ لِكَوْنِهِ أبْعَدَ في عُقُولِهِمْ. وقِيلَ: المَعْنى: كانَ مُتَقَدِّمُوكم تُرابًا، ومُتَأخِّرُوكم عِظامًا ﴿أنَّكم مُخْرَجُونَ﴾ أيْ مِن قُبُورِكم أحْياءً كَما كُنْتُمْ، قالَ سِيبَوَيْهِ: أنَّ الأُولى في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِوُقُوعِ أيَعِدُكم عَلَيْها، وأنَّ الثّانِيَةَ بَدَلٌ مِنها.
وقالَ الفَرّاءُ والجَرْمِيُّ والمُبَرِّدُ: إنَّ أنَّ الثّانِيَةَ مُكَرَّرَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، وحَسُنَ تَكْرِيرُها لِطُولِ الكَلامِ، وبِمِثْلِهِ قالَ الزَّجّاجُ.
وقالَ الأخْفَشُ: أنَّ الثّانِيَةَ في مَحَلِّ رَفْعٍ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أيْ: يَحْدُثُ إخْراجُكم كَما تَقُولُ: اليَوْمَ القِتالُ، فالمَعْنى: اليَوْمَ يَحْدُثُ القِتالُ.
﴿هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ﴾ أيْ بَعْدِ ما تُوعَدُونَ، أوْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ، والتَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ.
قالَ ابْنُ الأنْبارِيُّ: وفي هَيْهاتَ عَشْرُ لُغاتٍ ثُمَّ سَرَدَها، وهي مُبَيَّنَةٌ في عِلْمِ النَّحْوِ.
وقَدْ قُرِئَ بِبَعْضِها، واللّامُ في لِما تُوعَدُونَ لِبَيانِ المُسْتَبْعَدِ كَما في قَوْلِهِ: هَيْتَ لَكَ كَأنَّهُ قِيلَ: لِماذا هَذا الِاسْتِبْعادُ ؟ فَقِيلَ: لِما تُوعَدُونَ.
والمَعْنى: بَعْدَ إخْراجِكم لِلْوَعْدِ الَّذِي تُوعَدُونَ، هَذا عَلى أنَّ هَيْهاتَ اسْمُ فِعْلٍ. وقالَ الزَّجّاجُ: هو في تَقْدِيرِ المَصْدَرِ أيِ: البُعْدُ لِما تُوعَدُونَ، أوْ بُعْدٌ لِما تُوعَدُونَ عَلى قِراءَةِ مَن نَوَّنَ فَتَكُونُ عَلى هَذا مُبْتَدَأً خَبَرُهُ لِما تُوعَدُونَ.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ إتْرافَهم بِأنَّهم قالُوا: ﴿إنْ هي إلّا حَياتُنا الدُّنْيا﴾ أيْ ما الحَياةُ إلّا حَياتَنا الدُّنْيا، لا الحَياةَ الآخِرَةَ الَّتِي تَعِدُنا بِها، وجُمْلَةُ ﴿نَمُوتُ ونَحْيا﴾ مُفَسِّرَةٌ لِما ادَّعُوهُ مِن قَصْرِهِمْ حَياتَهم عَلى حَياةِ الدُّنْيا. ثُمَّ صَرَّحُوا بِنَفْيِ البَعْثِ، وأنَّ الوَعْدَ بِهِ مِنهُ افْتِراءٌ عَلى اللَّهِ فَقالُوا: ﴿وما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ إنْ هو إلّا رَجُلٌ افْتَرى عَلى اللَّهِ كَذِبًا﴾ أيْ ما هو فِيما يَدَّعِيهِ إلّا مُفْتَرٍ لِلْكَذِبِ عَلى اللَّهِ ﴿وما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ﴾ أيْ بِمُصَدِّقِينَ لَهُ فِيما يَقُولُهُ.
﴿قالَ رَبِّ انْصُرْنِي﴾ أيْ قالَ نَبِيُّهم لَمّا عَلِمَ بِأنَّهم لا يُصَدِّقُونَهُ ألْبَتَّةَ: رَبِّ انْصُرْنِي عَلَيْهِمْ وانْتَقِمْ لِي مِنهم بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ إيّايَ.
﴿قالَ عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ﴾ أيْ قالَ اللَّهُ سُبْحانَهُ مُجِيبًا لِدُعائِهِ واعِدًا لَهُ بِالقَبُولِ لِما دَعا بِهِ: عَمّا قَلِيلٍ مِنَ الزَّمانِ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ عَلى ما وقَعَ مِنهم مَنِ التَّكْذِيبِ والعِنادِ والإصْرارِ عَلى الكُفْرِ، وما في عَمّا قَلِيلٌ مَزِيدَةٌ بَيْنَ الجارِّ والمَجْرُورِ لِلتَّوْكِيدِ لِقِلَّةِ الزَّمانِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٥٩] . ثُمَّ أخْبَرَ سُبْحانَهُ بِأنَّها أخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ وحاقَ بِهِمْ عَذابُهُ ونَزَلَ عَلَيْهِمْ سَخَطُهُ.
قالَ المُفَسِّرُونَ: صاحَ بِهِمْ جِبْرِيلُ صَيْحَةً واحِدَةً مَعَ الرِّيحِ الَّتِي أهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِها فَماتُوا جَمِيعًا. وقِيلَ: الصَّيْحَةُ: هي نَفْسُ العَذابِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎صاحَ الزَّمانُ بِآلِ بَرْمَكَ صَيْحَةً ∗∗∗ خَرُّوا لِشِدَّتِها عَلى الأذْقانِ
والباءُ في بِالحَقِّ مُتَعَلِّقٌ بِالأخْذِ، ثُمَّ أخْبَرَ سُبْحانَهُ عَمّا صارُوا إلَيْهِ بَعْدَ العَذابِ النّازِلِ بِهِمْ. فَقالَ: ﴿فَجَعَلْناهم غُثاءً﴾ أيْ كَغُثاءِ السَّيْلِ الَّذِي يَحْمِلُهُ: والغُثاءُ ما يَحْمِلُ السَّيْلُ مِن بالِي الشَّجَرِ والحَشِيشِ والقَصَبِ ونَحْوِ ذَلِكَ مِمّا يَحْمِلُهُ عَلى ظاهِرِ الماءِ. والمَعْنى: صَيَّرَهم هَلْكى فَيَبِسُوا كَما يَبِسَ الغُثاءُ ﴿فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ انْتِصابُ بُعْدًا عَلى المَصْدَرِيَّةِ وهو مِنَ المَصادِرِ الَّتِي لا يُذْكَرُ فِعْلُها مَعَها أيْ: بَعُدُوا بُعْدًا، واللّامُ لِبَيانِ مَن قِيلَ لَهُ ذَلِكَ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فاسْلُكْ فِيها﴾ يَقُولُ: اجْعَلْ مَعَكَ في السَّفِينَةِ ﴿مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ ﴿وقُلْ رَبِّ أنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكًا﴾ قالَ لِنُوحٍ حِينَ أُنْزِلَ مِنَ السَّفِينَةِ.
وأخْرَجَ هَؤُلاءِ عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: يُعَلِّمُكم سُبْحانَهُ كَيْفَ تَقُولُونَ إذا رَكِبْتُمْ، وكَيْفَ تَقُولُونَ إذا نَزَلْتُمْ.
أمّا عِنْدَ الرُّكُوبِ فَ ﴿سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هَذا وما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ وإنّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ [الزخرف: ١٣ - ١٤] و﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها ومُرْساها إنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [هود: ٤١]، وعِنْدَ النُّزُولِ ﴿رَبِّ أنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكًا وأنْتَ خَيْرُ المُنْزِلِينَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي مالِكٍ في قَوْلِهِ: قَرْنًا قالَ: أُمَّةً. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿هَيْهاتَ هَيْهاتَ﴾ قالَ: بِعِيدٌ بَعِيدٌ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿فَجَعَلْناهم غُثاءً﴾ قالَ: جُعِلُوا كالشَّيْءِ المَيِّتِ البالِي مِنَ الشَّجَرِ.
{"ayahs_start":13,"ayahs":["لِتَسۡتَوُۥا۟ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَیۡتُمۡ عَلَیۡهِ وَتَقُولُوا۟ سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِی سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِینَ","وَإِنَّاۤ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ","وَجَعَلُوا۟ لَهُۥ مِنۡ عِبَادِهِۦ جُزۡءًاۚ إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ لَكَفُورࣱ مُّبِینٌ","أَمِ ٱتَّخَذَ مِمَّا یَخۡلُقُ بَنَاتࣲ وَأَصۡفَىٰكُم بِٱلۡبَنِینَ","وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحۡمَـٰنِ مَثَلࣰا ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدࣰّا وَهُوَ كَظِیمٌ","أَوَمَن یُنَشَّؤُا۟ فِی ٱلۡحِلۡیَةِ وَهُوَ فِی ٱلۡخِصَامِ غَیۡرُ مُبِینࣲ","وَجَعَلُوا۟ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةَ ٱلَّذِینَ هُمۡ عِبَـٰدُ ٱلرَّحۡمَـٰنِ إِنَـٰثًاۚ أَشَهِدُوا۟ خَلۡقَهُمۡۚ سَتُكۡتَبُ شَهَـٰدَتُهُمۡ وَیُسۡـَٔلُونَ","وَقَالُوا۟ لَوۡ شَاۤءَ ٱلرَّحۡمَـٰنُ مَا عَبَدۡنَـٰهُمۗ مَّا لَهُم بِذَ ٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا یَخۡرُصُونَ"],"ayah":"وَقَالُوا۟ لَوۡ شَاۤءَ ٱلرَّحۡمَـٰنُ مَا عَبَدۡنَـٰهُمۗ مَّا لَهُم بِذَ ٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا یَخۡرُصُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق