الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المُرْسَلِينَ﴾ أنَّثَ الفِعْلَ لِكَوْنِهِ مُسْنَدًا إلى قَوْمٍ، وهو في مَعْنى الجَماعَةِ أوِ الأُمَّةِ أوِ القَبِيلَةِ، وأوْقَعَ التَّكْذِيبَ عَلى المُرْسَلِينَ، وهم لَمْ يُكَذِّبُوا إلّا الرَّسُولَ المُرْسَلَ إلَيْهِمْ، لِأنَّ مَن كَذَّبَ رَسُولًا فَقَدْ كَذَّبَ الرُّسُلَ، لِأنَّ كُلَّ رَسُولٍ يَأْمُرُ بِتَصْدِيقِ غَيْرِهِ مِنَ الرُّسُلِ، وقِيلَ: كَذَّبُوا نُوحًا في الرِّسالَةِ وكَذَّبُوهُ فِيما أخْبَرَهم بِهِ مِن مَجِيءِ المُرْسَلِينَ بَعْدَهُ.
﴿إذْ قالَ لَهم أخُوهم نُوحٌ﴾ أيْ: أخُوهم مِن أبِيهِمْ، لا أخُوهم في الدِّينِ.
وقِيلَ: هي أُخُوَّةُ المُجانَسَةِ، وقِيلَ: هو مِن قَوْلِ العَرَبِ: يا أخا بَنِي تَمِيمٍ، يُرِيدُونَ واحِدًا مِنهم ﴿ألا تَتَّقُونَ﴾ أيْ: ألا تَتَّقُونَ اللَّهَ بِتَرْكِ عِبادَةِ الأصْنامِ وتُجِيبُونَ رَسُولَهُ الَّذِي أرْسَلَهُ إلَيْكم.
﴿إنِّي لَكم رَسُولٌ أمِينٌ﴾ أيْ: إنِّي لَكم رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ أمِينٌ فِيما أُبَلِّغُكم عَنْهُ، وقِيلَ: أمِينٌ فِيما بَيْنَكم، فَإنَّهم كانُوا قَدْ عَرَفُوا أمانَتَهُ وصِدْقَهُ.
﴿فاتَّقُوا اللَّهَ وأطِيعُونِ﴾ أيِ: اجْعَلُوا طاعَةَ اللَّهِ وِقايَةً لَكم مِن عَذابِهِ، (p-١٠٦٢)وأطِيعُونِ فِيما آمُرُكم بِهِ عَنِ اللَّهِ مِنَ الإيمانِ بِهِ وتَرْكِ الشِّرْكِ والقِيامِ بِفَرائِضِ الدِّينِ.
﴿وما أسْألُكم عَلَيْهِ مِن أجْرٍ﴾ أيْ: ما أطْلُبُ مِنكم أجْرًا عَلى تَبْلِيغِ الرِّسالَةِ ولا أطْمَعُ في ذَلِكَ مِنكم ﴿إنْ أجْرِيَ﴾ الَّذِي أطْلُبُهُ وأُرِيدُهُ ﴿إلّا عَلى رَبِّ العالَمِينَ﴾ أيْ: عَلى ما أجْرِي إلّا عَلَيْهِ. وكَرَّرَ قَوْلُهُ: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ وأطِيعُونِ﴾ لِلتَّأْكِيدِ والتَّقْرِيرِ في النُّفُوسِ مَعَ كَوْنِهِ عَلَّقَ كُلَّ واحِدٍ مِنهم بِسَبَبٍ، وهو الأمانَةُ في الأوَّلِ، وقَطْعُ الطَّمَعِ في الثّانِي، ونَظِيرُهُ قَوْلُكَ: ألا تَتَّقِي اللَّهَ في عُقُوقِي وقَدْ رَبَّيْتُكَ صَغِيرًا، ألا تَتَّقِي اللَّهَ في عُقُوقِي وقَدْ عَلَّمْتُكَ كَبِيرًا، وقَدْ تَقَدَّمَ الأمْرُ بِتَقْوى اللَّهِ عَلى الأمْرِ بِطاعَتِهِ، لِأنَّ تَقْوى اللَّهِ عِلَّةٌ لِطاعَتِهِ.
﴿قالُوا أنُؤْمِنُ لَكَ واتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ﴾ الِاسْتِفْهامُ لِلْإنْكارِ أيْ: كَيْفَ نَتَّبِعُكَ ونُؤْمِنُ لَكَ، والحالُ أنَّ قَدِ اتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ، وهم جَمْعُ ( أرْذَلَ )، وجَمْعُ التَّكْسِيرِ أرْذالٌ، والأُنْثى رُذْلى، وهُمُ الأقَلُّونَ جاهًا ومالًا والرَّذالَةُ: الخِسَّةُ والذِّلَّةُ، اسْتَرْذَلُوهم لِقِلَّةِ أمْوالِهِمْ وجاهِهِمْ، أوْ لا تُضاعُ أنْسابُهم.
وقِيلَ: كانُوا مِن أهْلِ الصِّناعاتِ الخَسِيسَةِ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الآياتِ في هُودٍ.
وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، والضَّحّاكُ ويَعْقُوبُ الحَضْرَمِيُّ ﴿واتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ﴾ قالَ النَّحّاسُ: وهي قِراءَةٌ حَسَنَةٌ، لِأنَّ هَذِهِ الواوَ تَتْبَعُها الأسْماءُ كَثِيرًا، وأتْباعٌ جَمْعُ تابِعٍ، فَأجابَهم نُوحٌ بِقَوْلِهِ: ﴿وما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ( كانَ ) زائِدَةٌ، والمَعْنى: وما عِلْمِي بِعِلْمِهِمْ: أيْ: لَمْ أُكَلَّفِ العِلْمَ بِأعْمالِهِمْ، إنَّما كُلِّفْتُ أنْ أدْعُوهم إلى الإيمانِ والِاعْتِبارِ بِهِ، لا بِالحِرَفِ والصَّنائِعِ والفَقْرِ والغِنى، وكَأنَّهم أشارُوا بِقَوْلِهِمْ: ﴿واتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ﴾ إلى أنَّ إيمانَهم لَمْ يَكُنْ عَنْ نَظَرٍ صَحِيحٍ فَأجابَهم بِهَذا وقِيلَ: المَعْنى: إنِّي لَمْ أعْلَمْ أنَّ اللَّهَ سَيَهْدِيهِمْ ويُضِلُّكم.
﴿إنْ حِسابُهم إلّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ﴾ أيْ: ما حِسابُهم والتَّفْتِيشُ عَنْ ضَمائِرِهِمْ وأعْمالِهِمْ إلّا عَلى اللَّهِ لَوْ كُنْتُمْ مِن أهْلِ الشُّعُورِ والفَهْمِ، قَرَأ الجُمْهُورُ تَشْعُرُونَ بِالفَوْقِيَّةِ، وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ والأعْرَجُ وأبُو زُرْعَةَ بِالتَّحْتِيَّةِ، كَأنَّهُ تَرَكَ الخِطابَ لِلْكُفّارِ والتَفَتَ إلى الإخْبارِ عَنْهم.
قالَ الزَّجّاجُ: والصِّناعاتُ لا تَضُرُّ في بابِ الدِّياناتِ.
وما أحْسَنَ ما قالَ: ﴿وما أنا بِطارِدِ المُؤْمِنِينَ﴾ هَذا جَوابٌ مِن نُوحٍ عَلى ما ظَهَرَ مِن كَلامِهِمْ مِن طَلَبِ الطَّرْدِ لَهم.
﴿إنْ أنا إلّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ أيْ: ما أنا إلّا نَذِيرٌ مُوَضِّحٌ لِما أمَرَنِي اللَّهُ - سُبْحانَهُ - بِإبْلاغِهِ إلَيْكم، وهَذِهِ الجُمْلَةُ كالعِلَّةِ لِما قَبْلَها.
﴿قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يانُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المَرْجُومِينَ﴾ أيْ: إنْ لَمْ تَتْرُكْ عَيْبَ دِينِنا وسَبَّ آلِهَتِنا لَتَكُونَنَّ مِنَ المَرْجُومِينَ بِالحِجارَةِ، وقِيلَ: مِنَ المَشْتُومِينَ، وقِيلَ: مِنَ المَقْتُولِينَ، فَعَدَلُوا بَعْدَ تِلْكَ المُحاوَرَةِ بَيْنَهم وبَيْنَ نُوحٍ إلى التَّجَبُّرِ والتَّوَعُّدِ فَلَمّا سَمِعَ نُوحٌ قَوْلَهم هَذا. ﴿قالَ رَبِّ إنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ﴾ أيْ: أصَرُّوا عَلى تَكْذِيبِي، ولَمْ يَسْمَعُوا قَوْلِي ولا أجابُوا دُعائِي.
﴿فافْتَحْ بَيْنِي وبَيْنَهم فَتْحًا﴾ الفَتْحُ الحُكْمُ أيِ: احْكم بَيْنِي وبَيْنَهم حُكْمًا، وقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنى الفَتْحِ
﴿ونَجِّنِي ومَن مَعِيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ فَلَمّا دَعا رَبَّهُ بِهَذا الدُّعاءِ اسْتَجابَ لَهُ، فَقالَ: ﴿فَأنْجَيْناهُ ومَن مَعَهُ في الفُلْكِ المَشْحُونِ﴾ أيِ: السَّفِينَةِ المَمْلُوءَةِ، والشَّحْنُ مَلْءُ السَّفِينَةِ بِالنّاسِ والدَّوابِّ والمَتاعِ.
﴿ثُمَّ أغْرَقْنا بَعْدُ الباقِينَ﴾ أيْ: ثُمَّ أغْرَقْنا بَعْدَ إنْجائِهِمُ الباقِينَ مِن قَوْمِهِ.
﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآيَةً﴾ أيْ عَلامَةً وعِبْرَةً عَظِيمَةً ﴿وما كانَ أكْثَرُهم مُؤْمِنِينَ﴾ ( كانَ ) زائِدَةٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهَ وغَيْرِهِ عَلى ما تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ.
﴿وإنَّ رَبَّكَ لَهو العَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ أيِ: القاهِرُ لِأعْدائِهِ الرَّحِيمُ بِأوْلِيائِهِ.
﴿كَذَّبَتْ عادٌ المُرْسَلِينَ﴾ أنَّثَ الفِعْلَ بِاعْتِبارِ إسْنادِهِ إلى القَبِيلَةِ، لِأنَّ عادًا اسْمُ أبِيهِمُ الأعْلى.
ومَعْنى تَكْذِيبِهِمُ المُرْسَلِينَ مَعَ كَوْنِهِمْ لَمْ يُكَذِّبُوا إلّا رَسُولًا واحِدًا قَدْ تَقَدَّمَ وجْهُهُ في قِصَّةِ نُوحٍ قَرِيبًا.
﴿إذْ قالَ لَهم أخُوهم هُودٌ ألا تَتَّقُونَ﴾ الكَلامُ فِيهِ كالكَلامِ في قَوْلِ نُوحٍ المُتَقَدِّمِ قَرِيبًا.
وكَذا قَوْلُهُ: ﴿إنِّي لَكم رَسُولٌ أمِينٌ﴾ ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ وأطِيعُونِ﴾ ﴿وما أسْألُكم عَلَيْهِ مِن أجْرٍ إنْ أجْرِيَ إلّا عَلى رَبِّ العالَمِينَ﴾ الكَلامُ فِيهِ كالَّذِي قَبْلَهُ سَواءٌ.
﴿أتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ﴾ الرِّيعُ المَكانُ المُرْتَفِعُ مِنَ الأرْضِ جَمْعُ رِيعَةٍ، يُقالُ: كَمْ رِيعُ أرْضِكَ ؟ أيْ: كَمِ ارْتِفاعُها.
قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: الرِّيعُ الِارْتِفاعُ جَمْعُ رِيعَةٍ وقالَ قَتادَةُ، والضَّحّاكُ والكَلْبِيُّ: الرِّيعُ الطَّرِيقُ، وبِهِ قالَ مُقاتِلٌ والسُّدِّيُّ وإطْلاقُ الرِّيعِ عَلى ما ارْتَفَعَ مِنَ الأرْضِ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أهْلِ اللُّغَةِ، ومِنهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
؎طِراقُ الخَوافِي مُشْرِفٌ فَوْقَ رِيعَةٍ بِذِي لَيْلَةٍ في رِيشِهِ يَتَرَقْرَقُ
وقِيلَ: الرِّيعُ الجَبَلُ، واحِدُهُ رِيعَةٌ، والجَمْعُ أرْياعٌ.
وقالَ مُجاهِدٌ: هو الفَجُّ بَيْنَ الجَبَلَيْنِ، ورُوِيَ عَنْهُ أنَّهُ الثَّنَيَّةُ الصَّغِيرَةُ، ورُوِيَ عَنْهُ أيْضًا أنَّهُ المَنظَرَةُ.
ومَعْنى الآيَةِ: أنَّكم تَبْنُونَ بِكُلِّ مَكانٍ مُرْتَفِعٍ عَلَمًا تَعْبَثُونَ بِبُنْيانِهِ وتَلْعَبُونَ بِالمارَّةِ وتَسْخَرُونَ مِنهم، لِأنَّكم تُشْرِفُونَ مِن ذَلِكَ البِناءِ المُرْتَفِعِ عَلى الطَّرِيقِ فَتُؤْذُونَ المارَّةَ وتَسْخَرُونَ مِنهم.
قالَ الكَلْبِيُّ: إنَّهُ عَبَثُ العَشّارِينَ بِأمْوالِ مَن يَمُرُّ بِهِمْ حَكاهُ الماوَرْدِيُّ.
قالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: الرِّيعُ الصَّوْمَعَةُ، والرِّيعُ البُرْجُ يَكُونُ في الصَّحْراءِ، والرِّيعُ التَّلُّ العالِي، وفي الرِّيعِ لُغَتانِ كَسْرُ الرّاءِ وفَتْحِها.
﴿وتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ﴾ المَصانِعُ: هي الأبْنِيَةُ الَّتِي يَتَّخِذُها النّاسُ مَنازِلَ.
قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ بِناءٍ مُصَنَّعَةٍ مِنهُ وبِهِ قالَ الكَلْبِيُّ وغَيْرُهُ، مِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎تَرَكْنَ دِيارَهم مِنهم قِفارًا ∗∗∗ وهَدَّمْنَ المَصانِعَ والبُرُوجا
وقِيلَ: هي الحُصُونُ المُشَيَّدَةُ، قالَهُ مُجاهِدٌ وغَيْرُهُ، وقالَ الزَّجّاجُ: إنَّها مَصانِعُ الماءِ الَّتِي تُجْعَلُ تَحْتَ الأرْضِ واحِدَتُها مَصْنَعَةٌ ومَصْنَعٌ، ومِنهُ قَوْلُ لَبِيَدٍ:
؎بُلِينا وما تُبْلى النُّجُومُ الطَّوالِعُ ∗∗∗ وتَبْقى الجِبالُ بَعْدَنا والمَصانِعُ
ولَيْسَ في هَذا البَيْتِ ما يَدُلُّ صَرِيحًا عَلى ما قالَهُ الزَّجّاجُ، ولَكِنَّهُ قالَ الجَوْهَرِيُّ: المَصْنُعَةُ بِضَمِّ النُّونِ الحَوْضُ يُجَمَّعُ فِيهِ ماءُ المَطَرِ، والمَصانِعُ الحُصُونُ.
وقالَ، عَبْدُ الرَّزّاقِ،: المَصانِعُ - عِنْدَنا بِلُغَةِ اليَمَنِ - القُصُورُ العالِيَةُ.
ومَعْنى ﴿لَعَلَّكم تَخْلُدُونَ﴾ راجِينَ أنْ تَخْلُدُوا، وقِيلَ: إنَّ لَعَلَّ هُنا لِلِاسْتِفْهامِ التَّوْبِيخِيِّ: أيْ: هَلْ تَخْلُدُونَ، كَقَوْلِهِمْ لَعَلَّكَ تَشْتُمُنِي: أيْ: هَلْ (p-١٠٦٣)تَشْتُمُنِي.
وقالَ الفَرّاءُ: كَيْ تَخْلُدُونَ ولا تَتَفَكَّرُونَ في المَوْتِ، وقِيلَ: المَعْنى: كَأنَّكم باقُونَ مُخَلَّدُونَ.
قَرَأ الجُمْهُورُ " تَخْلُدُونَ " مُخَفَّفًا. وقَرَأ قَتادَةُ بِالتَّشْدِيدِ. وحَكى النَّحّاسُ أنَّ في بَعْضِ القِراءاتِ " كَأنَّكم مُخَلَّدُونَ " وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ كَيْ تَخْلُدُوا.
﴿وإذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبّارِينَ﴾ البَطْشُ السَّطْوَةُ والأخْذُ بِالعُنْفِ.
قالَ مُجاهِدٌ وغَيْرُهُ: البَطْشُ العَسْفُ قَتْلًا بِالسَّيْفِ وضَرْبًا بِالسَّوْطِ.
والمَعْنى: فَعَلْتُمْ ذَلِكَ ظُلْمًا، وقِيلَ: هو القَتْلُ عَلى العَصَبِ قالَهُ الحَسَنُ والكَلْبِيُّ. قِيلَ: والتَّقْدِيرُ: وإذا أرَدْتُمُ البَطْشَ، لِئَلّا يَتَّحِدَ الشَّرْطُ والجَزاءَ، وانْتِصابُ جَبّارِينَ عَلى الحالِ.
قالَ الزَّجّاجُ: إنَّما أنْكَرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ لِأنَّهُ ظُلْمٌ، وأمّا في الحَقِّ فالبَطْشُ بِالسَّوْطِ والسَّيْفِ جائِزٌ.
ثُمَّ لَمّا وصَفَهم بِهَذِهِ الأوْصافِ القَبِيحَةِ الدّالَّةِ عَلى الظُّلْمِ والعُتُوِّ والتَّمَرُّدِ والتَّجَبُّرِ أمَرَهم بِالتَّقْوى.
﴿فاتَّقُوا اللَّهَ وأطِيعُونِ﴾ أجْمَلَ التَّقْوى ثُمَّ فَصَّلَها بِقَوْلِهِ: ﴿واتَّقُوا الَّذِي أمَدَّكم بِما تَعْلَمُونَ﴾ ﴿أمَدَّكم بِأنْعامٍ وبَنِينَ﴾ وأعادَ الفِعْلَ لِلتَّقْرِيرِ والتَّأْكِيدِ.
﴿وجَنّاتٍ وعُيُونٍ﴾ أيْ: بَساتِينَ وأنْهارٍ وأبْيارٍ.
ثُمَّ وعَظَهم وحَذَّرَهم فَقالَ ﴿إنِّي أخافُ عَلَيْكم عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ إنْ كَفَرْتُمْ وأصْرَرْتُمْ عَلى ما أنْتُمْ فِيهِ ولَمْ تَشْكُرُوا هَذِهِ النِّعَمَ، والمُرادُ بِالعَذابِ العَظِيمِ الدُّنْيَوِيُّ والأُخْرَوِيُّ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿قالُوا أنُؤْمِنُ لَكَ﴾ أيْ: أنُصَدِّقُكَ ؟
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ ﴿واتَّبَعَكَ الأرْذَلُونَ﴾ قالَ: الحَوّاكُونَ.
وأخْرَجَ أيْضًا عَنْ قَتادَةَ قالَ: سَفَلَةُ النّاسِ وأراذِلُهم.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿الفُلْكِ المَشْحُونِ﴾ قالَ: المُمْتَلِئُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ أنَّهُ قالَ أتَدْرُونَ ما المَشْحُونُ ؟ قُلْنا لا، قالَ: هو المُوَقَّرُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أيْضًا قالَ: هو المُثْقَلُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أيْضًا ﴿بِكُلِّ رِيعٍ﴾ قالَ: طَرِيقٌ آيَةً قالَ: عَلَمًا تَعْبَثُونَ قالَ: تَلْعَبُونَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ أيْضًا بِكُلِّ رِيعٍ قالَ: شَرَفٌ.
وأخْرَجُوا أيْضًا عَنْهُ ﴿لَعَلَّكم تَخْلُدُونَ﴾ قالَ: كَأنَّكم تَخْلُدُونَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا جَبّارِينَ قالَ: أقْوِياءُ.
{"ayahs_start":105,"ayahs":["كَذَّبَتۡ قَوۡمُ نُوحٍ ٱلۡمُرۡسَلِینَ","إِذۡ قَالَ لَهُمۡ أَخُوهُمۡ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ","إِنِّی لَكُمۡ رَسُولٌ أَمِینࣱ","فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ","وَمَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِیَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ","۞ قَالُوۤا۟ أَنُؤۡمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلۡأَرۡذَلُونَ","قَالَ وَمَا عِلۡمِی بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","إِنۡ حِسَابُهُمۡ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّیۖ لَوۡ تَشۡعُرُونَ","وَمَاۤ أَنَا۠ بِطَارِدِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","إِنۡ أَنَا۠ إِلَّا نَذِیرࣱ مُّبِینࣱ","قَالُوا۟ لَىِٕن لَّمۡ تَنتَهِ یَـٰنُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمَرۡجُومِینَ","قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوۡمِی كَذَّبُونِ","فَٱفۡتَحۡ بَیۡنِی وَبَیۡنَهُمۡ فَتۡحࣰا وَنَجِّنِی وَمَن مَّعِیَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","فَأَنجَیۡنَـٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ فِی ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ","ثُمَّ أَغۡرَقۡنَا بَعۡدُ ٱلۡبَاقِینَ","إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰۖ وَمَا كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّؤۡمِنِینَ","وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلرَّحِیمُ","كَذَّبَتۡ عَادٌ ٱلۡمُرۡسَلِینَ","إِذۡ قَالَ لَهُمۡ أَخُوهُمۡ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ","إِنِّی لَكُمۡ رَسُولٌ أَمِینࣱ","فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ","وَمَاۤ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَیۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِیَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","أَتَبۡنُونَ بِكُلِّ رِیعٍ ءَایَةࣰ تَعۡبَثُونَ","وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمۡ تَخۡلُدُونَ","وَإِذَا بَطَشۡتُم بَطَشۡتُمۡ جَبَّارِینَ","فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ","وَٱتَّقُوا۟ ٱلَّذِیۤ أَمَدَّكُم بِمَا تَعۡلَمُونَ","أَمَدَّكُم بِأَنۡعَـٰمࣲ وَبَنِینَ","وَجَنَّـٰتࣲ وَعُیُونٍ","إِنِّیۤ أَخَافُ عَلَیۡكُمۡ عَذَابَ یَوۡمٍ عَظِیمࣲ"],"ayah":"وَإِذَا بَطَشۡتُم بَطَشۡتُمۡ جَبَّارِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق