الباحث القرآني

تَفْسِيرُ سُورَةِ ص وهِيَ مَكِّيَّةٌ: قالَ القُرْطُبِيُّ: في قَوْلِ الجَمِيعِ. وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ والنَّحّاسُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ " ص " بِمَكَّةَ وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: " «لَمّا مَرِضَ أبُو طالِبٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَهْطٌ مِن قُرَيْشٍ فِيهِمْ أبُو جَهْلٍ، فَقالَ: إنَّ ابْنَ أخِيكَ يَشْتُمُ آلِهَتَنا ويَفْعَلُ ويَفْعَلُ ويَقُولُ ويَقُولُ، فَلَوْ بَعَثْتَ إلَيْهِ فَنَهَيْتَهُ، فَبَعَثَ إلَيْهِ، فَجاءَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَدَخَلَ البَيْتَ، وبَيْنَهم وبَيْنَ أبِي طالِبٍ قَدْرُ مَجْلِسِ رَجُلٍ، فَخَشِيَ أبُو جَهْلٍ أنْ يَجْلِسَ إلى أبِي طالِبٍ ويَكُونُ أرْقى عَلَيْهِ، فَوَثَبَ فَجَلَسَ في ذَلِكَ المَجْلِسِ، فَلَمْ يَجِدْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - مَجْلِسًا قُرْبَ عَمِّهِ، فَجَلَسَ عِنْدَ البابِ، فَقالَ لَهُ أبُو طالِبٍ أيِ ابْنَ أخِي ما بالُ قَوْمِكِ يَشْكُونَكَ ؟ يَزْعُمُونَ أنَّكَ تَشْتُمُ آلِهَتَهم، وتَقُولُ وتَقُولُ، قالَ: وأكْثَرُوا عَلَيْهِ مِنَ القَوْلِ، وتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَقالَ: يا عَمِّ إنِّي أُرِيدُهم عَلى كَلِمَةٍ واحِدَةٍ يَقُولُونَها تَدِينُ لَهم بِها العَرَبُ وتُؤَدِّي إلَيْهِمْ بِها العَجَمُ الجِزْيَةَ، فَفَزِعُوا لِكَلِمَتِهِ ولِقَوْلِهِ، فَقالَ القَوْمُ: كَلِمَةٌ واحِدَةٌ نَعَمْ وأبِيكَ عَشْرًا، قالُوا فَما هي ؟ قالَ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، فَقامُوا فَزِعِينَ يَنْفُضُونَ ثِيابَهم، وهم يَقُولُونَ: ﴿أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا واحِدًا إنَّ هَذا لَشَيْءٌ عُجابٌ﴾ [ص: ٥] فَنَزَلَ فِيهِمْ ﴿ص والقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿بَلْ لَمّا يَذُوقُوا عَذابِ﴾» [ص: ١ - ٨] . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَوْلُهُ: ﴿ص﴾ قَرَأ الجُمْهُورُ بِسُكُونِ الدّالِ كَسائِرِ حُرُوفِ التَّهَجِّي في أوائِلِ السُّوَرِ فَإنَّها ساكِنَةُ الأواخِرِ عَلى الوَقْفِ. وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، والحَسَنُ، وابْنُ أبِي إسْحاقَ ونَصْرُ بْنُ عاصِمٍ وابْنُ أبِي عَبْلَةَ وأبُو السِّماكِ بِكَسْرِ الدّالِ مِن غَيْرِ تَنْوِينٍ، ووَجْهُ الكَسْرِ أنَّهُ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وقِيلَ: وجْهُ الكَسْرِ أنَّهُ مِن صادى يُصادِي إذا عارَضَ والمَعْنى صادِ القُرْآنَ بِعَمَلِكَ أيْ: عارِضْهُ بِعَمَلِكَ وقابِلْهُ فاعْمَلْ بِهِ، وهَذا حَكاهُ النَّحّاسُ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ وقالَ: إنَّهُ فَسَّرَ قِراءَتَهُ هَذِهِ بِهَذا، وعَنْهُ أنَّ المَعْنى: اتْلُهُ وتَعَرَّضْ لِقِراءَتِهِ. وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ: " صادَ " بِفَتْحِ الدّالِ، والفَتْحُ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وقِيلَ: نُصِبَ عَلى الإغْراءِ. وقِيلَ: مَعْناهُ: صادَ مُحَمَّدٌ قُلُوبَ الخَلْقِ واسْتَمالَها حَتّى آمَنُوا بِهِ، ورُوِيَتْ هَذِهِ القِراءَةُ عَنْ أبِي عَمْرٍو، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ أبِي إسْحاقَ أيْضًا أنَّهُ قَرَأ " صادِ " بِالكَسْرِ والتَّنْوِينِ تَشْبِيهًا لِهَذا الحَرْفِ بِما هو غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنَ الأصْواتِ. وقَرَأ هارُونُ الأعْوَرُ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ " صادُ " بِالضَّمِّ مِن غَيْرِ تَنْوِينٍ عَلى البِناءِ نَحْوُ: مُنْذُ وحَيْثُ. وقَدِ اخْتُلِفَ في مَعْنى " صادْ " فَقالَ الضَّحّاكُ: مَعْناهُ صَدَقَ اللَّهُ. وقالَ عَطاءٌ: صَدَقَ مُحَمَّدٌ. وقالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هو بَحْرٌ يُحْيِي اللَّهُ بِهِ المَوْتى بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ. وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هو مِفْتاحُ اسْمِ اللَّهِ. وقالَ قَتادَةُ: هو اسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ. ورُوِيَ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: هو اسْمٌ مِن أسْماءِ الرَّحْمَنِ. وقالَ مُجاهِدٌ: هو فاتِحَةُ السُّورَةِ. وقِيلَ: هو مِمّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ، وهَذا هو الحَقُّ كَما قَدَّمْنا في فاتِحَةِ سُورَةِ البَقَرَةِ. قِيلَ: وهو إمّا اسْمٌ لِلْحُرُوفِ مَسْرُودًا عَلى نَمَطِ التَّعَبُّدِ، أوِ اسْمٌ لِلسُّورَةِ، أوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أوْ مَنصُوبٌ بِإضْمارِ اذْكُرْ أوِ اقْرَأْ، والواوُ في قَوْلِهِ: ﴿والقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ هي واوُ القَسَمِ، والإقْسامُ بِالقُرْآنِ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى شَرَفِ قَدْرِهِ وعُلُوِّ مَحَلِّهِ، ومَعْنى ﴿ذِي الذِّكْرِ﴾ أنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلى الذِّكْرِ الَّذِي فِيهِ بَيانُ كُلِّ شَيْءٍ. قالَ مُقاتِلٌ: مَعْنى ﴿ذِي الذِّكْرِ﴾ ذِي البَيانِ. وقالَ الضَّحّاكُ: ذِي الشَّرَفِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ أنْزَلْنا إلَيْكم كِتابًا فِيهِ ذِكْرُكم﴾ [الأنبياء: ١٠] (p-١٢٥٦)أيْ: شَرَفُكم، وقِيلَ: أيْ: ذِي المَوْعِظَةِ. واخْتُلِفَ في جَوابِ هَذا القِسْمِ ما هو ؟ فَقالَ الزَّجّاجُ والكِسائِيُّ والكُوفِيُّونَ غَيْرَ الفَرّاءِ: إنَّهُ قَوْلُهُ: ﴿إنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ﴾ [ص: ٦٤] وقالَ الفَرّاءُ: لا نَجِدُهُ مُسْتَقِيمًا لِتَأخُّرِهِ جِدًّا عَنْ قَوْلِهِ: والقُرْآنِ ورَجَّحَ هو وثَعْلَبٌ أنَّ الجَوابَ قَوْلُهُ: ﴿كَمْ أهْلَكْنا﴾ وقالَ الأخْفَشُ: الجَوابُ هو ﴿إنْ كُلٌّ إلّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ﴾ [ص: ١٤] وقِيلَ: هو " صادْ "، لِأنَّ مَعْناهُ حَقٌّ، فَهو جَوابٌ لِقَوْلِهِ والقُرْآنِ كَما تَقُولُ حَقًّا واللَّهِ، وجَبَ واللَّهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ ورُوِيَ أيْضًا عَنْ ثَعْلَبٍ والفَرّاءِ، وهو مَبْنِيٌّ عَلى أنَّ جَوابَ القَسَمِ يَجُوزُ تَقَدُّمُهُ وهو ضَعِيفٌ. وقِيلَ: الجَوابُ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: والقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ لَتُبْعَثُنَّ ونَحْوُ ذَلِكَ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ تَقْدِيرُهُ ما الأمْرُ كَما يَزْعُمُ الكُفّارُ، والقَوْلُ بِالحَذْفِ أوْلى. وقِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ ص مُقْسَمٌ بِهِ، وعَلى هَذا القَوْلِ تَكُونُ الواوُ في والقُرْآنِ لِلْعَطْفِ عَلَيْهِ، ولَمّا كانَ الإقْسامُ بِالقُرْآنِ دالًّا عَلى صِدْقِهِ، وأنَّهُ حَقٌّ، وأنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلرَّيْبِ. قالَ - سُبْحانَهُ -: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا في عِزَّةٍ وشِقاقٍ﴾ فَأضْرَبَ عَنْ ذَلِكَ وكَأنَّهُ قالَ: لا رَيْبَ فِيهِ قَطْعًا، ولَمْ يَكُنْ عَدَمُ قَبُولِ المُشْرِكِينَ لَهُ لِرَيْبٍ فِيهِ. بَلْ هم في عِزَّةٍ عَنْ قَبُولِ الحَقِّ أيْ: تَكَبُّرٍ وتَجَبُّرٍ. وشِقاقٍ أيْ: وامْتِناعٍ عَنْ قَبُولِ الحَقِّ، والعِزَّةُ عِنْدَ العَرَبِ: الغَلَبَةُ والقَهْرُ، يُقالُ: مَن عَزَّ بَزَّ أيْ: مَن غَلَبَ سَلَبَ، ومِنهُ و﴿وعَزَّنِي في الخِطابِ﴾ [ص: ٢٣] أيْ: غَلَبَنِي، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎يَعُزُّ عَلى الطَّرِيقِ بِمَنكِبَيْهِ كَما ابْتَرَكَ الخَلِيعُ عَلى القِداحِ والشِّقاقُ: مَأْخُوذٌ مِنَ الشِّقِّ وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُهُ. ثُمَّ خَوَّفَهم - سُبْحانَهُ - وهَدَّدَهم بِما فَعَلَهُ بِمَن قَبْلَهم مِنَ الكُفّارِ فَقالَ ﴿كَمْ أهْلَكْنا مِن قَبْلِهِمْ مِن قَرْنٍ﴾ يَعْنِي الأُمَمَ الخالِيَةَ المُهْلَكَةَ بِتَكْذِيبِ الرُّسُلِ أيْ: كَمْ أهْلَكْنا مِنَ الأُمَمِ الخالِيَةِ الَّذِينَ كانُوا أمْنَعَ مِن هَؤُلاءِ وأشَدَّ قُوَّةً وأكْثَرَ أمْوالًا، و" كَمْ " هي الخَبَرِيَّةُ الدّالَّةُ عَلى التَّكْثِيرِ، وهي في مَحَلِّ نَصْبٍ بِـ " أهْلَكْنا " عَلى أنَّها مَفْعُولٌ بِهِ، و" مِن قَرْنٍ " تَمْيِيزٌ، و" مِن " في ﴿مِن قَبْلِهِمْ﴾ هي لِابْتِداءِ الغايَةِ ﴿فَنادَوْا ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ النِّداءُ هُنا: هو نِداءُ الِاسْتِغاثَةِ مِنهم عِنْدَ نُزُولِ العَذابِ بِهِمْ، ولَيْسَ الحِينُ حِينَ مَناصٍ. قالَ الحَسَنُ: نادَوْا بِالتَّوْبَةِ ولَيْسَ حِينَ التَّوْبَةِ ولا حِينَ يَنْفَعُ العَمَلُ. والمَناصُ مَصْدَرُ ناصَ يَنُوصُ، وهو الفَوْتُ والتَّأخُّرُ، ولاتَ بِمَعْنى لَيْسَ بِلُغَةِ أهْلِ اليَمَنِ. وقالَ النَّحْوِيُّونَ: هي لا الَّتِي بِمَعْنى لَيْسَ زِيدَتْ عَلَيْها التّاءُ كَما في قَوْلِهِمْ: رُبَّ ورُبَّتَ، وثَمَّ وثَمَّتَ قالَ الفَرّاءُ: النَّوْصُ التَّأخُّرُ، وأنْشَدَ قَوْلَ امْرِئِ القَيْسِ: ؎أمِن ذِكْرِ لَيْلى إذْ نَأتْكَ تَنُوصُ قالَ: يُقالُ: ناصَ عَنْ قَرْنِهِ يَنُوصُ نَوْصًا أيْ: فَرَّ وزاغَ. قالَ الفَرّاءُ: ويُقالُ: ناصَ يَنُوصُ: إذا تَقَدَّمَ. وقِيلَ: المَعْنى: أنَّهُ قالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: مَناصٌ، أيْ: عَلَيْكم بِالفِرارِ والهَزِيمَةِ، فَلَمّا أتاهُمُ العَذابُ قالُوا: مَناصٌ، فَقالَ اللَّهُ: ﴿ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ سِيبَوَيْهِ: لاتَ مُشَبَّهَةٌ بِلَيَسَ، والِاسْمُ فِيها مُضْمَرٌ أيْ: لَيْسَ حِينُنا حِينَ مَناصٍ. قالَ الزَّجّاجُ: التَّقْدِيرُ ولَيْسَ أوانُنا. قالَ ابْنُ كَيْسانَ: والقَوْلُ كَما قالَ سِيبَوَيْهِ، والوَقْفُ عَلَيْها عِنْدَ الكِسائِيِّ بِالهاءِ، وبِهِ قالَ المُبَرِّدُ والأخْفَشُ. قالَ الكِسائِيُّ والفَرّاءُ والخَلِيلُ وسِيبَوَيْهِ والأخْفَشُ: والتّاءُ تُكْتَبُ مُنْقَطِعَةً عَنْ " حِينَ "، وكَذَلِكَ هي في المَصاحِفِ. وقالَ أبُو عُبَيْدٍ: تُكْتَبُ مُتَّصِلَةً بِـ " حِينَ "، فَيُقالُ: " ولا تَحِينُ " ومِنهُ قَوْلُ أبِي وجْزَةَ السَّعْدِيِّ: ؎العاطِفُونَ تَحِينَ ما مِن عاطِفٍ ∗∗∗ والمُطْعِمُونَ زَمانَ ما مِن مُطْعِمِ وقَدْ يُسْتَغْنى بِحِينَ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ كَما قالَ الشّاعِرُ: ؎تَذَكَّرَ حُبَّ لَيْلى لاتَ حِينًا ∗∗∗ وأمْسى الشَّيْبُ قَدْ قَطَعَ القَرِينا قالَ أبُو عُبَيْدٍ: لَمْ نَجِدِ العَرَبَ تَزِيدُ هَذِهِ التّاءَ إلّا في حِينَ وأوانَ والآنَ. قُلْتُ: بَلْ قَدْ يَزِيدُونَها في غَيْرِ ذَلِكَ كَما في قَوْلِ الشّاعِرِ: ؎فَلَتَعْرِفُنَّ خَلائِقًا مَشْمُولَةً ∗∗∗ ولَتَنْدَمُنَّ ولاتَ ساعَةِ مَندَمِ وقَدْ أنْشَدَ الفَرّاءُ هَذا البَيْتَ مُسْتَدِلًّا بِهِ عَلى أنَّ مِنَ العَرَبِ مَن يَخْفِضُ بِها، وجُمْلَةُ ﴿ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِن ضَمِيرِ نادَوْا. قَرَأ الجُمْهُورُ لاتَ بِفَتْحِ التّاءِ، وقُرِئَ " لاتِ " بِالكَسْرِ كَجَيْرِ. ﴿وعَجِبُوا أنْ جاءَهم مُنْذِرٌ مِنهم﴾ أيْ: عَجِبَ الكُفّارُ الَّذِينَ وصَفَهُمُ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - بِأنَّهم في عِزَّةٍ وشِقاقٍ أنْ جاءَهم مُنْذِرٌ مِنهم أيْ: رَسُولٌ مِن أنْفُسِهِمْ يُنْذِرُهم بِالعَذابِ إنِ اسْتَمَرُّوا عَلى الكُفْرِ، و" أنْ " وما في حَيِّزِها في مَحَلِّ نَصْبٍ بِنَزْعِ الخافِضِ أيْ: مِن أنْ جاءَهم، وهو كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ مُشْتَمِلٌ عَلى ذِكْرِ نَوْعٍ مِن أنْواعِ كُفْرِهِمْ ﴿وقالَ الكافِرُونَ هَذا ساحِرٌ كَذّابٌ﴾ قالُوا هَذا القَوْلَ لَمّا شاهَدُوا ما جاءَ بِهِ مِنَ المُعْجِزاتِ الخارِجَةِ عَنْ قُدْرَةِ البَشَرِ أيْ: هَذا المُدَّعِي لِلرِّسالَةِ ساحِرٌ فِيما يُظْهِرُهُ مِنَ المُعْجِزاتِ كَذّابٌ فِيما يَدَّعِيهِ مِن أنَّ اللَّهَ أرْسَلَهُ. قِيلَ: ووُضِعَ الظّاهِرُ مَوْضِعَ المُضْمَرِ لِإظْهارِ الغَضَبِ عَلَيْهِمْ وأنَّ ما قالُوهُ لا يَتَجاسَرُ عَلى مِثْلِهِ إلّا المُتَوَغِّلُونَ في الكُفْرِ. ثُمَّ أنْكَرُوا ما جاءَ بِهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - مِنَ التَّوْحِيدِ وما نَفاهُ مِنَ الشُّرَكاءِ لِلَّهِ فَقالُوا: ﴿أجَعَلَ الآلِهَةَ إلَهًا واحِدًا﴾ أيْ: صَيَّرَها إلَهًا واحِدًا وقَصَرَها عَلى اللَّهِ - سُبْحانَهُ - ﴿إنَّ هَذا لَشَيْءٌ عُجابٌ﴾ أيْ: لَأمْرٌ بالِغٌ في العَجَبِ إلى الغايَةِ. قالَ الجَوْهَرِيُّ: العَجِيبُ الأمْرُ الَّذِي يُتَعَجَّبُ مِنهُ وكَذَلِكَ العُجابُ بِالضَّمِّ والعُجّابُ بِالتَّشْدِيدِ أكْثَرُ مِنهُ قَرَأ الجُمْهُورُ عُجابٌ مُخَفَّفًا. وقَرَأ عَلِيٌّ، والسُّلَمِيُّ، وعِيسى بْنُ عُمَرَ، وابْنُ مِقْسَمٍ بِتَشْدِيدِ الجِيمِ. قالَ مُقاتِلٌ: عُجابٌ يَعْنِي بِالتَّخْفِيفِ لُغَةُ أزْدِ شَنُوءَةَ، قِيلَ: والعُجابُ بِالتَّخْفِيفِ والتَّشْدِيدِ يَدُلّانِ عَلى أنَّهُ قَدْ تَجاوَزَ الحَدَّ في العَجَبِ، كَما يُقالُ: الطَّوِيلُ الَّذِي فِيهِ طُولٌ، والطِّوالُ الَّذِي قَدْ تَجاوَزَ حَدَّ الطُّولِ وكَلامُ الجَوْهَرِيِّ يُفِيدُ اخْتِصاصَ المُبالَغَةِ بِعُجّابٍ مُشَدَّدِ الجِيمِ لا بِالمُخَفَّفِ، وقَدْ قَدَّمْنا في صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآياتِ. ﴿وانْطَلَقَ المَلَأُ مِنهُمْ﴾ المُرادُ بِالمَلَأِ: الأشْرافُ كَما هو مُقَرَّرٌ في غَيْرِ مَوْضِعٍ مِن تَفْسِيرِ الكِتابِ العَزِيزِ أيِ: انْطَلَقُوا مِن مَجْلِسِهِمُ الَّذِي كانُوا فِيهِ عِنْدَ أبِي طالِبٍ كَما تَقَدَّمَ قائِلِينَ ﴿أنِ امْشُوا﴾ أيْ: قائِلِينَ (p-١٢٥٧)لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا امْضُوا عَلى ما كُنْتُمْ عَلَيْهِ ولا تَدْخُلُوا في دِينِهِ ﴿واصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ﴾ أيِ: اثْبُتُوا عَلى عِبادَتِها، وقِيلَ: المَعْنى: وانْطَلَقَ الأشْرافُ مِنهم فَقالُوا لِلْعَوامِّ امْشُوا واصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكم، و( أنْ ) في قَوْلِهِ: ﴿أنِ امْشُوا﴾ هي المُفَسِّرَةُ لِلْقَوْلِ المُقَدَّرِ، أوْ لِقَوْلِهِ وانْطَلَقَ لِأنَّهُ مُضَمَّنٌ مَعْنى القَوْلِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً مَعْمُولَةً لِلْمُقَدَّرِ أوْ لِلْمَذْكُورِ أيْ: بِأنِ امْشُوا. وقِيلَ: المُرادُ بِالِانْطِلاقِ: الِانْدِفاعُ في القَوْلِ، وامْشُوا مِن مَشَتِ المَرْأةُ إذا كَثُرَتْ وِلادَتُها أيِ: اجْتَمَعُوا وأكْثَرُوا، وهو بَعِيدٌ جِدًّا، وخِلافُ ما يَدُلُّ عَلَيْهِ الِانْطِلاقُ والمَشْيُ بِحَقِيقَتِهِما، وخِلافُ ما تَقَدَّمَ في سَبَبِ النُّزُولِ، وجُمْلَةُ ﴿إنَّ هَذا لَشَيْءٌ يُرادُ﴾ تَعْلِيلٌ لِما تَقَدَّمَهُ مِنَ الأمْرِ بِالصَّبْرِ أيْ: يُرِيدُهُ مُحَمَّدٌ بِنا وبِآلِهَتِنا، ويَوَدُّ تَمامَهُ لِيَعْلُوَ عَلَيْنا، وتَكُونَ لَهُ أتْباعًا فَيَتَحَكَّمُ فِينا بِما يُرِيدُ، فَيَكُونُ هَذا الكَلامُ خارِجًا مَخْرَجَ التَّحْذِيرِ مِنهُ والتَّنْفِيرِ عَنْهُ. وقِيلَ: المَعْنى: إنَّ هَذا الأمْرَ يُرِيدُهُ اللَّهُ - سُبْحانَهُ -، وما أرادَهُ فَهو كائِنٌ لا مَحالَةَ، فاصْبِرُوا عَلى عِبادَةِ آلِهَتِكم. وقِيلَ: المَعْنى: إنَّ دِينَكم لَشَيْءٌ يُرادُ أيْ: يُطْلَبُ لِيُؤْخَذَ مِنكم وتُغْلَبُوا عَلَيْهِ، والأوَّلُ أوْلى. ﴿ما سَمِعْنا بِهَذا في المِلَّةِ الآخِرَةِ﴾ أيْ: ما سَمِعْنا بِهَذا الَّذِي يَقُولُهُ مُحَمَّدٌ مِنَ التَّوْحِيدِ في المِلَّةِ الآخِرَةِ. وهِيَ مِلَّةُ النَّصْرانِيَّةِ فَإنَّها آخِرُ المِلَلِ قَبْلَ مِلَّةِ الإسْلامِ، كَذا قالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ، وقَتادَةُ ومُقاتِلٌ والكَلْبِيُّ والسُّدِّيُّ. وقالَ مُجاهِدٌ: يَعْنُونَ مِلَّةَ قُرَيْشٍ، ورُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ قَتادَةَ أيْضًا. وقالَ الحَسَنُ: المَعْنى ما سَمِعْنا: أنَّ هَذا يَكُونُ آخِرَ الزَّمانِ. وقِيلَ: المَعْنى: ما سَمِعْنا مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولٌ ﴿إنْ هَذا إلّا اخْتِلاقٌ﴾ أيْ: ما هَذا إلّا كَذِبٌ اخْتَلَقَهُ مُحَمَّدٌ وافْتَراهُ. ثُمَّ اسْتَنْكَرُوا أنْ يَخُصَّ اللَّهُ رَسُولَهُ بِمَزِيَّةِ النُّبُوَّةِ دُونَهم فَقالُوا: ﴿أؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنا﴾ والِاسْتِفْهامُ لِلْإنْكارِ أيْ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ونَحْنُ الرُّؤَساءُ والأشْرافُ. قالَ الزَّجّاجُ: قالُوا كَيْفَ أُنْزِلَ عَلى مُحَمَّدٍ القُرْآنُ مِن بَيْنِنا ونَحْنُ أكْبَرُ سِنًّا وأعْظَمُ شَرَفًا مِنهُ، وهَذا مِثْلُ قَوْلِهِمْ: ﴿لَوْلا نُزِّلَ هَذا القُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: ٣١] فَأنْكَرُوا أنْ يَتَفَضَّلَ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ بِما شاءَ. ولَمّا ذَكَرَ اسْتِنْكارَهم لِنُزُولِ القُرْآنِ عَلى رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - دُونَهم بَيَّنَ السَّبَبَ الَّذِي لِأجْلِهِ تَرَكُوا تَصْدِيقَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فِيما جاءَ بِهِ، فَقالَ: ﴿بَلْ هم في شَكٍّ مِن ذِكْرِي﴾ أيْ: مِنَ القُرْآنِ أوِ الوَحْيِ لِإعْراضِهِمْ عَنِ النَّظَرِ المُوجِبِ لِتَصْدِيقِهِ وإهْمالِهِمْ لِلْأدِلَّةِ الدّالَّةِ عَلى أنَّهُ حَقٌّ مُنْزَلٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ ﴿بَلْ لَمّا يَذُوقُوا عَذابِ﴾ أيْ: بَلِ السَّبَبُ أنَّهم لَمْ يَذُوقُوا عَذابِي فاغْتَرُّوا بِطُولِ المُهْلَةِ، ولَوْ ذاقُوا عَذابِي عَلى ما هم عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ والشَّكِّ لَصَدَّقُوا ما جِئْتَ بِهِ مِنَ القُرْآنِ ولَمْ يَشُكُّوا فِيهِ. ﴿أمْ عِنْدَهم خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ العَزِيزِ الوَهّابِ﴾ أيْ: مَفاتِيحُ نِعَمِ رَبِّكَ وهي النُّبُوَّةُ وما هو دُونَها مِنَ النِّعَمِ حَتّى يُعْطُوها مَن شاءُوا، فَما لَهم ولِإنْكارِ ما تَفَضَّلَ اللَّهُ بِهِ عَلى هَذا النَّبِيِّ واخْتارَهُ لَهُ واصْطَفاهُ لِرِسالَتِهِ. والمَعْنى: بَلْ أعِنْدَهم، لِأنَّ أمْ هي المُنْقَطِعَةُ المُقَدَّرَةُ بِبَلْ والهَمْزَةِ. والعَزِيزُ الغالِبُ القاهِرُ. والوَهّابُ: المُعْطِي بِغَيْرِ حِسابٍ. ﴿أمْ لَهم مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما﴾ أيْ: بَلْ ألَهم مُلْكُ هَذِهِ الأشْياءِ حَتّى يُعْطُوا مَن شاءُوا ويَمْنَعُوا مَن شاءُوا، ويَعْتَرِضُوا عَلى إعْطاءِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - ما شاءَ لِمَن شاءَ، وقَوْلُهُ: ﴿فَلْيَرْتَقُوا في الأسْبابِ﴾ جَوابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ أيْ: إنْ كانَ لَهم ذَلِكَ فَلْيَصْعَدُوا في الأسْبابِ الَّتِي تُوصِلُهم إلى السَّماءِ وإلى العَرْشِ حَتّى يَحْكُمُوا بِما يُرِيدُونَ مِن عَطاءٍ ومَنعٍ ويُدَبِّرُوا أمْرَ العالَمِ بِما يَشْتَهُونَ، أوْ فَلْيَصْعَدُوا، ولِيَمْنَعُوا المَلائِكَةَ مِن نُزُولِهِمْ بِالوَحْيِ عَلى مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - . والأسْبابُ: أبْوابُ السَّماواتِ الَّتِي تَنْزِلُ المَلائِكَةُ مِنها. قالَهُ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، ومِنهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ: ؎ولَوْ رامَ أسْبابَ السَّماءِ بِسُلَّمِ قالَ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ: الأسْبابُ أدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ، وأشَدُّ مِنَ الحَدِيدِ ولَكِنْ لا تُرى. وقالَ السُّدِّيُّ ﴿فِي الأسْبابِ﴾ في الفَضْلِ والدِّينِ. وقِيلَ: فَلْيَعْمَلُوا في أسْبابِ القُوَّةِ إنْ ظَنُّوا أنَّها مانِعَةٌ وهو قَوْلُ أبِي عُبَيْدَةَ. وقِيلَ: الأسْبابُ الحِبالُ: يَعْنِي إنْ وجَدُوا حِبالًا يَصْعَدُونَ فِيها إلى السَّماءِ فَعَلُوا، والأسْبابُ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ كُلُّ شَيْءٍ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلى المَطْلُوبِ كائِنًا ما كانَ. وفي هَذا الكَلامِ تَهَكُّمٌ بِهِمْ وتَعْجِيزٌ لَهم. ﴿جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الأحْزابِ﴾ هَذا وعْدٌ مِنَ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - لِنَبِيِّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِالنَّصْرِ عَلَيْهِمْ والظَّفَرِ بِهِمْ، و( جُنْدٌ ) مُرْتَفَعٌ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ: هم جُنْدٌ، يَعْنِي الكُفّارَ ( مَهْزُومٌ ) مَكْسُورٌ عَمّا قَرِيبٍ، فَلا تُبالِ بِهِمْ ولا تَظُنَّ أنَّهم يَصِلُونَ إلى شَيْءٍ مِمّا يُضْمِرُونَهُ بِكَ مِنَ الكَيْدِ، و( ما ) في قَوْلِهِ: ما هُنالِكَ هي صِفَةٌ لِ ( جُنْدٌ ) لِإفادَةِ التَّعْظِيمِ والتَّحْقِيرِ أيْ: جُنْدٌ أيُّ جُنْدٍ. وقِيلَ: هي زائِدَةٌ، يُقالُ: هَزَمْتَ الجَيْشَ كَسَرْتَهُ، وتَهَزَّمَتِ القَرْيَةُ: إذا تَكَسَّرَتْ، وهَذا الكَلامُ مُتَّصِلٌ بِما تَقَدَّمَ، وهو قَوْلُهُ: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا في عِزَّةٍ وشِقاقٍ﴾ وهم جُنْدٌ مِنَ الأحْزابِ مَهْزُومُونَ، فَلا تَحْزَنْ لِعِزَّتِهِمْ وشِقاقِهِمْ، فَإنِّي أسْلُبُ عِزَّهم وأهْزِمُ جَمْعَهم، وقَدْ وقَعَ ذَلِكَ ولِلَّهِ الحَمْدُ في بَدْرٍ وفِيما بَعْدَهُ مِن مُواطِنِ اللَّهِ. وقَدْ أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أبِي صالِحٍ قالَ: سُئِلَ جابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وابْنُ عَبّاسٍ عَنْ ﴿ص﴾ فَقالَ: لا نَدْرِي ما هو. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ص مُحَمَّدٌ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ ﴿والقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ قالَ: ذِي الشَّرَفِ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ الطَّيالِسِيُّ، وعَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ التَّمِيمِيِّ قالَ: سَألْتُ ابْنَ عَبّاسٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ - تَعالى -: ﴿فَنادَوْا ولاتَ حِينَ مَناصٍ﴾ قالَ: لَيْسَ بِحِينِ نَزْوٍ ولا فِرارٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنْهُ في الآيَةِ قالَ: نادَوُا النِّداءَ حِينَ يَنْفَعُهم، وأنْشَدَ: ؎تَذَكَّرْتُ لَيْلى لاتَ حِينَ تَذَكُّرِ ∗∗∗ وقَدْ بِنْتُ مِنها والمَناصُ بِعِيدُ وأخْرَجَ عَنْهُ أيْضًا في الآيَةِ قالَ: لَيْسَ هَذا حِينَ زَوالٍ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ مِن طَرِيقِ عَطِيَّةَ عَنْهُ أيْضًا قالَ: لا حِينَ فِرارٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في (p-١٢٥٨)قَوْلِهِ: ﴿وانْطَلَقَ المَلَأُ مِنهُمْ﴾ الآيَةَ قالَ: نَزَلَتْ حِينَ انْطَلَقَ أشْرافُ قُرَيْشٍ إلى أبِي طالِبٍ فَكَلَّمُوهُ في النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ ﴿وانْطَلَقَ المَلَأُ مِنهُمْ﴾ قالَ: أبُو جَهْلٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿ما سَمِعْنا بِهَذا في المِلَّةِ الآخِرَةِ﴾ قالَ: النَّصْرانِيَّةُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿فَلْيَرْتَقُوا في الأسْبابِ﴾ قالَ: في السَّماءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب