الباحث القرآني
تَفْسِيرُ سُورَةِ سَبَأٍ
وهِيَ مَكِّيَّةٌ. قالَ القُرْطُبِيُّ في قَوْلِ الجَمِيعِ إلّا آيَةً واحِدَةً اخْتُلِفَ فِيها، وهي قَوْلُهُ: ﴿ويَرى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ﴾ [سبأ: ٦] فَقالَتْ فِرْقَةٌ: هي مَكِّيَّةٌ، وقالَتْ فِرْقَةٌ: هي مَدَنِيَّةٌ، وسَيَأْتِي الخِلافُ في مَعْنى هَذِهِ الآيَةِ إنْ شاءَ اللَّهُ وفِيمَن نَزَلَتْ. وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ والنَّحّاسُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ سَبَأٍ بِمَكَّةَ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ﴾ تَعْرِيفُ الحَمْدِ مَعَ لامِ الِاخْتِصاصِ مُشْعِرانِ بِاخْتِصاصِ جَمِيعِ أفْرادِ الحَمْدِ بِاللَّهِ - سُبْحانَهُ - عَلى ما تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ في فاتِحَةِ الكِتابِ، والمَوْصُولُ في مَحَلِّ جَرٍّ عَلى النَّعْتِ، أوِ البَدَلِ، أوِ النَّصْبِ عَلى الِاخْتِصاصِ، أوِ الرَّفْعِ عَلى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ، ومَعْنى ﴿لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ أنَّ جَمِيعَ ما هو فِيها في مُلْكِهِ وتَحْتَ تَصَرُّفِهِ؛ يَفْعَلُ بِهِ ما يَشاءُ ويَحْكُمُ فِيهِ بِما يُرِيدُ، وكُلُّ نِعْمَةٍ واصِلَةٍ إلى العَبْدِ فَهي مِمّا خَلَقَهُ لَهُ ومَنَّ بِهِ عَلَيْهِ، فَحَمْدُهُ عَلى ما في السَّماواتِ والأرْضِ هو حَمْدٌ عَلى النِّعَمِ الَّتِي أنْعَمَ بِها عَلى خَلْقِهِ مِمّا خَلَقَهُ لَهم.
ولَمّا بَيَّنَ أنَّ الحَمْدَ الدُّنْيَوِيَّ مِن عِبادِهِ الحامِدِينَ لَهُ مُخْتَصٌّ بِهِ بَيَّنَ أنَّ الحَمْدَ الأُخْرَوِيَّ مُخْتَصٌّ بِهِ كَذَلِكَ، فَقالَ: ﴿ولَهُ الحَمْدُ في الآخِرَةِ﴾ وقَوْلُهُ: " لَهُ " مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الحَمْدِ، أوْ بِما تَعَلَّقَ بِهِ خَبَرُ الحَمْدِ أعْنِي في الآخِرَةِ، فَإنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَلِّقٍ عامٍّ هو الِاسْتِقْرارُ أوْ نَحْوُهُ، والمَعْنى: أنْ لَهُ - سُبْحانَهُ - عَلى الِاخْتِصاصِ حَمْدَ عِبادِهِ الَّذِينَ يَحْمَدُونَهُ في الدّارِ الآخِرَةِ إذا دَخَلُوا الجَنَّةَ كَما في قَوْلِهِ: ﴿وقالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ﴾ [الزمر: ٧٤] وقَوْلِهِ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهَذا﴾ [الأعراف: ٤٣] وقَوْلِهِ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ﴾ [فاطر: ٣٤] وقَوْلِهِ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أحَلَّنا دارَ المُقامَةِ مِن فَضْلِهِ [فاطر: ٣٥] وقَوْلِهِ: ﴿وآخِرُ دَعْواهم أنِ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [يونس: ١٠] فَهو - سُبْحانَهُ - المَحْمُودُ في الآخِرَةِ كَما أنَّهُ المَحْمُودُ في الدُّنْيا وهو المالِكُ لِلْآخِرَةِ كَما أنَّهُ المالِكُ لِلدُّنْيا ﴿وهُوَ الحَكِيمُ﴾ الَّذِي أحْكَمَ أمْرَ الدّارَيْنِ الخَبِيرُ بِأمْرِ خَلْقِهِ فِيهِما، قِيلَ: والفَرْقُ بَيْنَ الحَمْدَيْنِ: أنَّ الحَمْدَ في الدُّنْيا عِبادَةٌ، وفي الآخِرَةِ تَلَذُّذٌ وابْتِهاجٌ؛ لِأنَّهُ قَدِ انْقَطَعَ التَّكْلِيفُ فِيها.
ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - بَعْضَ ما يُحِيطُ بِهِ عِلْمُهُ مِن أُمُورِ السَّماواتِ والأرْضِ فَقالَ: ﴿يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ﴾ أيْ: ما يَدْخُلُ فِيها مِن مَطَرٍ أوْ كَنْزٍ أوْ دَفِينٍ ﴿وما يَخْرُجُ مِنها﴾ مِن زَرْعٍ ونَباتٍ وحَيَوانٍ ﴿وما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ﴾ مِنَ الأمْطارِ والثُّلُوجِ والبَرَدِ والصَّواعِقِ والبَرَكاتِ، ومِن ذَلِكَ ما يَنْزِلُ مِنها مِن مَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ إلى أنْبِيائِهِ ﴿وما يَعْرُجُ فِيها﴾ مِنَ المَلائِكَةِ وأعْمالِ العِبادِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ يَنْزِلُ بِفَتْحِ الياءِ وتَخْفِيفِ الزّايِ: مُسْنَدًا إلى " ما " وقَرَأ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، والسُّلَمِيُّ بِضَمِّ الياءِ وتَشْدِيدِ الزّايِ: مُسْنَدًا إلى اللَّهِ - سُبْحانَهُ - ﴿وهُوَ الرَّحِيمُ﴾ بِعِبادِهِ الغَفُورُ لِذُنُوبِهِمْ.
﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينا السّاعَةُ﴾ المُرادُ بِهَؤُلاءِ القائِلِينَ جِنْسُ الكَفَرَةِ عَلى الإطْلاقِ، أوْ كُفّارُ مَكَّةَ عَلى الخُصُوصِ ومَعْنى لا تَأْتِينا السّاعَةُ: أنَّها لا تَأْتِي بِحالٍ مِنَ الأحْوالِ، إنْكارًا مِنهم لِوُجُودِها لا لِمُجَرَّدِ إتْيانِها في حالِ تَكَلُّمِهِمْ أوْ في حالِ حَياتِهِمْ مَعَ تَحَقُّقِ وجُودِها فِيما بَعْدُ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وأمَرَ رَسُولَهُ أنْ يَقُولَ لَهم ﴿قُلْ بَلى ورَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾ وهَذا القَسَمُ لِتَأْكِيدِ الإتْيانِ، قَرَأ الجُمْهُورُ " لَتَأْتِيَنَّكم " بِالفَوْقِيَّةِ أيِ: السّاعَةُ، وقَرَأ طَلْقٌ المُعَلِّمُ بِالتَّحْتِيَّةِ عَلى تَأْوِيلِ السّاعَةِ بِاليَوْمِ أوِ الوَقْتِ.
قالَ طَلْقٌ: سَمِعْتُ أشْياخَنا يَقْرَءُونَ بِالياءِ: يَعْنِي التَّحْتِيَّةَ عَلى المَعْنى، كَأنَّهُ قالَ لَيَأْتِيَنَّكُمُ البَعْثُ أوْ أمْرُهُ كَما قالَ:﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إلّا أنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أوْ يَأْتِيَ أمْرُ رَبِّكَ﴾ [النحل: ٣٣] قَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ " عالِمُ الغَيْبِ " بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وخَبَرُهُ ﴿لا يَعْزُبُ﴾، أوْ عَلى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ، وقَرَأ عاصِمٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو بِالجَرِّ عَلى أنَّهُ نَعْتٌ لِ رَبِّي، وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ " عَلّامِ " بِالجَرِّ مَعَ صِيغَةِ المُبالَغَةِ، ومَعْنى ﴿لا يَعْزُبُ﴾ لا يَغِيبُ عَنْهُ ولا يَسْتَتِرُ عَلَيْهِ ولا يَبْعُدُ ﴿عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ في السَّماواتِ ولا في الأرْضِ ولا أصْغَرُ مِن ذَلِكَ﴾ المِثْقالِ ﴿ولا أكْبَرُ﴾ مِنهُ ﴿إلّا في كِتابٍ مُبِينٍ﴾ وهو اللَّوْحُ المَحْفُوظُ.
والمَعْنى: إلّا وهو مُثْبَتٌ في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلى مَعْلُوماتِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - فَهو مُؤَكِّدٌ لِنَفْيِ العُزُوبِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ يَعْزُبُ بِضَمِّ الزّايِ:، وقَرَأ يَحْيى بْنُ (p-١١٨٩)وثّابٍ بِكَسْرِها.
قالَ الفَرّاءُ: والكَسْرُ أحَبُّ إلَيَّ، وهُما لُغَتانِ، يُقالُ: عَزَبَ يَعْزُبُ بِالضَّمِّ، ويَعْزِبُ بِالكَسْرِ إذا بَعُدَ وغابَ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ ولا أصْغَرُ ولا أكْبَرُ بِالرَّفْعِ عَلى الِابْتِداءِ، والخَبَرُ إلّا في كِتابٍ، أوْ عَلى العَطْفِ عَلى مِثْقالُ، وقَرَأ قَتادَةُ، والأعْمَشُ بِنَصْبِهِما عَطْفًا عَلى ذَرَّةٍ، أوْ عَلى أنَّ لا هي لا التَّبْرِئَةِ الَّتِي يُبْنى اسْمُها عَلى الفَتْحِ.
واللّامُ في ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ لِلتَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ لَتَأْتِيَنَّكم أيْ: إتْيانُ السّاعَةِ فائِدَتُهُ جَزاءُ المُؤْمِنِينَ بِالثَّوابِ والكافِرِينَ بِالعِقابِ، والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ إلى المَوْصُولِ أيْ: أُولَئِكَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَلِمُوا الصّالِحاتِ ﴿لَهم مَغْفِرَةٌ﴾ لِذُنُوبِهِمْ ﴿ورِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ وهو الجَنَّةُ بِسَبَبِ إيمانِهِمْ وعَمَلِهِمُ الصّالِحِ مَعَ التَّفَضُّلِ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - .
ثُمَّ ذَكَرَ فَرِيقَ الكافِرِينَ الَّذِينَ يُعاقَبُونَ عِنْدَ إتْيانِ السّاعَةِ فَقالَ: ﴿والَّذِينَ سَعَوْا في آياتِنا مُعاجِزِينَ﴾ أيْ: سَعَوْا في إبْطالِ آياتِنا المُنَزَّلَةِ عَلى الرُّسُلِ، وقَدَحُوا فِيها وصَدُّوا النّاسَ عَنْها، ومَعْنى مُعاجِزِينَ مُسابِقِينَ يَحْسَبُونَ أنَّهم يَفُوتُونَنا ولا يُدْرَكُونَ، وذَلِكَ بِاعْتِقادِهِمْ أنَّهم لا يُبْعَثُونَ، يُقالُ: عاجَزَهُ وأعْجَزَهُ: إذا غالَبَهُ وسَبَقَهُ.
قَرَأ الجُمْهُورُ مُعاجِزِينَ وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ، وحُمَيْدٌ، ومُجاهِدٌ، وأبُو عَمْرٍو " مُعَجِّزِينَ " أيْ: مُثَبِّطِينَ لِلنّاسِ عَنِ الإيمانِ بِالآياتِ أُولَئِكَ أيِ: الَّذِينَ سَعَوْا ﴿لَهم عَذابٌ مِن رِجْزٍ﴾ الرِّجْزُ هو العَذابُ، فَ مِن لِلْبَيانِ، وقِيلَ: الرِّجْزُ هو أسْوَأُ العَذابِ وأشَدُّهُ، والأوَّلُ أوْلى، ومِن ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَأنْزَلْنا عَلى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّماءِ﴾ [البقرة: ٥٩] قَرَأ الجُمْهُورُ " ألِيمٍ " بِالجَرِّ صِفَةً لِرِجْزٍ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ بِالرَّفْعِ صِفَةً لِ عَذابٍ، والألِيمُ الشَّدِيدُ الألَمِ.
﴿ويَرى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ هو الحَقَّ﴾ لَمّا ذَكَرَ الَّذِينَ سَعَوْا في إبْطالِ آياتِ اللَّهِ ذَكَرَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِها، مَعْنى ﴿ويَرى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ﴾ أيْ: يَعْلَمُونَ وهُمُ الصَّحابَةُ.
وقالَ مُقاتِلٌ: هم مُؤْمِنُو أهْلِ الكِتابِ، وقِيلَ: جَمِيعُ المُسْلِمِينَ، والمَوْصُولُ هو المَفْعُولُ الأوَّلُ لِ يَرى، والمَفْعُولُ الثّانِي الحَقَّ، والضَّمِيرُ هو ضَمِيرُ الفَصْلِ.
وبِالنَّصْبِ قَرَأ الجُمْهُورُ، وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ خَبَرُ الضَّمِيرِ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى أنَّها المَفْعُولُ الثّانِي، وهي لُغَةُ تَمِيمٍ، فَإنَّهم يَعْرِفُونَ ما بَعْدَ ضَمِيرِ الفَصْلِ، وزَعَمَ الفَرّاءُ أنَّ الِاخْتِيارَ الرَّفْعُ، وخالَفَهُ غَيْرُهُ وقالُوا النَّصْبُ أكْثَرُ.
قِيلَ: وقَوْلُهُ: يَرى مَعْطُوفٌ عَلى لِيَجْزِيَ، وبِهِ قالَ الزَّجّاجُ والفَرّاءُ: واعْتُرِضَ عَلَيْها بِأنَّ قَوْلَهُ: لِيَجْزِيَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: لَتَأْتِيَنَّكم ولا يُقالُ: لَتَأْتِيَنَّكُمُ السّاعَةُ لِيَرى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أنَّ القُرْآنَ حَقٌّ، والأوْلى أنَّهُ كَلامٌ مُسْتَأْنَفٌ لِدَفْعِ ما يَقُولُهُ الَّذِينَ سَعَوْا في الآياتِ أيْ: إنَّ ذَلِكَ مِنهم يَدُلُّ عَلى جَهْلِهِمْ؛ لِأنَّهم مُخالِفُونَ لِما يَعْلَمُهُ أهْلُ العِلْمِ في شَأْنِ القُرْآنِ ﴿ويَهْدِي إلى صِراطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى الحَقَّ عَطْفَ فِعْلٍ عَلى اسْمٍ، لِأنَّهُ في تَأْوِيلِهِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿صافّاتٍ ويَقْبِضْنَ﴾ [الملك: ١٩] أيْ: وقابِضاتٍ كَأنَّهُ قِيلَ: وهادِيًا، وقِيلَ: إنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَرْجِعُ إلى فاعِلِ أُنْزِلَ، وهو القُرْآنُ، والصِّراطُ الطَّرِيقُ أيْ: ويَهْدِي إلى طَرِيقِ العَزِيزِ في مُلْكِهِ الحَمِيدِ عِنْدَ خَلْقِهِ، والمُرادُ أنَّهُ يَهْدِي إلى دِينِ اللَّهِ وهو التَّوْحِيدُ.
ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - نَوْعًا آخَرَ مِن كَلامِ مُنْكِرِي البَعْثِ، فَقالَ: ﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ: قالَ بَعْضٌ لِبَعْضٍ ﴿هَلْ نَدُلُّكم عَلى رَجُلٍ﴾، يَعْنُونَ مُحَمَّدًا - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أيْ: هَلْ نُرْشِدُكم إلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكم أيْ: يُخْبِرُكم بِأمْرٍ عَجِيبٍ ونَبَّأٍ غَرِيبٍ هو أنَّكم ﴿إذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ أيْ: فُرِّقْتُمْ كُلَّ تَفْرِيقٍ وقُطِّعْتُمْ كُلَّ تَقْطِيعٍ وصِرْتُمْ بَعْدَ مَوْتِكم رُفاتًا وتُرابًا ﴿إنَّكم لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ أيْ: تُخْلَقُونَ خَلْقًا جَدِيدًا، وتُبْعَثُونَ مِن قُبُورِكم أحْياءً، وتَعُودُونَ إلى الصُّوَرِ الَّتِي كُنْتُمْ عَلَيْها، قالَ هَذا القَوْلَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ اسْتِهْزاءً بِما وعَدَهُمُ اللَّهُ عَلى لِسانِ رَسُولِهِ مِنَ البَعْثِ، وأخْرَجُوا الكَلامَ مَخْرَجَ التَّلَهِّي بِهِ والتَّضاحُكِ مِمّا يَقُولُهُ مِن ذَلِكَ، " وإذا " في مَوْضِعِ نَصْبٍ بِقَوْلِهِ مُزِّقْتُمْ.
قالَ النَّحّاسُ: ولا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ العامِلُ فِيها يَنَبِّئُكم لِأنَّهُ لَيْسَ يُخْبِرُهم ذَلِكَ الوَقْتَ، ولا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ العامِلُ فِيها ما بَعْدَ إنَّ لِأنَّهُ لا يَعْمَلُ فِيما قَبْلَها.
وأجازَ الزَّجّاجُ أنْ يَكُونَ العامِلُ فِيها مَحْذُوفًا، والتَّقْدِيرُ: إذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ بُعِثْتُمْ أوْ نُبِّئْتُمْ بِأنَّكم تُبْعَثُونَ إذا مُزِّقْتُمْ، وقالَ المَهْدَوِيُّ: لا يَجُوزُ أنْ يَعْمَلَ فِيهِ مُزِّقْتُمْ لِأنَّهُ مُضافٌ إلَيْهِ، والمُضافُ إلَيْهِ لا يَعْمَلُ في المُضافِ.
وأصْلُ المَزْقِ خَرْقُ الأشْياءِ، يُقالُ: ثَوْبٌ مَزِيقٌ ومُمَزَّقٌ ومُتَمَزِّقٌ ومَمْزُوقٌ.
ثُمَّ حَكى - سُبْحانَهُ - عَنْ هَؤُلاءِ الكُفّارِ أنَّهم رَدَّدُوا ما وعَدَهم بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - مِنَ البَعْثِ بَيْنَ أمْرَيْنِ فَقالُوا: ﴿أفْتَرى عَلى اللَّهِ كَذِبًا أمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ أيْ: أهُوَ كاذِبٌ فِيما قالَهُ أمْ بِهِ جُنُونٌ بِحَيْثُ لا يَعْقِلُ ما يَقُولُهُ، والهَمْزَةُ في أفْتَرى هي هَمْزَةُ الِاسْتِفْهامِ وحُذِفَتْ لِأجْلِها هَمْزَةُ الوَصْلِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ: ﴿أطَّلَعَ الغَيْبَ﴾ [مريم: ٧٨] ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ - سُبْحانَهُ - ما قالُوهُ في رَسُولِهِ فَقالَ: ﴿بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ في العَذابِ والضَّلالِ البَعِيدِ﴾ أيْ: لَيْسَ الأمْرُ كَما زَعَمُوا، بَلْ هُمُ الَّذِينَ ضَلُّوا عَنِ الفَهْمِ وإدْراكِ الحَقائِقِ، فَكَفَرُوا بِالآخِرَةِ ولَمْ يُؤْمِنُوا بِما جاءَهم بِهِ، فَصارُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ في العَذابِ الدّائِمِ في الآخِرَةِ، وهُمُ اليَوْمَ في الضَّلالِ البَعِيدِ عَنِ الحَقِّ غايَةَ البُعْدِ.
ثُمَّ وبَّخَهم - سُبْحانَهُ - بِما اجْتُرِئَ عَلَيْهِ مِنَ التَّكْذِيبِ مُبَيِّنًا لَهم أنَّ ذَلِكَ لَمْ يَصْدُرْ مِنهم إلّا لِعَدَمِ التَّفَكُّرِ والتَّدَبُّرِ في خَلْقِ السَّماءِ والأرْضِ، وأنَّ مَن قَدَرَ عَلى هَذا الخَلْقِ العَظِيمِ لا يُعْجِزُهُ أنْ يَبْعَثَ مِن مَخْلُوقاتِهِ ما هو دُونَ ذَلِكَ ويُعِيدُهُ إلى ما كانَ عَلَيْهِ مِنَ الذّاتِ والصِّفاتِ.
ومَعْنى ﴿إلى ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهم﴾ أنَّهم إذا نَظَرُوا رَأوُا السَّماءَ خَلْفَهم وقُدّامَهم، وكَذَلِكَ إذا نَظَرُوا في الأرْضِ رَأوْها خَلْفَهم وقُدّامَهم، فالسَّماءُ والأرْضُ مُحِيطَتانِ بِهِمْ فَهو القادِرُ عَلى أنْ يُنْزِلَ بِهِمْ ما شاءَ مِنَ العَذابِ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وتَكْذِيبِهِمْ لِرَسُولِهِ وإنْكارِهِمْ لِلْبَعْثِ، فَهَذِهِ الآيَةُ اشْتَمَلَتْ عَلى أمْرَيْنِ: أحَدُهُما أنَّ الخَلْقَ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ (p-١١٩٠)مِنَ السَّماءِ، والأرْضِ يَدُلُّ عَلى كَمالِ القُدْرَةِ عَلى ما هو دُونَهُ مِنَ البَعْثِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿أوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ بِقادِرٍ عَلى أنْ يَخْلُقَ مِثْلَهم﴾ [يس: ٨١] .
والأمْرُ الآخَرُ: التَّهْدِيدُ لَهم بِأنَّ مَن خَلَقَ السَّماءَ والأرْضَ عَلى هَذِهِ الهَيْئَةِ الَّتِي قَدْ أحاطَتْ بِجَمِيعِ المَخْلُوقاتِ فِيهِما قادِرٌ عَلى تَعْجِيلِ العَذابِ لَهم ﴿إنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرْضَ﴾ كَما خَسَفَ بِقارُونَ ﴿أوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا﴾ أيْ: قِطَعًا ﴿مِنَ السَّماءِ﴾ كَما أسْقَطَها عَلى أصْحابِ الأيْكَةِ فَكَيْفَ يَأْمَنُونَ ذَلِكَ.
قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿إنْ نَشَأْ﴾ بِنُونِ العَظَمَةِ، وكَذا ﴿نَخْسِفْ﴾ ﴿أوْ نُسْقِطْ﴾ .
وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِالياءِ التَّحْتِيَّةِ في الأفْعالِ الثَّلاثَةِ، أيْ: " إنْ يَشَأِ اللَّهُ " .
وقَرَأ الكِسائِيُّ وحْدَهُ بِإدْغامِ الفاءِ في الباءِ في " نَخْسِفْ بِهِمْ " .
قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: وذَلِكَ غَيْرُ جائِزٍ لِأنَّ الفاءَ مِن باطِنِ الشَّفَةِ السُّفْلى وأطْرافِ الثَّنايا العُلْيا بِخِلافِ الباءِ، وقَرَأ الجُمْهُورُ " كِسْفًا " بِسُكُونِ السِّينِ.
وقَرَأ حَفْصٌ، والسُّلَمِيُّ بِفَتْحِها ﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ المَذْكُورِ مِن خَلْقِ السَّماءِ والأرْضِ لَآيَةً واضِحَةً ودَلالَةً بَيِّنَةً ﴿لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾ أيْ: راجِعٍ إلى رَبِّهِ بِالتَّوْبَةِ، والإخْلاصِ، وخَصَّ المُنِيبَ؛ لِأنَّهُ المُنْتَفِعُ بِالتَّفَكُّرِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ﴾ قالَ: مِنَ المَطَرِ ﴿وما يَخْرُجُ مِنها﴾ قالَ: مِنَ النَّباتِ ﴿وما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ﴾ قالَ: مِنَ المَلائِكَةِ ﴿وما يَعْرُجُ فِيها﴾ قالَ: المَلائِكَةُ، وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿مِن رِجْزٍ ألِيمٌ﴾ قالَ: الرِّجْزُ هو العَذابُ الألِيمُ المُوجِعُ، وفي قَوْلِهِ: ﴿ويَرى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ﴾ قالَ: أصْحابُ مُحَمَّدٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ في الآيَةِ قالَ: يَعْنِي المُؤْمِنِينَ مِن أهْلِ الكِتابِ.
وأخْرَجَ، عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكم عَلى رَجُلٍ﴾ قالَ: قالَ ذَلِكَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ ﴿إذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ يَقُولُ: إذا أكَلَتْكُمُ الأرْضُ وصِرْتُمْ رُفاتًا وعِظامًا وتَقَطَّعَتْكُمُ السِّباعُ والطَّيْرُ ﴿إنَّكم لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ إنَّكم سَتَحْيَوْنَ وتُبْعَثُونَ، قالُوا ذَلِكَ تَكْذِيبًا بِهِ ﴿أفْتَرى عَلى اللَّهِ كَذِبًا أمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ قالَ: قالُوا إمّا أنْ يَكُونَ يَكْذِبُ عَلى اللَّهِ وإمّا أنْ يَكُونَ مَجْنُونًا ﴿أفَلَمْ يَرَوْا إلى ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهم مِنَ السَّماءِ والأرْضِ﴾ قالُوا: إنَّكَ إنْ نَظَرْتَ عَنْ يَمِينِكَ وعَنْ شِمالِكَ وما بَيْنَ يَدَيْكَ ومِن خَلْفِكَ رَأيْتَ السَّماءَ والأرْضَ ﴿إنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرْضَ﴾ كَما خَسَفْنا بِمَن كانَ قَبْلَهم ﴿أوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّماءِ﴾ أيْ: قِطَعًا مِنَ السَّماءِ إنْ يَشَأْ أنْ يُعَذِّبَ بِسَمائِهِ فَعَلَ وإنْ يَشَأْ أنْ يُعَذِّبَ بِأرْضِهِ فَعَلَ وكُلُّ خَلْقِهِ لَهُ جُنْدٌ ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾ قالَ: تائِبٍ مُقْبِلٍ إلى اللَّهِ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡخَبِیرُ","یَعۡلَمُ مَا یَلِجُ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا یَخۡرُجُ مِنۡهَا وَمَا یَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَمَا یَعۡرُجُ فِیهَاۚ وَهُوَ ٱلرَّحِیمُ ٱلۡغَفُورُ","وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَا تَأۡتِینَا ٱلسَّاعَةُۖ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّی لَتَأۡتِیَنَّكُمۡ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِۖ لَا یَعۡزُبُ عَنۡهُ مِثۡقَالُ ذَرَّةࣲ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَاۤ أَصۡغَرُ مِن ذَ ٰلِكَ وَلَاۤ أَكۡبَرُ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مُّبِینࣲ","لِّیَجۡزِیَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَرِزۡقࣱ كَرِیمࣱ","وَٱلَّذِینَ سَعَوۡ فِیۤ ءَایَـٰتِنَا مُعَـٰجِزِینَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ عَذَابࣱ مِّن رِّجۡزٍ أَلِیمࣱ","وَیَرَى ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَیَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَمِیدِ","وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ هَلۡ نَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلࣲ یُنَبِّئُكُمۡ إِذَا مُزِّقۡتُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمۡ لَفِی خَلۡقࣲ جَدِیدٍ","أَفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِۦ جِنَّةُۢۗ بَلِ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ فِی ٱلۡعَذَابِ وَٱلضَّلَـٰلِ ٱلۡبَعِیدِ","أَفَلَمۡ یَرَوۡا۟ إِلَىٰ مَا بَیۡنَ أَیۡدِیهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَیۡهِمۡ كِسَفࣰا مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّكُلِّ عَبۡدࣲ مُّنِیبࣲ"],"ayah":"أَفَلَمۡ یَرَوۡا۟ إِلَىٰ مَا بَیۡنَ أَیۡدِیهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَیۡهِمۡ كِسَفࣰا مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّكُلِّ عَبۡدࣲ مُّنِیبࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق