الباحث القرآني

قَوْلُهُ: ﴿ولِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنِفَةٌ لِتَقْرِيرِ كَمالِ سِعَتِهِ سُبْحانَهُ وشُمُولِ قُدْرَتِهِ ﴿ولَقَدْ وصَّيْنا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم﴾ أمَرْناهم فِيما أنْزَلْناهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الكُتُبِ، واللّامُ في الكِتابِ لِلْجِنْسِ ( وإيّاكم ) عَطْفٌ عَلى المَوْصُولِ ( ﴿أنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ ) أيْ: أمَرْناهم وأمَرْناكم بِالتَّقْوى، وهو في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِقَوْلِهِ: ( وصَّيْنا ) أوْ مَنصُوبٌ بِنَزْعِ الخافِضِ، قالَ الأخْفَشُ؛ أيْ: بِأنِ اتَّقُوا اللَّهَ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ أنْ مُفَسِّرَةً؛ لِأنَّ التَّوْصِيَةَ في مَعْنى القَوْلِ. قَوْلُهُ: ﴿وإنْ تَكْفُرُوا فَإنَّ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ: ( أنِ اتَّقُوا ) أيْ: وصَّيْناهم وإيّاكم بِالتَّقْوى وقُلْنا لَهم ولَكم إنْ تَكْفُرُوا، وفائِدَةُ هَذا التَّكْرِيرِ التَّأْكِيدُ لِيَتَنَبَّهَ العِبادُ عَلى سِعَةِ مُلْكِهِ ويَنْظُرُوا في ذَلِكَ ويَعْلَمُوا أنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ خَلْقِهِ ﴿ولِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ وكَفى بِاللَّهِ وكِيلًا﴾ . ( ﴿إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ ) أيْ: يُفْنِكم ( ﴿ويَأْتِ بِآخَرِينَ﴾ ) أيْ: بِقَوْمٍ آخَرِينَ غَيْرِكم، وهو كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكم ثُمَّ لا يَكُونُوا أمْثالَكم﴾ [محمد: ٣٨] ﴿مَن كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا﴾ وهو مَن يَطْلُبُ بِعَمَلِهِ شَيْئًا مِن أُمُورِ الدُّنْيا كالمُجاهِدِ يَطْلُبُ الغَنِيمَةَ دُونَ الأجْرِ ﴿فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا والآخِرَةِ﴾ فَما بالُهُ يَقْتَصِرُ عَلى أدْنى الثَّوابَيْنِ وأحْقَرِ الأجْرَيْنِ، وهَلا طَلَبَ بِعَمَلِهِ ما عِنْدَ اللَّهِ سُبْحانَهُ، وهو ثَوابُ الدُّنْيا والآخِرَةِ فَيُحْرِزُها جَمِيعًا ويَفُوزُ بِهِما وظاهِرُ الآيَةِ العُمُومُ. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ، الطَّبَرِيُّ: إنَّها خاصَّةً بِالمُشْرِكِينَ والمُنافِقِينَ ﴿وكانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ يَسْمَعُ ما يَقُولُونَهُ ويُبْصِرُ ما يَفْعَلُونَهُ، وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( ﴿وكانَ اللَّهُ غَنِيًّا﴾ ) عَنْ خَلْقِهِ ( حَمِيدًا ) قالَ: مُسْتَحْمِدًا إلَيْهِمْ. وأخْرَجا أيْضًا، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ (p-٣٣٥)جَرِيرٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وكَفى بِاللَّهِ وكِيلًا﴾ قالَ: حَفِيظًا. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ،، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكم أيُّها النّاسُ ويَأْتِ بِآخَرِينَ﴾ قالَ: قادِرٌ واللَّهِ رَبُّنا عَلى ذَلِكَ أنْ يُهْلِكَ مِن خَلْقِهِ ما شاءَ ويَأْتِي بِآخَرِينَ مِن بَعْدِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب