الباحث القرآني

لَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ في هَذِهِ السُّورَةِ الإحْسانَ إلى النِّساءِ وإيصالَ صَدُقاتِهِنَّ إلَيْهِنَّ ومِيراثَهُنَّ مَعَ الرِّجالِ، ذَكَرَ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِنَّ فِيما يَأْتِينَ بِهِ مِنَ الفاحِشَةِ لِئَلّا يَتَوَهَّمْنَ أنَّهُ يُسَوِّغُ ٧ (p-٢٨٠)لَهُنَّ تَرْكَ التَّعَفُّفَ واللّاتِي جَمْعُ الَّتِي بِحَسَبِ المَعْنى دُونَ اللَّفْظِ، وفِيهِ لُغاتٌ: اللّاتِي بِإثْباتِ التّاءِ والياءِ، واللّاتِ بِحَذْفِ الياءِ وإبْقاءِ الكَسْرَةِ لِتَدُلَّ عَلَيْها، واللّائِي بِالهَمْزَةِ والياءِ، والّاءِ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ وحَذْفِ الياءِ، ويُقالُ في جَمْعِ الجَمْعِ اللَّواتِي واللَّوائِي واللَّواتِ واللَّواءِ. والفاحِشَةُ: الفِعْلَةُ القَبِيحَةُ، وهي مَصْدَرٌ كالعافِيَةِ والعاقِبَةِ، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ ( بِالفاحِشَةِ ) . والمُرادُ بِها هُنا الزِّنا خاصَّةً، وإتْيانُها فِعْلُها ومُباشَرَتُها. والمُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن نِسائِكُمْ﴾ المُسْلِماتُ، وكَذا مِنكُمُ المُرادُ بِهِ المُسْلِمُونَ. قَوْلُهُ: ﴿فَأمْسِكُوهُنَّ في البُيُوتِ﴾ كانَ هَذا في أوَّلِ الإسْلامِ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعالى ﴿الزّانِيَةُ والزّانِي فاجْلِدُوا﴾، وذَهَبَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ إلى أنَّ الحَبْسَ المَذْكُورَ وكَذَلِكَ الأذى باقِيانِ مَعَ الجَلْدِ، لِأنَّهُ لا تَعارُضَ بَيْنَها بَلِ الجَمْعُ مُمْكِنٌ. قَوْلُهُ: ﴿أوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ هو ما في حَدِيثِ عُبادَةَ الصَّحِيحِ مِن قَوْلِهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْرِيبُ عامٍ» الحَدِيثَ. قَوْلُهُ: ﴿واللَّذانِ يَأْتِيانِها مِنكم﴾ اللَّذانِ تَثْنِيَةُ الَّذِي، وكانَ القِياسُ أنْ يُقالَ اللَّذَيانِ كَرَحَيانِ. قالَ سِيبَوَيْهِ: حُذِفَتِ الياءُ لِيُفَرَّقَ بَيْنَ الأسْماءِ المُمَكَّنَةِ وبَيْنَ الأسْماءِ المُبْهَمَةِ. وقالَ أبُو عَلِيٍّ: حُذِفَتِ الياءُ تَخْفِيفًا. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ ( اللَّذانِّ ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ وهي لُغَةُ قُرَيْشٍ، وفِيهِ لُغَةٌ أُخْرى وهي ( اللَّذا ) بِحَذْفِ النُّونِ، وقَرَأ الباقُونَ بِتَخْفِيفِ النُّونِ. قالَ سِيبَوَيْهِ: المَعْنى وفِيما يُتْلى عَلَيْكُمُ اللَّذانِ يَأْتِيانِها؛ أيِ: الفاحِشَةَ مِنكم، ودَخَلَتِ الفاءُ في الجَوابِ لِأنَّ في الكَلامِ مَعْنى الشَّرْطِ. والمُرادُ بِاللَّذانِ هُنا الزّانِي والزّانِيَةُ تَغْلِيبًا، وقِيلَ: الآيَةُ الأُولى في النِّساءِ خاصَّةً مُحْصَناتٍ وغَيْرِ مُحْصَناتٍ، والثّانِيَةُ في الرِّجالِ خاصَّةً، وجاءَ بِلَفْظِ التَّثْنِيَةِ لِبَيانِ صِنْفَيِ الرِّجالِ مَن أحْصَنَ ومَن لَمْ يُحْصِنْ، فَعُقُوبَةُ النِّساءِ الحَبْسُ وعُقُوبَةُ الرِّجالِ الأذى، واخْتارَ هَذا النَّحّاسُ ورَواهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ورَواهُ القُرْطُبِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ وغَيْرِهِ واسْتَحْسَنَهُ. وقالَ السُّدِّيُّ وقَتادَةُ وغَيْرُهُما: الآيَةُ الأُولى في النِّساءِ المُحْصَناتِ ويَدْخُلُ مَعَهُنَّ الرِّجالُ المُحْصِنُونَ، والآيَةُ الثّانِيَةُ في الرَّجُلِ والمَرْأةِ البِكْرَيْنِ، ورَجَّحَهُ الطَّبَرِيُّ وضَعَّفَهُ النَّحّاسُ وقالَ: تَغْلِيبُ المُؤَنَّثِ عَلى المُذَكَّرِ بِعِيدٌ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إنَّ مَعْنى هَذا القَوْلِ تامٌّ إلّا أنَّ لَفْظَ الآيَةِ يُقْلِقُ عَنْهُ، وقِيلَ: كانَ الإمْساكُ لِلْمَرْأةِ الزّانِيَةِ دُونَ الرَّجُلِ فَخُصَّتِ المَرْأةُ بِالذَّكَرِ في الإمْساكِ ثُمَّ جُمِعا في الإيذاءِ، قالَ قَتادَةُ: كانَتِ المَرْأةُ تُحْبَسُ ويُؤْذَيانِ جَمِيعًا. واخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ في تَفْسِيرِ الأذى، فَقِيلَ: التَّوْبِيخُ والتَّعْيِيرُ، وقِيلَ: السَّبُّ والجَفاءُ مِن دُونِ تَعْيِيرٍ، وقِيلَ: النَّيْلُ بِاللِّسانِ والضَّرْبُ بِالنِّعالِ، وقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إلى أنَّ الأذى مَنسُوخٌ كالحَبْسِ، وقِيلَ: لَيْسَ بِمَنسُوخٍ كَما تَقَدَّمَ في الحَبْسِ. قَوْلُهُ: ﴿فَإنْ تابا﴾ أيْ: مِنَ الفاحِشَةِ وأصْلَحا العَمَلَ فِيما بَعْدُ ﴿فَأعْرِضُوا عَنْهُما﴾ أيِ: اتْرُكُوهُما وكُفُّوا عَنْهُما الأذى، وهَذا كانَ قَبْلَ نُزُولِ الحُدُودِ عَلى ما تَقَدَّمَ مِنَ الخِلافِ. قَوْلُهُ: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ﴾ اسْتِئْنافٌ لِبَيانِ أنَّ التَّوْبَةَ لَيْسَتْ بِمَقْبُولَةٍ عَلى الإطْلاقِ كَما يُنْبِئُ عَنْهُ قَوْلُهُ: ﴿تَوّابًا رَحِيمًا﴾ بَلْ إنَّما تُقْبَلُ مِنَ البَعْضِ دُونَ البَعْضِ كَما بَيَّنَهُ النَّظْمُ القُرْآنِيُّ هاهُنا، فَقَوْلُهُ: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ﴾ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ﴾ . وقَوْلُهُ: ﴿عَلى اللَّهِ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِما تَعَلَّقَ بِهِ الخَبَرُ مِنَ الِاسْتِقْرارِ، أوْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا عِنْدَ مَن يُجَوِّزُ تَقْدِيمَ الحالِ الَّتِي هي ظَرْفٌ عَلى عامِلِها المَعْنَوِيِّ، وقِيلَ المَعْنى: إنَّما التَّوْبَةُ عَلى فَضْلِ اللَّهِ ورَحْمَتِهِ بِعِبادِهِ، وقِيلَ: المَعْنى: إنَّما التَّوْبَةُ واجِبَةٌ عَلى اللَّهِ، وهَذا عَلى مَذْهَبِ المُعْتَزِلَةِ لِأنَّهم يُوجِبُونَ عَلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ واجِباتٍ، مِن جُمْلَتِها قَبُولُ تَوْبَةِ التّائِبِينَ، وقِيلَ: " عَلى " هُنا بِمَعْنى عِنْدَ، وقِيلَ: بِمَعْنى مِن. وقَدِ اتَّفَقَتِ الأُمَّةُ عَلى أنَّ التَّوْبَةَ فَرْضٌ عَلى المُؤْمِنِينَ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أيُّها المُؤْمِنُونَ﴾ وذَهَبَ الجُمْهُورُ إلى أنَّها تَصِحُّ مِن ذَنْبٍ دُونَ ذَنْبٍ خِلافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، وقِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ: ﴿عَلى اللَّهِ﴾ هو الخَبَرُ. وقَوْلُهُ: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِما تَعَلَّقَ بِهِ الخَبَرُ أوْ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا. والسُّوءُ هُنا: العَمَلُ السَّيِّئُ. وقَوْلُهُ: بِجَهالَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ صِفَةً أوْ حالًا؛ أيْ: يَعْمَلُونَها مُتَّصِفِينَ بِالجَهالَةِ أوْ جاهِلِينَ. وقَدْ حَكى القُرْطُبِيُّ عَنْ قَتادَةَ أنَّهُ قالَ: أجْمَعَ أصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ عَلى أنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ فَهي بِجَهالَةٍ عَمْدًا كانَتْ أوْ جَهْلًا. وحُكِيَ عَنِ الضَّحّاكِ ومُجاهِدٍ أنَّ الجَهالَةَ هُنا العَمْدُ وقالَ عِكْرِمَةُ: أُمُورُ الدُّنْيا كُلُّها جَهالَةٌ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما الحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ ولَهْوٌ﴾ [محمد: ٣٦] وقالَ الزَّجّاجُ: مَعْناهُ بِجَهالَةِ اخْتِيارِهِمُ اللَّذَّةَ الفانِيَةَ عَلى اللَّذَّةِ الباقِيَةِ، وقِيلَ: مَعْناهُ: أنَّهم لا يَعْلَمُونَ كُنْهَ العُقُوبَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ فُورَكَ وضَعَّفَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾ مَعْناهُ: قَبْلَ أنْ يَحْضُرَهُمُ المَوْتُ كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿حَتّى إذا حَضَرَ أحَدَهُمُ المَوْتُ﴾ وبِهِ قالَ أبُو مِجْلَزٍ والضَّحّاكُ وعِكْرِمَةُ وغَيْرُهم، والمُرادُ قَبْلَ المُعايَنَةِ لِلْمَلائِكَةِ وغَلَبَةِ المَرْءِ عَلى نَفْسِهِ، ومِن في قَوْلِهِ: ﴿مِن قَرِيبٍ﴾ لِلتَّبْعِيضِ؛ أيْ: يَتُوبُونَ بَعْضَ زَمانٍ قَرِيبٍ، وهو ما عَدا وقْتَ حُضُورِ المَوْتِ، وقِيلَ: مَعْناهُ قَبْلَ المَرَضِ، وهو ضَعِيفٌ، بَلْ باطِلٌ لِما قَدَّمْنا، ولِما أخْرَجَهُ أحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ وابْنُ ماجَهْ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ قالَ: «إنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ ما لَمْ يُغَرْغِرْ» وقِيلَ: مَعْناهُ: يَتُوبُونَ عَلى قُرْبِ عَهْدٍ مِنَ الذَّنْبِ مِن غَيْرِ إصْرارٍ. قَوْلُهُ: ﴿فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ هو وعْدٌ مِنهُ سُبْحانَهُ بِأنَّهُ يَتُوبُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ بَيانِهِ أنَّ التَّوْبَةَ لَهم مَقْصُورَةٌ عَلَيْهِمْ. وقَوْلُهُ: ﴿ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ﴾ تَصْرِيحٌ بِما فُهِمْ مِن حَصْرِ التَّوْبَةِ فِيما سَبَقَ عَلى مَن عَمِلَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِن قَرِيبٍ، قَوْلُهُ: ﴿حَتّى إذا حَضَرَ أحَدَهُمُ المَوْتُ﴾ حَتّى حَرْفُ ابْتِداءٍ، والجُمْلَةُ المَذْكُورَةُ بَعْدَها غايَةٌ لِما قَبْلَها، وحُضُورُ المَوْتِ حُضُورُ عَلاماتِهِ وبُلُوغُ المَرِيضِ إلى حالَةِ السِّياقِ ومَصِيرِهِ مَغْلُوبًا عَلى نَفْسِهِ مَشْغُولًا بِخُرُوجِها مِن بَدَنِهِ، وهو وقْتُ الغَرْغَرَةِ المَذْكُورَةِ في (p-٢٨١)الحَدِيثِ السّابِقِ، وهي بُلُوغُ رُوحِهِ حُلْقُومَهُ، قالَهُ الهَرَوِيُّ. وقَوْلُهُ: ﴿قالَ إنِّي تُبْتُ الآنَ﴾ أيْ: وقْتَ حُضُورِ المَوْتِ. قَوْلُهُ: ﴿ولا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهم كُفّارٌ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى المَوْصُولِ في قَوْلِهِ: ﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ﴾ أيْ: لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِأُولَئِكَ، ولا لِلَّذِينِ يَمُوتُونَ وهم كُفّارٌ مَعَ أنَّهُ لا تَوْبَةَ لَهم رَأْسًا، وإنَّما ذُكِرُوا مُبالَغَةً في بَيانِ عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَةِ مَن حَضَرَهُمُ المَوْتُ، وأنَّ وُجُودَها كَعَدَمِها. وقَدْ أخْرَجَ البَزّارُ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿واللّاتِي يَأْتِينَ الفاحِشَةَ﴾ قالَ: كانَتِ المَرْأةُ إذا فَجَرَتْ حُبِسَتْ في البُيُوتِ، فَإنْ ماتَتْ ماتَتْ وإنْ عاشَتْ عاشَتْ، حَتّى نَزَلَتِ الآيَةُ في سُورَةِ النُّورِ ﴿الزّانِيَةُ والزّانِي فاجْلِدُوا﴾ [النور: ٢] فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا. فَمَن عَمِلَ شَيْئًا جُلِدَ وأُرْسِلَ، وقَدْ رُوِيَ هَذا عَنْهُ مِن وُجُوهٍ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في سُنَنِهِ عَنْهُ والبَيْهَقِيُّ في قَوْلِهِ: ﴿واللّاتِي يَأْتِينَ الفاحِشَةَ مِن نِسائِكم﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿سَبِيلًا﴾ ثُمَّ جَمَعَهُما جَمِيعًا، فَقالَ: ﴿واللَّذانِ يَأْتِيانِها مِنكم فَآذُوهُما﴾ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ الجَلْدِ، وقَدْ قالَ بِالنَّسْخِ جَماعَةٌ مِنَ التّابِعِينَ، أخْرَجَهُ أبُو داوُدَ والبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ وأخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو داوُدَ في ناسِخِهِ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ، وأخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ الحَسَنِ، وأخْرَجَهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وأخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «فِي قَوْلِهِ: ﴿واللَّذانِ يَأْتِيانِها مِنكم﴾ قالَ: كانَ الرَّجُلُ إذا زَنا أُوذِيَ بِالتَّعْيِيرِ وضُرِبَ بِالنِّعالِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ ﴿الزّانِيَةُ والزّانِي فاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ فَإنْ كانا مُحْصَنَيْنِ رُجِما في سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ ﴿واللَّذانِ يَأْتِيانِها مِنكم﴾ قالَ: الرَّجُلانِ الفاعِلانِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ﴿واللَّذانِ يَأْتِيانِها مِنكم﴾ يَعْنِي البِكْرَيْنِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَطاءٍ قالَ: الرَّجُلُ والمَرْأةُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ﴾ الآيَةَ قالَ: هَذِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وفي قَوْلِهِ: ﴿ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ﴾ قالَ: هَذِهِ لِأهْلِ النِّفاقِ ﴿ولا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وهم كُفّارٌ﴾ قالَ: هَذِهِ لِأهْلِ الشِّرْكِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الرَّبِيعِ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: اجْتَمَعَ أصْحابُ مُحَمَّدٍ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَرَأوْا أنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَصِيَ بِهِ فَهو جَهالَةٌ عَمْدًا كانَ أوْ غَيْرَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ أبِي العالِيَةِ أنَّ أصْحابَ مُحَمَّدٍ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ كانُوا يَقُولُونَ: كُلُّ ذَنْبٍ أصابَهُ عَبْدٌ فَهو جَهالَةٌ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ عَنْ أبِي صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّما التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ﴾ الآيَةَ، قالَ: مَن عَمِلَ السُّوءَ فَهو جاهِلٌ، مِن جَهالَتِهِ عَمَلُ السُّوءِ ﴿ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ﴾ قالَ: في الحَياةِ والصِّحَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ قالَ: القَرِيبُ ما بَيْنَهُ وبَيْنَ أنْ يَنْظُرَ إلى مَلَكِ المَوْتِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: كُلُّ شَيْءٍ قَبْلَ المَوْتِ فَهو قَرِيبٌ لَهُ التَّوْبَةُ ما بَيْنَهُ وبَيْنَ أنْ يُعايِنَ مَلَكَ المَوْتِ فَإذا تابَ حِينَ يَنْظُرُ إلى مَلَكِ المَوْتِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: القَرِيبُ: ما لَمْ يُغَرْغِرْ. وقَدْ ورَدَتْ أحادِيثُ كَثِيرَةٌ في قَبُولِ تَوْبَةِ العَبْدِ ما لَمْ يُغَرْغِرْ، ذَكَرَها ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِهِ، ومِنها الحَدِيثُ الَّذِي قَدَّمْنا ذِكْرَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب