الباحث القرآني
قَوْلُهُ: فَلَمّا أحَسَّ أيْ عَلِمَ ووَجَدَ: قالَهُ الزَّجّاجُ: وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ مَعْنى أحَسَّ عَرَفَ، وأصْلُ ذَلِكَ وُجُودُ الشَّيْءِ بِالحاسَّةِ، والإحْساسُ: العِلْمُ بِالشَّيْءِ. قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿هَلْ تُحِسُّ مِنهم مِن أحَدٍ﴾ [مريم: ٩٨] . والمُرادُ بِالإحْساسِ هُنا الإدْراكُ القَوِيُّ الجارِي مَجْرى المُشاهَدَةِ. وبِالكُفْرِ إصْرارُهم عَلَيْهِ، وقِيلَ: سَمِعَ مِنهم كَلِمَةَ الكُفْرِ. وقالَ الفَرّاءُ: أرادُوا قَتْلَهُ. وعَلى هَذا فَمَعْنى الآيَةِ: فَلَمّا أدْرَكَ مِنهم عِيسى إرادَةَ قَتْلِهِ الَّتِي هي كُفْرٌ قالَ: ﴿مَن أنْصارِي إلى اللَّهِ﴾ . الأنْصارُ جَمْعُ نَصِيرٍ.
وقَوْلُهُ: إلى اللَّهِ، مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا؛ أيْ: مُتَوَجِّهًا إلى اللَّهِ ومُلْتَجِئًا إلَيْهِ أوْ ذاهِبًا إلَيْهِ وقِيلَ: إلى بِمَعْنى مَعَ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿ولا تَأْكُلُوا أمْوالَهم إلى أمْوالِكُمْ﴾ [النساء: ٢] وقِيلَ: المَعْنى: مَن أنْصارِي في السَّبِيلِ إلى اللَّهِ، وقِيلَ: المَعْنى: مَن يَضُمُّ نُصْرَتَهُ إلى نُصْرَةِ اللَّهِ. والحَوارِيُّونَ جَمْعُ حَوارِيٍّ، وحَوارِيُّ الرَّجُلِ: صَفْوَتُهُ وخُلاصَتُهُ، وهو مَأْخُوذٌ مِنَ الحَوَرِ وهو البَياضُ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ، حَوَّرْتُ الثِّيابَ بَيَّضْتُها والحَوارِيُّ مِنَ الطَّعامِ: ما حُوِّرَ؛ أيْ: بُيِّضَ، والحَوارِيُّ أيْضًا النّاصِرُ، ومِنهُ قَوْلُهُ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوارِيٌّ وحَوارِيِّي الزُّبَيْرُ» وهو في البُخارِيِّ وغَيْرِهِ.
وقَدِ اخْتُلِفَ في سَبَبِ (p-٢٢١)تَسْمِيَتِهِمْ بِذَلِكَ، فَقِيلَ: لِبَياضِ ثِيابِهِمْ، وقِيلَ: لِخُلُوصِ نِيّاتِهِمْ، وقِيلَ: لِأنَّهم خاصَّةُ الأنْبِياءِ، وكانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، ومَعْنى أنْصارِ اللَّهِ: أنْصارُ دِينِهِ ورُسُلِهِ. وقَوْلُهُ: آمَنّا بِاللَّهِ اسْتِئْنافٌ جارٍ مَجْرى العِلَّةِ لِما قَبْلَهُ، فَإنَّ الإيمانَ يَبْعَثُ عَلى النُّصْرَةِ.
قَوْلُهُ: ﴿واشْهَدْ بِأنّا مُسْلِمُونَ﴾ أيِ: اشْهَدْ لَنا يَوْمَ القِيامَةِ بِأنّا مُخْلِصُونَ لِإيمانِنا مُنْقادُونَ لِما تُرِيدُ مِنّا. ومَعْنى بِما أنْزَلْتَ ما أنْزَلَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ في كُتُبِهِ.
والرَّسُولُ عِيسى، وحَذْفُ المُتَعَلِّقِ مُشْعِرٌ بِالتَّعْمِيمِ؛ أيِ: اتَّبَعْناهُ في كُلِّ ما يَأْتِي بِهِ فاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ لَكَ بِالوَحْدانِيَّةِ ولِرَسُولِكَ بِالرِّسالَةِ. أوِ اكْتُبْنا مَعَ الأنْبِياءِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ لِأُمَمِهِمْ، وقِيلَ: مَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ.
قَوْلُهُ: ومَكَرُوا أيِ الَّذِينَ أحَسَّ عِيسى مِنهُمُ الكُفْرَ، وهم كُفّارُ بَنِي إسْرائِيلَ. ومَكْرُ اللَّهِ اسْتِدْراجُهُ لِلْعِبادِ مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ.
قالَهُ الفَرّاءُ وغَيْرُهُ. وقالَ الزَّجّاجُ: مَكْرُ اللَّهِ مُجازاتُهم عَلى مَكْرِهِمْ، فَسُمِّيَ الجَزاءُ بِاسْمِ الِابْتِداءِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥]، ﴿وهُوَ خادِعُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٢] وأصْلُ المَكْرِ في اللُّغَةِ: الِاغْتِيالُ والخَدْعُ: حَكاهُ ابْنُ فارِسٍ، وعَلى هَذا فَلا يُسْنَدُ إلى اللَّهِ سُبْحانَهُ إلّا عَلى طَرِيقِ المُشاكَلَةِ، وقِيلَ: مَكْرُ اللَّهِ هُنا إلْقاءُ شِبْهِ عِيسى عَلى غَيْرِهِ، ورَفْعُ عِيسى إلَيْهِ ﴿واللَّهُ خَيْرُ الماكِرِينَ﴾ أيْ: أقْواهم مَكْرًا وأنْفَذُهم كَيْدًا وأقْواهم عَلى إيصالِ الضَّرَرِ بِمَن يُرِيدُ إيصالَهُ بِهِ مِن حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ.
قَوْلُهُ: ﴿إذْ قالَ اللَّهُ ياعِيسى﴾ العامِلُ في إذْ: مَكَرُوا، أوْ قَوْلُهُ: ﴿خَيْرُ الماكِرِينَ﴾ أوْ فِعْلٌ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ وقَعَ ذَلِكَ. وقالَ الفَرّاءُ: إنَّ في الكَلامِ تَقْدِيمًا وتَأْخِيرًا تَقْدِيرُهُ إنِّي رافِعُكَ ومُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ومُتَوَفِّيكَ بَعْدَ إنْزالِكَ مِنَ السَّماءِ.
وقالَ أبُو زَيْدٍ: مُتَوَفِّيكَ قابِضُكَ. وقالَ في الكَشّافِ: مُسْتَوْفِي أجَلَكَ، ومَعْناهُ: إنِّي عاصِمُكَ مِن أنْ يَقْتُلَكَ الكُفّارُ، ومُؤَخِّرٌ أجَلَكَ إلى أجَلٍ كَتَبْتُهُ لَكَ، ومُمِيتُكَ حَتْفَ أنْفِكَ لا قَتْلًا بِأيْدِيهِمْ.
وإنَّما احْتاجَ المُفَسِّرُونَ إلى تَأْوِيلِ الوَفاةِ بِما ذُكِرَ؛ لِأنَّ الصَّحِيحَ أنَّ اللَّهَ رَفَعَهُ إلى السَّماءِ مِن غَيْرِ وفاةٍ، كَما رَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ، واخْتارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، ووَجْهُ ذَلِكَ أنَّهُ قَدْ صَحَّ في الأخْبارِ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ نُزُولُهُ وقَتْلُهُ الدَّجّالَ، وقِيلَ: إنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ تَوَفّاهُ ثَلاثَ ساعاتٍ مِن نَهارٍ ثُمَّ رَفَعَهُ إلى السَّماءِ، وفِيهِ ضَعْفٌ، وقِيلَ: المُرادُ بِالوَفاةِ هُنا النَّوْمُ ومِثْلُهُ ﴿وهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكم بِاللَّيْلِ﴾ [الأنعام: ٦٠] أيْ يُنِيمُكم، وبِهِ قالَ كَثِيرُونَ.
قَوْلُهُ: ﴿ومُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أيْ مِن حَيْثُ جَوازُهم بِرَفْعِهِ إلى السَّماءِ وبُعْدِهِ عَنْهم.
قَوْلُهُ: ﴿وجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى يَوْمِ القِيامَةِ﴾ أيِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ما جِئْتَ بِهِ وهم خُلَّصُ أصْحابِهِ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا في الغُلُوِّ فِيهِ إلى ما بَلَغَ مِن جَعْلِهِ إلَهًا، ومِنهُمُ المُسْلِمُونَ، فَإنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما جاءَ بِهِ، عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ ووَصَفُوهُ بِما يَسْتَحِقُّهُ مِن دُونِ غُلُوٍّ، فَلَمْ يُفَرِّطُوا في وصْفِهِ كَما فَرَّطَتِ اليَهُودُ ولا أفْرَطُوا كَما أفْرَطَتِ النَّصارى. وقَدْ ذَهَبَ إلى هَذا كَثِيرٌ مِن أهْلِ العِلْمِ.
وقِيلَ: المُرادُ بِالآيَةِ أنَّ النَّصارى الَّذِينَ هم أتْباعُ عِيسى لا يَزالُونَ ظاهِرِينَ عَلى اليَهُودِ غالِبِينَ لَهم قاهِرِينَ لِمَن وُجِدَ مِنهم، فَيَكُونُ المُرادُ بِالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ اليَهُودُ خاصَّةً، وقِيلَ: هُمُ الرُّومُ لا يَزالُونَ ظاهِرِينَ عَلى مَن خالَفَهم مِنَ الكافِرِينَ، وقِيلَ: هُمُ الحَوارِيُّونَ لا يَزالُونَ ظاهِرِينَ عَلى مَن كَفَرَ بِالمَسِيحِ، وعَلى كُلِّ حالٍ فَغَلَبَةُ النَّصارى لِطائِفَةٍ مِنَ الكُفّارِ أوْ لِكُلِّ طَوائِفِ الكُفّارِ لا يُنافِي كَوْنَهم مَقْهُورِينَ مَغْلُوبِينَ بِطَوائِفِ المُسْلِمِينَ كَما تُفِيدُهُ الآياتُ الكَثِيرَةُ، بِأنَّ هَذِهِ المِلَّةَ الإسْلامِيَّةَ ظاهِرَةٌ عَلى كُلِّ المِلَلِ، قاهِرَةٌ لَها مُسْتَعْلِيَةٌ عَلَيْها. وقَدْ أفْرَدْتُ هَذِهِ الآيَةَ بِمُؤَلَّفٍ سَمَّيْتُهُ ( وابِلُ الغَمامَةِ في تَفْسِيرِ ﴿وجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى يَوْمِ القِيامَةِ﴾ ) فَمَن رامَ اسْتِيفاءَ ما في المَقامِ فَلْيَرْجِعْ إلى ذَلِكَ.
والفَوْقِيَّةُ هُنا هي أعَمُّ مِن أنْ تَكُونَ بِالسَّيْفِ أوْ بِالحُجَّةِ. وقَدْ ثَبَتَ في الأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ أنَّ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ يَنْزِلُ في آخِرِ الزَّمانِ فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، ويَقْتُلُ الخِنْزِيرَ، ويَضَعُ الجِزْيَةَ، ويَحْكُمُ بَيْنَ العِبادِ بِالشَّرِيعَةِ المُحَمَّدِيَّةِ، ويَكُونُ المُسْلِمُونَ أنْصارَهُ وأتْباعَهُ إذْ ذاكَ، فَلا يَبْعُدُ أنْ يَكُونَ في هَذِهِ الآيَةِ إشارَةٌ إلى هَذِهِ الحالَةِ.
قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ أيْ رُجُوعُكم، وتَقْدِيمُ الظَّرْفِ لِلْقَصْرِ ﴿فَأحْكُمُ بَيْنَكم﴾ يَوْمَئِذٍ ﴿فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ مِن أُمُورِ الدِّينِ. وقَوْلُهُ: ﴿فَأمّا الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ﴾ تَفْسِيرٌ لِلْحُكْمِ.
قَوْلُهُ: ﴿فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَأُعَذِّبُهم، أمّا تَعْذِيبُهم في الدُّنْيا فَبِالقَتْلِ والسَّبْيِ والجِزْيَةِ والصَّغارِ، وأمّا في الآخِرَةِ فَبِعَذابِ النّارِ.
قَوْلُهُ: " فَنُوَفِّيهِمْ أُجُورَهم " أيْ: نُعْطِيهِمْ إيّاها كامِلَةً مُوَفَّرَةً، قُرِئَ بِالتَّحْتِيَّةِ وبِالنُّونِ.
وقَوْلُهُ: ﴿لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ﴾ كِنايَةٌ عَنْ بُغْضِهِمْ، وهي جُمْلَةٌ تَذْيِيلِيَّةٌ مُقَرِّرَةٌ لِما قَبْلَها. قَوْلُهُ: " ذَلِكَ " إشارَةٌ إلى ما سَلَفَ مِن نَبَأِ عِيسى وغَيْرِهِ وهو مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ما بَعْدَهُ، و" مِنَ الآياتِ " حالٌ أوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ.
والحَكِيمُ المُشْتَمِلُ عَلى الحُكْمِ أوِ المُحْكَمُ الَّذِي لا خَلَلَ فِيهِ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَلَمّا أحَسَّ عِيسى مِنهُمُ الكُفْرَ﴾ قالَ: كَفَرُوا وأرادُوا قَتْلَهُ، فَذَلِكَ حِينَ اسْتَنْصَرَ قَوْمَهُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّما سُمُّوا الحَوارِيِّينَ لِبَياضِ ثِيابِهِمْ كانُوا صَيّادِينَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: الحَوارِيُّونَ قَصّارُونَ مَرَّ بِهِمْ عِيسى فَآمَنُوا بِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: الحَوارِيُّونَ هُمُ الَّذِينَ تَصْلُحُ لَهُمُ الخِلافَةُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: هم أصْفِياءُ الأنْبِياءِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: الحَوارِيُّ الوَزِيرُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قالَ: الحَوارِيُّ النّاصِرُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ والطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ﴾ قالَ: مَعَ مُحَمَّدٍ وأُمَّتِهِ أنَّهم شَهِدُوا لَهُ أنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وشَهِدُوا لِلرُّسُلِ أنَّهم (p-٢٢٢)قَدْ بَلَّغُوا.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ طَرِيقِ الكَلْبِيِّ عَنْ أبِي صالِحٍ عَنْهُ قالَ: ﴿مَعَ الشّاهِدِينَ﴾ مَعَ أصْحابِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: إنَّ بَنِي إسْرائِيلَ حَصَرُوا عِيسى وتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الحَوارِيِّينَ في بَيْتٍ، فَقالَ عِيسى لِأصْحابِهِ: مَن يَأْخُذُ صُورَتِي فَيُقْتَلُ ولَهُ الجَنَّةُ، فَأخَذَها رَجُلٌ مِنهم وصَعِدَ عِيسى إلى السَّماءِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ومَكَرُوا ومَكَرَ اللَّهُ واللَّهُ خَيْرُ الماكِرِينَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنِّي مُتَوَفِّيكَ﴾ يَقُولُ: مُمِيتُكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ قالَ: مُتَوَفِّيكَ مِنَ الأرْضِ.
وأخْرَجَ الآخَرانِ عَنْهُ قالَ: وفاةُ المَنامِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: هَذا مِنَ المُقَدَّمِ والمُؤَخَّرِ؛ أيْ: رافِعُكَ إلَيَّ ومُتَوَفِّيكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مَطَرٍ الوَرّاقِ قالَ: مُتَوَفِّيكَ مِنَ الدُّنْيا ولَيْسَ بِوَفاةِ مَوْتٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ وهْبٍ قالَ: تَوَفّى اللَّهُ عِيسى ثَلاثَ ساعاتٍ مِنَ النَّهارِ حَتّى رَفَعَهُ إلَيْهِ، وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْهُ قالَ: أماتَهُ ثَلاثَةَ أيّامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ورَفَعَهُ.
وأخْرَجَ الحاكِمُ عَنْهُ قالَ: تَوَفّى اللَّهُ عِيسى سَبْعَ ساعاتٍ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ وأحْمَدُ في الزُّهْدِ والحاكِمُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قالَ: رُفِعَ عِيسى وهو ابْنُ ثَلاثٍ وثَلاثِينَ سَنَةً.
وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ وهْبٍ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قالَ: طَهَّرَهُ مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى والمَجُوسِ ومِن كُفّارِ قَوْمِهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قالَ: هم أهْلُ الإسْلامِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ عَلى فِطْرَتِهِ ومِلَّتِهِ وسُنَّتِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ نَحْوَهُ أيْضًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ عَساكِرَ عَنِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: «لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتِي عَلى الحَقِّ ظاهِرِينَ لا يُبالُونَ بِمَن خالَفَهم حَتّى يَأْتِيَ أمْرُ اللَّهِ» . قالَ النُّعْمانُ: مَن قالَ: إنِّي أقُولُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ما لَمْ يَقُلْ فَإنَّ تَصْدِيقَ ذَلِكَ في كِتابِ اللَّهِ، قالَ اللَّهُ: ﴿وجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ عَنْ مُعاوِيَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ ثُمَّ قَرَأ مُعاوِيَةُ الآيَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قالَ: النَّصارى فَوْقَ اليَهُودِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، ولَيْسَ بَلَدٌ فِيهِ أحَدٌ مِنَ النَّصارى إلّا وهم فَوْقَ اليَهُودِ في شَرْقٍ ولا غَرْبٍ، هم في البُلْدانِ كُلِّها مُسْتَذَلُّونَ.
{"ayahs_start":52,"ayahs":["۞ فَلَمَّاۤ أَحَسَّ عِیسَىٰ مِنۡهُمُ ٱلۡكُفۡرَ قَالَ مَنۡ أَنصَارِیۤ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِیُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ","رَبَّنَاۤ ءَامَنَّا بِمَاۤ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِینَ","وَمَكَرُوا۟ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَیۡرُ ٱلۡمَـٰكِرِینَ","إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَجَاعِلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۖ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأَحۡكُمُ بَیۡنَكُمۡ فِیمَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ","فَأَمَّا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ فَأُعَذِّبُهُمۡ عَذَابࣰا شَدِیدࣰا فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِینَ","وَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَیُوَفِّیهِمۡ أُجُورَهُمۡۗ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِینَ","ذَ ٰلِكَ نَتۡلُوهُ عَلَیۡكَ مِنَ ٱلۡـَٔایَـٰتِ وَٱلذِّكۡرِ ٱلۡحَكِیمِ"],"ayah":"ذَ ٰلِكَ نَتۡلُوهُ عَلَیۡكَ مِنَ ٱلۡـَٔایَـٰتِ وَٱلذِّكۡرِ ٱلۡحَكِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق