الباحث القرآني
.
قَوْلُهُ: ﴿وإذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يَعْنِي المُسْتَهْزِئِينَ مِنَ المُشْرِكِينَ ﴿إنْ يَتَّخِذُونَكَ إلّا هُزُوًا﴾ أيْ ما يَتَّخِذُونَكَ إلّا مَهْزُوءًا بِكَ، والهَزْءُ السُّخْرِيَةُ، وهَؤُلاءِ هُمُ الَّذِينَ قالَ اللَّهُ فِيهِمْ ﴿إنّا كَفَيْناكَ المُسْتَهْزِئِينَ﴾ [الحجر: ٩٥] والمَعْنى: ما يَفْعَلُونَ بِكَ إلّا اتَّخَذُوكَ هُزُؤًا ﴿أهَذا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾ هو عَلى تَقْدِيرِ القَوْلِ: أيْ يَقُولُونَ أهَذا الَّذِي، فَعَلى هَذا هو جَوابُ إذا، ويَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿إنْ يَتَّخِذُونَكَ إلّا هُزُوًا﴾ اعْتِراضًا بَيْنَ الشَّرْطِ وجَوابِهِ، ومَعْنى يَذْكُرُها يَعِيبُها.
قالَ الزَّجّاجُ: يُقالُ فُلانٌ يَذْكُرُ النّاسَ: أيْ يَغْتابُهم، ويَذْكُرُهم بِالعُيُوبِ، وفُلانٌ يَذْكُرُ اللَّهَ: أيْ يَصِفُهُ بِالتَّعْظِيمِ ويُثْنِي عَلَيْهِ، وإنَّما يُحْذَفُ مَعَ الذَّكَرِ ما عُقِلَ مَعْناهُ، وعَلى ما قالُوا لا يَكُونُ الذِّكْرُ في كَلامِ العَرَبِ العَيْبُ، وحَيْثُ يُرادُ بِهِ العَيْبُ يُحْذَفُ مِنهُ السُّوءُ، قِيلَ ومِن هَذا قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
؎لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أطْعَمْتُهُ فَيَكُونُ جِلْدُكَ مِثْلَ جَلْدِ الأجْرَبِ
أيْ لا تَعِيبِي مُهْرِي، وجُمْلَةُ ﴿وهم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هم كافِرُونَ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ: أيْ وهم بِالقُرْآنِ كافِرُونَ، أوْ هم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ الَّذِي خَلَقَهم كافِرُونَ، والمَعْنى: أنَّهم يَعِيبُونَ عَلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أنْ يَذْكُرَ آلِهَتَهُمُ الَّتِي لا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ بِالسُّوءِ، والحالُ أنَّهم بِذِكْرِ اللَّهِ سُبْحانَهُ بِما يَلِيقُ بِهِ مِنَ التَّوْحِيدِ، أوِ القُرْآنِ كافِرُونَ، فَهم أحَقُّ بِالعَيْبِ لَهم والإنْكارِ عَلَيْهِمْ، فالضَّمِيرُ الأوَّلُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كافِرُونَ، وبِذِكْرِ مُتَعَلِّقٌ بِالخَبَرِ، والضَّمِيرُ الثّانِي تَأْكِيدٌ.
﴿خُلِقَ الإنْسانُ مِن عَجَلٍ﴾ أيْ جُعِلَ لِفَرْطِ اسْتِعْجالِهِ كَأنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنَ العَجَلِ. قالَ الفَرّاءُ: كَأنَّهُ يَقُولُ بَنَيْتُهُ وخَلَقْتُهُ مِنَ العَجَلَةِ وعَلى العَجَلَةِ. وقالَ الزَّجّاجُ: خُوطِبَتِ العَرَبُ بِما تَعْقِلُ، والعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يَكْثُرُ مِنهُ الشَّيْءُ خُلِقْتَ مِنهُ كَما تَقُولُ: أنْتَ مِن لَعِبٍ، وخُلِقْتَ مَن لَعِبٍ، تُرِيدُ المُبالَغَةَ في وصْفِهِ بِذَلِكَ. ويَدُلُّ عَلى هَذا المَعْنى قَوْلُهُ: ﴿وكانَ الإنْسانُ عَجُولًا﴾ [الإسراء: ١١] والمُرادُ بِالإنْسانِ الجِنْسُ. وقِيلَ: المُرادُ بِالإنْسانِ آدَمُ، فَإنَّهُ لَمّا خَلَقَهُ اللَّهُ ونَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ صارَ الرُّوحُ في رَأْسِهِ، فَذَهَبَ لِيَنْهَضَ قَبْلَ أنْ تَبْلُغَ الرُّوحُ إلى رِجْلَيْهِ فَوَقَعَ، فَقِيلَ ﴿خُلِقَ الإنْسانُ مِن عَجَلٍ﴾ كَذا قالَ عِكْرِمَةُ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ والسُّدِّيُّ والكَلْبِيُّ ومُجاهِدٌ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ وكَثِيرٌ مَن أهْلِ المَعانِي: العَجَلُ الطِّينُ بِلُغَةِ حِمْيَرَ.
وأنْشَدُوا:
؎والنَّخْلُ تَنْبُتُ بَيْنَ الماءِ والعَجَلِ
وقِيلَ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في النَّضْرِ بْنِ الحارِثِ، وهو القائِلُ: ﴿اللَّهُمَّ إنْ كانَ هَذا هو الحَقَّ مِن عِنْدِكَ﴾ [الأنفال: ٣٢] وقِيلَ: نَزَلَتْ في قُرَيْشٍ لِأنَّهُمُ اسْتَعْجَلُوا العَذابَ.
وقالَ الأخْفَشُ: مَعْنى خُلِقَ الإنْسانُ مِن عَجَلٍ أنَّهُ قِيلَ لَهُ كُنْ فَكانَ.
وقِيلَ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ مِنَ المَقْلُوبِ: أيْ خُلِقَ العَجَلُ مِنَ الإنْسانِ وقَدْ حُكِيَ هَذا عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ والنَّحّاسِ، والقَوْلُ الأوَّلُ أوْلى (p-٩٣٦)﴿سَأُرِيكم آياتِي﴾ أيْ سَأُرِيكم نَقِماتِي مِنكم بِعَذابِ النّارِ ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُونِ﴾ أيْ لا تَسْتَعْجِلُونِي بِالإتْيانِ بِهِ، فَإنَّهُ نازِلٌ بِكم لا مَحالَةَ: وقِيلَ: المُرادُ بِالآياتِ ما دَلَّ عَلى صِدْقِ مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - مِنَ المُعْجِزاتِ وما جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ مِنَ العاقِبَةِ المَحْمُودَةِ، والأوَّلُ أوْلى.
ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهم ﴿مَتى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ أيْ مَتى حُصُولُ هَذا الوَعْدِ، الَّذِي تَعِدُنا بِهِ مِنَ العَذابِ، قالُوا ذَلِكَ عَلى جِهَةِ الِاسْتِهْزاءِ والسُّخْرِيَةِ، وقِيلَ: المُرادُ بِالوَعْدِ هُنا القِيامَةُ، ومَعْنى ﴿إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ إنْ كُنْتُمْ يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ صادِقِينَ في وعْدِكم، والخِطابُ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ولِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَتْلُونَ الآياتِ القُرْآنِيَّةَ المُنْذِرَةَ بِمَجِيءِ السّاعَةِ وقُرْبِ حُضُورِ العَذابِ.
وجُمْلَةُ ﴿لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ما بَعْدَها مُقَرِّرَةٌ لِما قَبْلَها: أيْ لَوْ عَرَفُوا ذَلِكَ الوَقْتَ، وجَوابُ لَوْ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: لَوْ عَلِمُوا الوَقْتَ الَّذِي ﴿لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النّارَ ولا عَنْ ظُهُورِهِمْ ولا هم يُنْصَرُونَ﴾ لَما اسْتَعْجَلُوا الوَعِيدَ.
وقالَ الزَّجّاجُ: في تَقْدِيرِ الجَوابِ لِيَعْلَمُوا صِدْقَ الوَعْدِ، وقِيلَ: لَوْ عَلِمُوهُ ما أقامُوا عَلى الكُفْرِ. وقالَ الكِسائِيُّ: هو تَنْبِيهٌ عَلى تَحْقِيقِ وُقُوعِ السّاعَةِ: أيْ لَوْ عَلِمُوهُ عِلْمَ يَقِينٍ لَعَلِمُوا أنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: ﴿بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً﴾ وتَخْصِيصُ الوُجُوهِ والظُّهُورِ بِالذِّكْرِ بِمَعْنى القُدّامِ والخَلْفِ لِكَوْنِهِما أشْهَرَ الجَوانِبِ في اسْتِلْزامِ الإحاطَةِ بِها لِلْإحاطَةِ بِالكُلِّ بِحَيْثُ لا يَقْدِرُونَ عَلى دَفْعِها مِن جانِبٍ مِن جَوانِبِهِمْ، ومَحَلُّ حِينَ لا يَكُفُّونَ النَّصْبَ عَلى أنَّهُ مَفْعُولُ العِلْمِ، وهو عِبارَةٌ عَنِ الوَقْتِ المَوْعُودِ الَّذِي كانُوا يَسْتَعْجِلُونَهُ، ومَعْنى ﴿ولا هم يُنْصَرُونَ﴾ ولا يَنْصُرُهم أحَدٌ مِنِ العِبادِ فَيَدْفَعُ ذَلِكَ عَنْهم.
وجُمْلَةُ ﴿بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً﴾ مَعْطُوفَةٌ عَلى يَكُفُّونَ: أيْ لا يَكُفُّونَها بَلْ تَأْتِيهِمُ العِدَّةُ أوِ النّارُ أوِ السّاعَةُ بَغْتَةً: أيْ فَجْأةً فَتَبْهَتُهم قالَ الجَوْهَرِيُّ: بَهَتَهُ أخْذَهُ بَغْتًا، وقالَ الفَرّاءُ فَتَبْهَتُهم: أيْ تُحَيِّرُهم، وقِيلَ: فَتَفْجَؤُهم ﴿فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها﴾ أيْ صَرْفَها عَنْ وُجُوهِهِمْ ولا عَنْ ظُهُورِهِمْ فالضَّمِيرُ راجِعٌ إلى النّارِ، وقِيلَ: راجِعٌ إلى الوَعْدِ بِتَأْوِيلِهِ بِالعِدَّةِ، وقِيلَ: راجِعٌ إلى الحِينِ بِتَأْوِيلِهِ بِالسّاعَةِ ﴿ولا هم يُنْظَرُونَ﴾ أيْ يُمْهَلُونَ ويُؤَخَّرُونَ لِتَوْبَةٍ واعْتِذارٍ.
وجُمْلَةُ ﴿ولَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِن قَبْلِكَ﴾ مَسُوقَةٌ لِتَسْلِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وتَعْزِيَتِهِ، كَأنَّهُ قالَ: إنِ اسْتَهْزَأ بِكَ هَؤُلاءِ فَقَدْ فُعِلَ ذَلِكَ بِمَن قَبْلَكَ مِنَ الرُّسُلِ عَلى كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وخَطَرِ شَأْنِهِمْ ﴿فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنهُمْ﴾ أيْ أحاطَ ودارَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِن أُولَئِكَ الرُّسُلِ وهَزِئُوا بِهِمْ ﴿ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ ما مَوْصُولَةٌ، أوْ مَصْدَرِيَّةٌ: أيْ فَأحاطَ بِهِمُ الأمْرُ الَّذِي كانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ، أوْ فَأحاطَ بِهِمُ اسْتِهْزاؤُهم: أيْ جَزاؤُهُ عَلى وضْعِ السَّبَبِ مَوْضِعَ المُسَبَّبِ، أوْ نَفْسِ الِاسْتِهْزاءِ، إنْ أُرِيدَ بِهِ العَذابُ الأُخْرَوِيُّ.
﴿قُلْ مَن يَكْلَؤُكم بِاللَّيْلِ والنَّهارِ مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ أيْ يَحْرُسُكم ويَحْفَظُكم والكَلاءَةُ الحِراسَةُ والحِفْظُ، يُقالُ: كَلَأهُ اللَّهُ كِلاءًةُ بِالكَسْرِ أيْ حَفِظَهُ وحَرَسَهُ.
قالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
؎إنَّ سُلَيْمى واللَّهُ يَكْلَؤُها ∗∗∗ ضَنَّتْ بِشَيْءٍ ما كانَ يَرْزَؤُها
أيْ قُلْ يا مُحَمَّدُ لِأُولَئِكَ المُسْتَهْزِئِينَ بِطَرِيقِ التَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ: مَن يَحْرُسُكم ويَحْفَظُكم بِاللَّيْلِ والنَّهارِ مِن بَأْسِ الرَّحْمَنِ وعَذابِهِ الَّذِي تَسْتَحِقُّونَ حُلُولَهُ بِكم ونُزُولَهُ عَلَيْكم ؟ وقالَ الزَّجّاجُ: مَعْناهُ مَن يَحْفَظُكم مِن بَأْسِ الرَّحْمَنِ.
وقالَ الفَرّاءُ: المَعْنى مَن يَحْفَظُكم مِمّا يُرِيدُ الرَّحْمَنُ إنْزالَهُ بِكم مِن عُقُوباتِ الدُّنْيا والآخِرَةِ. وحَكى الكِسائِيُّ والفرّاءُ: ( مَن يَكْلَؤُكم ) بِفَتْحِ اللّامِ وإسْكانِ الواوِ ﴿بَلْ هم عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ﴾ أيْ عَنْ ذِكْرِهِ سُبْحانَهُ فَلا يَذْكُرُونَهُ ولا يُخْطِرُونَهُ بِبالِهِمْ، بَلْ يُعْرِضُونَ عَنْهُ، أوْ عَنِ القُرْآنِ، أوْ عَنْ مَواعِظِ اللَّهِ، أوْ عَنْ مَعْرِفَتِهِ.
﴿أمْ لَهم آلِهَةٌ تَمْنَعُهم مِن دُونِنا﴾ أمْ هي المُنْقَطِعَةُ الَّتِي بِمَعْنى بَلْ، والهَمْزَةُ لِلْإضْرابِ والِانْتِقالِ عَنِ الكَلامِ السّابِقِ المُشْتَمِلِ عَلى بَيانِ جَهْلِهِمْ بِحِفْظِهِ سُبْحانَهُ إيّاهم إلى تَوْبِيخِهِمْ وتَقْرِيعِهِمْ بِاعْتِمادِهِمْ عَلى مَن هو عاجِزٌ عَنْ نَفْعِ نَفْسِهِ، والدَّفْعِ عَنْها. والمَعْنى: بَلْ لَهم آلِهَةٌ تَمْنَعُهم مِن عَذابِنا. وقِيلَ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وتَأْخِيرٌ، والتَّقْدِيرُ: أمْ لَهم آلِهَةٌ مِن دُونِنا تَمْنَعُهم. ثُمَّ وصَفَ آلِهَتَهم هَذِهِ الَّتِي زَعَمُوا أنَّها تَنْصُرُهم بِما يَدُلُّ عَلى الضَّعْفِ والعَجْزِ فَقالَ: ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أنْفُسِهِمْ ولا هم مِنّا يُصْحَبُونَ﴾ أيْ هم عاجِزُونَ عَنْ نَصْرِ أنْفُسِهِمْ فَكَيْفَ يَسْتَطِيعُونَ أنْ يَنْصُرُوا غَيْرَهم ولا هم مِنّا يُصْحَبُونَ: أيْ ولا هم يُجارُونَ مِن عَذابِنا. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ لا يُجِيرُهم مِنّا أحَدٌ، لِأنَّ المُجِيرَ صاحِبُ الجارِ، والعَرَبُ تَقُولُ صَحِبَكَ اللَّهُ: أيْ حَفِظَكَ وأجارَكَ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎يُنادِي بِأعْلى صَوْتِهِ مُتَعَوِّذًا ∗∗∗ لِيُصْحَبَ مِنّا والرِّماحُ دَوانِي
تَقُولُ العَرَبُ: أنا لَكَ جارٌ وصاحِبٌ مِن فُلانٍ. أيْ مُجِيرٌ مِنهُ. قالَ المازِنِيُّ: هو مِن أصْحَبْتُ الرَّجُلَ إذا مَنَعْتَهُ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: «مَرَّ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَلى أبِي سُفْيانَ وأبِي جَهْلٍ وهم يَتَحَدَّثانِ، فَلَمّا رَآهُ أبُو جَهْلٍ ضَحِكَ وقالَ لِأبِي سُفْيانَ: هَذا نَبِيُّ بَنِي عَبْدِ مَنافٍ، فَغَضِبَ أبُو سُفْيانَ فَقالَ: ما تُنْكِرُونَ أنْ يَكُونَ لِبَنِي عَبْدِ مَنافٍ نَبِيٌّ، فَسَمِعَها النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، فَرَجَعَ إلى أبِي جَهْلٍ فَوَقَعَ بِهِ وخَوَّفَهُ وقالَ: ما أراكَ مُنْتَهِيًا حَتّى يُصِيبَكَ ما أصابَ عَمَّكَ، وقالَ لِأبِي سُفْيانَ: أمّا إنَّكَ لَمْ تَقُلْ ما قُلْتَ إلّا حَمِيَّةً. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿وإذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾» . قُلْتُ: يَنْظُرُ مَنِ الَّذِي رَوى عَنْهُ السُّدِّيُّ ؟ . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: لَمّا نُفِخَ في آدَمَ الرُّوحَ صارَ في رَأْسِهِ فَعَطَسَ فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ، فَقالَتْ: المَلائِكَةُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَذَهَبَ لِيَنْهَضَ قَبْلَ أنْ تَمُورَ في رِجْلَيْهِ فَوَقَعَ، فَقالَ اللَّهُ: ﴿خُلِقَ الإنْسانُ مِن عَجَلٍ﴾ وقَدْ أخْرَجَ نَحْوَ هَذا ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وأخْرَجَ نَحْوَهُ أيْضًا ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ في العَظَمَةِ عَنْ مُجاهِدٍ، وكَذا أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ مَن يَكْلَؤُكم﴾ قالَ: يَحْرُسُكم، وفي (p-٩٣٧)قَوْلُهُ: ﴿ولا هم مِنّا يُصْحَبُونَ﴾ قالَ: لا يُنْصَرُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا هم مِنّا يُصْحَبُونَ﴾ قالَ: لا يُجارُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ في الآيَةِ: قالَ لا يُمْنَعُونَ.
{"ayahs_start":36,"ayahs":["وَإِذَا رَءَاكَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِن یَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَـٰذَا ٱلَّذِی یَذۡكُرُ ءَالِهَتَكُمۡ وَهُم بِذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ هُمۡ كَـٰفِرُونَ","خُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مِنۡ عَجَلࣲۚ سَأُو۟رِیكُمۡ ءَایَـٰتِی فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ","وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","لَوۡ یَعۡلَمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ حِینَ لَا یَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمۡ وَلَا هُمۡ یُنصَرُونَ","بَلۡ تَأۡتِیهِم بَغۡتَةࣰ فَتَبۡهَتُهُمۡ فَلَا یَسۡتَطِیعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمۡ یُنظَرُونَ","وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلࣲ مِّن قَبۡلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِینَ سَخِرُوا۟ مِنۡهُم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ","قُلۡ مَن یَكۡلَؤُكُم بِٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحۡمَـٰنِۚ بَلۡ هُمۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِم مُّعۡرِضُونَ","أَمۡ لَهُمۡ ءَالِهَةࣱ تَمۡنَعُهُم مِّن دُونِنَاۚ لَا یَسۡتَطِیعُونَ نَصۡرَ أَنفُسِهِمۡ وَلَا هُم مِّنَّا یُصۡحَبُونَ"],"ayah":"أَمۡ لَهُمۡ ءَالِهَةࣱ تَمۡنَعُهُم مِّن دُونِنَاۚ لَا یَسۡتَطِیعُونَ نَصۡرَ أَنفُسِهِمۡ وَلَا هُم مِّنَّا یُصۡحَبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق