الباحث القرآني

. بَيَّنَ سُبْحانَهُ حالَ مَعْبُودِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ فَقالَ: ﴿إنَّكم وما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ وهَذا خِطابٌ مِنهُ سُبْحانَهُ لِأهْلِ مَكَّةَ، والمُرادُ بِقَوْلِهِ وما تَعْبُدُونَ: الأصْنامُ الَّتِي كانُوا يَعْبُدُونَ. قَرَأ الجُمْهُورُ حَصَبُ بِالصّادِّ المُهْمَلَةِ: أيْ وقُودُ جَهَنَّمَ وحَطَبُها، وكُلُّ ما أوْقَدْتَ بِهِ النّارَ أوْ هَيَّجْتَها بِهِ فَهو حَصَبٌ، كَذا قالَ الجَوْهَرِيُّ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ ما قَذَفْتَهُ في النّارِ فَقَدْ حَصَبْتَها بِهِ، ومِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاتَّقُوا النّارَ الَّتِي وقُودُها النّاسُ والحِجارَةُ﴾ [البقرة: ٢٤] وقَرَأ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ وعائِشَةُ ( حَطَبُ ) جَهَنَّمَ بِالطّاءِ، وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ ( حَضَبُ ) بِالضّادِ المُعْجَمَةِ. قالَ الفَرّاءُ: ذُكِرَ لَنا أنَّ الحَضَبَ في لُغَةِ أهْلِ اليَمَنِ الحَطَبُ، ووَجْهُ إلْقاءِ الأصْنامِ في النّارِ مَعَ كَوْنِها جَماداتٍ لا تَعْقِلُ ذَلِكَ ولا تُحِسُّ بِهِ: التَّبْكِيتُ لِمَن عَبَدَها وزِيادَةُ التَّوْبِيخِ لَهم وتَضاعُفُ الحَسْرَةِ عَلَيْهِمْ، وقِيلَ: إنَّها تُحْمى فَتُلْصَقُ بِهِمْ زِيادَةً في تَعْذِيبِهِمْ، وجُمْلَةُ ﴿أنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ إمّا مُسْتَأْنَفَةٌ أوْ بَدَلٌ مِن حَصَبِ جَهَنَّمَ، والخِطابُ لَهم ولِما يَعْبُدُونَ تَغْلِيبًا، واللّامُ في لَها لِلتَّقْوِيَةِ لِضَعْفِ عَمَلِ اسْمِ الفاعِلِ، وقِيلَ: هي بِمَعْنى عَلى، والمُرادُ بِالوُرُودِ هُنا الدُّخُولُ. قالَ كَثِيرٌ مِن أهْلِ العِلْمِ: ولا يَدْخُلُ في هَذِهِ الآيَةِ عِيسى وعُزَيْرٌ والمَلائِكَةُ، لِأنَّ ما لِمَن لا يَعْقِلُ، ولَوْ أرادَ العُمُومَ لَقالَ ومَن يَعْبُدُونَ. قالَ الزَّجّاجُ: ولِأنَّ المُخاطَبِينَ بِهَذِهِ الآيَةِ مُشْرِكُو مَكَّةَ دُونَ غَيْرِهِمْ. ﴿لَوْ كانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً ما ورَدُوها﴾ أيْ لَوْ كانَتْ هَذِهِ الأصْنامُ آلِهَةً كَما تَزْعُمُونَ ما ورَدُوها: أيْ ما ورَدَ العابِدُونَ هم والمَعْبُودُونَ النّارَ، وقِيلَ: ما ورَدَ العابِدُونَ فَقَطْ، لَكِنَّهم ورَدُوها فَلَمْ يَكُونُوا آلِهَةً، وفي هَذا تَبْكِيتٌ لِعُبّادِ الأصْنامِ وتَوْبِيخٌ شَدِيدٌ ﴿وكُلٌّ فِيها خالِدُونَ﴾ أيْ كُلُّ العابِدِينَ والمَعْبُودِينَ في النّارِ خالِدُونَ لا يَخْرُجُونَ مِنها. ﴿لَهم فِيها زَفِيرٌ﴾ أيْ لِهَؤُلاءِ الَّذِينَ ورَدُوا النّارَ، والزَّفِيرُ صَوْتُ نَفَسِ المَغْمُومِ، والمُرادُ هُنا الأنِينُ والتَّنَفُّسُ الشَّدِيدُ، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُ هَذا في هُودٍ ﴿وهم فِيها لا يَسْمَعُونَ﴾ أيْ لا يَسْمَعُ بَعْضُهم زَفِيرَ بَعْضٍ لِشِدَّةِ الهَوْلِ، وقِيلَ: لا يَسْمَعُونَ شَيْئًا، لِأنَّهم يُحْشَرُونَ صُمًّا كَما قالَ سُبْحانَهُ ﴿ونَحْشُرُهم يَوْمَ القِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وبُكْمًا وصُمًّا﴾ [الإسراء: ٩٧]، وإنَّما سُلِبُوا السَّماعَ، لِأنَّ فِيهِ بَعْضَ تَرَوُّحٍ وتَأنُّسٍ، وقِيلَ: لا يَسْمَعُونَ ما يَسُرُّهم، بَلْ يَسْمَعُونَ ما يَسُوءُهم. ثُمَّ لَمّا بَيَّنَ سُبْحانَهُ حالَ هَؤُلاءِ الأشْقِياءِ شَرَعَ في بَيانِ حالِ السُّعَداءِ فَقالَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى﴾ أيِ الخَصْلَةُ الحُسْنى الَّتِي هي أحْسَنُ الخِصالِ وهي السَّعادَةُ، وقِيلَ: التَّوْفِيقُ، أوِ التَّبْشِيرُ بِالجَنَّةِ، أوْ نَفْسُ الجَنَّةِ ﴿أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾ إشارَةٌ إلى المَوْصُوفِينَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ عَنْها أيْ عَنْ جَهَنَّمَ مُبْعَدُونَ لِأنَّهم قَدْ صارُوا في الجَنَّةِ. ﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها﴾ (p-٩٤٩)الحِسُّ والحَسِيسُ الصَّوْتُ تَسْمَعُهُ مِنَ الشَّيْءِ يَمُرُّ قَرِيبًا مِنكَ. والمَعْنى: لا يَسْمَعُونَ حَرَكَةَ النّارِ وحَرَكَةَ أهْلِها، وهَذِهِ الجُمْلَةُ بَدَلٌ مِن مُبْعَدُونَ، أوْ حالٌ مِن ضَمِيرِهِ ﴿وهم في ما اشْتَهَتْ أنْفُسُهم خالِدُونَ﴾ أيْ دائِمُونَ، وفي الجَنَّةِ ما تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وتَلَذُّ بِهِ الأعْيُنُ كَما قالَ سُبْحانَهُ ﴿ولَكم فِيها ما تَشْتَهِي أنْفُسُكم ولَكم فِيها ما تَدَّعُونَ﴾ [فصلت: ٣١] . ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ﴾ قَرَأ أبُو جَعْفَرٍ وابْنُ مُحَيْصِنٍ ( لا يُحْزِنُهم ) بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ الزّايِ، وقَرَأ الباقُونَ ﴿لا يَحْزُنُهُمُ﴾ بِفَتْحِ الياءِ وضَمِّ الزّايِ. قالَ اليَزِيدِيُّ: حَزَنَهُ لُغَةُ قُرَيْشٍ، وأحْزَنَهُ لُغَةُ تَمِيمٍ، والفَزَعُ الأكْبَرُ: أهْوالُ يَوْمِ القِيامَةِ مِنَ البَعْثِ والحِسابِ والعِقابِ ﴿وتَتَلَقّاهُمُ المَلائِكَةُ﴾ أيْ تَسْتَقْبِلُهم عَلى أبْوابِ الجَنَّةِ يُهَنِّئُونَهم ويَقُولُونَ لَهم ﴿هَذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ أيْ تُوعَدُونَ بِهِ في الدُّنْيا وتُبَشَّرُونَ بِما فِيهِ، هَكَذا قالَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ إنَّ المُرادَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى﴾ إلى هُنا هم كافَّةُ المَوْصُوفِينَ بِالإيمانِ والعَمَلِ الصّالِحِ، لا المَسِيحُ وعُزَيْرٌ والمَلائِكَةُ، وقالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ: إنَّهُ «لَمّا نَزَلَ ﴿إنَّكم وما تَعْبُدُونَ﴾ الآيَةَ، أتى ابْنُ الزِّبَعْرى إلى رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَقالَ: يا مُحَمَّدُ ألَسْتَ تَزْعُمُ أنَّ عُزَيْرًا رَجُلٌ صالِحٌ، وأنَّ عِيسى رَجُلٌ صالِحٌ، وأنَّ مَرْيَمَ امْرَأةٌ صالِحَةٌ ؟ قالَ بَلى، فَقالَ: فَإنَّ المَلائِكَةَ وعِيسى وعُزَيْرًا ومَرْيَمَ يُعْبَدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ، فَهَؤُلاءِ في النّارِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى﴾» وسَيَأْتِي بَيانُ مَن أخْرَجَ هَذا قَرِيبًا إنْ شاءَ اللَّهُ. ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ قَرَأ أبُو جَعْفَرِ بْنُ القَعْقاعِ وشَيْبَةُ والأعْرَجُ والزُّهْرِيُّ ( تُطْوى ) بِمُثَنّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ ورَفْعِ السَّماءِ، وقَرَأ مُجاهِدٌ ( يَطْوِي ) بِالتَّحْتِيَّةِ المَفْتُوحَةِ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ عَلى مَعْنى يَطْوِي اللَّهُ السَّماءَ وقَرَأ الباقُونَ نَطْوِي بِنُونِ العَظَمَةِ وانْتِصابِ يَوْمَ بِقَوْلِهِ: نُعِيدُهُ أيْ نُعِيدُهُ يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ، وقِيلَ: هو بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ المَحْذُوفِ في تُوعَدُونَ، والتَّقْدِيرُ: الَّذِينَ كُنْتُمْ تُوعَدُونَهُ يَوْمَ نَطْوِي، وقِيلَ: بِقَوْلِهِ لا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ، وقِيلَ: بِقَوْلِهِ تَتَلَقّاهم، وقِيلَ: مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، وهو اذْكُرْ، وهَذا أظْهَرُ وأوْضَحُ، والطَّيُّ ضِدُّ النَّشْرِ، وقِيلَ: المَحْوُ، والمُرادُ بِالسَّماءِ الجِنْسُ، والسِّجِلِّ الصَّحِيفَةُ: أيْ طَيًّا كَطَيِّ الطُّومارِ، وقِيلَ: السِّجِلُّ الصَّكُّ، وهو مُشْتَقٌّ مِنَ المُساجَلَةِ وهي المُكاتَبَةُ، وأصْلُها مِنَ السَّجْلِ، وهو الدَّلْوُ، يُقالُ: ساجَلْتُ الرَّجُلَ إذا نَزَعْتَ دَلْوًا ونَزَعَ دَلْوًا، ثُمَّ اسْتُعِيرَتْ لِلْمُكاتَبَةِ والمُراجَعَةِ في الكَلامِ، ومِنهُ قَوْلُ الفَضْلِ بْنِ العَبّاسِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أبِي لَهَبٍ: ؎مَن يُساجِلْنِي يُساجِلْ ماجِدًا يَمْلَأُ الدَّلْوَ إلى عَقْدِ الكَرَبِ وقَرَأ أبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرٍو وابْنُ جَرِيرٍ ( السُّجُلِّ ) بِضَمِّ السِّينِ والجِيمِ وتَشْدِيدِ اللّامِ، وقَرَأ الأعْمَشُ وطَلْحَةُ بِفَتْحِ السِّينِ وإسْكانِ الجِيمِ وتَخْفِيفِ اللّامِ، والطَّيُّ في هَذِهِ الآيَةِ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أحَدُهُما الطَّيُّ الَّذِي هو ضِدُّ النَّشْرِ، ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿والسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧] . والثّانِي الإخْفاءُ والتَّعْمِيَةُ والمَحْوُ، لِأنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ يَمْحُو ويَطْمِسُ رُسُومَها ويُكَدِّرُ نُجُومَها. وقِيلَ: السِّجِلُّ اسْمُ مَلَكٍ، وهو الَّذِي يَطْوِي كُتُبَ بَنِي آدَمَ، وقِيلَ: هو اسْمُ كاتِبٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، والأوَّلُ أوْلى. قَرَأ الأعْمَشُ وحَفْصٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ ويَحْيى وخَلَفٌ لِلْكُتُبِ جَمِيعًا، وقَرَأ الباقُونَ ( لِلْكِتابِ ) وهو مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حالٌ مِنَ السِّجِلِّ: أيْ كَطَيِّ السِّجِلِّ كائِنًا لِلْكُتُبِ، أوْ صِفَةٌ لَهُ: أيِ الكائِنُ لِلْكُتُبِ، فَإنَّ الكُتُبَ عِبارَةٌ عَنِ الصَّحائِفِ وما كُتِبَ فِيها، فَسِجِلُّها بَعْضُ أجْزائِها، وبِهِ يَتَعَلَّقُ الطَّيُّ حَقِيقَةً. وأمّا عَلى القِراءَةِ الثّانِيَةِ فالكِتابُ مَصْدَرٌ، واللّامُ لِلتَّعْلِيلِ: أيْ كَما يُطْوى الطُّومارُ لِلْكِتابَةِ: أيْ لِيُكْتَبَ فِيهِ، أوْ لِما يُكْتَبُ فِيهِ مِنَ المَعانِي الكَثِيرَةِ، وهَذا عَلى تَقْدِيرِ أنَّ المُرادَ بِالطَّيِّ المَعْنى الأوَّلُ، وهو ضِدُّ النَّشْرِ ﴿كَما بَدَأْنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ أيْ كَما بَدَأْناهم في بُطُونِ أُمَّهاتِهِمْ وأخْرَجْناهم إلى الأرْضِ حُفاةً عُراةً غُرْلًا كَذَلِكَ نُعِيدُهم يَوْمَ القِيامَةِ، فَأوَّلَ خَلْقٍ مَفْعُولُ نُعِيدُ مُقَدَّرًا يُفَسِّرُهُ نُعِيدُهُ المَذْكُورُ، أوْ مَفْعُولٌ لِ بَدَأْنا، وما كافَّةٌ أوْ مَوْصُولَةٌ، والكافُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ أيْ نُعِيدُ مِثْلَ الَّذِي بَدَأْناهُ نُعِيدُهُ، وعَلى هَذا الوَجْهِ يَكُونُ ( أوَّلَ ) ظَرْفًا لِبَدَأْنا، أوْ حالًا، وإنَّما خَصَّ أوَّلَ الخَلْقِ بِالذِّكْرِ تَصْوِيرًا لِلْإيجادِ عَنِ العَدَمِ، والمَقْصُودُ بَيانُ صِحَّةِ الإعادَةِ بِالقِياسِ عَلى المَبْدَأِ لِشُمُولِ الإمْكانِ الذّاتِيِّ لَهُما، وقِيلَ: مَعْنى الآيَةِ: نُهْلِكُ كُلَّ نَفْسٍ كَما كانَ أوَّلَ مَرَّةٍ، وعَلى هَذا فالكَلامُ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ﴾ وقِيلَ: المَعْنى نُغَيِّرُ السَّماءَ، ثُمَّ نُعِيدُها مَرَّةً أُخْرى بَعْدَ طَيِّها وزَوالِها، والأوَّلُ أوْلى، وهو مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكم أوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الأنعام: ٩٤]، ثُمَّ قالَ سُبْحانَهُ: ﴿وعْدًا عَلَيْنا إنّا كُنّا فاعِلِينَ﴾ انْتِصابُ وعْدًا عَلى أنَّهُ مَصْدَرٌ: أيْ وعَدْنا وعْدًا عَلَيْنا إنْجازُهُ والوَفاءُ بِهِ. وهو البَعْثُ والإعادَةُ، ثُمَّ أكَّدَ سُبْحانَهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنّا كُنّا فاعِلِينَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى إنّا كُنّا فاعِلِينَ: إنّا كُنّا قادِرِينَ عَلى ما نَشاءُ، وقِيلَ: إنّا كُنّا فاعِلِينَ ما وعَدْناكم، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ ﴿كانَ وعْدُهُ مَفْعُولًا﴾ [المزمل: ١٨] . ١٠٥ ﴿ولَقَدْ كَتَبْنا في الزَّبُورِ﴾ الزُّبُرُ في الأصْلِ الكُتُبُ، يُقالُ زَبَرْتُ: أيْ كَتَبْتُ، وعَلى هَذا يَصِحُّ إطْلاقُ الزَّبُورِ عَلى التَّوْراةِ والإنْجِيلِ، وعَلى كِتابِ داوُدَ المُسَمّى بِالزَّبُورِ، وقِيلَ: المُرادُ بِهِ هُنا كِتابُ داوُدَ، ومَعْنى ﴿مِن بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ أيِ اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، وقِيلَ: هو التَّوْراةُ: أيْ واللَّهِ ولَقَدْ كَتَبْنا في كِتابِ داوُدَ مِن بَعْدِ ما كَتَبْنا في التَّوْراةِ أوْ مِن بَعْدِ ما كَتَبْنا في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ ﴿أنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ﴾ . قالَ الزَّجّاجُ: الزَّبُورُ جَمْعُ الكُتُبِ: التَّوْراةُ والإنْجِيلُ والقُرْآنُ، لِأنَّ الزَّبُورَ والكِتابَ في مَعْنًى واحِدٍ، يُقالُ زَبَرْتُ وكَتَبْتُ، ويُؤَيِّدُ ما قالَهُ قِراءَةُ حَمْزَةَ في ( الزُّبُورِ ) بِضَمِّ الزّايِ، فَإنَّهُ جَمْعُ زُبُرٍ. وقَدِ اخْتُلِفَ في مَعْنى ﴿يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ﴾ فَقِيلَ المُرادُ أرْضُ الجَنَّةِ، واسْتَدَلَّ القائِلُونَ بِهَذا بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وقالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ وأوْرَثَنا الأرْضَ﴾ [الزمر: ٧٤] وقِيلَ: هي الأرْضُ المُقَدَّسَةُ، وقِيلَ: هي أرْضُ الأُمَمِ الكافِرَةِ يَرِثُها نَبِيُّنا - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وأُمَّتُهُ بِفَتْحِها، وقِيلَ: (p-٩٥٠)المُرادُ بِذَلِكَ بَنُو إسْرائِيلَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وأوْرَثْنا القَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الأرْضِ ومَغارِبَها الَّتِي بارَكْنا فِيها﴾ [الأعراف: ١٣٧] والظّاهِرُ أنَّ هَذا تَبْشِيرٌ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِوِراثَةِ أرْضِ الكافِرِينَ، وعَلَيْهِ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ. وقَرَأ حَمْزَةُ ( عِبادِي ) بِتَسْكِينِ الياءِ، وقَرَأ الباقُونَ بِتَحْرِيكِها. ﴿إنَّ في هَذا لَبَلاغًا﴾ أيْ فِيما جَرى ذِكْرُهُ في هَذِهِ السُّورَةِ مِنَ الوَعْظِ والتَّنْبِيهِ لَبَلاغًا لَكِفايَةً، يُقالُ في هَذا الشَّيْءِ بَلاغٌ وبُلْغَةٌ وتَبْلِيغٌ: أيْ كِفايَةٌ، وقِيلَ: الإشارَةُ بِقَوْلِهِ: إنَّ في هَذا إلى القُرْآنِ ﴿لِقَوْمٍ عابِدِينَ﴾ أيْ مَشْغُولِينَ بِعِبادَةِ اللَّهِ مُهْتَمِّينَ بِها، والعِبادَةُ هي الخُضُوعُ والتَّذَلُّلُ، وهم أُمَّةُ مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، ورَأسُ العِبادَةِ الصَّلاةُ. ﴿وما أرْسَلْناكَ إلّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ﴾ أيْ وما أرْسَلْناكَ يا مُحَمَّدُ بِالشَّرائِعِ والأحْكامِ إلّا رَحْمَةً لِجَمِيعِ النّاسِ، والِاسْتِثْناءُ مُفَرَّغٌ مِن أعَمِّ الأحْوالِ والعِلَلِ: أيْ ما أرْسَلْناكَ لِعِلَّةٍ مِنَ العِلَلِ إلّا لِرَحْمَتِنا الواسِعَةِ، فَإنَّ ما بُعِثْتَ بِهِ سَبَبٌ لِسَعادَةِ الدّارَيْنِ. قِيلَ ومَعْنى كَوْنِهِ رَحْمَةً لِلْكُفّارِ: أنَّهم أمِنُوا بِهِ مِنَ الخَسْفِ والمَسْخِ والِاسْتِئْصالِ: وقِيلَ: المُرادُ بِالعالَمِينَ المُؤْمِنُونَ خاصَّةً، والأوَّلُ أوْلى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهم وأنْتَ فِيهِمْ﴾ [الأنفال: ٣٣] . ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّ أصْلَ تِلْكَ الرَّحْمَةِ هو التَّوْحِيدُ والبَراءَةُ مِنَ الشِّرْكِ فَقالَ: قُلْ إنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكم يُوحى إلَيَّ أنَما إلَهُكم إلَهٌ واحِدٌ إنْ كانَتْ ما مَوْصُولَةً فالمَعْنى: أنَّ الَّذِي يُوحى إلَيَّ هو أنَّ وصْفَهُ تَعالى مَقْصُورٌ عَلى الوَحْدانِيَّةِ لا يَتَجاوَزُها إلى ما يُناقِضُها أوْ يُضادُّها، وإنْ كانَتْ ما كافَّةً فالمَعْنى: أنَّ الوَحْيَ إلَيَّ مَقْصُورٌ عَلى اسْتِئْثارِ اللَّهِ بِالوَحْدَةِ، ووَجْهُ ذَلِكَ أنَّ القَصْرَ أبَدًا يَكُونُ لِما يَلِي إنَّما، فَإنَّما الأُولى لِقَصْرِ الوَصْفِ عَلى الشَّيْءِ كَقَوْلِكَ إنَّما يَقُومُ زَيْدٌ: أيْ ما يَقُومُ إلّا زَيْدٌ. والثّانِيَةُ لِقَصْرِ الشَّيْءِ عَلى الحُكْمِ كَقَوْلِكَ إنَّما زَيْدٌ قائِمٌ: أيْ لَيْسَ بِهِ إلّا صِفَةُ القِيامِ ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ مُنْقادُونَ مُخْلِصُونَ لِلْعِبادَةِ ولِتَوْحِيدِ اللَّهِ سُبْحانَهُ. ﴿فَإنْ تَوَلَّوْا﴾ أيْ أعْرَضُوا عَنِ الإسْلامِ فَقُلْ لَهم ﴿آذَنْتُكم عَلى سَواءٍ﴾ أيْ أعْلَمْتُكم أنّا وإيّاكم حَرْبٌ لا صُلْحَ بَيْنَنا كائِنِينَ عَلى سَواءٍ في الإعْلامِ لَمْ أخُصَّ بِهِ بَعْضَكم دُونَ بَعْضٍ كَقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وإمّا تَخافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيانَةً فانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ﴾ [الأنفال: ٥٨] أيْ أعْلِمْهم أنَّكَ نَقَضْتَ العَهْدَ نَقْضًا سَوَّيْتَ بَيْنَهم فِيهِ. وقالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى أعْلَمْتُكم ما يُوحى إلَيَّ عَلى اسْتِواءٍ في العِلْمِ بِهِ، ولا أُظْهِرُ لِأحَدٍ شَيْئًا كَتَمْتُهُ عَلى غَيْرِهِ ﴿وإنْ أدْرِي أقَرِيبٌ أمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ﴾ أيْ ما أدْرِي أما تُوعَدُونَ بِهِ قَرِيبٌ حُصُولُهُ أمْ بَعِيدٌ، وهو غَلَبَةُ الإسْلامِ أهْلَهَ عَلى الكُفْرِ وأهْلِهِ، وقِيلَ: المُرادُ بِما تُوعَدُونَ القِيامَةُ، وقِيلَ: آذَنْتُكم بِالحَرْبِ ولَكِنْ لا أدْرِي ما يُؤْذَنُ لِي في مُحارَبَتِكم. ﴿إنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ مِنَ القَوْلِ ويَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ﴾ أيْ يَعْلَمُ سُبْحانَهُ ما تُجاهِرُونَ بِهِ مِنَ الكُفْرِ والطَّعْنِ عَلى الإسْلامِ وأهْلِهِ وما تَكْتُمُونَهُ مِن ذَلِكَ وتُخْفُونَهُ. ﴿وإنْ أدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ﴾ أيْ ما أدْرِي لَعَلَّ الإمْهالَ فِتْنَةٌ لَكم واخْتِبارٌ لِيَرى كَيْفَ صُنْعُكم ﴿ومَتاعٌ إلى حِينٍ﴾ أيْ وتَمْتِيعٌ إلى وقْتٍ مُقَدَّرٍ تَقْتَضِيهِ حِكْمَتُهُ. ثُمَّ حَكى سُبْحانَهُ وتَعالى دُعاءَ نَبِيِّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: ﴿قالَ رَبِّ احْكم ‎بِالحَقِّ﴾ أيِ احْكم بَيْنِي وبَيْنَ هَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ بِما هو الحَقُّ عِنْدَكَ فَفَوَّضَ الأمْرَ إلَيْهِ سُبْحانَهُ. وقَرَأ أبُو جَعْفَرِ بْنُ القَعْقاعِ وابْنُ مُحَيْصِنٍ ( رَبُّ ) بِضَمِّ الباءِ. وقالَ النَّحّاسُ: وهَذا لَحْنٌ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ لا يَجُوزُ عِنْدَهم رَجُلٌ أقْبَلَ حَتّى يَقُولَ يا رَجُلُ. وقَرَأ الضَّحّاكُ وطَلْحَةُ ويَعْقُوبُ ( أحْكَمُ ) بِقَطْعِ الهَمْزَةِ وفَتْحِ الكافِ وضَمِّ المِيمِ: أيْ قالَ مُحَمَّدٌ رَبِّي أحْكَمُ بِالحَقِّ. وقُرِئَ ( قُلْ ) بِصِيغَةِ الأمْرِ: أيْ قُلْ يا مُحَمَّدُ. ورَبِّ في مَوْضِعِ نَصْبٍ، لِأنَّهُ مُنادًى مُضافٌ إلى الضَّمِيرِ، وقَدِ اسْتَجابَ سُبْحانَهُ دُعاءَ نَبِيِّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَعَذَّبَهم بِبَدْرٍ، ثُمَّ جَعَلَ العاقِبَةَ والغَلَبَةَ والنَّصْرَ لِعِبادِهِ المُؤْمِنِينَ والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ. ثُمَّ قالَ سُبْحانَهُ مُتَمِّمًا لِتِلْكَ الحِكايَةِ ﴿ورَبُّنا الرَّحْمَنُ المُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ﴾ مِنَ الكُفْرِ والتَّكْذِيبِ، فَرَبُّنا مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ الرَّحْمَنُ: أيْ هو كَثِيرُ الرَّحْمَةِ لِعِبادِهِ، والمُسْتَعانُ خَبَرٌ آخَرُ: أيِ المُسْتَعانُ بِهِ في الأُمُورِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها ما تَصِفُونَهُ مِن أنَّ الشَّوْكَةَ تَكُونُ لَكم، ومِن قَوْلِكم: ﴿هَلْ هَذا إلّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ [الأنبياء: ٣] وقَوْلِكم: ﴿اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا﴾ [ الأنْبِياءِ: ٢٦ - مَرْيَمَ: ٨٨ ] وكَثِيرًا ما يُسْتَعْمَلُ الوَصْفُ في كِتابِ اللَّهِ بِمَعْنى الكَذِبِ كَقَوْلِهِ: ﴿ولَكُمُ الوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ١٨]، وقَوْلُهُ: ﴿سَيَجْزِيهِمْ وصْفَهم﴾ [الأنعام: ١٣٩] وقَرَأ المُفَضَّلُ والسُّلَمِيُّ ( عَلى ما يَصِفُونَ ) بِالياءِ التَّحْتِيَّةِ. وقَرَأ الباقُونَ بِالفَوْقِيَّةِ عَلى الخِطابِ. وقَدْ أخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو داوُدَ في ناسِخِهِ، وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: لَمّا نَزَلَتْ: ﴿إنَّكم وما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ قالَ المُشْرِكُونَ: فالمَلائِكَةُ وعِيسى وعُزَيْرٌ يُعْبَدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ، فَنَزَلَتْ: ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾ عِيسى وعُزَيْرٌ والمَلائِكَةُ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ والضِّياءُ في المُخْتارَةِ عَنْهُ قالَ: «جاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرى إلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَقالَ: تَزْعُمُ أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةَ ﴿إنَّكم وما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ قالَ ابْنُ الزِّبَعْرى: قَدْ عُبِدَتِ الشَّمْسُ والقَمَرُ والمَلائِكَةُ وعُزَيْرٌ وعِيسى ابْنُ مَرْيَمَ كُلُّ هَؤُلاءِ في النّارِ مَعَ آلِهَتِنا، فَنَزَلَتْ ﴿ولَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إذا قَوْمُكَ مِنهُ يَصِدُّونَ وقالُوا أآلِهَتُنا خَيْرٌ أمْ هو ما ضَرَبُوهُ لَكَ إلّا جَدَلًا بَلْ هم قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزخرف: ٥٧ - ٥٨]، ثُمَّ نَزَلَتْ ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى أُولَئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾» . وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ناسِخِهِ وابْنُ المُنْذِرِ والطَّبَرانِيُّ مِن وجْهٍ آخَرَ عَنْهُ أيْضًا نَحْوَهُ بِأطْوَلَ مِنهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - في قَوْلِهِ: «(p-٩٥١)﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى﴾ قالَ: عِيسى وعُزَيْرٌ والمَلائِكَةُ» وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ قالَ: شَجَرُ جَهَنَّمَ، وفي إسْنادِهِ العَوْفِيُّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ مِن وجْهٍ آخَرَ أنَّ ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ وقُودُها. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا قالَ: هو حَطَبُ جَهَنَّمَ بِالزِّنْجِيَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ «عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - في قَوْلِهِ: ﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها﴾ قالَ: حَيّاتٌ عَلى الصِّراطِ تَقُولُ حَسِّ حَسِّ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي عُثْمانَ النَّهْدِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها﴾ قالَ: حَيّاتٌ عَلى الصِّراطِ تَلْسَعُهم، فَإذا لَسَعَتْهم قالُوا حَسِّ حَسِّ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حاطِبٍ قالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ ﴿إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهم مِنّا الحُسْنى﴾ قالَ: هو عُثْمانُ وأصْحابُهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها﴾ يَقُولُ: لا يَسْمَعُ أهْلُ الجَنَّةِ حَسِيسَ النّارِ إذا نَزَلُوا مَنزِلَهم مِنَ الجَنَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ﴾ قالَ: النَّفْخَةُ الآخِرَةُ، وفي إسْنادِهِ العَوْفِيُّ. وأخْرَجَ أحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «ثَلاثَةٌ عَلى كُثْبانِ المِسْكِ لا يَهُولُهُمُ الفَزَعُ الأكْبَرُ يَوْمَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أمَّ قَوْمًا وهم لَهُ راضُونَ، ورَجُلٌ كانَ يُؤَذِّنُ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ، وعَبْدٌ أدّى حَقَّ اللَّهِ وحَقَّ مَوالِيهِ» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَلِيٍّ في قَوْلِهِ: ﴿كَطَيِّ السِّجِلِّ﴾ قالَ: مَلَكٌ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَطِيَّةَ مِثْلَهُ وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: السِّجِلُّ مَلَكٌ، فَإذا صَعِدَ بِالِاسْتِغْفارِ قالَ اكْتُبُوها نُورًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ عَساكِرَ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ الباقِرِ قالَ: السِّجِلُّ مَلَكٌ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَندَهْ في المَعْرِفَةِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: السِّجِلُّ كاتِبٌ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - . وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ عَدِيٍّ وابْنُ عَساكِرَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - كاتِبٌ يُسَمّى السِّجِلَّ، وهو قَوْلُهُ: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾» . قالَ: كَما يَطْوِي السِّجِلُّ الكِتابَ كَذَلِكَ نَطْوِي السَّماءَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَندَهْ وأبُو نُعَيْمٍ في المَعْرِفَةِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والخَطِيبُ وابْنُ عَساكِرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «كانَ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - كاتِبٌ يُقالُ لَهُ السِّجِلُّ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾» قالَ ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِهِ بَعْدَ إخْراجِ هَذا الحَدِيثِ: وهَذا مُنْكَرٌ جِدًّا مِن حَدِيثِ نافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لا يَصِحُّ أصْلًا. قالَ: وكَذَلِكَ ما تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مِن رِوايَةِ أبِي داوُدَ وغَيْرِهِ لا يَصِحُّ أيْضًا. وقَدْ صَرَّحَ جَماعَةٌ مِنِ الحُفّاظِ بِوَضْعِهِ، وإنْ كانَ في سُنَنِ أبِي داوُدَ مِنهم شَيْخُنا الحافِظُ الكَبِيرُ أبُو الحَجّاجِ المُزَنِيُّ، وقَدْ أفْرَدْتُ بِهَذا الحَدِيثِ جُزْءًا لَهُ عَلى حِدَةٍ، ولِلَّهِ الحَمْدُ. قالَ: وقَدْ تَصَدّى الإمامُ أبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ لِلْإنْكارِ عَلى هَذا الحَدِيثِ ورَدَّهُ أتَمَّ رَدٍّ، وقالَ: ولا نَعْرِفُ في الصَّحابَةِ أحَدًا اسْمُهُ سِجِلُّ، وكُتّابُ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - كانُوا مَعْرُوفِينَ، ولَيْسَ فِيهِمْ أحَدٌ اسْمُهُ السِّجِلُّ وصَدَقَ رَحِمَهُ اللَّهُ في ذَلِكَ وهو مِن أقْوى الأدِلَّةِ عَلى نَكارَةِ هَذا الحَدِيثِ، وأمّا مَن ذَكَرَ في أسْماءِ الصَّحابَةِ هَذا فَإنَّما اعْتَمَدَ عَلى هَذا الحَدِيثِ لا عَلى غَيْرِهِ واللَّهُ أعْلَمُ. قالَ: والصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ السِّجِلَّ هو الصَّحِيفَةُ، قالَهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَلْحَةَ والعَوْفِيُّ عَنْهُ. ونَصَّ عَلى ذَلِكَ مُجاهِدٌ وقَتادَةُ وغَيْرُ واحِدٍ، واخْتارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ لِأنَّهُ المَعْرُوفُ في اللُّغَةِ، فَعَلى هَذا يَكُونُ مَعْنى الكَلامِ: يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكِتابِ: أيْ عَلى الكِتابِ، يَعْنِي المَكْتُوبَ كَقَوْلِهِ: ﴿فَلَمّا أسْلَما وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣] أيْ عَلى الجَبِينِ، ولَهُ نَظائِرُ في اللُّغَةِ واللَّهُ أعْلَمُ. قُلْتُ: أمّا كَوْنُ هَذا هو الصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ فَلا، فَإنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَلْحَةَ والعَوْفِيَّ ضَعِيفانِ، فالأوْلى التَّعْوِيلُ عَلى المَعْنى اللُّغَوِيِّ والمَصِيرُ إلَيْهِ. وقَدْ أخْرَجَ النَّسائِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ وابْنُ عَساكِرَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: السِّجِلُّ هو الرَّجُلُ، زادَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِلُغَةِ الحَبَشَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في تَفْسِيرِ الآيَةِ قالَ: كَطَيِّ الصَّحِيفَةِ عَلى الكِتابِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿كَما بَدَأْنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾ يَقُولُ: نُهْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ كَما كانَ أوَّلَ مَرَّةٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ كَتَبْنا في الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ قالَ: القُرْآنِ أنَّ الأرْضَ قالَ: أرْضُ الجَنَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أيْضًا ﴿ولَقَدْ كَتَبْنا في الزَّبُورِ﴾ قالَ: الكُتُبِ ﴿مِن بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ قالَ: التَّوْراةِ وفي إسْنادِهِ العَوْفِيُّ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ عَنْهُ أيْضًا، قالَ: الزَّبُورُ والتَّوْراةُ والإنْجِيلُ والقُرْآنُ. والذِّكْرُ: الأصْلُ الَّذِي نُسِخَتْ مِنهُ هَذِهِ الكُتُبُ الَّذِي في السَّماءِ، والأرْضُ: أرْضُ الجَنَّةِ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: ﴿أنَّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحُونَ﴾ قالَ: أرْضُ الجَنَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ في الآيَةِ قالَ: أخْبَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ في التَّوْراةِ والزَّبُورِ وسابِقِ عَمَلِهِ قَبْلَ أنْ تَكُونَ السَّماواتُ والأرْضُ أنْ يُورِثَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ الأرْضَ، ويُدْخِلَهُمُ الجَنَّةَ، وهُمُ الصّالِحُونَ، وفي قَوْلِهِ: ﴿لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عابِدِينَ﴾ قالَ: عالِمِينَ، وفي إسْنادِهِ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَلْحَةَ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﴿إنَّ في هَذا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عابِدِينَ﴾ قالَ: الصَّلَواتِ الخَمْسِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وأبُو نُعَيْمٍ والدَّيْلَمِيُّ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - «فِي قَوْلِ اللَّهِ ﴿إنَّ في هَذا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عابِدِينَ﴾ قالَ: في الصَّلَواتِ الخَمْسِ شُغْلًا لِلْعِبادَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ «أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ ﴿لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عابِدِينَ﴾ قالَ: هي الصَّلَواتُ الخَمْسُ في المَسْجِدِ الحَرامِ جَماعَةً» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما أرْسَلْناكَ إلّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ﴾ قالَ: مَن آمَنَ (p-٩٥٢)تَمَّتْ لَهُ الرَّحْمَةُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، ومَن لَمْ يُؤْمِن عُوفِيَ مِمّا كانَ يُصِيبُ الأُمَمَ في عاجِلِ الدُّنْيا مِنَ العَذابِ مِنَ الخَسْفِ والمَسْخِ والقَذْفِ. وأخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ «قِيلَ يا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ عَلى المُشْرِكِينَ، قالَ، إنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعّانًا، وإنَّما بُعِثْتُ رَحْمَةً» . وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ وأحْمَدُ والطَّبَرانِيُّ وأبُو نُعَيْمٍ في الدَّلائِلِ عَنْ أبِي أُمامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ وهُدًى لِلْمُتَّقِينَ» . وأخْرَجَ أحْمَدُ والطَّبَرانِيُّ عَنْ سَلْمانَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «أيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتِي سَبَبْتُهُ سَبَّةً في غَضَبِي أوْ لَعَنْتُهُ لَعْنَةً، فَإنَّما أنا رَجُلٌ مِن ولَدِ آدَمَ أغْضَبُ كَما يَغْضَبُونَ، وإنَّما بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، فاجْعَلْها عَلَيْهِ صَلاةً يَوْمَ القِيامَةِ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «إنَّما أنا رَحْمَةٌ مُهْداةٌ»، وقَدْ رُوِيَ مَعْنى هَذا مِن طُرُقٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي خَيْثَمَةَ وابْنُ عَساكِرَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ قالَ: «لَمّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - رَأى فُلانًا، وهو بَعْضُ بَنِي أُمَيَّةَ عَلى المِنبَرِ يَخْطُبُ النّاسَ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿وإنْ أدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكم ومَتاعٌ إلى حِينٍ﴾ يَقُولُ: هَذا المُلْكُ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿وإنْ أدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكم﴾ يَقُولُ: ما أخْبَرَكم بِهِ مِنَ العَذابِ والسّاعَةِ، لَعَلَّ تَأْخِيرَ ذَلِكَ عَنْكم فِتْنَةٌ لَكم. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿قالَ رَبِّ احْكم ‎بِالحَقِّ﴾ قالَ: لا يَحْكُمُ اللَّهُ إلّا بِالحَقِّ، وإنَّما يَسْتَعْجِلُ بِذَلِكَ في الدُّنْيا يَسْألُ رَبَّهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب