الباحث القرآني
.
(p-٩٢٤)قَوْلُهُ: ﴿وكَذَلِكَ أنْزَلْناهُ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ ﴿كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ﴾ [طه: ٩٩] . أيْ مِثْلَ ذَلِكَ الإنْزالِ أنْزَلْناهُ: أيِ القُرْآنَ حالَ كَوْنِهِ ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ أيْ بِلُغَةِ العَرَبِ لِيَفْهَمُوهُ ﴿وصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الوَعِيدِ﴾ بَيَنّا فِيهِ ضُرُوبًا مِنَ الوَعِيدِ تَخْوِيفًا وتَهْدِيدًا أوْ كَرَّرْنا فِيهِ بَعْضًا مِنهُ لَعَلَّهم يَتَّقُونَ أيْ كَيْ يَخافُوا اللَّهَ فَيَتَجَنَّبُوا مَعاصِيَهُ ويَحْذَرُوا عِقابَهُ ﴿أوْ يُحْدِثُ لَهم ذِكْرًا﴾ أيِ اعْتِبارًا واتِّعاظًا، وقِيلَ: ورَعًا، وقِيلَ: شَرَفًا، وقِيلَ: طاعَةً وعِبادَةً، لِأنَّ الذِّكْرَ يُطْلَقُ عَلَيْها. وقَرَأ الحَسَنُ ( أوْ نُحْدِثُ ) بِالنُّونِ. ﴿فَتَعالى اللَّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ لَمّا بَيَّنَ لِلْعِبادِ عَظِيمَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ بِإنْزالِ القُرْآنِ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ مُماثَلَةِ مَخْلُوقاتِهِ في شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ: أيْ جَلَّ اللَّهُ عَنْ إلْحادِ المُلْحِدِينَ وعَمّا يَقُولُ المُشْرِكُونَ في صِفاتِهِ فَإنَّهُ المَلِكُ الَّذِي بِيَدِهِ الثَّوابُ والعِقابُ وأنَّهُ الحَقُّ أيْ ذُو الحَقِّ ﴿ولا تَعْجَلْ بِالقُرْآنِ مِن قَبْلِ أنْ يُقْضى إلَيْكَ وحْيُهُ﴾ أيْ يُتَمُّ إلَيْكَ وحْيُهُ.
قالَ المُفَسِّرُونَ: كانَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - يُبادِرُ جِبْرِيلَ فَيَقْرَأُ قَبْلَ أنْ يَفْرَغَ جِبْرِيلُ مِنَ الوَحْيِ حِرْصًا مِنهُ عَلى ما كانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنهُ فَنَهاهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: ١٦] عَلى ما يَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ، وقِيلَ: المَعْنى: ولا تُلْقِهِ إلى النّاسِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَكَ بَيانُ تَأْوِيلِهِ، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ ويَعْقُوبُ والحَسَنُ والأعْمَشُ ( مِن قَبْلِ أنْ نَقْضِيَ ) بِالنُّونِ ونَصْبِ وحْيَهُ ﴿وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ أنْ سَلْ رَبَّكَ زِيادَةَ العِلْمِ بِكِتابِهِ.
﴿ولَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ﴾ اللّامُ هي المُوَطِّئَةُ لِلْقَسَمِ، والجُمْلَةُ المُسْتَأْنَفَةُ مُقَرِّرَةٌ لِما قَبْلَها مِن تَصْرِيفِ الوَعِيدِ. أيْ لَقَدْ أمَرْناهُ ووَصَّيْناهُ، والمَعْهُودُ مَحْذُوفٌ، وهو ما سَيَأْتِي مِن نَهْيِهِ عَنِ الأكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ، ومَعْنى مِن قَبْلُ أيْ مِن قَبْلِ هَذا الزَّمانِ فَنَسِيَ قَرَأ الأعْمَشُ بِإسْكانِ الياءِ، والمُرادُ بِالنِّسْيانِ هَنا تَرْكُ العَمَلِ بِما وقَعَ بِهِ العَهْدُ إلَيْهِ ويَنْتَهِي عَنْهُ، وبِهِ قالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ، وقِيلَ: النِّسْيانُ عَلى حَقِيقَتِهِ، وأنَّهُ نَسِيَ ما عَهِدَ اللَّهُ بِهِ إلَيْهِ ويَنْتَهِي عَنْهُ، وكانَ آدَمُ مَأْخُوذًا بِالنِّسْيانِ في ذَلِكَ الوَقْتِ، وإنْ كانَ النِّسْيانُ مَرْفُوعًا عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، والمُرادُ مِنَ الآيَةِ تَسْلِيَةُ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَلى القَوْلِ الأوَّلِ. أيْ أنَّ طاعَةَ بَنِي آدَمَ لِلشَّيْطانِ أمْرٌ قَدِيمٌ، وأنَّ هَؤُلاءِ المُعاصِرِينَ لَهُ إنْ نَقَضُوا العَهْدَ فَقَدْ نَقَضَ أبُوهم آدَمُ، كَذا قالَ ابْنُ جَرِيرٍ والقُشَيْرِيُّ، واعْتَرَضَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ قائِلًا بِأنَّ كَوْنَ آدَمَ مُماثِلًا لِلْكُفّارِ الجاحِدِينَ بِاللَّهِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وقُرِئَ ( فَنُسِّيَ ) بِضَمِّ النُّونِ وتَشْدِيدِ السِّينِ مَكْسُورَةً مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ: أيْ فَنَسّاهُ إبْلِيسُ ﴿ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ العَزْمُ في اللُّغَةِ تَوْطِينُ النَّفْسِ عَلى الفِعْلِ والتَّصْمِيمُ عَلَيْهِ، والمُضِيُّ عَلى المُعْتَقَدِ في أيِّ شَيْءٍ كانَ، وقَدْ كانَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَدْ وطَّنَ نَفْسَهُ عَلى أنْ لا يَأْكُلَ مِنَ الشَّجَرَةِ وصَمَّمَ عَلى ذَلِكَ، فَلَمّا وسْوَسَ إلَيْهِ إبْلِيسُ لانَتْ عَرِيكَتُهُ وفَتَرَ عَزْمُهُ وأدْرَكَهُ ضَعْفُ البَشَرِ، وقِيلَ: العَزْمُ الصَّبْرُ أيْ لَمْ نَجِدْ لَهُ صَبْرًا عَنْ أكْلِ الشَّجَرَةِ. قالَ النَّحّاسُ: وهو كَذَلِكَ في اللُّغَةِ، يُقالُ لِفُلانٍ عَزْمٌ: أيْ صَبْرٌ وثَباتٌ عَلى التَّحَفُّظِ عَنِ المَعاصِي حَتّى يَسْلَمَ مِنها، ومِنها ﴿كَما صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٣٥]، وقِيلَ: المَعْنى: ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا عَلى الذَّنْبِ، وبِهِ قالَ ابْنُ كَيْسانَ: وقِيلَ: لَمْ نَجِدْ لَهُ رَأْيًا مَعْزُومًا عَلَيْهِ، وبِهِ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ. ثُمَّ شَرَعَ سُبْحانَهُ في كَيْفِيَّةِ ظُهُورِ نِسْيانِهِ وفِقْدانِ عَزْمِهِ، والعامِلُ في إذْ مُقَدَّرٌ: أيْ واذْكُرْ ﴿وإذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ وتَعْلِيقُ الذِّكَرِ بِالوَقْتِ مَعَ أنَّ المَقْصُودَ ذِكْرُ ما فِيهِ مِنَ الحَوادِثِ لِلْمُبالَغَةِ، لِأنَّهُ إذا وقَعَ الأمْرُ بِذِكْرِ الوَقْتِ كانَ ذِكْرُ ما فِيهِ مِنَ الحَوادِثِ لازِمًا بِطَرِيقِ الأوْلى وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ القِصَّةِ في البَقَرَةِ مُسْتَوْفًى. ومَعْنى فَتَشْقى فَتَتْعَبُ في تَحْصِيلِ ما لا بُدَّ مِنهُ في المَعاشِ كالحَرْثِ والزَّرْعِ، ولَمْ يَقُلْ فَتَشْقَيا، لِأنَّ الكَلامَ مِن أوَّلِ القِصَّةِ مَعَ آدَمَ وحْدَهُ.
ثُمَّ عَلَّلَ ما يُوجِبُهُ ذَلِكَ النَّهْيُ بِما فِيهِ الرّاحَةُ الكامِلَةُ عَنِ التَّعَبِ والِاهْتِمامِ فَقالَ: ﴿إنَّ لَكَ ألّا تَجُوعَ فِيها ولا تَعْرى﴾ أيْ في الجَنَّةِ. والمَعْنى: أنَّ لَكَ فِيها تَمَتُّعًا بِأنْواعِ المَعايِشِ وتَنَعُّمًا بِأصْنافِ النِّعَمِ مِنَ المَآكِلِ الشَّهِيَّةِ والمَلابِسِ البَهِيَّةِ، فَإنَّهُ لَمّا نَفى عَنْهُ الجُوعَ والعُرْيَ أفادَ ثُبُوتَ الشِّبَعِ والِاكْتِساءِ لَهُ. وهَكَذا قَوْلُهُ: ﴿وأنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيها ولا تَضْحى﴾ فَإنَّ نَفْيَ الظَّمَأِ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ الرَّيِّ ووُجُودَ المَسْكَنِ الَّذِي يَدْفَعُ عَنْهُ مَشَقَّةَ الضَّحْوِ يُقالُ ضَحّى الرَّجُلُ يُضَحِّي ضَحْوًا: إذا بَرَزَ لِلشَّمْسِ فَأصابَهُ حَرُّها، فَذَكَرَ سُبْحانَهُ هاهُنا أنَّهُ قَدْ كَفاهُ الِاشْتِغالَ بِأمْرِ المَعاشِ وتَعَبِ الكَدِّ في تَحْصِيلِهِ، ولا رَيْبَ أنَّ أُصُولَ المَتاعِبِ في الدُّنْيا هي تَحْصِيلُ الشِّبَعِ والرَّيِّ والكُسْوَةِ والكِنِّ، وما عَدا هَذِهِ فَفَضَلاتٌ يُمْكِنُ البَقاءُ بِدُونِها، وهو إعْلامٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحانَهُ لِآدَمَ أنَّهُ إنْ أطاعَهُ فَلَهُ في الجَنَّةِ هَذا كُلُّهُ، وإنْ ضَيَّعَ وصِيَّتَهُ ولَمْ يَحْفَظْ عَهْدَهُ أخْرَجَهُ مِنَ الجَنَّةِ إلى الدُّنْيا فَيَحِلُّ بِهِ التَّعَبُ والنَّصَبُ مِمّا يَدْفَعُ الجُوعَ والعُرْيَ والظَّمَأ والضَّحْوَ، فالمُرادُ بِالشَّقاءِ شَقاءُ الدُّنْيا كَما قالَهُ كَثِيرٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ لا شَقاءُ الأُخْرى. قالَ الفَرّاءُ: هو أنْ يَأْكُلَ مِن كَدِّ يَدَيْهِ، وقَرَأ أبُو عَمْرٍو والكُوفِيُّونَ إلّا عاصِمًا ﴿وأنَّكَ لا تَظْمَأُ﴾ بِفَتْحِ أنْ، وقَرَأ الباقُونَ بِكَسْرِها عَلى العَطْفِ عَلى إنَّ لَكَ.
﴿فَوَسْوَسَ إلَيْهِ الشَّيْطانُ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ في الأعْرافِ في قَوْلِهِ: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُما الشَّيْطانُ﴾ [الأعراف: ٢٠] أيْ أنْهى إلَيْهِ وسْوَسَتَهُ، وجُمْلَةُ قالَ يا آدَمُ إلى آخِرِهِ إمّا بَدَلٌ مَن وسْوَسَ أوْ مُسْتَأْنَفَةٌ بِتَقْدِيرِ سُؤالٍ كَأنَّهُ قِيلَ: فَماذا قالَ لَهُ في وسْوَسَتِهِ ؟ شَجَرَةِ الخُلْدِ هي الشَّجَرَةُ الَّتِي مَن أكْلَ مِنها لَمْ يَمُتْ أصْلًا ﴿ومُلْكٍ لا يَبْلى﴾ أيْ لا يَزُولُ ولا يَنْقَضِي. ﴿فَأكَلا مِنها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما﴾ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذا وما بَعْدَهُ في الأعْرافِ. قالَ الفَرّاءُ: ومَعْنى طَفِقا في العَرَبِيَّةِ: أقْبَلا، وقِيلَ: جَعْلًا يُلْصِقانِ عَلَيْهِما مِن ورَقِ التِّينِ ﴿وعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى﴾ أيْ عَصاهُ بِالأكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ (p-٩٢٥)فَغَوى فَضَلَّ عَنِ الصَّوابِ أوْ عَنْ مَطْلُوبِهِ، وهو الخُلُودُ بِأكْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ، وقِيلَ: فَسَدَ عَلَيْهِ عَيْشُهُ بِنُزُولِهِ إلى الدُّنْيا، وقِيلَ: جَهِلَ مَوْضِعَ رُشْدِهِ، وقِيلَ: بُشِمَ مِن كَثْرَةِ الأكْلِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْها بِاسْتِزْلالِ إبْلِيسَ وخَدائِعِهِ إيّاهُ، والقَسَمُ لَهُ بِاللَّهِ إنَّهُ لَهُ لَمِنَ النّاصِحِينَ حَتّى دَلّاهُ بِغُرُورٍ ولَمْ يَكُنْ ذَنْبُهُ عَنِ اعْتِقادٍ مُتَقَدِّمٍ ونِيَّةٍ صَحِيحَةٍ، فَنَحْنُ نَقُولُ: عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى انْتَهى. قالَ القاضِي أبُو بَكْرِ بْنُ العَرَبِيِّ: لا يَجُوزُ لِأحَدٍ أنْ يُخْبِرَ اليَوْمَ بِذَلِكَ عَنْ آدَمَ. قُلْتُ: لا مانِعَ مِن هَذا بَعْدَ أنْ أخْبَرَنا اللَّهُ في كِتابِهِ بِأنَّهُ عَصاهُ، وكَما يُقالُ حَسَناتُ الأبْرارِ سَيِّئاتُ المُقَرَّبِينَ، ومِمّا قُلْتُهُ في هَذا المَعْنى:
؎عَصى أبُو العالَمِ وهو الَّذِي مِن طِينَةٍ صَوَّرَهُ اللَّهُ
؎وأسْجَدَ الأمْلاكَ مِن أجْلِهِ ∗∗∗ وصَيَّرَ الجَنَّةَ مَأْواهُ
؎أغْواهُ إبْلِيسُ فَمَن ذا أنا المِسْ ∗∗∗ كِينُ إنَّ إبْلِيسَ أغْواهُ
﴿ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ﴾ أيِ اصْطَفاهُ وقَرَّبَهُ. قالَ ابْنُ فُورَكَ: كانَتِ المَعْصِيَةُ مِن آدَمَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِدَلِيلِ ما في هَذِهِ الآيَةِ، فَإنَّهُ ذَكَرَ الِاجْتِباءَ والهِدايَةَ بَعْدَ ذِكْرِ المَعْصِيَةِ، وإذا كانَتِ المَعْصِيَةُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ فَجائِزٌ عَلَيْهِمُ الذُّنُوبُ وجْهًا واحِدًا ﴿فَتابَ عَلَيْهِ وهَدى﴾ أيْ تابَ عَلَيْهِ مِن مَعْصِيَتِهِ، وهَداهُ إلى الثَّباتِ عَلى التَّوْبَةِ. قِيلَ وكانَتْ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَبْلَ أنْ يَتُوبَ هو وحَوّاءُ بِقَوْلِهِما ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أنْفُسَنا وإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ وقَدْ مَرَّ وجْهُ تَخْصِيصِ آدَمَ بِالذِّكْرِ دُونَ حَوّاءَ.
وقَدْ أخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ يُحْدِثُ لَهُمْ﴾ أيِ القُرْآنُ ذِكْرًا قالَ: جِدًّا ووَرَعًا. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَعْجَلْ بِالقُرْآنِ﴾ يَقُولُ: لا تَعْجَلْ حَتّى نُبَيِّنَهُ لَكَ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الحَسَنِ قالَ: «لَطَمَ رَجُلٌ امْرَأتَهُ، فَجاءَتْ إلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - تَطْلُبُ قِصاصًا، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - بَيْنَهُما القِصاصَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿ولا تَعْجَلْ بِالقُرْآنِ﴾ الآيَةَ، فَوَقَفَ النَّبِيُّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - حَتّى نَزَلَتِ ﴿الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلى النِّساءِ﴾ الآيَةَ» . أخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ ﴿ولا تَعْجَلْ﴾ الآيَةَ. قالَ: لا تَتْلُهُ عَلى أحَدٍ حَتّى نُتِمَّهُ لَكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ مَندَهْ في التَّوْحِيدِ والطَّبَرانِيُّ في الصَّغِيرِ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّما سُمِّيَ الإنْسانُ لِأنَّهُ عُهِدَ إلَيْهِ فَنَسِيَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الغَنِيِّ وابْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿ولَقَدْ عَهِدْنا إلى آدَمَ﴾ أنْ لا تَقْرَبَ الشَّجَرَةَ فَنَسِيَ فَتَرَكَ عَهْدِي ﴿ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ قالَ: حِفْظًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا فَنَسِيَ فَتَرَكَ ﴿ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ يَقُولُ: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَزْمًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا ﴿وأنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيها ولا تَضْحى﴾ قالَ: لا يُصِيبُكَ فِيها عَطَشٌ ولا حَرٌّ. وأخْرَجَ أحْمَدُ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «إنَّ في الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرّاكِبُ في ظِلِّها مِائَةَ عامٍ لا يَقْطَعُها، وهي شَجَرَةُ الخُلْدِ» وفي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «حاجَّ آدَمَ مُوسى قالَ لَهُ: أنْتَ الَّذِي أخْرَجْتَ النّاسَ مِنَ الجَنَّةِ بِذَنْبِكَ وأشْقَيْتَهم بِمَعْصِيَتِكَ، قالَ آدَمُ: يا مُوسى أنْتَ الَّذِي اصْطَفاكَ اللَّهُ بِرِسالَتِهِ وبِكَلامِهِ، أتَلُومُنِي عَلى أمْرٍ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَنِي، أوْ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَنِي، قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: فَحَجَّ آدَمُ مُوسى» .
{"ayahs_start":113,"ayahs":["وَكَذَ ٰلِكَ أَنزَلۡنَـٰهُ قُرۡءَانًا عَرَبِیࣰّا وَصَرَّفۡنَا فِیهِ مِنَ ٱلۡوَعِیدِ لَعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ أَوۡ یُحۡدِثُ لَهُمۡ ذِكۡرࣰا","فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۗ وَلَا تَعۡجَلۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مِن قَبۡلِ أَن یُقۡضَىٰۤ إِلَیۡكَ وَحۡیُهُۥۖ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِی عِلۡمࣰا","وَلَقَدۡ عَهِدۡنَاۤ إِلَىٰۤ ءَادَمَ مِن قَبۡلُ فَنَسِیَ وَلَمۡ نَجِدۡ لَهُۥ عَزۡمࣰا","وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ أَبَىٰ","فَقُلۡنَا یَـٰۤـَٔادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوࣱّ لَّكَ وَلِزَوۡجِكَ فَلَا یُخۡرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلۡجَنَّةِ فَتَشۡقَىٰۤ","إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِیهَا وَلَا تَعۡرَىٰ","وَأَنَّكَ لَا تَظۡمَؤُا۟ فِیهَا وَلَا تَضۡحَىٰ","فَوَسۡوَسَ إِلَیۡهِ ٱلشَّیۡطَـٰنُ قَالَ یَـٰۤـَٔادَمُ هَلۡ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلۡخُلۡدِ وَمُلۡكࣲ لَّا یَبۡلَىٰ","فَأَكَلَا مِنۡهَا فَبَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَ ٰ تُهُمَا وَطَفِقَا یَخۡصِفَانِ عَلَیۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۚ وَعَصَىٰۤ ءَادَمُ رَبَّهُۥ فَغَوَىٰ","ثُمَّ ٱجۡتَبَـٰهُ رَبُّهُۥ فَتَابَ عَلَیۡهِ وَهَدَىٰ"],"ayah":"فَأَكَلَا مِنۡهَا فَبَدَتۡ لَهُمَا سَوۡءَ ٰ تُهُمَا وَطَفِقَا یَخۡصِفَانِ عَلَیۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۚ وَعَصَىٰۤ ءَادَمُ رَبَّهُۥ فَغَوَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق