الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿وما كُنْتَ بِجانِبِ الغَرْبِيِّ﴾ هَذا شُرُوعٌ في بَيانِ إنْزالِ القُرْآنِ أيْ: وما كُنْتَ يا مُحَمَّدُ بِجانِبِ الجَبَلِ الغَرْبِيِّ، فَيَكُونُ مِن حَذْفِ المَوْصُوفِ وإقامَةِ الصِّفَةِ مَقامَهُ، واخْتارَهُ الزَّجّاجُ.
وقالَ الكَلْبِيُّ: بِجانِبِ الوادِي الغَرْبِيِّ أيْ: حَيْثُ ناجى مُوسى رَبَّهُ ﴿إذْ قَضَيْنا إلى مُوسى الأمْرَ﴾ أيْ: عَهِدْنا إلَيْهِ وأحْكَمْنا الأمْرَ مَعَهُ بِالرِّسالَةِ إلى فِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ ﴿وما كُنْتَ مِنَ الشّاهِدِينَ﴾ لِذَلِكَ حَتّى تَقِفَ عَلى حَقِيقَتِهِ وتَحْكِيَهُ مِن جِهَةِ نَفْسِكَ.
وإذا تَقَرَّرَ أنَّ الوُقُوفَ عَلى تَفاصِيلِ تِلْكَ الأحْوالِ لا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ بِالحُضُورِ عِنْدَها مِن نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - والمُشاهَدَةِ لَها مِنهُ، وانْتَفى بِالأدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ أنَّهُ لَمْ يَتَلَقَّ ذَلِكَ مِن غَيْرِهِ مِنَ البَشَرِ ولا عَلَّمَهُ مُعَلِّمٌ مِنهم كَما قَدَّمْنا تَقْرِيرَهُ تَبَيَّنَ أنَّهُ مِن عِنْدِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - بِوَحْيٍ مِنهُ إلى رَسُولِهِ بِواسِطَةِ المَلِكِ النّازِلِ بِذَلِكَ، فَهَذا الكَلامُ هو عَلى طَرِيقَةِ ﴿وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يُلْقُونَ أقْلامَهم أيُّهم يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ [آل عمران: ٤٤] وقِيلَ: مَعْنى ﴿إذْ قَضَيْنا إلى مُوسى الأمْرَ﴾ إذْ كَلَّفْناهُ وألْزَمْناهُ، وقِيلَ: أخْبَرْناهُ أنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ خَيْرُ الأُمَمِ، ولا يَسْتَلْزِمُ نَفْيُ كَوْنِهِ بِجانِبِ الغَرْبِيِّ نَفْيَ كَوْنِهِ مِنَ الشّاهِدَيْنِ، لِأنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَحْضُرَ ولا يَشْهَدُ.
قِيلَ: المُرادُ بِالشّاهِدِينَ السَّبْعُونَ الَّذِينَ اخْتارَهم مُوسى لِلْمِيقاتِ.
﴿ولَكِنّا أنْشَأْنا قُرُونًا﴾ أيْ: خَلَقْنا أُمَمًا بَيْنَ زَمانِكَ يا مُحَمَّدُ وزَمانِ مُوسى ﴿فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ﴾ طالَتْ عَلَيْهِمُ المُهْلَةُ وتَمادى عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَتَغَيَّرَتِ الشَّرائِعُ والأحْكامُ وتُنُوسِيَتِ الأدْيانُ فَتَرَكُوا أمْرَ اللَّهِ ونَسَوْا عَهْدَهُ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ - سُبْحانَهُ -: ﴿فَطالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الحديد: ١٦]، وقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذا الكَلامِ عَلى أنَّ اللَّهَ - سُبْحانَهُ - قَدْ عَهِدَ إلى مُوسى عُهُودًا في مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وفي الإيمانِ بِهِ فَلَمّا طالَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ ومَضَتِ القُرُونُ بَعْدَ القُرُونِ نَسَوْا تِلْكَ العُهُودَ وتَرَكُوا الوَفاءَ بِها ﴿وما كُنْتَ ثاوِيًا في أهْلِ مَدْيَنَ﴾ أيْ: مُقِيمًا بَيْنَهم كَما أقامَ مُوسى حَتّى تَقْرَأ عَلى أهْلِ مَكَّةَ خَبَرَهم وتَقُصَّ عَلَيْهِمْ مِن جِهَةِ نَفْسِكَ يُقالُ: ثَوى يَثْوِي ثَواءً وثُوِيًّا فَهو ثاوٍ.
قالَ ذُو الرُّمَّةِ:
؎لَقَدْ كانَ في حَوْلٍ ثَواءٍ ثَوَيْتُهُ تَقَضِّي لُباناتٍ ويَسْأمُ سائِمُ
وقالَ العَجّاجُ:
؎فَباتَ حَيْثُ يَدْخُلُ الثَّوِيُّ
يَعْنِي الضَّيْفَ المُقِيمَ، وقالَ آخَرُ:
؎طالَ الثَّواءُ عَلى رَسُولِ المَنزِلِ
﴿تَتْلُو عَلَيْهِمْ آياتِنا﴾ أيْ: تَقْرَأُ عَلى أهْلِ مَدْيَنَ آياتِنا وتَتَعَلَّمُ مِنهم، وقِيلَ: تُذَكِّرُهم بِالوَعْدِ والوَعِيدِ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ أوْ خَبَرٌ ثانٍ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الجُمْلَةُ هي الخَبَرُ وثاوِيًا حالٌ.
وجَعَلَها الفَرّاءُ مُسْتَأْنَفَةً كَأنَّهُ قِيلَ: وها أنْتَ تَتْلُو عَلى أُمَّتِكَ ﴿ولَكِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ﴾ أيْ: أرْسَلْناكَ إلى أهْلِ مَكَّةَ وأنْزَلَنا عَلَيْكَ هَذِهِ الأخْبارَ ولَوْلا ذَلِكَ لَما عَلِمْتَها.
قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى أنَّكَ لَمْ تُشاهِدْ قِصَصَ الأنْبِياءِ ولا تُلِيَتْ عَلَيْكَ، ولَكِنّا أوْحَيْناها إلَيْكَ وقَصَصْناها عَلَيْكَ.
﴿وما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إذْ نادَيْنا﴾ أيْ: وما كُنْتَ يا مُحَمَّدُ بِجانِبِ الجَبَلِ المُسَمّى الطُّورُ إذْ نادَيْنا مُوسى لَمّا أتى إلى المِيقاتِ مَعَ السَّبْعِينَ.
وقِيلَ: المُنادى هي أُمَّةُ مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - .
قالَ وهْبٌ: وذَلِكَ أنَّ مُوسى لَمّا ذَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَضْلَ مُحَمَّدٍ وأُمَّتِهِ (p-١١٠٤)قالَ: يا رَبِّ أرِنِيهِمْ، فَقالَ اللَّهُ: إنَّكَ لَنْ تُدْرِكَهم وإنْ شِئْتَ نادَيْتُهم فَأسْمَعْتُكَ صَوْتَهم، قالَ: بَلى يا رَبِّ، فَقالَ اللَّهُ: يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، فَأجابُوا مِن أصْلابِ آبائِهِمْ.
فَيَكُونُ مَعْنى الآيَةِ عَلى هَذا: ما كُنْتَ يا مُحَمَّدُ بِجانِبِ الطُّورِ إذْ كَلَّمْنا مُوسى فَنادَيْنا أُمَّتَكَ، وسَيَأْتِي ما يَدُلُّ عَلى هَذا ويُقَوِّيهِ ويُرَجِّحُهُ في آخِرِ البَحْثِ إنْ شاءَ اللَّهُ ﴿ولَكِنْ رَحْمَةً مِن رَبِّكَ﴾ أيْ: ولَكِنْ فَعَلْنا ذَلِكَ رَحْمَةً مِنّا بِكم، وقِيلَ: أرْسَلَنا بِالقُرْآنِ رَحْمَةً لَكم، وقِيلَ: عَلَّمْناكَ، وقِيلَ: عَرَّفْناكَ.
قالَ الأخْفَشُ: هو مَنصُوبٌ: يَعْنِي رَحْمَةً عَلى المَصْدَرِ أيْ: ولَكِنْ رَحِمْناكَ رَحْمَةً.
وقالَ الزَّجّاجُ: هو مَفْعُولٌ مِن أجْلِهِ أيْ: فَعَلْنا ذَلِكَ بِكَ لِأجْلِ الرَّحْمَةِ.
قالَ النَّحّاسُ أيْ: لَمْ تَشْهَدْ قِصَصَ الأنْبِياءِ ولا تُلِيَتْ عَلَيْكَ ولَكِنْ بَعَثْناكَ وأوْحَيْناها إلَيْكَ لِلرَّحْمَةِ.
وقالَ الكِسائِيُّ: هو خَبَرٌ لِكانَ مُقَدَّرَةً أيْ: ولَكِنْ كانَ ذَلِكَ رَحْمَةً، وقَرَأ عِيسى بْنُ عُمَرَ، وأبُو حَيْوَةَ " رَحْمَةٌ " بِالرَّفْعِ عَلى التَّقْدِيرِ: ولَكِنْ أنْتَ رَحْمَةٌ.
وقالَ الكِسائِيُّ: الرَّفْعُ عَلى أنَّها اسْمُ كانَ المُقَدَّرَةِ، وهو بَعِيدٌ إلّا عَلى تَقْدِيرِ أنَّها تامَّةٌ، واللّامُ في ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أتاهم مِن نَذِيرٍ مِن قَبْلِكَ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِالفِعْلِ المُقَدَّرِ عَلى الِاخْتِلافِ في تَقْدِيرِهِ، والقَوْمُ هم أهْلُ مَكَّةَ، فَإنَّهُ لَمْ يَأْتِهِمْ نَذِيرٌ يُنْذِرُهم قَبْلَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وجُمْلَةُ ما أتاهم عَطْفٌ إلَخْ صِفَةٌ لِ " قَوْمًا "، لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ أيْ: يَتَّعِظُونَ بِإنْذارِكَ.
﴿ولَوْلا أنْ تُصِيبَهم مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ﴾ لَوْلا هَذِهِ هي الِامْتِناعِيَّةُ وأنْ وما في حَيِّزِها في مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِداءِ وجَوابُها مَحْذُوفٌ.
قالَ الزَّجّاجُ: وتَقْدِيرُهُ ما أرْسَلَنا إلَيْهِمْ رُسُلًا: يَعْنِي أنَّ الحامِلَ عَلى إرْسالِ الرُّسُلِ هو إزاحَةُ عِلَلِهِمْ، فَهو كَقَوْلِهِ - سُبْحانَهُ -: ﴿لِئَلّا يَكُونَ لِلنّاسِ عَلى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: ١٦٥] وقَدَّرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ لَعاجَلْناهم بِالعُقُوبَةِ، ووافَقَهُ عَلى هَذا التَّقْدِيرِ الواحِدِيُّ فَقالَ: والمَعْنى لَوْلا أنَّهم يَحْتَجُّونَ بِتَرْكِ الإرْسالِ إلَيْهِمْ لَعاجَلْناهم بِالعُقُوبَةِ بِكُفْرِهِمْ، وقَوْلُهُ: فَيَقُولُوا عَطْفٌ عَلى تُصِيبُهم ومِن جُمْلَةِ ما هو في حَيِّزِ لَوْلا أيْ: فَيَقُولُوا ﴿رَبَّنا لَوْلا أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا﴾ ولَوْلا هَذِهِ الثّانِيَةُ هي التَّحْضِيضِيَّةُ أيْ: هَلّا أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا مِن عِنْدِكَ، وجَوابُها هو ﴿فَنَتَّبِعَ آياتِكَ﴾ وهو مَنصُوبٌ بِإضْمارِ أنْ لِكَوْنِهِ جَوابًا لِلتَّحْضِيضِ والمُرادُ بِالآياتِ الآياتُ التَّنْزِيلِيَّةُ الظّاهِرَةُ الواضِحَةُ، وإنَّما عَطَفَ القَوْلَ عَلى تُصِيبُهم لِكَوْنِهِ هو السَّبَبُ لِلْإرْسالِ ولَكِنَّ العُقُوبَةَ لَمّا كانَتْ هي السَّبَبَ لِلْقَوْلِ، وكانَ وُجُودُهُ بِوُجُودِها كَأنَّها هي السَّبَبُ لِإرْسالِ الرُّسُلِ بِواسِطَةِ القَوْلِ ﴿ونَكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ بِهَذِهِ الآياتِ، ومَعْنى الآيَةِ: أنّا لَوْ عَذَّبْناهم لَقالُوا طالَ العَهْدُ بِالرُّسُلِ ولَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ إلَيْنا رَسُولًا، ويَظُنُّونَ أنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ لَهم ولا عُذْرَ لَهم بَعْدَ أنْ بَلَغَتْهم أخْبارُ الرُّسُلِ، ولَكِنّا أكْمَلْنا الحُجَّةَ وأزَحْنا العِلَّةَ وأتْمَمْنا البَيانَ بِإرْسالِكَ يا مُحَمَّدُ إلَيْهِمْ.
﴿فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ مِن عِنْدِنا قالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى﴾ أيْ: فَلَمّا جاءَ أهْلَ مَكَّةَ الحَقُّ مِن عِنْدِ اللَّهِ وهو مُحَمَّدٌ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وما أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ القُرْآنِ قالُوا تَعَنُّتًا مِنهم وجِدالًا بِالباطِلِ: هَلّا أُوتِيَ هَذا الرَّسُولُ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى مِنَ الآياتِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها التَّوْراةُ المُنَزَّلَةُ عَلَيْهِ جُمْلَةً واحِدَةً، فَأجابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿أوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِن قَبْلُ﴾ أيْ: مِن قَبْلِ هَذا القَوْلِ، أوْ مِن قَبْلِ ظُهُورِ مُحَمَّدٍ، والمَعْنى: أنَّهم قَدْ كَفَرُوا بِآياتِ مُوسى كَما كَفَرُوا بِآياتِ مُحَمَّدٍ، وجُمْلَةُ ﴿قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِتَقْرِيرِ كُفْرِهِمْ وعِنادِهِمْ، والمُرادُ بِقَوْلِهِمْ " ساحِرانِ " مُوسى ومُحَمَّدٌ، والتَّظاهُرُ التَّعاوُنُ أيْ: تَعاوَنا عَلى السِّحْرِ، والضَّمِيرُ في قَوْلِهِ ﴿أوَلَمْ يَكْفُرُوا﴾ لِكُفّارِ قُرَيْشٍ، وقِيلَ: هو لِلْيَهُودِ.
والأوَّلُ أوْلى، فَإنَّ اليَهُودَ لا يَصِفُونَ مُوسى بِالسِّحْرِ إنَّما يَصِفُهُ بِذَلِكَ كُفّارُ قُرَيْشٍ وأمْثالُهم إلّا أنْ يُرادَ مَن أنْكَرَ نُبُوَّةَ مُوسى كَفِرْعَوْنَ وقَوْمِهِ، فَإنَّهم وصَفُوا مُوسى وهارُونَ بِالسِّحْرِ، ولَكِنَّهم لَيْسُوا مِنَ اليَهُودِ.
ويُمْكِنُ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِمَن كَفَرَ بِمُوسى ومَن كَفَرَ بِمُحَمَّدٍ، فَإنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمُوسى وصَفُوهُ بِالسِّحْرِ، والَّذِينَ كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ وصَفُوهُ أيْضًا بِالسِّحْرِ.
وقِيلَ: المَعْنى: أوَلَمْ يَكْفُرِ اليَهُودُ في عَصْرِ مُحَمَّدٍ بِما أُوتِيَ مُوسى مِن قَبْلِهِ بِالبِشارَةِ بِعِيسى ومُحَمَّدٍ.
قَرَأ الجُمْهُورُ " ساحِرانِ " وقَرَأ الكُوفِيُّونَ " سِحْرانِ " يَعْنُونَ التَّوْراةَ والقُرْآنَ، وقِيلَ: الإنْجِيلُ والقُرْآنُ.
قالَ بِالأوَّلِ الفَرّاءُ. وقالَ بِالثّانِي أبُو زَيْدٍ. وقِيلَ: إنَّ الضَّمِيرَ في أوَلَمْ يَكْفُرُوا لِلْيَهُودِ، وأنَّهم عَنَوْا بِقَوْلِهِمْ ساحِرانِ عِيسى ومُحَمَّدًا ﴿وقالُوا إنّا بِكُلٍّ كافِرُونَ﴾ أيْ: بِكُلٍّ مِن مُوسى ومُحَمَّدٍ، أوْ مِن مُوسى وهارُونَ، أوْ مِن مُوسى وعِيسى عَلى اخْتِلافِ الأقْوالِ، وهَذا عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ، وأمّا عَلى القِراءَةِ الثّانِيَةِ فالمُرادُ التَّوْراةُ والقُرْآنُ أوِ الإنْجِيلُ والقُرْآنُ.
وفِي هَذِهِ الجُمْلَةِ تَقْرِيرٌ لِما تَقَدَّمَها مِن وصْفِ النَّبِيَّيْنِ بِالسِّحْرِ، أوْ مِن وصْفِ الكِتابَيْنِ بِهِ وتَأْكِيدِ ذَلِكَ.
ثُمَّ أمَرَ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - نَبِيَّهُ أنْ يَقُولَ لَهم قَوْلًا يَظْهَرُ بِهِ عَجْزُهم فَقالَ: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِن عِنْدِ اللَّهِ هو أهْدى مِنهُما أتَّبِعْهُ﴾ أيْ: قُلْ لَهم يا مُحَمَّدُ فَأْتُوا بِكِتابٍ هو أهْدى مِنَ التَّوْراةِ والقُرْآنِ، وأتَّبِعْهُ جَوابُ الأمْرِ، وقَدْ جَزَمَهُ جُمْهُورُ القُرّاءِ لِذَلِكَ.
وقَرَأ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِرَفْعِ " أتَّبِعُهُ " عَلى الِاسْتِئْنافِ أيْ: فَأنا أتَّبِعُهُ.
قالَ الفَرّاءُ: إنَّهُ عَلى هَذِهِ القِراءَةِ صِفَةٌ لِلْكِتابِ، وفي هَذا الكَلامِ تَهَكُّمٌ بِهِ.
وفِيهِ أيْضًا دَلِيلٌ عَلى أنَّ قِراءَةَ الكُوفِيِّينَ أقْوى مِن قِراءَةِ الجُمْهُورِ لِأنَّهُ رَجَعَ الكَلامُ إلى الكِتابَيْنِ لا إلى الرَّسُولَيْنِ، ومَعْنى إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إنْ كُنْتُمْ فِيما وصَفْتُمْ بِهِ الرَّسُولَيْنِ أوِ الكِتابَيْنِ صادِقِينَ.
﴿فَإنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ﴾ أيْ: لَمْ يَفْعَلُوا ما كَلَّفْتَهم بِهِ مِنَ الإتْيانِ بِكِتابٍ هو أهْدى مِنَ الكِتابَيْنِ، وجَوابُ الشَّرْطِ ﴿فاعْلَمْ أنَّما يَتَّبِعُونَ أهْواءَهُمْ﴾ أيْ: آراءَهُمُ الزّائِغَةَ واسْتِحْساناتِهِمُ الزّائِفَةَ بِلا حُجَّةٍ ولا بُرْهانٍ، وقِيلَ: المَعْنى: فَإنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ بِالإيمانِ بِما جِئْتَ بِهِ، وتَعْدِيَةُ يَسْتَجِيبُوا بِاللّامِ هو أحَدُ الجائِزَيْنِ ﴿ومَن أضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ أيْ: لا أحَدَ أضَلُّ مِنهُ، بَلْ هو الفَرْدُ الكامِلُ في الضَّلالِ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ لِأنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ وتَكْذِيبِ الأنْبِياءِ والإعْراضِ عَنْ آياتِ اللَّهِ.
﴿ولَقَدْ وصَّلْنا لَهُمُ القَوْلَ﴾ (p-١١٠٥)قَرَأ الجُمْهُورُ " وصَّلْنا " بِتَشْدِيدِ الصّادِ، وقَرَأ الحَسَنُ بِتَخْفِيفِها، ومَعْنى الآيَةِ: أتْبَعْنا بَعْضَهُ بَعْضًا وبَعَثْنا رَسُولًا بَعْدَ رَسُولٍ.
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ والأخْفَشُ: مَعْناهُ أتْمَمْنا.
وقالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ والسُّدِّيُّ: بَيَّنّا. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: وصَلْنا لَهم خَيْرَ الدُّنْيا بِخَيْرِ الآخِرَةِ حَتّى كَأنَّهم عايَنُوا الآخِرَةَ في الدُّنْيا، والأوَّلُ أوْلى، وهو مَأْخُوذٌ مِن وصْلِ الحِبالِ بَعْضِها بِبَعْضٍ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎فَقُلْ لِبَنِي مَرْوانَ ما بالُ ذِمَّتِي ∗∗∗ بِحَبْلٍ ضَعِيفٍ لا تَزالُ تُوصَلُ
وقالَ امْرُؤُ القَيْسِ:
؎تَقَلُّبُ كَفَّيْهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
والضَّمِيرُ في لَهم عائِدٌ إلى قُرَيْشٍ، وقِيلَ: إلى اليَهُودِ، وقِيلَ: لِلْجَمِيعِ لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ فَيَكُونَ التَّذَكُّرُ سَبَبًا لِإيمانِهِمْ مَخافَةَ أنْ يَنْزِلَ بِهِمْ ما نَزَلْ بِمَن قَبْلَهم.
﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ مِن قَبْلِهِ﴾ أيْ: مِن قَبْلِ القُرْآنِ، والمَوْصُولُ مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ هم بِهِ يُؤْمِنُونَ أخْبَرَ - سُبْحانَهُ - أنَّ طائِفَةً مِن بَنِي إسْرائِيلَ آمَنُوا بِالقُرْآنِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وسائِرِ مَن أسْلَمَ مِن أهْلِ الكِتابِ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ في مِن قَبْلِهِ يَرْجِعُ إلى مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، والأوَّلُ أوْلى.
والضَّمِيرُ في " بِهِ " راجِعٌ إلى القُرْآنِ عَلى القَوْلِ الأوَّلِ، وإلى مُحَمَّدٍ عَلى القَوْلِ الثّانِي.
﴿وإذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنّا بِهِ﴾ أيْ: وإذا يُتْلى القُرْآنُ عَلَيْهِمْ قالُوا صَدَّقْنا بِهِ ﴿إنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّنا﴾ أيِ: الحَقُّ الَّذِي نَعْرِفُهُ المُنَزَّلُ مِن رَبِّنا ﴿إنّا كُنّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ﴾ أيْ: مُخْلِصِينَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ، أوْ مُؤْمِنِينَ بِمُحَمَّدٍ وبِما جاءَ بِهِ لِما نَعْلَمُهُ مِن ذِكْرِهِ في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ مِنَ التَّبْشِيرِ بِهِ، وأنَّهُ سَيُبْعَثُ آخِرَ الزَّمانِ ويَنْزِلُ عَلَيْهِ القُرْآنُ.
والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أجْرَهم مَرَّتَيْنِ﴾ إلى المَوْصُوفِينَ بِتِلْكَ الصِّفاتِ، والباءُ في بِما صَبَرُوا لِلسَّبَبِيَّةِ أيْ: بِسَبَبِ صَبْرِهِمْ وثَباتِهِمْ عَلى الإيمانِ بِالكِتابِ الأوَّلِ والكِتابِ الآخِرِ، وبِالنَّبِيِّ الأوَّلِ والنَّبِيِّ الآخِرِ ﴿ويَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ الدَّرْءُ الدَّفْعُ أيْ: يَدْفَعُونَ بِالِاحْتِمالِ والكَلامِ الحَسَنِ ما يُلاقُونَهُ مِنَ الأذى.
وقِيلَ: يَدْفَعُونَ بِالطّاعَةِ المَعْصِيَةَ، وقِيلَ: بِالتَّوْبَةِ والِاسْتِغْفارِ مِنَ الذُّنُوبِ، وقِيلَ: بِشَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ الشِّرْكَ، ومِمّا رَزَقْناهم يُنْفِقُونَ أيْ: يُنْفِقُونَ أمْوالَهم في الطّاعاتِ وفِيما أمَرَ بِهِ الشَّرْعُ.
ثُمَّ مَدَحَهم - سُبْحانَهُ - بِإعْراضِهِمْ عَنِ اللَّغْوِ فَقالَ: ﴿وإذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أعْرَضُوا عَنْهُ﴾ تَكَرُّمًا وتَنَزُّهًا وتَأدُّبًا بِآدابِ الشَّرْعِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ - سُبْحانَهُ -: ﴿وإذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرامًا﴾ [الفرقان: ١٧٢]، واللَّغْوُ هُنا هو ما يَسْمَعُونَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ مِنَ الشَّتْمِ لَهم ولِدِينِهِمْ والِاسْتِهْزاءِ بِهِمْ ﴿وقالُوا لَنا أعْمالُنا ولَكم أعْمالُكُمْ﴾ لا يَلْحَقُنا مِن ضَرَرِ كُفْرِكم شَيْءٌ، ولا يَلْحَقُكم مِن نَفْعِ إيمانِنا شَيْءٌ، سَلامٌ عَلَيْكم لَيْسَ المُرادُ بِهَذا السَّلامِ سَلامَ التَّحِيَّةِ، ولَكِنَّ المُرادَ بِهِ سَلامُ التّارِكَةِ، ومَعْناهُ أمَنَةٌ لَكم مِنّا وسَلامَةٌ لا نُجارِيكم ولا نُجاوِبُكم فِيما أنْتُمْ فِيهِ.
قالَ الزَّجّاجُ: وهَذا قَبْلَ الأمْرِ بِالقِتالِ ﴿لا نَبْتَغِي الجاهِلِينَ﴾ أيْ: لا نَطْلُبُ صُحْبَتَهم، وقالَ مُقاتِلٌ: لا نُرِيدُ أنْ نَكُونَ مِن أهْلِ الجَهْلِ والسَّفَهِ. وقالَ الكَلْبِيُّ: لا نُحِبُّ دِينَكُمُ الَّذِي أنْتُمْ عَلَيْهِ.
﴿إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ﴾ مِنَ النّاسِ ولَيْسَ ذَلِكَ إلَيْكَ ﴿ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشاءُ﴾ هِدايَتَهُ ﴿وهُوَ أعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾ أيِ: القابِلِينَ لِلْهِدايَةِ المُسْتَعِدِّينَ لَها، وهَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ في أبِي طالِبٍ كَما ثَبَتَ في الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما، وقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ في بَراءَةٌ.
قالَ الزَّجّاجُ: أجْمَعَ المُفَسِّرُونَ عَلى أنَّها نَزَلَتْ في أبِي طالِبٍ، وقَدْ تَقَرَّرَ في الأُصُولِ أنَّ الِاعْتِبارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ فَيَدْخُلُ في ذَلِكَ أبُو طالِبٍ دُخُولًا أوَّلِيًّا.
﴿وقالُوا إنْ نَتَّبِعِ الهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِن أرْضِنا﴾ أيْ: قالَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ ومَن تابَعَهم: إنْ نَدْخُلْ في دِينِكَ يا مُحَمَّدُ نُخْتَطَفُ مِن أرْضِنا أيْ: يَخْتَطِفُنا العَرَبُ مِن أرْضِنا: يَعْنُونَ مَكَّةَ ولا طاقَةَ لَنا بِهِمْ، وهَذا مِن جُمْلَةِ أعْذارِهِمُ الباطِلَةِ وتَعْلِلاتِهِمُ العاطِلَةِ، والتَّخَطُّفُ في الأصْلِ هو الِانْتِزاعُ بِسُرْعَةٍ.
قَرَأ الجُمْهُورُ " نَتَخَطَّفْ " بِالجَزْمِ جَوابًا لِلشَّرْطِ، وقَرَأ المِنقَرِيُّ بِالرَّفْعِ عَلى الِاسْتِئْنافِ.
ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رَدًّا مُصَدَّرًا بِاسْتِفْهامِ التَّوْبِيخِ والتَّقْرِيعِ فَقالَ: ﴿أوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهم حَرَمًا آمِنًا﴾ أيْ: ألَمْ نَجْعَلْ لَهم حَرَمًا ذا أمْنٍ.
قالَ أبُو البَقاءِ: عَدّاهُ بِنَفْسِهِ لِأنَّهُ بِمَعْنى جَعَلَ كَما صَرَّحَ بِذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَمًا﴾ [العنكبوت: ٦٧]، ثُمَّ وصَفَ هَذا الحَرَمَ بِقَوْلِهِ: ﴿يُجْبى إلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ أيْ: تُجْمَعُ إلَيْهِ الثَّمَراتُ عَلى اخْتِلافِ أنْواعِها مِنَ الأراضِي المُخْتَلِفَةِ وتُحَمَلُ إلَيْهِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ " يُجْبى " بِالتَّحْتِيَّةِ اعْتِبارًا بِتَذْكِيرِ كُلِّ شَيْءٍ ووُجُودِ الحائِلِ بَيْنَ الفِعْلِ وبَيْنَ ثَمَراتٍ، وأيْضًا لَيْسَ تَأْنِيثُ ثَمَراتٍ بِحَقِيقِيٍّ، واخْتارَ قِراءَةَ الجُمْهُورِ أبُو عُبَيْدٍ لِما ذَكَرْنا، وقَرَأ نافِعٌ بِالفَوْقِيَّةِ اعْتِبارًا بِثَمَراتٍ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ أيْضًا " ثَمَراتُ " بِفَتْحَتَيْنِ، وقَرَأ أبانُ بِضَمَّتَيْنِ، جَمْعُ ثُمُرٍ بِضَمَّتَيْنِ، وقُرِئَ بِفَتْحِ الثّاءِ وسُكُونِ المِيمِ ﴿رِزْقًا مِن لَدُنّا﴾ مُنْتَصِبٌ عَلى المَصْدَرِيَّةِ لِأنَّ مَعْنى يُجْبى: نَرْزُقُهم، ويَجُوزُ أنْ يَنْتَصِبَ عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أيْ: نَسُوقُهُ إلَيْهِمْ رِزْقًا مِن لَدُنّا، ويَجُوزُ أنْ يَنْتَصِبَ عَلى الحالِ أيْ: رازِقِينَ ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَعْلَمُونَ لِفَرْطِ جَهْلِهِمْ ومَزِيدِ غَفْلَتِهِمْ وعَدَمِ تَفَكُّرِهِمْ في أمْرِ مَعادِهِمْ ورَشادِهِمْ لِكَوْنِهِمْ مِمَّنْ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قَلْبِهِ وجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً.
وقَدْ أخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ وأبُو نُعَيْمٍ، والبَيْهَقِيُّ مَعًا في الدَّلائِلِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إذْ نادَيْنا﴾ قالَ: «نُودُوا يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ أعْطَيْتُكم قَبْلَ أنْ تَسْألُونِي، واسْتَجَبْتُ لَكم قَبْلَ أنْ تَدْعُوَنِي» .
وأخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن وجْهٍ آخَرَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا. وأخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْهُ في وجْهٍ آخَرَ بِنَحْوِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وأبُو نُعَيْمٍ في الدَّلائِلِ وأبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ في الإبانَةِ والدَّيْلَمِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قالَ: سَألْتُ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إذْ نادَيْنا﴾ ما كانَ النِّداءُ ؟ وما كانَتِ الرَّحْمَةُ ؟ «قالَ: كَتَبَهُ اللَّهُ قَبْلَ (p-١١٠٦)أنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ بِألْفَيْ عامٍ، ثُمَّ وضَعَهُ عَلى عَرْشِهِ، ثُمَّ نادى: يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، أعْطَيْتُكم قَبْلَ أنْ تَسْألُونِي، وغَفَرْتُ لَكم قَبْلَ أنْ تَسْتَغْفِرُونِي، فَمَن لَقِيَنِي مِنكم يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدِي ورَسُولِي صادِقًا أدْخَلْتُهُ الجَنَّةَ» .
وأخْرَجَ الخُتُلِّيُّ في الدِّيباجِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السّاعِدِيِّ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وأبُو نُعَيْمٍ عَنْ حُذَيْفَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إذْ نادَيْنا﴾ مَرْفُوعًا، «قالَ نُودُوا: يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ما دَعَوْتُمُونا إذِ اسْتَجَبْنا لَكم، ولا سَألْتُمُونا إذْ أعْطَيْناكم» " .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مَرْفُوعًا «" إنَّ اللَّهَ نادى: يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ أجِيبُوا رَبَّكم، قالَ: فَأجابُوا وهم في أصْلابِ آبائِهِمْ وأرْحامِ أُمَّهاتِهِمْ إلى يَوْمِ القِيامَةِ فَقالُوا: لَبَّيْكَ أنْتَ رَبُّنا حَقًّا ونَحْنُ عَبِيدُكَ حَقًّا، قالَ: صَدَقْتُمْ أنا رَبُّكم وأنْتُمْ عَبِيدِي حَقًّا، قَدْ عَفَوْتُ عَنْكم قَبْلَ أنْ تَدْعُونِي، وأعْطَيْتُكم قَبْلَ أنْ تَسْألُونِي، فَمَن لَقِيَنِي مِنكم بِشَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ دَخَلَ الجَنَّةَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «الهالِكُ في الفَتْرَةِ يَقُولُ: رَبِّ لَمْ يَأْتِنِي كِتابٌ ولا رَسُولٌ»، ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ ﴿رَبَّنا لَوْلا أرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولًا﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا﴾ إلَخْ.
قالَ: هم أهْلُ الكِتابِ ﴿إنّا بِكُلٍّ كافِرُونَ﴾ يَعْنِي بِالكِتابَيْنِ: التَّوْراةُ والفُرْقانُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو القاسِمِ البَغَوِيُّ والماوَرْدِيُّ وابْنُ قانِعٍ الثَّلاثَةُ في مَعاجِمَ الصَّحابَةِ.
والطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ رِفاعَةَ القُرَظِيِّ قالَ: نَزَلَتْ ﴿ولَقَدْ وصَّلْنا لَهُمُ القَوْلَ لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أجْرَهم مَرَّتَيْنِ﴾ في عَشَرَةِ رَهْطٍ أنا أحَدُهم.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ مِن قَبْلِهِ هم بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ قالَ: يَعْنِي مَن آمَنَ بِمُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - مِن أهْلِ الكِتابِ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «ثَلاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أجْرَهم مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ مِن أهْلِ الكِتابِ آمَنَ بِالكِتابِ الأوَّلِ والآخِرِ، ورَجُلٌ كانَتْ لَهُ أمَةٌ فَأدَّبَها فَأحْسَنَ تَأْدِيبَها ثُمَّ أعْتَقَها وتَزَوَّجَها، وعَبَدٌ مَمْلُوكٌ أحْسَنَ عِبادَةَ رَبِّهِ ونَصَحَ لِسَيِّدِهِ» .
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما مِن حَدِيثِ المُسَيَّبِ، ومُسْلِمٍ وغَيْرِهِ مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ قَوْلَهُ ﴿إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ﴾ نَزَلَتْ في أبِي طالِبٍ لَمّا امْتَنَعَ مِنَ الإسْلامِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ ناسًا مِن قُرَيْشٍ قالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: إنْ نَتَّبِعْكَ يَتَخَطَّفْنا النّاسُ»، فَنَزَلَتْ ﴿وقالُوا إنْ نَتَّبِعِ الهُدى مَعَكَ﴾ الآيَةَ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ ﴿يُجْبى إلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ قالَ: ثَمَراتُ الأرْضِ.
{"ayahs_start":44,"ayahs":["وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلۡغَرۡبِیِّ إِذۡ قَضَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَى ٱلۡأَمۡرَ وَمَا كُنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ","وَلَـٰكِنَّاۤ أَنشَأۡنَا قُرُونࣰا فَتَطَاوَلَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡعُمُرُۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِیࣰا فِیۤ أَهۡلِ مَدۡیَنَ تَتۡلُوا۟ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتِنَا وَلَـٰكِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِینَ","وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذۡ نَادَیۡنَا وَلَـٰكِن رَّحۡمَةࣰ مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوۡمࣰا مَّاۤ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِیرࣲ مِّن قَبۡلِكَ لَعَلَّهُمۡ یَتَذَكَّرُونَ","وَلَوۡلَاۤ أَن تُصِیبَهُم مُّصِیبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَیۡدِیهِمۡ فَیَقُولُوا۟ رَبَّنَا لَوۡلَاۤ أَرۡسَلۡتَ إِلَیۡنَا رَسُولࣰا فَنَتَّبِعَ ءَایَـٰتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","فَلَمَّا جَاۤءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوا۟ لَوۡلَاۤ أُوتِیَ مِثۡلَ مَاۤ أُوتِیَ مُوسَىٰۤۚ أَوَلَمۡ یَكۡفُرُوا۟ بِمَاۤ أُوتِیَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۖ قَالُوا۟ سِحۡرَانِ تَظَـٰهَرَا وَقَالُوۤا۟ إِنَّا بِكُلࣲّ كَـٰفِرُونَ","قُلۡ فَأۡتُوا۟ بِكِتَـٰبࣲ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهۡدَىٰ مِنۡهُمَاۤ أَتَّبِعۡهُ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","فَإِن لَّمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا یَتَّبِعُونَ أَهۡوَاۤءَهُمۡۚ وَمَنۡ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَیۡرِ هُدࣰى مِّنَ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ","۞ وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ یَتَذَكَّرُونَ","ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِهِۦ هُم بِهِۦ یُؤۡمِنُونَ","وَإِذَا یُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِهِۦۤ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّنَاۤ إِنَّا كُنَّا مِن قَبۡلِهِۦ مُسۡلِمِینَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُؤۡتَوۡنَ أَجۡرَهُم مَّرَّتَیۡنِ بِمَا صَبَرُوا۟ وَیَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّیِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ","وَإِذَا سَمِعُوا۟ ٱللَّغۡوَ أَعۡرَضُوا۟ عَنۡهُ وَقَالُوا۟ لَنَاۤ أَعۡمَـٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَـٰلُكُمۡ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمۡ لَا نَبۡتَغِی ٱلۡجَـٰهِلِینَ","إِنَّكَ لَا تَهۡدِی مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ","وَقَالُوۤا۟ إِن نَّتَّبِعِ ٱلۡهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفۡ مِنۡ أَرۡضِنَاۤۚ أَوَلَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنࣰا یُجۡبَىٰۤ إِلَیۡهِ ثَمَرَ ٰتُ كُلِّ شَیۡءࣲ رِّزۡقࣰا مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ"],"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُؤۡتَوۡنَ أَجۡرَهُم مَّرَّتَیۡنِ بِمَا صَبَرُوا۟ وَیَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّیِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق