الباحث القرآني

. مَحَلُّ ( ذَلِكَ ) الرَّفْعُ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ: الأمْرُ ذَلِكَ، أوْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أوْ في مَحَلِّ نَصْبٍ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أيْ: افْعَلُوا ذَلِكَ، والمُشارُ إلَيْهِ هو ما سَبَقَ مِن أعْمالِ الحَجِّ، وهَذا وأمْثالُهُ يُطْلَقُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الكَلامَيْنِ أوْ بَيْنَ طَرَفَيْ كَلامٍ واحِدٍ، والحُرُماتُ جَمْعُ حُرْمَةٍ. قالَ الزَّجّاجُ: الحُرْمَةُ ما وجَبَ القِيامُ بِهِ وحُرِّمَ التَّفْرِيطُ فِيهِ، وهي في هَذِهِ الآيَةِ ما نُهِيَ عَنْها ومُنِعَ مِنَ الوُقُوعِ فِيها. والظّاهِرُ مِنَ الآيَةِ عُمُومُ كُلِّ حُرْمَةٍ في الحَجِّ وغَيْرِهِ كَما يُفِيدُهُ اللَّفْظُ وإنْ كانَ السَّبَبُ خاصًّا، وتَعْظِيمُها تَرْكُ مُلابَسَتِها ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ أيْ فالتَّعْظِيمُ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ يَعْنِي في الآخِرَةِ مِنَ التَّهاوُنِ بِشَيْءٍ مِنها. وقِيلَ: إنَّ صِيغَةَ التَّفْضِيلِ هُنا لا يُرادُ بِها مَعْناها الحَقِيقِيُّ، بَلِ المُرادُ أنَّ ذَلِكَ التَّعْظِيمَ خَيْرٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، فَهي عِدَةٌ بِخَيْرٍ ﴿وأُحِلَّتْ لَكُمُ الأنْعامُ﴾ وهي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ ﴿إلّا ما يُتْلى عَلَيْكم﴾ أيْ في الكِتابِ العَزِيزِ مِنَ المُحَرَّماتِ، وهي المَيْتَةُ وما ذُكِرَ مَعَها في سُورَةِ المائِدَةِ. وقِيلَ: في قَوْلِهِ ﴿إلّا ما يُتْلى عَلَيْكم غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وأنْتُمْ حُرُمٌ﴾ . ﴿فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثانِ﴾ الرِّجْسُ: القَذَرُ، والوَثَنُ: التِّمْثالُ، وأصْلُهُ مِن وثَنَ الشَّيْءَ أيْ: أقامَ في مَقامِهِ، وسُمِّيَ الصَّلِيبُ وثَنًا؛ لِأنَّهُ يُنْصَبُ ويُرْكَزُ في مَقامِهِ، فَلا يَبْرَحُ عَنْهُ، والمُرادُ اجْتِنابُ عِبادَةِ الأوْثانِ، وسَمّاها رِجْسًا؛ لِأنَّها سَبَبُ الرِّجْسِ وهو العَذابُ. وقِيلَ: جَعَلَها سُبْحانَهُ رِجْسًا حُكْمًا، والرِّجْسُ النَّجَسُ، ولَيْسَتِ النَّجاسَةُ وصْفًا ذاتِيًّا لَها ولَكِنَّها وصْفٌ شَرْعِيٌّ، فَلا تَزُولُ إلّا بِالإيمانِ كَما أنَّها لا تَزُولُ النَّجاسَةُ الحِسِّيَّةُ إلّا بِالماءِ. قالَ الزَّجّاجُ: مِن هُنا لِتَخْلِيصِ جِنْسٍ مِن أجْناسٍ أيْ: فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الَّذِي هو وثَنٌ ﴿واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ الَّذِي هو الباطِلُ، وسُمِّيَ زُورًا؛ لِأنَّهُ مائِلٌ عَنِ الحَقِّ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ﴾ وقَوْلُهم مَدِينَةٌ زَوْراءَ أيْ: مائِلَةٌ، والمُرادُ هُنا قَوْلُ الزُّورِ عَلى العُمُومِ، وأعْظَمُهُ الشِّرْكُ بِاللَّهِ بِأيِّ لَفْظٍ كانَ. وقالَ الزَّجّاجُ: المُرادُ بِقَوْلِ الزُّورِ هاهُنا تَحْلِيلُهم بَعْضَ الأنْعامِ وتَحْرِيمُهم بَعْضَها، وقَوْلُهم هَذا حَلالٌ وهَذا حَرامٌ، وقِيلَ: المُرادُ بِهِ شَهادَةُ الزُّورِ. وانْتِصابُ حُنَفاءَ عَلى الحالِ أيْ: مُسْتَقِيمِينَ عَلى الحَقِّ، أوْ مائِلِينَ إلى الحَقِّ. ولَفْظُ حُنَفاءَ مِنَ الأضْدادِ يَقَعُ عَلى الِاسْتِقامَةِ، ويَقَعُ عَلى المَيْلِ، وقِيلَ: مَعْناهُ حُجّاجًّا، ولا وجْهَ لِهَذا ﴿غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾ هو حالٌ كالأوَّلِ أيْ: غَيْرُ مُشْرِكِينَ بِهِ شَيْئًا مِنَ الأشْياءِ كَما يُفِيدُهُ الحَذْفُ مِنَ العُمُومِ، وجُمْلَةُ ﴿ومَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ﴾ مُبْتَدَأةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِما قَبْلَها مِنَ الأمْرِ بِالِاجْتِنابِ، ومَعْنى خَرَّ مِنَ السَّماءِ: سَقَطَ إلى الأرْضِ أيْ: انْحَطَّ مِن رَفِيعِ الإيمانِ إلى حَضِيضِ الكُفْرِ ﴿فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ﴾، يُقالُ خَطَفَهُ يَخْطَفُهُ إذا سَلَبَهُ، ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿يَخْطَفُ أبْصارَهُمْ﴾ [البقرة: ٢٠] أيْ تَخْطَفُ لَحْمَهُ وتَقْطَعُهُ بِمَخالِبِها. قَرَأ أبُو جَعْفَرٍ ونافِعٌ بِتَشْدِيدِ الطّاءِ وفَتْحِ الخاءِ، وقُرِئَ بِكَسْرِ الخاءِ والطّاءِ وبِكَسْرِ التّاءِ مَعَ كَسْرِهِما ﴿أوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ﴾ أيْ تَقْذِفُهُ وتَرْمِي بِهِ ﴿فِي مَكانٍ سَحِيقٍ﴾ أيْ بِعِيدٍ، يُقالُ سَحَقَ يَسْحَقُ سَحْقًا فَهو سِحاقٌ إذا بَعُدَ. قالَ الزَّجّاجُ: أعْلَمَ اللَّهُ أنَّ بُعْدَ مَن أشْرَكَ بِهِ مِنَ الحَقِّ كَبُعْدِ ما خَرَّ مِنَ السَّماءِ، فَتَذْهَبُ بِهِ الطَّيْرُ أوْ هَوَتْ بِهِ الرِّيحُ في مَكانٍ بَعِيدٍ. ﴿ذَلِكَ ومَن يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ﴾ الكَلامُ في هَذِهِ الإشارَةِ قَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا والشَّعائِرُ جَمْعُ الشَّعِيرَةِ، وهي كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ لِلَّهِ تَعالى شِعارٌ، ومِنهُ شِعارُ القَوْمِ في الحَرْبِ، وهو عَلامَتُهُمُ الَّتِي يَتَعارَفُونَ بِها، ومِنهُ إشْعارُ البُدْنِ، وهو الطَّعْنُ في جانِبِها الأيْمَنِ، فَشَعائِرُ اللَّهِ أعْلامُ دِينِهِ، وتَدْخُلُ الهَدايا في الحَجِّ دُخُولًا أوَّلِيًّا، والضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ﴿فَإنَّها مِن تَقْوى القُلُوبِ﴾ راجِعٌ إلى الشَّعائِرِ بِتَقْدِيرِ مُضافٍ مَحْذُوفٍ أيْ: فَإنَّ تَعْظِيمَها مِن تَقْوى القُلُوبِ أيْ: مِن أفْعالِ القُلُوبِ الَّتِي هي مِنَ التَّقْوى، فَإنَّ هَذا التَّعْظِيمَ ناشِئٌ مِنَ التَّقْوى. ﴿لَكم فِيها مَنافِعُ﴾ أيْ في الشَّعائِرِ عَلى العُمُومِ، أوْ عَلى الخُصُوصِ، وهي البُدْنُ كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّياقُ. ومِن مَنافِعِها الرُّكُوبُ والدَّرُّ والنَّسْلُ والصُّوفُ وغَيْرُ ذَلِكَ ﴿إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ وهو وقْتُ نَحْرِها ﴿ثُمَّ مَحِلُّها إلى البَيْتِ العَتِيقِ﴾ أيْ حَيْثُ يَحُلُّ نَحْرُها، والمَعْنى: أنَّها تَنْتَهِي إلى البَيْتِ وما يَلِيهِ مِنَ الحَرَمِ، فَمَنافِعُهُمُ الدُّنْيَوِيَّةُ المُسْتَفادَةُ مِنها مُسْتَمِرَّةٌ إلى وقْتِ نَحْرِها، ثُمَّ تَكُونُ مَنافِعُها بَعْدَ ذَلِكَ دِينِيَّةً. وقِيلَ: إنَّ مَحِلَّها هاهُنا مَأْخُوذٌ مِن إحْلالِ الحَرامِ، والمَعْنى: أنَّ شَعائِرَ الحَجِّ كُلَّها مِنَ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ورَمْيِ الجِمارِ والسَّعْيِ تَنْتَهِي إلى طَوافِ الإفاضَةِ بِالبَيْتِ، فالبَيْتُ عَلى هَذا مُرادٌ بِنَفْسِهِ. ﴿ولِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنسَكًا﴾ المَنسَكُ (p-٩٦٤)هاهُنا المَصْدَرُ مِن نَسَكَ يَنْسَكُ إذا ذَبَحَ القُرْبانَ، والذَّبِيحَةُ نَسِيكَةٌ، وجَمْعُها نُسُكٌ. وقالَ الأزْهَرِيُّ: إنَّ المُرادَ بِالمَنسَكِ في الآيَةِ مَوْضِعُ النَّحْرِ، ويُقالُ مَنسِكٌ بِكَسْرِ السِّينِ وفَتْحِها لُغَتانِ قَرَأ بِالكَسْرِ الكُوفِيُّونَ إلّا عاصِمًا وقَرَأ الباقُونَ بِالفَتْحِ. وقالَ الفَرّاءُ: المَنسَكُ في كَلامِ العَرَبِ: المَوْضِعُ المُعْتادُ في خَيْرٍ أوْ شَرٍّ، وقالَ ابْنُ عَرَفَةَ ﴿ولِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنسَكًا﴾ أيْ مَذْهَبًا مِن طاعَةِ اللَّهِ. ورُوِيَ عَنِ الفَرّاءِ أنَّ المَنسَكَ العِيدُ، وقِيلَ: الحَجُّ، والأوَّلُ أوْلى لِقَوْلِهِ: ﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ﴾ إلى آخِرِهِ، والأُمَّةُ: الجَماعَةُ المُجْتَمِعَةُ عَلى مَذْهَبٍ واحِدٍ، والمَعْنى: وجَعَلَنا لِكُلِّ أهْلِ دِينٍ مِنَ الأدْيانِ ذَبْحًا يَذْبَحُونَهُ ودَمًا يُرِيقُونَهُ، أوْ مُتَعَبَّدًا أوْ طاعَةً أوْ عِيدًا أوْ حَجًّا يَحُجُّونَهُ، لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وحْدَهُ ويَجْعَلُوا نُسُكَهم خاصًّا بِهِ ﴿عَلى ما رَزَقَهم مِن بَهِيمَةِ الأنْعامِ﴾ أيْ عَلى ذَبْحِ ما رَزَقَهم مِنها، وفِيهِ إشارَةٌ إلى أنَّ القُرْبانَ لا يَكُونُ إلّا مِنَ الأنْعامِ دُونَ غَيْرِها، وفي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ المَقْصُودَ مِنَ الذَّبْحِ المَذْكُورِ هو ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهِ. ثُمَّ أخْبَرَهم سُبْحانَهُ بِتَفَرُّدِهِ بِالإلَهِيَّةِ وأنَّهُ لا شَرِيكَ لَهُ، والفاءُ لِتَرْتِيبِ ما بَعْدَها عَلى ما قَبْلَها، ثُمَّ أمَرَهم بِالإسْلامِ لَهُ، والِانْقِيادِ لِطاعَتِهِ وعِبادَتِهِ، وتَقْدِيمُ الجارِّ والمَجْرُورِ عَلى الفِعْلِ لِلْقَصْرِ، والفاءُ هُنا كالفاءِ الَّتِي قَبْلَها، ثُمَّ أمَرَ رَسُولَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِأنْ يُبَشِّرَ المُخْبِتِينَ مِن عِبادِهِ أيْ: المُتَواضِعِينَ الخاشِعِينَ المُخْلِصِينَ، وهو مَأْخُوذٌ مِنَ الخَبِيتِ، وهو المُنْخَفِضُ مِنَ الأرْضِ، والمَعْنى: بَشِّرْهم يا مُحَمَّدُ بِما أعَدَّ اللَّهُ لَهم مِن جَزِيلِ ثَوابِهِ وجَلِيلِ عَطائِهِ. وقِيلَ: إنَّ المُخْبِتِينَ هُمُ الَّذِينَ لا يَظْلِمُونَ غَيْرَهم وإذا ظَلَمَهم غَيْرُهم لَمْ يَنْتَصِرُوا. ثُمَّ وصَفَ سُبْحانَهُ هَؤُلاءِ المُخْبِتِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ إذا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ أيْ خافَتْ وحَذَرَتْ مُخالَفَتُهُ، وحُصُولُ الوَجَلِ مِنهم عِنْدَ الذِّكْرِ لَهُ سُبْحانَهُ دَلِيلٌ عَلى كَمالِ يَقِينِهِمْ وقُوَّةِ إيمانِهِمْ، ووَصَفَهم بِالصَّبْرِ ﴿عَلى ما أصابَهُمْ﴾ مِنَ البَلايا والمِحَنِ في طاعَةِ اللَّهِ ثُمَّ وصَفَهم بِإقامَةِ الصَّلاةِ أيِ الإتْيانِ بِها في أوْقاتِها عَلى وجْهِ الكَمالِ. قَرَأ الجُمْهُورُ: ﴿والمُقِيمِي الصَّلاةِ﴾ بِالجَرِّ عَلى ما هو الظّاهِرُ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو بِالنَّصْبِ عَلى تَوَهُّمِ بَقاءِ النُّونِ، وأنْشَدَ سِيبَوَيْهِ عَلى ذَلِكَ قَوْلَ الشّاعِرِ: ؎الحافِظُ عَوْرَةَ العَشِيرَةِ البَيْتَ، بِنَصْبِ ( عَوْرَةَ ) . وقِيلَ: لَمْ يَقْرَأْ بِهَذِهِ القِراءَةِ أبُو عَمْرٍو، وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ ( والمُقِيمِينَ ) بِإثْباتِ النُّونِ عَلى الأصْلِ، ورُوِيَتْ هَذِهِ القِراءَةُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ وصَفَهم سُبْحانَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ومِمّا رَزَقْناهم يُنْفِقُونَ﴾ أيْ يَتَصَدَّقُونَ بِهِ ويُنْفِقُونَهُ في وُجُوهِ البِرِّ، ويَضَعُونَهُ في مَواضِعِ الخَيْرِ ومِثْلُ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذا ذُكِرَ اللَّهُ وجِلَتْ قُلُوبُهم وإذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهم إيمانًا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ . وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿حُرُماتِ اللَّهِ﴾ قالَ: الحُرْمَةُ مَكَّةُ والحَجُّ والعُمْرَةُ وما نَهى اللَّهُ عَنْهُ مِن مَعاصِيهِ كُلِّها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثانِ﴾ يَقُولُ: اجْتَنِبُوا طاعَةَ الشَّيْطانِ في عِبادَةِ الأوْثانِ ﴿واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ يَعْنِي الِافْتِراءَ عَلى اللَّهِ والتَّكْذِيبَ بِهِ. وأخْرَجَ أحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أيْمَنِ بْنِ خُرَيْمٍ قالَ: قامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - خَطِيبًا فَقالَ: «يا أيُّها النّاسُ عَدَلَتْ شَهادَةُ الزُّورِ شِرْكًا بِاللَّهِ ثَلاثًا، ثُمَّ قَرَأ ﴿فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثانِ واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾» . قالَ أحْمَدُ غَرِيبٌ إنَّما نَعْرِفُهُ مِن حَدِيثِ سُفْيانَ بْنِ زَيْدٍ. وقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ في رِوايَةِ هَذا الحَدِيثِ، ولا نَعْرِفُ لِأيْمَنِ بْنِ خُرَيْمٍ سَماعًا مِنَ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - . وقَدْ أخْرَجَهُ أحْمَدُ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو داوُدَ وابْنُ ماجَهْ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنِ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ مِن حَدِيثِ خُرَيْمٍ. وقَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما مِن حَدِيثِ أبِي بَكْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «ألا أُنْبِئُكم بِأكْبَرِ الكَبائِرِ ثَلاثًا، قُلْنا بَلى يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ بِاللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وكانَ مُتَّكِئًا، فَجَلَسَ فَقالَ: ألا وقَوْلَ الزُّورِ، ألا وشَهادَةَ الزُّورِ، فَما زالَ يُكَرِّرُها حَتّى قُلْنا لَيْتَهُ سَكَتَ» . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنِ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾ قالَ: حُجّاجًا لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ، وذَلِكَ أنَّ الجاهِلِيَّةَ كانُوا يَحُجُّونَ مُشْرِكِينَ، فَلَمّا أظْهَرَ اللَّهُ الإسْلامَ، قالَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ: حُجُّوا الآنَ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِاللَّهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ومَن يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ﴾ قالَ: البُدْنُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿ومَن يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ﴾ قالَ: الِاسْتِسْمانُ والِاسْتِحْسانُ والِاسْتِعْظامُ، وفي قَوْلِهِ: ﴿لَكم فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ قالَ: إلى أنْ تُسَمّى بُدْنًا. وأخْرَجَ هَؤُلاءِ عَنْ مُجاهِدٍ نَحْوَهُ، وفِيهِ قالَ: ولَكم فِيها مَنافِعُ إلى أجَلٍ مُسَمّى، في ظُهُورِها وألْبانِها وأوْبارِها وأشْعارِها وأصْوافِها إلى أنْ تُسَمّى هَدْيًا، فَإذا سُمِّيَتْ هَدْيًا ذَهَبَتِ المَنافِعُ ثُمَّ مَحِلُّها يَقُولُ: حِينَ تُسَمّى ﴿إلى البَيْتِ العَتِيقِ﴾، وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: إذا دَخَلَتِ الحَرَمَ فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّها. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنسَكًا﴾ قالَ: عِيدًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في الآيَةِ قالَ: إهْراقُ الدِّماءِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: ذَبْحًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ في الآيَةِ قالَ: مَكَّةُ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لِأُمَّةٍ مَنسَكًا غَيْرَها. وقَدْ ورَدَتْ أحادِيثُ في الأُضْحِيَةِ لَيْسَ هَذا مَوْضِعُ ذِكْرِها. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿وبَشِّرِ المُخْبِتِينَ﴾ قالَ: المُطَمْئِنِينَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ أبِي الدُّنْيا في ذَمِّ الغَضَبِ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ عَنْ (p-٩٦٥)عَمْرِو بْنِ أوْسٍ قالَ: المُخْبِتُونَ في الآيَةِ الَّذِينَ لا يَظْلِمُونَ النّاسَ، وإذا ظُلِمُوا لَمْ يَنْتَصِرُوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب