الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿وقالُوا يا ويْلَنا﴾ أيْ: قالَ أُولَئِكَ المَبْعُوثُونَ لَمّا عايَنُوا البَعْثَ الَّذِي كانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ في الدُّنْيا: يا ويْلَنا، دَعَوْا بِالوَيْلِ عَلى أنْفُسِهِمْ.
قالَ الزَّجّاجُ: الوَيْلُ كَلِمَةٌ يَقُولُها القائِلُ وقْتَ الهَلَكَةِ، وقالَ الفَرّاءُ: إنَّ أصْلَهُ يا ويْ لَنا، ووَيْ بِمَعْنى الحُزْنِ كَأنَّهُ قالَ: يا حُزْنُ لَنا.
قالَ النَّحّاسُ: ولَوْ كانَ كَما قالَ لَكانَ مُنْفَصِلًا، وهو في المُصْحَفِ مُتَّصِلٌ، ولا نَعْلَمُ أحَدًا يَكْتُبُهُ إلّا مُتَّصِلًا، وجُمْلَةُ ﴿هَذا يَوْمُ الدِّينِ﴾ تَعْلِيلٌ لِدُعائِهِمْ بِالوَيْلِ عَلى أنْفُسِهِمْ، و" الدِّينِ " الجَزاءُ، فَكَأنَّهم قالُوا: هَذا اليَوْمُ الَّذِي نُجازى فِيهِ بِأعْمالِنا مِنَ الكُفْرِ والتَّكْذِيبِ لِلرُّسُلِ فَأجابَ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ بِقَوْلِهِمْ: ﴿هَذا يَوْمُ الفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ هَذا مِن قَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، والفَصْلُ الحُكْمُ والقَضاءُ؛ لِأنَّهُ يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ المُحْسِنِ والمُسِيءِ.
وقَوْلُهُ: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأزْواجَهم﴾ هو أمْرٌ مِنَ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - لِلْمَلائِكَةِ بِأنْ يَحْشُرُوا المُشْرِكِينَ وأزْواجَهم، وهم أشْباهُهم في الشِّرْكِ، والمُتابِعُونَ لَهم في الكُفْرِ، والمُشايِعُونَ لَهم في تَكْذِيبِ الرُّسُلِ، كَذا قالَ قَتادَةُ، وأبُو العالِيَةِ.
وقالَ الحَسَنُ ومُجاهِدٌ: المُرادُ بِأزْواجِهِمْ نِساؤُهُمُ المُشْرِكاتُ المُوافِقاتُ لَهم عَلى الكُفْرِ والظُّلْمِ.
وقالَ الضَّحّاكُ: أزْواجُهم قُرَناؤُهم مِنَ الشَّياطِينِ يُحْشَرُ كُلُّ كافِرٍ مَعَ شَيْطانِهِ، وبِهِ قالَ مُقاتِلٌ.
﴿وما كانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ مِنَ الأصْنامِ والشَّياطِينِ، وهَذا العُمُومُ المُسْتَفادُ مِن ما المَوْصُولَةِ، فَإنَّها عِبارَةٌ عَنِ المَعْبُودِينَ، لا عَنِ العابِدِينَ كَما قِيلَ: مَخْصُوصٌ، لِأنَّ مِن طَوائِفِ الكُفّارِ مَن عَبَدَ المَسِيحَ، ومِنهم مَن عَبَدَ المَلائِكَةَ فَيَخْرُجُونَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١] ووَجْهُ حَشْرِ الأصْنامِ مَعَ كَوْنِها جَماداتٍ لا تَعْقِلُ هو زِيادَةُ التَّبْكِيتِ لِعابِدِيها وتَخْجِيلُهم وإظْهارُ أنَّها لا تَنْفَعُ ولا تَضُرُّ ﴿فاهْدُوهم إلى صِراطِ الجَحِيمِ﴾ أيْ: عَرِّفُوا هَؤُلاءِ (p-١٢٣٨)المَحْشُورِينَ طَرِيقَ النّارِ وسُوقُوهم إلَيْها، يُقالُ: هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ وهَدَيْتُهُ إلَيْها أيْ: دَلَلْتُهُ عَلَيْها، وفي هَذا تَهَكُّمٌ بِهِمْ.
﴿وقِفُوهم إنَّهم مَسْئُولُونَ﴾ أيِ: احْبِسُوهم، يُقالُ: وقَفْتُ الدّابَّةَ أقِفُها وقْفًا فَوَقَفَتْ هي وُقُوفًا يَتَعَدّى ولا يَتَعَدّى، وهَذا الحَبْسُ لَهم يَكُونُ قَبْلَ السَّوْقِ إلى جَهَنَّمَ أيْ: وقِفُوهم لِلْحِسابِ ثُمَّ سُوقُوهم إلى النّارِ بَعْدَ ذَلِكَ، وجُمْلَةُ ﴿إنَّهم مَسْئُولُونَ﴾ تَعْلِيلٌ لِلْجُمْلَةِ الأُولى.
قالَ الكَلْبِيُّ أيْ: مَسْئُولُونَ عَنْ أعْمالِهِمْ وأقْوالِهِمْ وأفْعالِهِمْ.
وقالَ الضَّحّاكُ: عَنْ خَطاياهم، وقِيلَ: عَنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وقِيلَ: عَنْ ظُلْمِ العِبادِ، وقِيلَ: عَنْ ظُلْمِ العِبادِ.
وقِيلَ: هَذا السُّؤالُ هو المَذْكُورُ بَعْدَ هَذا بِقَوْلِهِ: ﴿ما لَكم لا تَناصَرُونَ﴾ أيْ: أيُّ شَيْءٍ لَكم لا يَنْصُرُ بَعْضُكم بَعْضًا كَما كُنْتُمْ في الدُّنْيا، وهَذا تَوْبِيخٌ لَهم وتَقْرِيعٌ وتَهَكُّمٌ بِهِمْ، وأصْلُهُ تَتَناصَرُونَ فَطُرِحَتْ إحْدى التّاءَيْنِ تَخْفِيفًا.
قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿إنَّهم مَسْئُولُونَ﴾ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ بِفَتْحِها.
قالَ الكِسائِيُّ أيْ: لِأنَّهم أوْ بِأنَّهم، وقِيلَ: الإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿ما لَكم لا تَناصَرُونَ﴾ إلى قَوْلِ أبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ ﴿نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ﴾ [القمر: ٤٤] .
ثُمَّ أضْرَبَ - سُبْحانَهُ - عَمّا تَقَدَّمَ إلى بَيانِ الحالَةِ الَّتِي هم عَلَيْها هُنالِكَ فَقالَ: ﴿بَلْ هُمُ اليَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ﴾ أيْ: مُنْقادُونَ لِعَجْزِهِمْ عَنِ الحِيلَةِ. قالَ قَتادَةُ: مُسْتَسْلِمُونَ في عَذابِ اللَّهِ. وقالَ الأخْفَشُ: مُلْقُونَ بِأيْدِيهِمْ، يُقالُ: اسْتَسْلَمَ لِلشَّيْءِ: إذا انْقادَ لَهُ وخَضَعَ.
﴿وأقْبَلَ بَعْضُهم عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ﴾ أيْ: أقْبَلَ بَعْضُ الكُفّارِ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ.
قِيلَ: هُمُ الأتْباعُ والرُّؤَساءُ يَسْألُ بَعْضُهم بَعْضًا سُؤالَ تَوْبِيخٍ وتَقْرِيعٍ ومُخاصَمَةٍ. وقالَ مُجاهِدٌ: هو قَوْلُ الكُفّارِ لِلشَّياطِينِ. وقالَ قَتادَةُ: هو قَوْلُ الإنْسِ لِلْجِنِّ. والأوَّلُ أوْلى لِقَوْلِهِ: ﴿قالُوا إنَّكم كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ اليَمِينِ﴾ أيْ: كُنْتُمْ تَأْتُونَنا في الدُّنْيا عَنِ اليَمِينِ أيْ: مِن جِهَةِ الحَقِّ والدِّينِ والطّاعَةِ وتَصُدُّونا عَنْها.
قالَ الزَّجّاجُ: كُنْتُمْ تَأْتُونَنا مِن قِبَلِ الدِّينِ، فَتُرُونَنا أنَّ الدِّينَ والحَقَّ ما تُضِلُّونَنا بِهِ، واليَمِينُ عِبارَةٌ عَنِ الحَقِّ، وهَذا كَقَوْلِهِ - تَعالى - إخْبارًا عَنْ إبْلِيسَ ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهم مِن بَيْنِ أيْدِيهِمْ ومِن خَلْفِهِمْ وعَنْ أيْمانِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٧] قالَ الواحِدِيُّ: قالَ أهْلُ المَعانِي: إنَّ الرُّؤَساءَ كانُوا قَدْ حَلَفُوا لِهَؤُلاءِ الأتْباعِ أنَّ ما يَدْعُونَهم إلَيْهِ هو الحَقُّ فَوَثِقُوا بِأيْمانِهِمْ، فَمَعْنى ﴿تَأْتُونَنا عَنِ اليَمِينِ﴾ أيْ: مِن ناحِيَةِ الأيْمانِ الَّتِي كُنْتُمْ تَحْلِفُونَها فَوَثِقْنا بِها. قالَ: والمُفَسِّرُونَ عَلى القَوْلِ الأوَّلِ.
وقِيلَ: المَعْنى: تَأْتُونَنا عَنِ اليَمِينِ الَّتِي نُحِبُّها ونَتَفاءَلُ بِها لِتُغْرُونا بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ النُّصْحِ، والعَرَبُ تَتَفاءَلُ بِما جاءَ عَنِ اليَمِينِ وتُسَمِّيهِ السّانِحَ.
وقِيلَ: اليَمِينُ بِمَعْنى القُوَّةِ أيْ: تَمْنَعُونَنا بِقُوَّةٍ وغَلَبَةٍ وقَهْرٍ كَما في قَوْلِهِ: ﴿فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِاليَمِينِ﴾ [الصافات: ٩٣] أيْ: بِالقُوَّةِ وهَذِهِ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوابُ سُؤالٍ مُقَدَّرٍ.
وكَذَلِكَ كَجُمْلَةِ ﴿قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ فَإنَّها مُسْتَأْنَفَةٌ جَوابُ سُؤالٍ مُقَدَّرٍ، والمَعْنى: أنَّهُ قالَ الرُّؤَساءُ أوِ الشَّياطِينُ لِهَؤُلاءِ القائِلِينَ: كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ اليَمِينِ: بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ولَمْ نَمْنَعْكم مِنَ الإيمانِ.
والمَعْنى: إنَّكم لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ قَطُّ حَتّى نَنْقُلَكم عَنِ الإيمانِ إلى الكُفْرِ بَلْ كُنْتُمْ مِنَ الأصْلِ عَلى الكُفْرِ فَأقَمْتُمْ عَلَيْهِ.
﴿وما كانَ لَنا عَلَيْكم مِن سُلْطانٍ﴾ مِن تَسَلُّطٍ بِقَهْرٍ وغَلَبَةٍ حَتّى نُدْخِلَكم في الإيمانِ ونُخْرِجَكم مِنَ الكُفْرِ ﴿بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طاغِينَ﴾ أيْ: مُتَجاوِزِينَ الحَدَّ في الكُفْرِ والضَّلالِ.
وقَوْلُهُ: ﴿فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إنّا لَذائِقُونَ﴾ مِن قَوْلِ المَتْبُوعِينَ أيْ: وجَبَ عَلَيْنا وعَلَيْكم ولَزِمَنا قَوْلُ رَبِّنا، يَعْنُونَ قَوْلَهُ - تَعالى -: ﴿لَأمْلَأنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ ومِمَّنْ تَبِعَكَ مِنهم أجْمَعِينَ﴾ [ص: ٨٥] ( إنّا لَذائِقُو العَذابِ ) أيْ: إنّا جَمِيعًا لَذائِقُو العَذابِ الَّذِي ورَدَ بِهِ الوَعِيدُ. قالَ الزَّجّاجُ أيْ: إنَّ المُضِلَّ والضّالَّ في النّارِ.
﴿فَأغْوَيْناكُمْ﴾ أيْ: أضْلَلْناكم عَنِ الهُدى، ودَعَوْناكم إلى ما كُنّا فِيهِ مِنَ الغَيِّ، وزَيَّنّا لَكم ما كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الكُفْرِ ﴿إنّا كُنّا غاوِينَ﴾ فَلا عَتْبَ عَلَيْنا في تَعَرُّضِنا لِإغْوائِكم، لِأنّا أرَدْنا أنْ تَكُونُوا أمْثالَنا في الغَوايَةِ، ومَعْنى الآيَةِ: أقْدَمْنا عَلى إغْوائِكم لِأنّا كُنّا مَوْصُوفِينَ في أنْفُسِنا بِالغَوايَةِ، فَأقَرُّوا هاهُنا بِأنَّهم تَسَبَّبُوا لِإغْوائِهِمْ، لَكِنْ لا بِطْرِيقِ القَهْرِ والغَلَبَةِ، ونَفَوْا عَنْ أنْفُسِهِمْ فِيما سَبَقَ أنَّهم قَهَرُوهم وغَلَبُوهم، فَقالُوا: ﴿وما كانَ لَنا عَلَيْكم مِن سُلْطانٍ﴾ .
ثُمَّ أخْبَرَ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - عَنِ الأتْباعِ والمَتْبُوعِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَإنَّهم يَوْمَئِذٍ في العَذابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ كَما كانُوا مُشْتَرِكِينَ في الغَوايَةِ.
﴿إنّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالمُجْرِمِينَ﴾ أيْ: إنّا نَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ الفِعْلِ بِالمُجْرِمِينَ أيْ: أهْلِ الإجْرامِ، وهُمُ المُشْرِكُونَ.
كَما يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: ﴿إنَّهم كانُوا إذا قِيلَ لَهم لا إلَهَ إلّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أيْ: إذا قِيلَ: لَهم قُولُوا لا إلَهَ إلّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ عَنِ القَبُولِ، ومَحَلُّ ( يَسْتَكْبِرُونَ ) النَّصْبُ عَلى أنَّهُ خَبَرُ كانَ، أوِ الرَّفْعُ عَلى أنَّهُ خَبَرُ إنَّ، وكانَ مُلْغاةٌ.
﴿ويَقُولُونَ أئِنّا لَتارِكُو آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ﴾ يَعْنُونُ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أيْ: لِقَوْلِ شاعِرٍ مَجْنُونٍ. فَرَدَّ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿بَلْ جاءَ بِالحَقِّ﴾ يَعْنِي القُرْآنَ المُشْتَمِلَ عَلى التَّوْحِيدِ والوَعْدِ والوَعِيدِ ﴿وصَدَّقَ المُرْسَلِينَ﴾ أيْ: صَدَّقَهم فِيما جاءُوا بِهِ مِنَ التَّوْحِيدِ والوَعِيدِ وإثْباتِ الدّارِ الآخِرَةِ ولَمْ يُخالِفْهم ولا جاءَ بِشَيْءٍ لَمْ تَأْتِ بِهِ الرُّسُلُ قَبْلَهُ.
﴿إنَّكم لَذائِقُو العَذابِ الألِيمِ﴾ أيْ: إنَّكم بِسَبَبِ شِرْكِكم وتَكْذِيبِكم لَذائِقُو العَذابِ الشَّدِيدِ الألَمِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿لَذائِقُو﴾ بِحَذْفِ النُّونِ وخَفْضِ العَذابِ، وقَرَأ أبانُ بْنُ ثَعْلَبٍ عَنْ عاصِمٍ وأبُو السِّماكِ بِحَذْفِها ونَصْبِ العَذابِ، وأنْشَدَ سِيبَوَيْهِ في مِثْلِ هَذِهِ القِراءَةِ بِالحَذْفِ لِلنُّونِ والنَّصْبِ لِلْعَذابِ قَوْلَ الشّاعِرِ:
؎فَألْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ ولا ذاكِرَ اللَّهَ إلّا قَلِيلًا
وأجازَ سِيبَوَيْهِ أيْضًا " والمُقِيمِي الصَّلاةَ " [الحج: ٣٥] بِنَصْبِ الصَّلاةِ عَلى هَذا التَّوْجِيهِ.
وقَدْ قُرِئَ بِإثْباتِ النُّونِ ونَصْبِ العَذابِ عَلى الأصْلِ.
ثُمَّ بَيَّنَ - سُبْحانَهُ - أنَّ ما ذاقُوهُ مِنَ العَذابِ لَيْسَ إلّا بِسَبَبِ أعْمالِهِمْ، فَقالَ: ﴿وما تُجْزَوْنَ إلّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أيْ: إلّا جَزاءَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنَ الكُفْرِ والمَعاصِي، أوْ إلّا بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.
ثُمَّ اسْتَثْنى المُؤْمِنِينَ فَقالَ: ﴿إلّا عِبادَ اللَّهِ المُخْلَصِينَ﴾ قَرَأ أهْلُ المَدِينَةِ والكُوفَةِ (p-١٢٣٩)المُخْلَصِينَ بِفَتْحِ اللّامِ أيِ: الَّذِينَ أخْلَصَهُمُ اللَّهُ لِطاعَتِهِ وتَوْحِيدِهِ.
وقَرَأ الباقُونَ بِكَسْرِها أيِ: الَّذِينَ أخْلَصُوا لِلَّهِ العِبادَةَ والتَّوْحِيدَ، والِاسْتِثْناءُ إمّا مُتَّصِلٌ عَلى تَقْدِيرِ تَعْمِيمِ الخِطابِ في ( تُجْزَوْنَ ) لِجَمِيعِ المُكَلَّفِينَ، أوْ مُنْقَطِعٌ أيْ: لَكِنَّ عِبادَ اللَّهِ المُخْلَصِينَ لا يَذُوقُونَ العَذابَ.
والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ إلى المُخْلَصِينَ، وهو مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ قَوْلُهُ: ﴿لَهم رِزْقٌ مَعْلُومٌ﴾ أيْ: لِهَؤُلاءِ المُخْلَصِينَ رِزْقٌ يَرْزُقُهُمُ اللَّهُ إيّاهُ مَعْلُومٌ في حُسْنِهِ وطِيبِهِ وعَدَمِ انْقِطاعِهِ.
قالَ قَتادَةُ: يَعْنِي الجَنَّةَ، وقِيلَ: مَعْلُومُ الوَقْتِ، وهو أنْ يُعْطُوا مِنهُ بُكْرَةً وعَشِيَّةً كَما في قَوْلِهِ: ﴿ولَهم رِزْقُهم فِيها بُكْرَةً وعَشِيًّا﴾ [مريم: ٦٢] وقِيلَ: هو المَذْكُورُ في قَوْلِهِ بَعْدَهُ.
﴿فَواكِهُ﴾ فَإنَّهُ بَدَلٌ مِن ( رِزْقٌ ) أوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ: هو فَواكِهُ، وهَذا هو الظّاهِرُ.
والفَواكِهُ جَمْعُ الفاكِهَةِ وهي الثِّمارُ كُلُّها رَطِبُها ويابِسُها، وخَصَّصَ الفَواكِهَ بِالذِّكْرِ؛ لِأنَّ أرْزاقَ أهْلِ الجَنَّةِ كُلُّها فَواكِهُ كَذا قِيلَ.
والأوْلى أنْ يُقالَ: إنَّ تَخْصِيصَها بِالذِّكْرِ لِأنَّها أطْيَبُ ما يَأْكُلُونَهُ وألَذُّ ما تَشْتَهِيهِ أنْفُسُهم.
وقِيلَ: إنَّ الفَواكِهَ مِن أتْباعِ سائِرِ الأطْعِمَةِ، فَذِكْرُها يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ غَيْرِها، وجُمْلَةُ ﴿وهم مُكْرَمُونَ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ أيْ: ولَهم مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - إكْرامٌ عَظِيمٌ بِرَفْعِ دَرَجاتِهِمْ عِنْدَهُ وسَماعِ كَلامِهِ ولِقائِهِ في الجَنَّةِ قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿مُكْرَمُونَ﴾ بِتَخْفِيفِ الرّاءِ. وقَرَأ أبُو مِقْسَمٍ بِتَشْدِيدِها.
وقَوْلُهُ ﴿فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ﴾ يَجُوزُ أنْ يَتَعَلَّقَ بِـ ( مُكْرَمُونَ ) وأنْ يَكُونَ خَبَرًا ثانِيًا، وأنْ يَكُونَ حالًا.
وقَوْلُهُ: ﴿عَلى سُرُرٍ﴾ يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ حالًا، وأنْ يَكُونَ خَبَرًا ثالِثًا، وانْتِصابُ ﴿مُتَقابِلِينَ﴾ عَلى الحالِيَّةِ مِنَ الضَّمِيرِ في ( مُكْرَمُونَ )، أوْ مِنَ الضَّمِيرِ في مُتَعَلِّقِ: ( عَلى سُرُرٍ ) .
قالَ عِكْرِمَةُ ومُجاهِدٌ: مَعْنى التَّقابُلِ أنَّهُ لا يَنْظُرُ بَعْضُهم في قَفا بَعْضٍ، وقِيلَ: إنَّها تَدُورُ بِهِمُ الأسِرَّةُ كَيْفَ شاءُوا فَلا يَرى بَعْضُهم قَفا بَعْضٍ.
قَرَأ الجُمْهُورُ ( سُرُرٍ ) بِضَمِّ الرّاءِ. وقَرَأ أبُو السِّماكِ بِفَتْحِها، وهي لُغَةُ بَعْضِ تَمِيمٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - صِفَةً أُخْرى لَهم فَقالَ: ﴿يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِن مَعِينٍ﴾ ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً جَوابًا عَنْ سُؤالٍ مُقَدَّرٍ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِن ضَمِيرِ ( مُتَقابِلِينَ )، والكَأْسُ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ اسْمٌ شامِلٌ لِكُلِّ إناءٍ فِيهِ الشَّرابُ، فَإنْ كانَ فارِغًا فَلَيْسَ بِكَأْسٍ.
وقالَ الضَّحّاكُ والسُّدِّيُّ: كُلُّ كَأْسٍ في القُرْآنِ فَهي الخَمْرُ.
قالَ النَّحّاسُ: وحَكى مَن يَوْثَقُ بِهِ مِن أهْلِ اللُّغَةِ أنَّ العَرَبَ تَقُولُ لِلْقَدَحِ إذا كانَ فِيهِ خَمْرٌ كَأْسٌ، فَإذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَمْرٌ فَهو قَدَحٌ كَما يُقالُ: لِلْخُوانِ إذا كانَ عَلَيْهِ طَعامٌ مائِدَةٌ، فَإذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ طَعامٌ لَمْ يُقَلْ لَهُ مائِدَةٌ، و( مِن مَعِينٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ هو صِفَةٌ لِ ( كَأْسٍ ) .
قالَ الزَّجّاجُ: ( بِكَأْسٍ مِن مَعِينٍ ) أيْ: مِن خَمْرٍ تَجْرِي كَما تَجْرِي العُيُونُ عَلى وجْهِ الأرْضِ، والمَعِينُ الماءُ الجارِي.
وقَوْلُهُ: ﴿بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشّارِبِينَ﴾ صِفَتانِ لِكَأْسٍ.
قالَ الزَّجّاجُ أيْ: ذاتُ لَذَّةٍ فَحُذِفَ المُضافُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الوَصْفُ بِالمَصْدَرِ لِقَصْدِ المُبالَغَةِ في كَوْنِها لَذَّةً فَلا يُحْتاجُ إلى تَقْدِيرِ المُضافِ.
قالَ الحَسَنُ: خَمْرُ الجَنَّةِ أشَدُّ بَياضًا مِنَ اللَّبَنِ لَهُ لَذَّةٌ لَذِيذَةٌ، يُقالُ: شَرابٌ لَذٌّ ولَذِيذٌ كَما يُقالُ: نَباتٌ غَضٌّ وغَضِيضٌ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎بِحَدِيثِها اللَّذِّ الَّذِي لَوْ كَلَّمَتْ ∗∗∗ أُسْدَ الفَلاةِ بِهِ أتَيْنَ سِراعًا
واللَّذِيذُ: كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطابٌ، وقِيلَ: البَيْضاءُ: هي الَّتِي لَمْ يَعْتَصِرْها الرِّجالُ.
ثُمَّ وصَفَ هَذِهِ الكَأْسَ مِنَ الخَمْرِ بِغَيْرِ ما يَتَّصِفُ بِهِ خَمْرُ الدُّنْيا، فَقالَ: ﴿لا فِيها غَوْلٌ﴾ أيْ: لا تَغْتالُ عُقُولُهم فَتَذْهَبُ بِها ولا يُصِيبُهم مِنها مَرَضٌ ولا صُداعٌ ﴿ولا هم عَنْها يُنْزَفُونَ﴾ أيْ: يَسْكَرُونَ: يُقالُ: نَزَفَ الشّارِبُ فَهو مَنزُوفٌ ونَزِيفٌ إذا سَكِرَ، ومِنهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
؎وإذا هي تَمْشِي كَمَشْيِ النَّزِي ∗∗∗ فِ يَصْرَعُهُ بِالكَثِيبِ البُهُرُ
وقالَ أيْضًا:
؎نَزِيفٌ إذا قامَتْ لِوَجْهٍ تَمايَلَتْ
ومِنهُ قَوْلُ الآخَرِ:
؎فَلَثَمْتُ فاها آخِذًا بِقُرُونِها ∗∗∗ شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ ماءِ الحَشْرَجِ
قالَ الفَرّاءُ: العَرَبُ تَقُولُ لَيْسَ فِيها غِيلَةٌ وغائِلَةٌ وغَوْلٌ سَواءٌ.
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: الغَوْلُ أنْ تَغْتالَ عُقُولَهم، وأنْشَدَ قَوْلَ مُطِيعِ بْنِ إياسٍ:
؎وما زالَتِ الكَأْسُ تَغْتالُهم ∗∗∗ وتَذْهَبُ بِالأوَّلِ الأوَّلِ
وقالَ الواحِدِيُّ: الغَوْلُ حَقِيقَتُهُ الإهْلاكُ، يُقالُ: غالَهُ غَوْلًا واغْتالَهُ أيْ: أهْلَكَهُ، والغَوْلُ كُلُّ ما اغْتالَكَ أيْ: أهْلَكَكَ.
قَرَأ الجُمْهُورُ يُنْزَفُونَ بِضَمِّ الياءِ وفَتْحِ الزّايِ: مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ.
وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ الزّايِ: مِن أنْزَفَ الرَّجُلُ: إذا ذَهَبَ عَقْلُهُ مِنَ السُّكْرِ فَهو نَزِيفٌ ومَنزُوفٌ ومُنْزِفٌ، يُقالُ: أحْصُدُ الزَّرْعَ: إذا حانَ حَصادُهُ، وأقْطِفُ الكَرْمَ: إذا حانَ قِطافُهُ.
قالَ الفَرّاءُ: مَن كَسَرَ الزّايَ فَلَهُ مَعْنَيانِ، يُقالُ: أنْزَفَ الرَّجُلُ: إذا فَنِيَتْ خَمْرُهُ، وأنْزَفَ: إذا ذَهَبَ عَقْلُهُ مِنَ السُّكْرِ، وتُحْمَلُ هَذِهِ القِراءَةُ عَلى مَعْنى لا يَنْفَدُ شَرابُهم لِزِيادَةِ الفائِدَةِ.
قالَ النَّحّاسُ: والقِراءَةُ الأُولى أبْيَنُ وأصَحُّ في المَعْنى، لِأنَّ مَعْنى ( لا يُنْزَفُونَ ) عِنْدَ جُمْهُورِ المُفَسِّرِينَ: لا تَذْهَبُ عُقُولُهم، فَنَفى اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - عَنْ خَمْرِ الجَنَّةِ الآفاتِ الَّتِي تَلْحَقُ في الدُّنْيا مِن خَمْرِها مِنَ الصُّداعِ والسُّكْرِ.
وقالَ الزَّجّاجُ وأبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ مَعْنى: " لا يَنْزِفُونَ " بِكَسْرِ الزّايِ: لا يَسْكَرُونَ.
قالَ المَهْدَوِيُّ: لا يَكُونُ مَعْنى " يَنْزِفُونَ " يَسْكَرُونَ، لِأنَّ قَبْلَهُ ﴿لا فِيها غَوْلٌ﴾ أيْ: لا تَغْتالُ عُقُولَهم فَيَكُونُ تَكْرِيرًا، وهَذا يُقَوِّي ما قالَهُ قَتادَةُ: إنَّ الغَوْلَ وجَعُ البَطْنِ وكَذا رَوى ابْنُ أبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجاهِدٍ. وقالَ الحَسَنُ: إنَّ الغَوْلَ الصُّداعُ. وقالَ ابْنُ كَيْسانَ: هو المَغَصُ، فَيَكُونُ مَعْنى الآيَةِ: لا فِيها نَوْعٌ مِن أنْواعِ الفَسادِ المُصاحِبَةِ لِشُرْبِ الخَمْرِ في الدُّنْيا مِن مَغَصٍ أوْ وجَعِ بَطْنٍ أوْ صُداعٍ أوْ عَرْبَدَةٍ أوْ لَغْوٍ أوْ تَأْثِيمٍ ولا هم يَسْكَرُونَ مِنها.
ويُؤَيِّدُ هَذا أنَّ أصْلَ الغَوْلِ الفَسادُ الَّذِي يَلْحَقُ في خَفاءٍ، يُقالُ: اغْتالَهُ اغْتِيالًا: إذا أفْسَدَ عَلَيْهِ أمْرَهُ في خُفْيَةٍ، ومِنهُ الغَوْلُ والغِيلَةُ القَتْلُ خُفْيَةً.
وقَرَأ ابْنُ أبِي إسْحاقَ " يَنْزِفُونَ " بِفَتْحِ الياءِ وكَسْرِ الزّايِ.
وقَرَأ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِفَتْحِ الياءِ وضَمِّ الزّايِ.
ولَمّا ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - صِفَةَ مَشْرُوبِهِمْ ذَكَرَ عَقِبَهُ صِفَةَ مَنكُوحِهِمْ فَقالَ: (p-١٢٤٠)﴿وعِنْدَهم قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ أيْ: نِساءٌ قَصَرْنَ طَرْفَهُنَّ عَلى أزْواجِهِنَّ فَلا يُرِدْنَ غَيْرَهم، والقَصْرُ مَعْناهُ الحَبْسُ، ومِنهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
؎مِنَ القاصِراتِ الطَّرْفِ لَوْ دَبَّ مُحْوِلٌ ∗∗∗ مِنَ الذَّرِّ فَوْقَ الإتْبِ مِنها لَأثَّرا
والمُحْوِلُ الصَّغِيرُ مِنَ الذَّرِّ، والإتْبُ القَمِيصُ، وقِيلَ: القاصِراتُ: المَحْبُوساتُ عَلى أزْواجِهِنَّ، والأوَّلُ أوْلى لِأنَّهُ قالَ: ( قاصِراتُ الطَّرْفِ )، ولَمْ يَقُلْ " مَقْصُوراتِ " .
والعِينُ عِظامُ العُيُونِ جَمْعُ عَيْناءَ وهي الواسِعَةُ العَيْنِ.
قالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى عِينٌ كِبارُ الأعْيُنِ حِسانُها. وقالَ مُجاهِدٌ: العِينُ حِسانُ العُيُونِ.
وقالَ الحَسَنُ: هُنَّ الشَّدِيداتُ بَياضِ العَيْنِ الشَّدِيداتُ سَوادِها، والأوَّلُ أوْلى.
﴿كَأنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ قالَ الحَسَنُ وأبُو زَيْدٍ: شَبَّهَهُنَّ بِبَيْضِ النَّعامِ تُكْمِنُها النَّعامَةُ بِالرِّيشِ مِنَ الرِّيحِ والغُبارِ.
فَلَوْنُهُ أبْيَضُ في صُفْرَةٍ، وهو أحْسَنُ ألْوانِ النِّساءِ.
وقالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ والسُّدِّيُّ: شَبَّهَهُنَّ بِبَطْنِ البَيْضِ قَبْلَ أنْ يُقَشَّرَ وتَمَسُّهُ الأيْدِي وبِهِ قالَ ابْنُ جَرِيرٍ، ومِنهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
؎وبَيْضَةِ خِدْرٍ لا يُرامُ خِباؤُها ∗∗∗ تَمَتَّعْتُ مِن لَهْوٍ بِها غَيْرَ مُعْجَلِ
قالَ المُبَرِّدُ: وتَقُولُ العَرَبُ إذا وصَفَتِ الشَّيْءَ بِالحُسْنِ والنَّظافَةِ كَأنَّهُ بَيْضُ النَّعامِ المُغَطّى بِالرِّيشِ.
وقِيلَ: المَكْنُونُ: المَصُونُ عَنِ الكَسْرِ أيْ: إنَّهُنَّ عَذارى، وقِيلَ: المُرادُ بِالبَيْضِ اللُّؤْلُؤُ كَما في قَوْلِهِ: ﴿وحُورٌ عِينٌ كَأمْثالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ﴾ [الواقعة: ٢٢، ٢٣] ومِثْلُهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎وهِيَ بَيْضاءُ مِثْلُ لُؤْلُؤَةِ الغَوّا ∗∗∗ صِ مُيِّزَتْ مِن جَوْهَرٍ مَكْنُونٍ
والأوَّلُ أوْلى، وإنَّما قالَ ( مَكْنُونٌ ) ولَمْ يَقُلْ: مَكْنُوناتٌ، لِأنَّهُ وصَفَ البَيْضَ بِاعْتِبارِ اللَّفْظِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأزْواجَهم﴾ قالَ: تَقُولُ المَلائِكَةُ لِلزَّبانِيَةِ هَذا القَوْلَ.
وأخْرَجَ، عَبْدُ الرَّزّاقِ، والفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ مَنِيعٍ في مَسْنَدِهِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ مِن طَرِيقِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ في قَوْلِهِ: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأزْواجَهُمْ﴾ قالَ: أمْثالَهُمُ الَّذِينَ هم مِثْلُهم: يَجِيءُ أصْحابُ الرِّبا مَعَ أصْحابِ الرِّبا، وأصْحابُ الزِّنى مَعَ أصْحابِ الزِّنى، وأصْحابُ الخَمْرِ مَعَ أصْحابِ الخَمْرِ، أزْواجٌ في الجَنَّةِ، وأزْواجٌ في النّارِ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وأزْواجَهُمْ﴾ قالَ: أشْباهَهم، وفي لَفْظٍ: نُظَراءَهم.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿فاهْدُوهم إلى صِراطِ الجَحِيمِ﴾ قالَ: وجِّهُوهم وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا في الآيَةِ قالَ: دُلُّوهم ﴿إلى صِراطِ الجَحِيمِ﴾ قالَ: طَرِيقِ النّارِ.
وأخْرَجَ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿وقِفُوهم إنَّهم مَسْئُولُونَ﴾ قالَ: احْبِسُوهم إنَّهم مُحاسَبُونَ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ في تارِيخِهِ والدّارِمِيُّ، والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «ما مِن داعٍ دَعا إلى شَيْءٍ إلّا كانَ مَوْقُوفًا مَعَهُ يَوْمَ القِيامَةِ لازِمًا بِهِ لا يُفارِقُهُ وإنْ دَعا رَجُلٌ رَجُلًا، ثُمَّ قَرَأ ﴿وقِفُوهم إنَّهم مَسْئُولُونَ﴾» وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ ﴿وأقْبَلَ بَعْضُهم عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ﴾ قالَ: ذَلِكَ إذا بُعِثُوا في النَّفْخَةِ الثّانِيَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿كانُوا إذا قِيلَ لَهم لا إلَهَ إلّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ قالَ: كانُوا إذا لَمْ يُشْرَكْ بِاللَّهِ يَسْتَنْكِفُونَ، ﴿ويَقُولُونَ أئِنّا لَتارِكُو آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ﴾ لا يُعْقَلُ، قالَ: فَحَكى اللَّهُ صِدْقَهُ فَقالَ: ﴿بَلْ جاءَ بِالحَقِّ وصَدَّقَ المُرْسَلِينَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الأسْماءِ والصِّفاتِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «أُمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النّاسَ حَتّى يَقُولُوا لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، فَمَن قالَ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مالَهُ ونَفْسَهُ إلّا بِحَقِّهِ وحِسابُهُ عَلى اللَّهِ» .
وأنْزَلَ اللَّهُ في كِتابِهِ وذَكَرَ قَوْمًا اسْتَكْبَرُوا، فَقالَ: ﴿إنَّهم كانُوا إذا قِيلَ لَهم لا إلَهَ إلّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ﴾، وقالَ: ﴿إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا في قُلُوبِهِمُ الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجاهِلِيَّةِ فَأنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وعَلى المُؤْمِنِينَ وألْزَمَهم كَلِمَةَ التَّقْوى وكانُوا أحَقَّ بِها وأهْلَها﴾ [الفتح: ٢٦] وهي لا إلَهَ إلّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ «اسْتَكْبَرَ عَنْها المُشْرِكُونَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ يَوْمَ كاتَبَهم رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَلى قَضِيَّةِ المُدَّةِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِن مَعِينٍ﴾ قالَ: الخَمْرُ ﴿لا فِيها غَوْلٌ﴾ قالَ لَيْسَ فِيها صُداعٌ ﴿ولا هم عَنْها يُنْزَفُونَ﴾ قالَ: لا تَذْهَبُ عُقُولُهم.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قالَ في الخَمْرِ أرْبَعُ خِصالٍ: السُّكْرُ والصُّداعُ والقَيْءُ والبَوْلُ، فَنَزَّهَ اللَّهُ خَمْرَ الجَنَّةِ عَنْها، فَقالَ: ﴿لا فِيها غَوْلٌ﴾ لا تَغُولُ عُقُولُهم مِنَ السُّكْرِ ﴿ولا هم عَنْها يُنْزَفُونَ﴾ قالَ: يَقِيئُونَ عَنْها كَما يَقِيءُ صاحِبُ خَمْرِ الدُّنْيا عَنْها.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿لا فِيها غَوْلٌ﴾ قالَ: هي الخَمْرُ لَيْسَ فِيها وجَعُ بَطْنٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿وعِنْدَهم قاصِراتُ الطَّرْفِ﴾ يَقُولُ: مِن غَيْرِ أزْواجِهِنَّ ﴿كَأنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ قالَ: اللُّؤْلُؤُ المَكْنُونُ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿كَأنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ﴾ قالَ: بَياضُ البَيْضَةِ يُنْزَعُ عَنْها فُوفُها وغِشاؤُها.
{"ayahs_start":20,"ayahs":["وَقَالُوا۟ یَـٰوَیۡلَنَا هَـٰذَا یَوۡمُ ٱلدِّینِ","هَـٰذَا یَوۡمُ ٱلۡفَصۡلِ ٱلَّذِی كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ","۞ ٱحۡشُرُوا۟ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ وَأَزۡوَ ٰجَهُمۡ وَمَا كَانُوا۟ یَعۡبُدُونَ","مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهۡدُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطِ ٱلۡجَحِیمِ","وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡـُٔولُونَ","مَا لَكُمۡ لَا تَنَاصَرُونَ","بَلۡ هُمُ ٱلۡیَوۡمَ مُسۡتَسۡلِمُونَ","وَأَقۡبَلَ بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ یَتَسَاۤءَلُونَ","قَالُوۤا۟ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَأۡتُونَنَا عَنِ ٱلۡیَمِینِ","قَالُوا۟ بَل لَّمۡ تَكُونُوا۟ مُؤۡمِنِینَ","وَمَا كَانَ لَنَا عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنِۭۖ بَلۡ كُنتُمۡ قَوۡمࣰا طَـٰغِینَ","فَحَقَّ عَلَیۡنَا قَوۡلُ رَبِّنَاۤۖ إِنَّا لَذَاۤىِٕقُونَ","فَأَغۡوَیۡنَـٰكُمۡ إِنَّا كُنَّا غَـٰوِینَ","فَإِنَّهُمۡ یَوۡمَىِٕذࣲ فِی ٱلۡعَذَابِ مُشۡتَرِكُونَ","إِنَّا كَذَ ٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِینَ","إِنَّهُمۡ كَانُوۤا۟ إِذَا قِیلَ لَهُمۡ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ یَسۡتَكۡبِرُونَ","وَیَقُولُونَ أَىِٕنَّا لَتَارِكُوۤا۟ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرࣲ مَّجۡنُونِۭ","بَلۡ جَاۤءَ بِٱلۡحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ","إِنَّكُمۡ لَذَاۤىِٕقُوا۟ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَلِیمِ","وَمَا تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ","إِلَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلۡمُخۡلَصِینَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ رِزۡقࣱ مَّعۡلُومࣱ","فَوَ ٰكِهُ وَهُم مُّكۡرَمُونَ","فِی جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِیمِ","عَلَىٰ سُرُرࣲ مُّتَقَـٰبِلِینَ","یُطَافُ عَلَیۡهِم بِكَأۡسࣲ مِّن مَّعِینِۭ","بَیۡضَاۤءَ لَذَّةࣲ لِّلشَّـٰرِبِینَ","لَا فِیهَا غَوۡلࣱ وَلَا هُمۡ عَنۡهَا یُنزَفُونَ","وَعِندَهُمۡ قَـٰصِرَ ٰتُ ٱلطَّرۡفِ عِینࣱ","كَأَنَّهُنَّ بَیۡضࣱ مَّكۡنُونࣱ"],"ayah":"فَأَغۡوَیۡنَـٰكُمۡ إِنَّا كُنَّا غَـٰوِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق