الباحث القرآني

المُرادُ بِالجُناحِ هُنا التَّبِعَةُ مِنَ المَهْرِ ونَحْوِهِ، فَرَفْعُهُ رَفْعٌ لِذَلِكَ: أيْ لا تَبِعَةَ عَلَيْكم بِالمَهْرِ ونَحْوِهِ إنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ عَلى الصِّفَةِ المَذْكُورَةِ، و" ما " في قَوْلِهِ: ﴿ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ هي مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ بِتَقْدِيرِ المُضافِ: أيْ مُدَّةُ عَدَمِ مَسِيسِكم. ونَقَلَ أبُو البَقاءِ أنَّها شَرْطِيَّةٌ مِن بابِ اعْتِراضِ الشَّرْطِ عَلى الشَّرْطِ لِيَكُونَ الثّانِي قَيْدًا لِلْأوَّلِ كَما في قَوْلِكَ: (p-١٦٢)إنْ تَأْتِنِي إنْ تُحْسِنْ إلَيَّ أُكْرِمْكَ، أيْ إنْ تَأْتِنِي مُحْسِنًا إلَيَّ، والمَعْنى: إنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ غَيْرَ ماسِّينَ لَهُنَّ. وقِيلَ إنَّها مَوْصُولَةٌ: أيْ إنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ اللّاتِي لَمْ تَمَسُّوهُنَّ، وهَكَذا اخْتَلَفُوا في قَوْلِهِ: ﴿أوْ تَفْرِضُوا﴾ فَقِيلَ: أوْ بِمَعْنى إلّا: أيْ إلّا أنْ تَفْرِضُوا، وقِيلَ بِمَعْنى حَتّى: أيْ حَتّى تَفْرِضُوا، وقِيلَ بِمَعْنى الواوِ: أيْ وتَفْرِضُوا. ولَسْتُ أرى لِهَذا التَّطْوِيلِ وجْهًا، ومَعْنى الآيَةِ أوْضَحُ مِن أنْ يَلْتَبِسَ، فَإنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ رَفَعَ الجُناحَ عَنِ المُطَلِّقِينَ ما لَمْ يَقَعْ أحَدُ الأمْرَيْنِ: أيْ مُدَّةُ انْتِفاءِ ذَلِكَ الأحَدِ، ولا يَنْتَفِي الأحَدُ المُبْهَمُ إلّا بِانْتِفاءِ الأمْرَيْنِ مَعًا، فَإنْ وُجِدَ المَسِيسُ وجَبَ المُسَمّى أوْمَهْرُ المِثْلِ، وإنْ وُجِدَ الفَرْضُ وجَبَ نِصْفُهُ مَعَ عَدَمِ المَسِيسِ، وكُلُّ واحِدٍ مِنها جُناحٌ: أيِ المُسَمّى أوْ نِصْفُهُ أوْ مَهْرُ المِثْلِ. واعْلَمْ أنَّ المُطَلَّقاتِ أرْبَعٌ: مُطَلَّقَةٌ مَدْخُولٌ بِها مَفْرُوضٌ لَها، وهي الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُها قَبْلَ هَذِهِ الآيَةِ، وفِيها نَهْيُ الأزْواجِ عَنْ أنْ يَأْخُذُوا مِمّا آتَوْهُنَّ شَيْئًا، وأنَّ عِدَّتَهُنَّ ثَلاثَةُ قُرُوءٍ. ومُطَلَّقَةٌ غَيْرُ مَفْرُوضٍ لَها ولا مَدْخُولٍ بِها، وهي المَذْكُورَةُ هُنا فَلا مَهْرَ لَها، بَلِ المُتْعَةُ، وبَيَّنَ في سُورَةِ الأحْزابِ أنَّ غَيْرَ المَدْخُولِ بِها إذا طُلِّقَتْ فَلا عِدَّةَ عَلَيْها. ومُطَلَّقَةٌ مَفْرُوضٌ لَها غَيْرُ مَدْخُولٍ بِها، وهي المَذْكُورَةُ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ هُنا: ﴿وإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾، ومُطَلَّقَةٌ مَدْخُولٌ بِها غَيْرُ مَفْرُوضٍ لَها، وهي المَذْكُورَةُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [النساء: ٢٤] والمُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ ما لَمْ تُجامِعُوهُنَّ، وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ " مِن قَبْلِ أنْ تُجامِعُوهُنَّ " . أخْرَجَهُ عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وقَرَأهُ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وابْنُ عامِرٍ وعاصِمٌ ﴿ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ وقَرَأهُ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ " تَماسُوهُنَّ " مِنَ المُفاعَلَةِ، والمُرادُ بِالفَرِيضَةِ هُنا تَسْمِيَةُ المَهْرِ. قَوْلُهُ: ومَتِّعُوهُنَّ أيْ أعْطُوهُنَّ شَيْئًا يَكُونُ مَتاعًا لَهُنَّ، وظاهِرُ الأمْرِ الوُجُوبُ، وبِهِ قالَ عَلِيٌّ وابْنُ عُمَرَ والحَسَنُ البَصْرِيُّ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وأبُو قِلابَةَ والزُّهْرِيُّ وقَتادَةُ والضَّحّاكُ، ومِن أدِلَّةِ الوُجُوبِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا نَكَحْتُمُ المُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكم عَلَيْهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وسَرِّحُوهُنَّ سَراحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٩] وقالَ مالِكٌ وأبُو عُبَيْدٍ والقاضِي شُرَيْحٌ وغَيْرُهم: إنَّ المُتْعَةَ لِلْمُطَلَّقَةِ المَذْكُورَةِ مَندُوبَةٌ لا واجِبَةٌ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿حَقًّا عَلى المُحْسِنِينَ﴾ ولَوْ كانَتْ واجِبَةً لَأطْلَقَها عَلى الخَلْقِ أجْمَعِينَ، ويُجابُ عَنْهُ بِأنَّ ذَلِكَ لا يُنافِي الوُجُوبَ بَلْ هو تَأْكِيدٌ لَهُ كَما في قَوْلِهِ في الآيَةِ الأُخْرى: ﴿حَقًّا عَلى المُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١] أيْ أنَّ الوَفاءَ بِذَلِكَ والقِيامَ بِهِ شَأْنُ أهْلِ التَّقْوى، وكُلُّ مُسْلِمٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ سُبْحانَهُ، وقَدْ وقَعَ الخِلافُ أيْضًا هَلِ المُتْعَةُ مَشْرُوعَةٌ لِغَيْرِ هَذِهِ المُطَلَّقَةِ قَبْلَ المَسِيسِ والفَرْضِ أمْ لَيْسَتْ بِمَشْرُوعَةٍ إلّا لَها فَقَطْ ؟ فَقِيلَ: إنَّها مَشْرُوعَةٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، وإلَيْهِ ذَهَبُ ابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ عُمَرَ وعَطاءٌ وجابِرُ بْنُ زَيْدٍ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وأبُو العالِيَةِ والحَسَنُ البَصْرِيُّ والشّافِعِيُّ في أحَدِ قَوْلَيْهِ وأحْمَدُ وإسْحاقُ، ولَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا هَلْ هي واجِبَةٌ في غَيْرِ المُطَلَّقَةِ قَبْلَ البِناءِ والفَرْضِ أمْ مَندُوبَةٌ فَقَطْ، واسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالمَعْرُوفِ حَقًّا عَلى المُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١] وبِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ياأيُّها النَّبِيُّ قُلْ لِأزْواجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وأُسَرِّحْكُنَّ سَراحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٢٨] والآيَةُ الأُولى عامَّةٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ، والثّانِيَةُ في أزْواجِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ وقَدْ كُنَّ مَفْرُوضًا لَهُنَّ مَدْخُولًا بِهِنَّ. وقالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ: إنَّها تَجِبُ لِلْمُطَلَّقَةِ إذا طُلِّقَتْ قَبْلَ المَسِيسِ وإنْ كانَتْ مَفْرُوضًا لَها لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا نَكَحْتُمُ المُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكم عَلَيْهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] قالَ: هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي في الأحْزابِ نَسَخَتِ الَّتِي في البَقَرَةِ. وذَهَبَ جَماعَةٌ مِن أهْلِ العِلْمِ إلى أنَّ المُتْعَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالمُطَلَّقَةِ قَبْلَ البِناءِ والتَّسْمِيَةِ؛ لِأنَّ المَدْخُولَ بِها تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ المُسَمّى أوْ مَهْرَ المِثْلِ، وغَيْرَ المَدْخُولَةِ الَّتِي قَدْ فَرَضَ لَها زَوْجُها فَرِيضَةً: أيْ سَمّى لَها مَهْرًا وطَلَّقَها قَبْلَ الدُّخُولِ تَسْتَحِقُّ نِصْفَ المُسَمّى، ومِنَ القائِلِينَ بِهَذا ابْنُ عُمَرَ ومُجاهِدٌ. وقَدْ وقَعَ الإجْماعُ عَلى أنَّ المُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ والفَرْضِ لا تَسْتَحِقُّ إلّا المُتْعَةَ إذا كانَتْ حُرَّةً. وأمّا إذا كانَتْ أمَةً فَذَهَبَ الجُمْهُورُ إلى أنَّ لَها المُتْعَةَ، وقالَ الأوْزاعِيُّ والثَّوْرِيُّ: لا مُتْعَةَ لَها لِأنَّها تَكُونُ لِسَيِّدِها، وهو لا يَسْتَحِقُّ مالًا في مُقابِلِ تَأذِّي مَمْلُوكَتِهِ؛ لِأنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ إنَّما شَرَعَ المُتْعَةَ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ والفَرْضِ، لِكَوْنِها تَتَأذّى بِالطَّلاقِ قَبْلَ ذَلِكَ. وقَدِ اخْتَلَفُوا في المُتْعَةِ المَشْرُوعَةِ هَلْ هي مُقَدَّرَةٌ بِقَدْرٍ أمْ لا ؟ فَقالَ مالِكٌ والشّافِعِيُّ في الجَدِيدِ: لا حَدَّ لَها مَعْرُوفٌ بَلْ ما يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ المُتْعَةِ. وقالَ أبُو حَنِيفَةَ: إنَّهُ إذا تَنازَعَ الزَّوْجانِ في قَدْرِ المُتْعَةِ وجَبَ لَها نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِها، ولا يَنْقُصُ مِن خَمْسَةِ دَراهِمَ؛ لِأنَّ أقَلَّ المَهْرِ عَشَرَةُ دَراهِمَ. ولِلسَّلَفِ فِيها أقْوالٌ سَيَأْتِي ذِكْرُها إنْ شاءَ اللَّهُ. وقَوْلُهُ: ﴿عَلى المُوسِعِ قَدَرُهُ وعَلى المُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ الِاعْتِبارَ في ذَلِكَ بِحالِ الزَّوْجِ، فالمُتْعَةُ مِنَ الغَنِيِّ فَوْقَ المُتْعَةِ مِنَ الفَقِيرِ. وقَرَأهُ الجُمْهُورُ ﴿عَلى المُوسِعِ﴾ بِسُكُونِ الواوِ وكَسْرِ السِّينِ، وهو الَّذِي اتَّسَعَتْ حالُهُ. وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ بِفَتْحِ الواوِ وتَشْدِيدِ السِّينِ وفَتْحِها. وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وعاصِمٌ في رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ " قَدْرُهُ " بِسُكُونِ الدّالِ فِيهِما. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وعاصِمٌ في رِوايَةِ حَفْصٍ بِفَتْحِ الدّالِ فِيهِما. قالَ الأخْفَشُ وغَيْرُهُ: هُما لُغَتانِ فَصِيحَتانِ، وهَكَذا يُقْرَأُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَسالَتْ أوْدِيَةٌ بِقَدَرِها﴾ [الرعد: ١٧] . وقَوْلُهُ: ﴿وما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ [الأنعام: ٩١] والمُقْتِرُ المُقِلُّ، ومَتاعًا مَصْدَرٌ مُؤَكِّدًا لِقَوْلِهِ: ومَتِّعُوهُنَّ، والمَعْرُوفُ ما عُرِفَ في الشَّرْعِ والعادَةِ المُوافِقَةِ لَهُ. وقَوْلُهُ: حَقًّا وصْفٌ لِقَوْلِهِ: مَتاعًا أوْ مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ: أيْ حَقَّ ذَلِكَ حَقًّا، يُقالُ: حَقَّقْتُ عَلَيْهِ القَضاءَ وأحْقَقْتُ: أيْ أوْجَبْتُ. قَوْلُهُ: ﴿وإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ الآيَةَ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ المُتْعَةَ لا تَجِبُ (p-١٦٣)لِهَذِهِ المُطَلَّقَةِ لِوُقُوعِها في مُقابَلَةِ المُطَلَّقَةِ قَبْلَ البِناءِ والفَرْضِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ المُتْعَةَ. وقَوْلُهُ: ﴿فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ﴾ أيْ: فالواجِبُ عَلَيْكم نِصْفُ ما سَمَّيْتُمْ لَهُنَّ مِنَ المَهْرِ وهَذا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ فَنِصْفُ بِالرَّفْعِ. وقَرَأ مَن عَدا الجُمْهُورِ بِالنَّصْبِ: أيْ فادْفَعُوا نِصْفَ ما فَرَضْتُمْ، وقُرِئَ أيْضًا بِضَمِّ النُّونِ وكَسْرِها وهُما لُغَتانِ. وقَدْ وقَعَ الِاتِّفاقُ أيْضًا عَلى أنَّ المَرْأةَ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِها زَوْجُها وماتَ وقَدْ فَرَضَ لَها مَهْرًا تَسْتَحِقُّهُ كامِلًا بِالمَوْتِ، ولَها المِيراثُ وعَلَيْها العِدَّةُ. واخْتَلَفُوا في الخَلْوَةِ هَلْ تَقُومُ مَقامَ الدُّخُولِ وتَسْتَحِقُّ المَرْأةُ بِها كَمالَ المَهْرِ كَما تَسْتَحِقُّهُ بِالدُّخُولِ أمْ لا ؟ فَذَهَبَ إلى الأوَّلِ مالِكٌ والشّافِعِيُّ في القَدِيمِ والكُوفِيُّونَ والخُلَفاءُ الرّاشِدُونَ وجُمْهُورُ أهْلِ العِلْمِ، وتَجِبُ عِنْدَهم أيْضًا العِدَّةُ. وقالَ الشّافِعِيُّ في الجَدِيدِ: لا يَجِبُ إلّا نِصْفُ المَهْرِ، وهو ظاهِرُ الآيَةِ لِما تَقَدَّمَ مِن أنَّ المَسِيسَ هو الجِماعُ ولا تَجِبُ عِنْدَهُ العِدَّةُ، وإلَيْهِ ذَهَبَ جَماعَةٌ مِنَ السَّلَفِ. قَوْلُهُ: ﴿إلّا أنْ يَعْفُونَ﴾ أيِ المُطَلَّقاتُ، ومَعْناهُ: يَتْرُكْنَ ويَصْفَحْنَ، ووَزْنُهُ يَفْعَلْنَ، وهو اسْتِثْناءٌ مُفَرَّغٌ مِن أعَمِّ العامِّ، وقِيلَ: مُنْقَطِعٌ، ومَعْناهُ: يَتْرُكْنَ النِّصْفَ الَّذِي يَجِبُ لَهُنَّ عَلى الأزْواجِ. ولَمْ تَسْقُطِ النُّونُ مَعَ إنَّ؛ لِأنَّ جَمْعَ المُؤَنَّثِ في المُضارِعِ عَلى حالَةٍ واحِدَةٍ في الرَّفْعِ والنَّصْبِ والجَزْمِ لِكَوْنِ النُّونِ ضَمِيرًا ولَيْسَتْ بِعَلامَةِ إعْرابٍ كَما في المُذَكَّرِ في قَوْلِكَ: الرِّجالُ يَعْفُونَ، وهَذا عَلَيْهِ جُمْهُورُ المُفَسِّرِينَ. ورُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ أنَّهُ قالَ: ﴿إلّا أنْ يَعْفُونَ﴾ يَعْنِي الرِّجالَ وهو ضَعِيفٌ لَفْظًا. ومَعْنى قَوْلِهِ: ﴿أوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى مَحَلِّ قَوْلِهِ: ﴿إلّا أنْ يَعْفُونَ﴾ لِأنَّ الأوَّلَ مَبْنِيٌّ وهَذا مُعْرَبٌ، قِيلَ: هو الزَّوْجُ، وبِهِ قالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وسَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ وشُرَيْحٌ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ومُجاهِدٌ والشَّعْبِيُّ وعِكْرِمَةُ ونافِعٌ وابْنُ سِيرِينَ والضَّحّاكُ ومُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ وجابِرُ بْنُ زَيْدٍ وأبُو مِجْلَزٍ والرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ وإياسُ بْنُ مُعاوِيَةَ ومَكْحُولٌ ومُقاتِلُ بْنُ حَيّانَ وهو الجَدِيدُ مِن قَوْلَيِ الشّافِعِيِّ، وبِهِ قالَ أبُو حَنِيفَةَ وأصْحابُهُ والثَّوْرِيُّ وابْنُ شُبْرُمَةَ والأوْزاعِيُّ ورَجَّحَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وفِي هَذا القَوْلِ قُوَّةٌ وضَعْفٌ، أمّا قُوَّتُهُ فَلِكَوْنِ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ حَقِيقَةً هو الزَّوْجُ، لِأنَّهُ هو الَّذِي إلَيْهِ رَفْعُهُ بِالطَّلاقِ، وأمّا ضَعْفُهُ فَلِكَوْنِ العَفْوِ مِنهُ غَيْرَ مَعْقُولٍ، وما قالُوا بِهِ مِن أنَّ المُرادَ بِعَفْوِهِ أنْ يُعْطِيَها المَهْرَ كامِلًا غَيْرَ ظاهِرٍ. لِأنَّ العَفْوَ لا يُطْلَقُ عَلى الزِّيادَةِ. وقِيلَ: المُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿أوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ﴾ هو الوَلِيُّ، وبِهِ قالَ النَّخَعِيُّ وعَلْقَمَةُ والحَسَنُ وطاوُسٌ وعَطاءٌ وأبُو الزِّنادِ وزَيْدُ بْنُ أسْلَمَ ورَبِيعَةُ والزُّهْرِيُّ والأسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ والشَّعْبِيُّ وقَتادَةُ ومالِكٌ والشّافِعِيُّ في قَوْلِهِ القَدِيمِ، وفِيهِ قُوَّةٌ وضَعْفٌ، أمّا قُوَّتُهُ فَلِكَوْنِ مَعْنى العَفْوِ فِيهِ مَعْقُولًا، وأمّا ضَعْفُهُ فَلِكَوْنِ عُقْدَةِ النِّكاحِ بِيَدِ الزَّوْجِ لا بِيَدِهِ، ومِمّا يَزِيدُ هَذا القَوْلَ ضَعْفًا أنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أنْ يَعْفُوَ عَنِ الزَّوْجِ مِمّا لا يَمْلِكُهُ. وقَدْ حَكى القُرْطُبِيُّ الإجْماعَ عَلى أنَّ الوَلِيَّ لا يَمْلِكُ شَيْئًا مِن مالِها، والمَهْرُ مالُها. فالرّاجِحُ ما قالَهُ الأوَّلُونَ لِوَجْهَيْنِ: الأوَّلُ: أنَّ الزَّوْجَ هو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ حَقِيقَةً. الثّانِي: أنَّ عَفْوَهُ بِإكْمالِ المَهْرِ هو صادِرٌ عَنِ المالِكِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ بِخِلافِ الوَلِيِّ، وتَسْمِيَةُ الزِّيادَةِ عَفْوًا وإنْ كانَ خِلافَ الظّاهِرِ، لَكِنَّ لَمّا كانَ الغالِبُ أنَّهم يَسُوقُونَ المَهْرَ كامِلًا عِنْدَ العَقْدِ كانَ العَفْوُ مَعْقُولًا، لِأنَّهُ تَرَكَهُ لَها ولَمْ يَسْتَرْجِعِ النِّصْفَ مِنهُ، ولا يَحْتاجُ في هَذا إلى أنْ يُقالَ إنَّهُ مِن بابِ المُشاكَلَةِ كَما في الكَشّافِ، لِأنَّهُ عَفْوٌ حَقِيقِيٌّ: أيْ تَرْكٌ لِما يُسْتَحَقُّ المُطالَبَةُ بِهِ، إلّا أنْ يُقالَ إنَّهُ مُشاكَلَةٌ، أوْ يَطِيبَ في تَوْفِيَةِ المُهْرِ قَبْلَ أنْ يَسُوقَهُ الزَّوْجُ. قَوْلُهُ: ﴿وأنْ تَعْفُوا أقْرَبُ لِلتَّقْوى﴾ قِيلَ: هو خِطابٌ لِلرِّجالِ والنِّساءِ تَغْلِيبًا، وقَرَأهُ الجُمْهُورُ بِالتّاءِ الفَوْقِيَّةِ، وقَرَأ أبُو نَهِيكٍ والشَّعْبِيُّ بِالياءِ التَّحْتِيَّةِ، فَيَكُونُ الخِطابُ مَعَ الرِّجالِ. وفِي هَذا دَلِيلٌ عَلى ما رَجَّحْناهُ مِن أنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ هو الزَّوْجُ؛ لِأنَّ عَفْوَ الوَلِيِّ عَنْ شَيْءٍ لا يَمْلِكُهُ لَيْسَ هو أقْرَبَ إلى التَّقْوى، بَلْ أقْرَبُ إلى الظُّلْمِ والجَوْرِ. قَوْلُهُ: ﴿ولا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ قَرَأهُ الجُمْهُورُ بِضَمِّ الواوِ، وقَرَأ يَحْيى بْنُ يَعْمَرَ بِكَسْرِها، وقَرَأ عَلِيٌّ ومُجاهِدٌ وأبُو حَيْوَةَ وابْنُ أبِي عَبْلَةَ " ولا تَناسَوُا " والمَعْنى: أنَّ الزَّوْجَيْنِ لا يَنْسَيانِ التَّفَضُّلَ مِن كُلِّ واحِدٍ مِنهُما عَلى الآخَرِ، ومِن جُمْلَةِ ذَلِكَ أنْ تَتَفَضَّلَ المَرْأةُ بِالعَفْوِ عَنِ النِّصْفِ ويَتَفَضَّلَ الرَّجُلُ عَلَيْها بِإكْمالِ المَهْرِ، وهو إرْشادٌ لِلرِّجالِ والنِّساءِ مِنَ الأزْواجِ إلى تَرْكِ التَّقَصِّي عَلى بَعْضِهِمْ بَعْضًا، والمُسامَحَةِ فِيما يَسْتَغْرِقُهُ أحَدُهُما عَلى الآخَرِ لِلْوَصْلَةِ الَّتِي قَدْ وقَعَتْ سَهْمًا مِن إفْضاءِ البَعْضِ إلى البَعْضِ، وهي وصْلَةٌ لا يُشْبِهُها وصْلَةٌ، فَمِن رِعايَةِ حَقِّها ومَعْرِفَتِها حَقَّ مَعْرِفَتِها الحِرْصُ مِنهُما عَلى التَّسامُحِ. وقَوْلُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فِيهِ مِن تَرْغِيبِ المُحْسِنِ وتَرْهِيبِ غَيْرِهِ ما لا يَخْفى. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ قالَ: المَسُّ: النِّكاحُ، والفَرِيضَةُ: الصَّداقُ مَتَّعُوهُنَّ قالَ: هو عَلى الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ المَرْأةَ ولَمْ يُسَمِّ لَها صَداقًا، ثُمَّ يُطَلِّقُها قَبْلَ أنْ يَدْخُلَ بِها، فَأمَرَهُ اللَّهُ أنْ يُمَتِّعَها عَلى قَدْرِ عُسْرِهِ ويُسْرِهِ، فَإنْ كانَ مُوسِرًا مَتَّعَها بِخادِمٍ، وإنْ كانَ مُعْسِرًا مَتَّعَها بِثَلاثَةِ أثْوابٍ أوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: مُتْعَةُ الطَّلاقِ: أعْلاها الخادِمُ ودُونَ ذَلِكَ الوَرِقُ، ودُونَ ذَلِكَ الكُسْوَةُ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: أدْنى ما يَكُونُ مِنَ المُتْعَةِ ثَلاثُونَ دِرْهَمًا. ورَوى القُرْطُبِيُّ في تَفْسِيرِهِ عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أنَّهُ مَتَّعَ بِعِشْرِينَ ألْفًا ورُقاقٍ مِن عَسَلٍ. وعَنْ شُرَيْحٍ أنَّهُ مَتَّعَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ. وأخْرَجَ الدّارَقُطْنِيُّ عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أنَّهُ مَتَّعَ بِعَشَرَةِ آلافٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أنَّهُ كانَ يُمَتِّعُ بِالخادِمِ والنَّفَقَةِ أوْ بِالكُسْوَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ قالَ: المَسُّ الجِماعُ، فَلَها نِصْفُ صَداقِها، (p-١٦٤)ولَيْسَ لَها أكْثَرُ مِن ذَلِكَ إلّا أنْ يَعْفُونَ. وهِيَ المَرْأةُ الثَّيِّبُ والبِكْرُ يُزَوِّجُها غَيْرُ أبِيها فَجَعَلَ اللَّهُ العَفْوَ لَهُنَّ إنْ شِئْنَ عَفَوْنَ بِتَرْكِهِنَّ، وإنْ شِئْنَ أخَذْنَ نِصْفَ الصَّداقِ ﴿أوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ﴾ وهو أبُو الجارِيَةِ البِكْرِ جُعِلَ العَفْوُ إلَيْهِ، لَيْسَ لَها مَعَهُ أمْرٌ إذا طُلِّقَتْ، ما كانَتْ في حِجْرِهِ. وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ في الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ المَرْأةَ فَيَخْلُو بِها ولا يَمَسُّها ثُمَّ يُطَلِّقُها: لَيْسَ لَها إلّا نِصْفُ الصَّداقِ؛ لِأنَّ اللَّهَ يَقُولُ: " وإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ " الآيَةَ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: لَها نِصْفُ الصَّداقِ وإنْ جَلَسَ بَيْنَ رِجْلَيْها. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ والبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ قالَ: «الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ الزَّوْجُ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والدّارَقُطْنِيُّ والبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ مِن قَوْلِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ عَنْهُ قالَ: هو أبُوها وأخُوها ومَن لا تُنْكَحُ إلّا بِإذْنِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ قالَ: في هَذا أوْ غَيْرِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ وأبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ والنَّسائِيُّ وابْنُ ماجَهْ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ البَيْهَقِيُّ «أنَّ قَوْمًا أتَوُا ابْنَ مَسْعُودٍ فَقالُوا: إنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ مِنّا امْرَأةً ولَمْ يَفْرِضْ لَها صَداقًا ولَمْ يَجْمَعْها إلَيْهِ حَتّى ماتَ فَقالَ: أرى أنْ أجْعَلَ لَها صَداقًا كَصَداقِ نِسائِها لا وكْسَ ولا شَطَطَ، ولَها المِيراثُ وعَلَيْها العِدَّةُ أرْبَعَةُ أشْهُرٍ وعَشْرٌ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ ناسٌ مِن أشْجَعَ، مِنهم مُغَفَّلُ بْنُ سِنانٍ، فَقالُوا: نَشْهَدُ أنَّكَ قَضَيْتَ مِثْلَ الَّذِي قَضى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في امْرَأةٍ مِنّا يُقالُ لَها بَرْوَعُ بِنْتُ واشِقٍّ» . وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ والبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ أنَّهُ قالَ في المُتَوَفّى عَنْها زَوْجُها ولَمْ يَفْرِضْ لَها صَداقًا: لَها المِيراثُ وعَلَيْها العِدَّةُ ولا صَداقَ لَها. وقالَ: لا يُقْبَلُ قَوْلُ أعْرابِيٍّ مِن أشْجَعَ عَلى كِتابِ اللَّهِ. وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ في المَرْأةِ الَّتِي يَمُوتُ عَنْها زَوْجُها وقَدْ فَرَضَ لَها صَداقًا: لَها الصَّداقُ والمِيراثُ. وأخْرَجَ مالِكٌ والشّافِعِيُّ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ والبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ أنَّهُ قَضى في المَرْأةِ يَتَزَوَّجُها الرَّجُلُ: أنَّهُ إذا أُرْخِيَتِ السُّتُورُ فَقَدْ وجَبَ الصَّداقُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ والبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ وعَلِيٍّ قالَ: إذا أرْخى سِتْرًا وأغْلَقَ بابًا فَلَها الصَّداقُ كامِلًا وعَلَيْها العِدَّةُ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ والبَيْهَقِيُّ عَنْ زُرارَةَ بْنِ أوْفى قالَ: قَضى الخُلَفاءُ الرّاشِدُونَ أنَّهُ مَن أغْلَقَ بابًا أوْ أرْخى سِتْرًا فَقَدْ وجَبَ الصَّداقُ والعِدَّةُ. وأخْرَجَ مالِكٌ والبَيْهَقِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْبانَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ قالَ: «مَن كَشَفَ امْرَأةً فَنَظَرَ إلى عَوْرَتِها فَقَدْ وجَبَ الصَّداقُ» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب