الباحث القرآني
(p-٢٣٢)هَذا شُرُوعٌ في بَيانِ شَيْءٍ آخَرَ مِمّا جادَلَتْ فِيهِ اليَهُودُ بِالباطِلِ، وذَلِكَ أنَّهم قالُوا: إنَّ بَيْتَ المَقْدِسِ أفْضَلُ وأعْظَمُ مِنَ الكَعْبَةِ لِكَوْنِهِ مُهاجَرَ الأنْبِياءِ وفي الأرْضِ المُقَدَّسَةِ فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ﴾ الآيَةَ، فَقَوْلُهُ: وُضِعَ صِفَةٌ لِبَيْتٍ وخَبَرُ إنَّ قَوْلُهُ: ﴿لَلَّذِي بِبَكَّةَ﴾ فَنَبَّهَ تَعالى بِكَوْنِهِ أوَّلَ مُتَعَبِّدٍ عَلى أنَّهُ أفْضَلُ مِن غَيْرِهِ، وقَدِ اخْتُلِفَ في البانِي لَهُ في الِابْتِداءِ، فَقِيلَ: المَلائِكَةُ، وقِيلَ: آدَمُ، وقِيلَ: إبْراهِيمُ. ويُجْمَعُ بَيْنَ ذَلِكَ بِأوَّلِ مَن بَناهُ المَلائِكَةُ، ثُمَّ جَدَّدَهُ آدَمُ، ثُمَّ إبْراهِيمُ. وبَكَّةُ عَلَمٌ لِلْبَلَدِ الحَرامِ وكَذا مَكَّةُ وهُما لُغَتانِ، وقِيلَ: إنَّ بَكَّةَ اسْمٌ لِمَوْضِعِ البَيْتِ، ومَكَّةُ اسْمٌ لِلْبَلَدِ الحَرامِ، وقِيلَ: بَكَّةُ لِلْمَسْجِدِ، ومَكَّةُ لِلْحَرَمِ كُلِّهِ، قِيلَ: سُمِّيَتْ بَكَّةُ لِازْدِحامِ النّاسِ في الطَّوافِ، يُقالُ بَكَّ القَوْمُ: ازْدَحَمُوا، وقِيلَ البَكُّ: دَقُّ العُنُقِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّها كانَتْ تَدُقُّ أعْناقَ الجَبابِرَةِ.
وأمّا تَسْمِيَتُها بِمَكَّةَ، فَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ مائِها وقِيلَ: لِأنَّها تَمُكُّ المُخَّ مِنَ العَظْمِ بِما يَنالُ ساكِنَها مِنَ المَشَقَّةِ، ومِنهُ مَكَكْتُ العَظْمَ: إذا أخْرَجْتَ ما فِيهِ، ومَكَّ الفَصِيلُ ضَرْعَ أمَّهُ، وامْتَكَّهُ: إذا امْتَصَّهُ، وقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّها تَمُكُّ مِن ظَلَمَ فِيها؛ أيْ: تُهْلِكُهُ.
قَوْلُهُ: مُبارَكًا حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في وُضِعَ، أوْ مِن مُتَعَلِّقِ الظَّرْفِ؛ لِأنَّ التَّقْدِيرَ لَلَّذِي اسْتَقَرَّ بِبَكَّةَ مُبارَكًا والبَرَكَةُ: كَثْرَةُ الخَيْرِ الحاصِلِ لِمَن يَسْتَقِرُّ فِيهِ أوْ يَقْصِدُهُ، أيِ: الثَّوابُ المُتَضاعِفُ.
والآياتُ البَيِّناتُ والواضِحاتُ: مِنها الصَّفا والمَرْوَةُ، ومِنها أثَرُ القَدَمِ في الصَّخْرَةِ الصَّمّاءِ، ومِنها أنَّ الغَيْثَ إذا كانَ بِناحِيَةِ الرُّكْنِ اليَمانِيِّ كانَ الخِصْبُ في اليَمَنِ، وإنْ كانَ بِناحِيَةِ الشّامِيِّ كانَ الخِصْبُ بِالشّامِ، وإذا عَمَّ البَيْتَ كانَ الخِصْبُ في جَمِيعِ البُلْدانِ، ومِنها انْحِرافُ الطُّيُورِ عَنْ أنْ تَمُرَّ عَلى هَوائِهِ في جَمِيعِ الأزْمانِ، ومِنها هَلاكُ مَن يَقْصِدُهُ مِنَ الجَبابِرَةِ وغَيْرِ ذَلِكَ. وقَوْلُهُ: ﴿مَقامُ إبْراهِيمَ﴾ بَدَلٌ مِن " آياتٌ " قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ المُبَرِّدُ.
وقالَ في الكَشّافِ: إنَّهُ عَطْفُ بَيانٍ. وقالَ الأخْفَشُ: إنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ مِنها مَقامُ إبْراهِيمَ، وقِيلَ: هو خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ: هي مَقامُ إبْراهِيمَ وقَدِ اسْتَشْكَلَ صاحِبُ الكَشّافِ بَيانَ الآياتِ وهي جَمْعٌ بِالمَقامِ وهو فَرْدٌ.
وأجابَ بِأنَّ المَقامَ جُعِلَ وحْدَهُ بِمَنزِلَةِ آياتٍ لِقُوَّةِ شَأْنِهِ أوْ بِأنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلى آياتٍ. قالَ: ويَجُوزُ أنْ يُرادَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إبْراهِيمَ وأمْنُ مَن دَخْلَهُ؛ لِأنَّ الِاثْنَيْنِ نَوْعٌ مِنَ الجَمْعِ.
قَوْلُهُ: ﴿ومَن دَخَلَهُ كانَ آمِنًا﴾ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ حُكْمٍ مِن أحْكامِ الحَرَمِ وهو أنَّ مَن دَخَلَهُ كانَ آمِنًا، وبِهِ اسْتَدَلَّ مَن قالَ: إنَّ مَن لَجَأ إلى الحَرَمِ وقَدْ وجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ مِنَ الحُدُودِ فَإنَّهُ لا يُقامُ عَلَيْهِ الحَدُّ حَتّى يَخْرُجَ مِنهُ، وهو قَوْلُ أبِي حَنِيفَةَ ومَن تابَعَهُ، وخالَفَهُ الجُمْهُورُ فَقالُوا: تُقامُ عَلَيْهِ الحُدُودُ في الحَرَمِ. وقَدْ قالَ جَماعَةٌ: إنَّ الآيَةَ خَبَرٌ في مَعْنى الأمْرِ؛ أيْ: ومَن دَخَلَهُ فَأمِّنُوهُ كَقَوْلِهِ: ﴿فَلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ ولا جِدالَ﴾ [البقرة: ١٩٧] أيْ: لا تَرْفُثُوا ولا تَفْسُقُوا ولا تُجادِلُوا.
قَوْلُهُ: ﴿ولِلَّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ﴾ اللّامُ في قَوْلِهِ: لِلَّهِ هي الَّتِي يُقالُ لَها لامُ الإيجابِ والإلْزامِ، ثُمَّ زادَ هَذا المَعْنى تَأْكِيدًا حَرْفُ عَلى فَإنَّهُ مِن أوْضَحِ الدَّلالاتِ عَلى الوُجُوبِ عِنْدَ العَرَبِ، كَما إذا قالَ القائِلُ: لِفُلانٍ عَلَيَّ كَذا، فَذَكَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ الحَجَّ بِأبْلَغِ ما يَدُلُّ عَلى الوُجُوبِ تَأْكِيدًا لِحَقِّهِ وتَعْظِيمًا لِحُرْمَتِهِ، وهَذا الخِطابُ شامِلٌ لِجَمِيعِ النّاسِ لا يَخْرُجُ عَنْهُ إلّا مَن خَصَّصَهُ الدَّلِيلُ كالصَّبِيِّ والعَبْدِ. وقَوْلُهُ: ﴿مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا﴾ في مَحَلِّ جَرٍّ عَلى أنَّهُ بَدَلُ بَعْضٍ مِنَ النّاسِ.
وبِهِ قالَ أكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ. وأجازَ الكِسائِيُّ أنْ يَكُونَ في مَوْضِعِ رَفْعٍ بِحِجٍّ.
والتَّقْدِيرُ: أنْ يَحُجَّ البَيْتَ مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا، وقِيلَ: إنَّ مَن حَرْفُ شَرْطٍ، والجَزاءُ مَحْذُوفٌ؛ أيْ: مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا فَعَلَيْهِ الحَجُّ. وقَدِ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ في الِاسْتِطاعَةِ ماذا هي ؟ فَقِيلَ: الزّادُ والرّاحِلَةُ، وإلَيْهِ ذَهَبَ جَماعَةٌ مِنَ الصَّحابَةِ وحَكاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ وهو الحَقُّ.
قالَ مالِكٌ: إنَّ الرَّجُلَ إذا وثِقَ بِقُوَّتِهِ لَزِمَهُ الحَجُّ وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زادٌ وراحِلَةٌ إذا كانَ يَقْدِرُ عَلى التَّكَسُّبِ، وبِهِ قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ والشَّعْبِيُّ وعِكْرِمَةُ. وقالَ الضَّحّاكُ: إنْ كانَ شابًّا قَوِيًّا صَحِيحًا ولَيْسَ لَهُ مالٌ فَعَلَيْهِ أنْ يُؤاجِرَ نَفْسَهُ حَتّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، ومِن جُمْلَةِ ما يَدْخُلُ في الِاسْتِطاعَةِ دُخُولًا أوَّلِيًّا أنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ إلى الحَجِّ آمِنَةً، بِحَيْثُ يَأْمَنُ الحاجُّ عَلى نَفْسِهِ ومالِهِ الَّذِي لا يَجِدُ زادًا غَيْرَهُ، أمّا لَوْ كانَتْ غَيْرَ آمِنَةٍ فَلا اسْتِطاعَةَ، لَأنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ يَقُولُ: ﴿مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا﴾ وهَذا الخائِفُ عَلى نَفْسِهِ أوْ مالِهِ لَمْ يَسْتَطِعْ إلَيْهِ سَبِيلًا بِلا شَكٍّ ولا شُبْهَةٍ.
وقَدِ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ إذا كانَ في الطَّرِيقِ مِنَ الظَّلَمَةِ مَن يَأْخُذُ بَعْضَ الأمْوالِ عَلى وجْهٍ ولا يُجْحِفُ بِزادِ الحَجِّ، فَقالَ الشّافِعِيُّ: لا يُعْطِي حَبَّةً، ويَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الحَجِّ ووافَقَهُ جَماعَةٌ وخالَفَهُ آخَرُونَ. والظّاهِرُ أنَّ مَن تَمَكَّنَ مِنَ الزّادِ والرّاحِلَةِ وكانَتِ الطَّرِيقُ آمِنَةً بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِن مُرُورِها ولَوْ بِمُصانَعَةِ بَعْضِ الظَّلَمَةِ لِدَفْعِ شَيْءٍ مِنَ المالِ يَتَمَكَّنُ بِهِ الحاجُّ ولا يَنْقُصُ مِن زادِهِ، ولا يُجْحِفُ بِهِ، فالحَجُّ غَيْرُ ساقِطٍ عَنْهُ بَلْ واجِبٌ عَلَيْهِ؛ لِأنَّهُ قَدِ اسْتَطاعَ السَّبِيلَ بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنَ المالِ، ولَكِنَّهُ يَكُونُ هَذا المالُ المَدْفُوعُ في الطَّرِيقِ مِن جُمْلَةِ ما تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الِاسْتِطاعَةُ، فَلَوْ وجَدَ الرَّجُلُ زادًا وراحِلَةً ولَمْ يَجِدْ ما يَدْفَعُهُ لِمَن يَأْخُذُ المَكْسَ في الطَّرِيقِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الحَجُّ؛ لِأنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ إلَيْهِ سَبِيلًا وهَذا لا بُدَّ مِنهُ، ولا يُنافِي تَفْسِيرَ الِاسْتِطاعَةِ بِالزّادِ والرّاحِلَةِ فَإنَّهُ قَدْ تَعَذَّرَ المُرُورُ في طَرِيقِ الحَجِّ لِمَن وجَدَ الزّادَ، والرّاحِلَةَ إلّا بِذَلِكَ القَدْرِ الَّذِي يَأْخُذُهُ المَكّاسُونَ، ولَعَلَّ وجْهَ قَوْلِ الشّافِعِيِّ إنَّهُ سَقَطَ الحَجُّ أنَّ أخْذَ هَذا المَكْسِ مُنْكَرٌ، فَلا يَجِبُ عَلى الحاجِّ أنْ يَدْخُلَ في مُنْكَرٍ، وأنَّهُ بِذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ.
ومِن جُمْلَةِ ما يَدْخُلُ في الِاسْتِطاعَةِ أنْ يَكُونَ الحاجُّ صَحِيحَ البَدَنِ عَلى وجْهٍ يُمْكِنُهُ الرُّكُوبُ، فَلَوْ كانَ زَمِنًا بِحَيْثُ لا يَقْدِرُ عَلى المَشْيِ ولا عَلى الرُّكُوبِ فَهَذا وإنْ وجَدَ الزّادَ والرّاحِلَةَ فَهو لَمْ يَسْتَطِعِ السَّبِيلَ. قَوْلُهُ: ﴿ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ﴾ (p-٢٣٣)قِيلَ: إنَّهُ عَبَّرَ بِلَفْظِ الكُفْرِ عَنْ تَرْكِ الحَجِّ تَأْكِيدًا لِوُجُوبِهِ وتَشْدِيدًا عَلى تارِكِهِ، وقِيلَ المَعْنى: ومَن كَفَرَ بِفَرْضِ الحَجِّ ولَمْ يَرَهُ واجِبًا، وقِيلَ: إنَّ مَن تَرَكَ الحَجَّ وهو قادِرٌ عَلَيْهِ فَهو كافِرٌ.
وفِي قَوْلِهِ: ﴿فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ﴾ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى مَقْتِ تارِكِ الحَجِّ مَعَ الِاسْتِطاعَةِ وخِذْلانِهِ وبُعْدِهِ مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ ما يَتَعاظَمُهُ سامِعُهُ، ويَرْجُفُ لَهُ قَلْبُهُ، فَإنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ إنَّما شَرَعَ لِعِبادِهِ هَذِهِ الشَّرائِعَ لِنَفْعِهِمْ ومَصْلَحَتِهِمْ، وهو تَعالى شَأْنُهُ وتَقَدَّسَ سُلْطانُهُ غَنِيٌّ لا تَعُودُ إلَيْهِ طاعاتُ عِبادِهِ بِأسْرِها بِنَفْعٍ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ﴾ الآيَةَ، قالَ: كانَتِ البُيُوتُ قَبْلَهُ، ولَكِنَّهُ كانَ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِعِبادَةِ اللَّهِ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما عَنْ أبِي ذَرٍّ قالَ: «قُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أوَّلُ ؟ قالَ: المَسْجِدُ الحَرامُ، قُلْتُ: ثُمَّ أيُّ ؟ قالَ: المَسْجِدُ الأقْصى، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُما ؟ قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ والطَّبَرانِيُّ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قالَ: ( خَلَقَ اللَّهُ البَيْتَ قَبْلَ الأرْضِ بِألْفَيْ سَنَةٍ، وكانَ إذْ كانَ عَرْشُهُ عَلى الماءِ زُبْدَةً بَيْضاءَ، وكانَتِ الأرْضُ تَحْتَهُ كَأنَّها حَشَفَةٌ فَدُحِيَتِ الأرْضُ مِن تَحْتِهِ ) .
وأخْرَجَ نَحْوَهُ ابْنُ المُنْذِرِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ والأزْرَقِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: بَلَغْنا أنَّ اليَهُودَ قالَتْ: بَيْتُ المَقْدِسِ أعْظَمُ مِنَ الكَعْبَةِ لِأنَّهُ مُهاجَرُ الأنْبِياءِ، ولِأنَّهُ في الأرْضِ المُقَدَّسَةِ، فَقالَ المُسْلِمُونَ: بَلِ الكَعْبَةُ أعْظَمُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَنَزَلَتْ ﴿إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ﴾ الآيَةَ إلى قَوْلِهِ: ﴿فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إبْراهِيمَ﴾ ولَيْسَ ذَلِكَ في بَيْتِ المَقْدِسِ ﴿ومَن دَخَلَهُ كانَ آمِنًا﴾ ولَيْسَ ذَلِكَ في بَيْتِ المَقْدِسِ ﴿ولِلَّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ﴾ ولَيْسَ ذَلِكَ في بَيْتِ المَقْدِسِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قالَ: إنَّما سُمِّيَتْ بَكَّةُ؛ لِأنَّ النّاسَ يَجِيئُونَ إلَيْها مِن كُلِّ جانِبٍ حُجّاجًا. ورَوى سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ جَرِيرٍ والبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ: إنَّما سُمِّيَتْ بَكَّةُ لِأنَّ النّاسَ يَتَباكَوْنَ فِيها؛ أيْ: يَزْدَحِمُونَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُقاتِلِ بْنِ حِبّانَ في قَوْلِهِ: ﴿مُبارَكًا﴾ قالَ: جُعِلَ فِيهِ الخَيْرُ والبَرَكَةُ ﴿وهُدًى لِلْعالَمِينَ﴾ يَعْنِي: بِالهُدى قِبْلَتَهم. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ العَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ﴾ فَمِنهُنَّ مَقامُ إبْراهِيمَ والمَشْعَرُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ﴾ قالَ: مَقامُ إبْراهِيمَ ﴿ومَن دَخَلَهُ كانَ آمِنًا ولِلَّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ﴾ . وأخْرَجَ الأزْرَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ومَن دَخَلَهُ كانَ آمِنًا﴾ قالَ: كانَ هَذا في الجاهِلِيَّةِ، كانَ الرَّجُلُ لَوْ جَرَّ كُلَّ جَرِيرَةٍ عَلى نَفْسِهِ ثُمَّ لَجَأ إلى الحَرَمِ لَمْ يُتَناوَلْ ولَمْ يُطْلَبْ، فَأمّا في الإسْلامِ فَإنَّهُ لا يَمْنَعُ مِن حُدُودِ اللَّهِ، مَن سَرَقَ فِيهِ قُطِعَ، ومَن زَنى فِيهِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الحَدُّ، ومَن قَتَلَ فِيهِ قُتِلَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ والأزْرَقِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: لَوْ وجَدْتُ فِيهِ قاتِلَ الخَطّابِ ما مَسِسْتُهُ حَتّى يَخْرُجَ مِنهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ومَن دَخَلَهُ كانَ آمِنًا﴾ قالَ: مَن عاذَ بِالبَيْتِ أعاذَهُ البَيْتُ، ولَكِنْ لا يُؤْوى ولا يُطْعَمُ ولا يُسْقى فَإذا خَرَجَ أُخِذَ بِذَنْبِهِ. وقَدْ رُوِيَ عَنْهُ هَذا المَعْنى مِن طُرُقٍ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ قالَ: لَوْ وجَدْتُ قاتِلَ أبِي في الحَرَمِ لَمْ أعْرِضْ لَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: لَوْ وجَدْتُ قاتِلَ أبِي في الحَرَمِ ما هِجْتُهُ.
وأخْرَجَ الشَّيْخانِ وغَيْرُهُما عَنْ أبِي شُرَيْحٍ العَدَوِيِّ قالَ: «قامَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ الغَدَ مِن يَوْمِ الفَتْحِ فَقالَ: إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَها اللَّهُ ولَمْ يُحَرِّمْها النّاسُ، فَلا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ أنْ يَسْفِكَ بِها دَمًا ولا يُعْضَدَ بِها شَجَرَةٌ، فَإنْ أحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَقُولُوا: إنَّ اللَّهَ قَدْ أذِنَ لِرَسُولِهِ ولَمْ يَأْذَنْ لَكم، وإنَّما أذِنَ لِي ساعَةً مِن نَهارٍ ثُمَّ عادَتْ حُرْمَتُها اليَوْمَ كَحُرْمَتِها أمْسِ» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ أنَسٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا﴾ فَقِيلَ: ما السَّبِيلُ ؟ قالَ: الزّادُ والرّاحِلَةُ» .
وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ وعَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والتِّرْمِذِيُّ وابْنُ ماجَهْ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ عَدِيٍّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «أنَّهُ قامَ رَجُلٌ فَقالَ: ما السَّبِيلُ ؟ فَقالَ: الزّادُ والرّاحِلَةُ» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِما مِن طَرِيقِ الحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ما السَّبِيلُ إلى الحَجِّ ؟ قالَ: الزّادُ والرّاحِلَةُ» . وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ عَنْ جابِرٍ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. وقَدْ رُوِيَ هَذا الحَدِيثُ مِن طُرُقٍ أقَلُّ أحْوالِهِ أنْ يَكُونَ حَسَنًا لِغَيْرِهِ فَلا يَضُرُّهُ ما وقَعَ مِنَ الكَلامِ عَلى بَعْضِ طُرُقِهِ كَما هو مَعْرُوفٌ. وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا في الآيَةِ: «أنَّهُ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَقالَ: تَجِدُ ظَهْرَ بَعِيرٍ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ في قَوْلِهِ: ﴿مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا﴾ قالَ: الزّادُ والرّاحِلَةُ. وأخْرَجا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مِثْلَهُ. وأخْرَجَهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا ابْنُ ماجَهْ والطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ عَنْهُ قالَ: السَّبِيلُ أنْ يَصِحَّ بَدَنُ العَبْدِ ويَكُونَ لَهُ ثَمَنُ زادٍ وراحِلَةٍ مِن غَيْرِ أنْ يُجْحِفَ بِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ قالَ: سَبِيلًا مَن وجَدَ إلَيْهِ سَعَةً ولَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قالَ: الِاسْتِطاعَةُ القُوَّةُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ النَّخَعِيِّ قالَ: إنَّ المُحْرِمَ لِلْمَرْأةِ مِنَ السَّبِيلِ الَّذِي قالَ اللَّهُ.
وقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ النَّهْيُ لِلْمَرْأةِ أنْ تُسافِرَ بِغَيْرِ ذِي مَحْرَمٍ. واخْتَلَفَتِ الأحادِيثُ في قَدْرِ المُدَّةِ، فَفي لَفْظٍ ثَلاثَةَ أيّامٍ، وفي لَفْظٍ يَوْمٌ ولَيْلَةٌ، وفي لَفْظٍ بَرِيدٌ.
(p-٢٣٤)وقَدْ ورَدَتْ أحادِيثُ في تَشْدِيدِ الوَعِيدِ عَلى مَن مَلَكَ زادًا وراحِلَةً ولَمْ يَحُجَّ. فَأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «مَن مَلَكَ زادًا وراحِلَةً تُبَلِّغُهُ إلى بَيْتِ اللَّهِ ولَمْ يَحُجَّ بَيْتَ اللَّهِ فَلا عَلَيْهِ بِأنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أوْ نَصْرانِيًّا، وذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ ﴿ولِلَّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلًا ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ﴾» . وفي إسْنادِهِ هِلالُ الخُراسانِيُّ أبُو هاشِمٍ.
قالَ البُخارِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيثِ. وقِيلَ: مَجْهُولٌ.
وقالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذا الحَدِيثُ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ وفي إسْنادِهِ أيْضًا الحارِثُ الأعْوَرُ وفِيهِ ضَعْفٌ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وأحْمَدُ في كِتابِ الإيمانِ وأبُو يَعْلى والبَيْهَقِيُّ عَنْ أبِي أُمامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «مَن ماتَ ولَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الإسْلامِ لَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضٌ حابِسٌ أوْ سُلْطانٌ جائِرٌ أوْ حاجَةٌ ظاهِرَةٌ فَلْيَمُتْ عَلى أيِّ حالٍ شاءَ يَهُودِيًّا أوْ نَصْرانِيًّا» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سابِطٍ مَرْفُوعًا مُرْسَلًا مِثْلَهُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، قالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ أبْعَثَ رِجالًا إلى هَذِهِ الأمْصارِ فَلْيَنْظُرُوا كُلَّ مَن كانَ لَهُ جِدَةٌ ولَمْ يَحُجَّ فَيَضْرِبُوا عَلَيْهِمِ الجِزْيَةَ ما هم بِمُسْلِمِينَ ما هم بِمُسْلِمِينَ.
وأخْرَجَ الإسْماعِيلِيُّ عَنْهُ يَقُولُ: ( مَن أطاقَ الحَجَّ ولَمْ يَحُجَّ فَسَواءٌ عَلَيْهِ يَهُودِيًّا ماتَ أوْ نَصْرانِيًّا ) قالَ ابْنُ كَثِيرٍ بَعْدَ أنْ ساقَ إسْنادَهُ: وهَذا إسْنادٌ صَحِيحٌ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْهُ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ( مَن ماتَ وهو مُوسِرٌ ولَمْ يَحُجَّ جاءَ يَوْمَ القِيامَةِ وبَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كافِرٌ ) . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنْهُ ( مَن وجَدَ إلى الحَجِّ سَبِيلًا سَنَةً ثُمَّ سَنَةً ثُمَّ سَنَةً ثُمَّ ماتَ ولَمْ يَحُجَّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ ولا يُدْرى ماتَ يَهُودِيًّا أوْ نَصْرانِيًّا ) .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: لَوْ تَرَكَ النّاسُ الحَجَّ لَقاتَلْتُهم عَلَيْهِ كَما نُقاتِلُهم عَلى الصَّلاةِ والزَّكاةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ﴾ قالَ: مَن زَعَمَ أنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضِ عَلَيْهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: مَن كَفَرَ بِالحَجِّ فَلَمْ يَرَ حَجَّهُ بِرًّا ولا تَرْكَهُ مَأْثَمًا. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: " «لَمّا نَزَلَتْ ﴿ومَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا﴾ [آل عمران: ٨٥] قالَتِ اليَهُودُ: فَنَحْنُ مُسْلِمُونَ، فَقالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلى المُسْلِمِينَ حَجَّ البَيْتِ، فَقالُوا: لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْنا وأبَوْا أنْ يَحُجُّوا، قالَ اللَّهُ: ﴿ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ﴾» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ آيَةُ الحَجِّ ﴿ولِلَّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ﴾ الآيَةَ، جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ أهْلَ المِلَلِ مُشْرِكِي العَرَبِ والنَّصارى واليَهُودِ والمَجُوسِ والصّابِئِينَ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الحَجَّ فَحُجُّوا البَيْتَ. فَلَمْ يَقْبَلْهُ إلّا المُسْلِمُونَ، وكَفَرَتْ بِهِ خَمْسُ مِلَلٍ، قالُوا: لا نُؤْمِنُ بِهِ ولا نُصَلِّي إلَيْهِ ولا نَسْتَقْبِلُهُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمِينَ﴾» .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ مُجاهِدٍ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي داوُدَ نُفَيْعٍ قالَ «قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ﴿ولِلَّهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ﴾ الآيَةَ. فَقامَ رَجُلٌ مِن هُذَيْلٍ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ مَن تَرَكَهُ كَفَرَ ؟ فَقالَ: مَن تَرَكَهُ لا يَخافُ عُقُوبَتَهُ، ومَن حَجَّ لا يَرْجُو ثَوابَهُ فَهو ذاكَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ في الآيَةِ قالَ: مَن كَفَرَ بِالبَيْتِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ «فِي قَوْلِ اللَّهِ: ومَن كَفَرَ قالَ: مَن كَفَرَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ مِثْلَهُ مِن قَوْلِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَرَأ ﴿إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ﴾ إلى قَوْلِهِ: سَبِيلًا ثُمَّ قالَ: ومَن كَفَرَ بِهَذِهِ الآياتِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في الآيَةِ قالَ: ومَن كَفَرَ فَلَمْ يُؤْمِن بِهِ: فَهو الكافِرُ.
{"ayahs_start":96,"ayahs":["إِنَّ أَوَّلَ بَیۡتࣲ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبَارَكࣰا وَهُدࣰى لِّلۡعَـٰلَمِینَ","فِیهِ ءَایَـٰتُۢ بَیِّنَـٰتࣱ مَّقَامُ إِبۡرَ ٰهِیمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنࣰاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"],"ayah":"فِیهِ ءَایَـٰتُۢ بَیِّنَـٰتࣱ مَّقَامُ إِبۡرَ ٰهِیمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنࣰاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَیۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَیۡهِ سَبِیلࣰاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ عَنِ ٱلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق