الباحث القرآني
قَوْلُهُ: أفَغَيْرَ عَطْفٌ عَلى مُقَدَّرٍ، أيْ: أتَتَوَلَّوْنَ فَتَبْغُونَ غَيْرَ دِينِ اللَّهِ، وتَقْدِيمُ المَفْعُولِ لِأنَّهُ المَقْصُودُ بِالإنْكارِ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو وحْدَهُ يَبْغُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ وتَرْجِعُونَ بِالفَوْقِيَّةِ، قالَ: لِأنَّ الأوَّلَ خاصٌّ والثّانِي عامٌّ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُما لِافْتِراقِهِما في المَعْنى.
وقَرَأ حَفْصٌ بِالتَّحْتِيَّةِ في المَوْضِعَيْنِ. وقَرَأ الباقُونَ بِالفَوْقِيَّةِ فِيهِما وانْتَصَبَ طَوْعًا وكَرْهًا عَلى الحالِ، أيْ طائِعِينَ ومُكْرَهِينَ. والطَّوْعُ: الِانْقِيادُ والِاتِّباعُ بِسُهُولَةٍ، والكُرْهُ: ما فِيهِ مَشَقَّةٌ وهو مِن أسْلَمَ مَخافَةَ القَتْلِ وإسْلامُهُ اسْتِسْلامٌ مِنهُ.
قَوْلُهُ: " آمَنّا " إخْبارٌ مِنهُ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ وعَنْ أُمَّتِهِ ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنهُمْ﴾ كَما فُرِّقَتِ اليَهُودُ والنَّصارى وآمَنُوا بِبَعْضٍ وكَفَرُوا بِبَعْضٍ.
وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الآيَةِ ﴿ونَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ أيْ: مُنْقادُونَ مُخْلِصُونَ. قَوْلُهُ: دِينًا مَفْعُولٌ لِلْفِعْلِ؛ أيْ: يَبْتَغِ دِينًا حالَ كَوْنِهِ غَيْرَ الإسْلامِ، ويَجُوزُ أنْ يَنْتَصِبَ غَيْرَ الإسْلامِ عَلى أنَّهُ مَفْعُولُ الفِعْلِ، ودِينًا إمّا تَمْيِيزٌ أوْ حالٌ إذا أُوِّلَ بِالمُشْتَقِّ، أوْ بَدَلٌ مِن غَيْرَ.
قَوْلُهُ: ﴿وهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ إمّا في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ أوْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ؛ أيْ: مِنَ الواقِعِينَ في الخُسْرانِ يَوْمَ القِيامَةِ. وقَدْ أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ «عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في قَوْلِهِ: ﴿ولَهُ أسْلَمَ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ قالَ: أمّا مَن في السَّماواتِ فالمَلائِكَةُ، وأمّا مَن في الأرْضِ فَمَن وُلِدَ عَلى الإسْلامِ، وأمّا كُرْهًا فَمَن أُتِيَ بِهِ مِن سَبايا الأُمَمِ في السَّلاسِلِ والأغْلالِ يُقادُونَ إلى الجَنَّةِ وهم كارِهُونَ» .
وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في الآيَةِ: «المَلائِكَةُ أطاعُوهُ في السَّماءِ، والأنْصارُ، وعَبْدُ القَيْسِ أطاعُوهُ في الأرْضِ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ في الآيَةِ ﴿أسْلَمَ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ حِينَ أُخِذَ عَلَيْهِمُ المِيثاقُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿ولَهُ أسْلَمَ﴾ قالَ: المَعْرِفَةُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: أمّا المُؤْمِنُ فَأسْلَمَ طائِعًا فَنَفَعَهُ ذَلِكَ وقُبِلَ مِنهُ، وأمّا الكافِرُ فَأسْلَمَ حِينَ رَأى بِأْسَ اللَّهِ فَلَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ ولَمْ يُقْبَلْ مِنهُ ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهم إيمانُهم لَمّا رَأوْا بَأْسَنا﴾ [غافر: ٨٥] .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «مَن ساءَ خُلُقُهُ مِنَ الرَّقِيقِ والدَّوابِّ والصِّبْيانِ فاقْرَءُوا في أُذُنِهِ ﴿أفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ﴾» . وأخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ في عَمَلِ اليَوْمِ واللَّيْلَةِ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قالَ: لَيْسَ رَجُلٌ يَكُونُ عَلى دابَّةٍ صَعْبَةٍ فَيَقْرَأُ في أُذُنِها ﴿أفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ﴾ الآيَةَ إلّا ذَلَّتْ بِإذْنِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ والطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «تَجِيءُ الأعْمالُ يَوْمَ القِيامَةِ فَتَجِيءُ الصَّلاةُ فَتَقُولُ: يا رَبِّ أنا الصَّلاةُ، فَيَقُولُ: إنَّكِ عَلى خَيْرٍ، وتَجِيءُ الصَّدَقَةُ فَتَقُولُ: يا رَبِّ أنا الصَّدَقَةُ، فَيَقُولُ إنَّكِ عَلى خَيْرٍ، ويَجِيءُ الصِّيامُ فَيَقُولُ: أنا الصِّيامُ، فَيَقُولُ إنَّكَ عَلى خَيْرٍ، ثُمَّ تَجِيءُ الأعْمالُ كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ اللَّهُ: إنَّكِ عَلى خَيْرٍ، ثُمَّ يَجِيءُ الإسْلامُ فَيَقُولُ: يا رَبِّ أنْتَ السَّلامُ وأنا الإسْلامُ، فَيَقُولُ: إنَّكَ عَلى خَيْرٍ بِكَ اليَوْمَ آخُذُ وبِكَ أُعْطِي، قالَ اللَّهُ تَعالى في كِتابِهِ ﴿ومَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنهُ وهو في الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ﴾»
{"ayahs_start":83,"ayahs":["أَفَغَیۡرَ دِینِ ٱللَّهِ یَبۡغُونَ وَلَهُۥۤ أَسۡلَمَ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعࣰا وَكَرۡهࣰا وَإِلَیۡهِ یُرۡجَعُونَ","قُلۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡنَا وَمَاۤ أُنزِلَ عَلَىٰۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَاۤ أُوتِیَ مُوسَىٰ وَعِیسَىٰ وَٱلنَّبِیُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَیۡنَ أَحَدࣲ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ","وَمَن یَبۡتَغِ غَیۡرَ ٱلۡإِسۡلَـٰمِ دِینࣰا فَلَن یُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ"],"ayah":"أَفَغَیۡرَ دِینِ ٱللَّهِ یَبۡغُونَ وَلَهُۥۤ أَسۡلَمَ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعࣰا وَكَرۡهࣰا وَإِلَیۡهِ یُرۡجَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق