الباحث القرآني

قالَ سِيبَوَيْهِ: صَحَّتِ الواوُ في اشْتَرَوْا فَرْقًا بَيْنَها وبَيْنَ الواوِ الأصْلِيَّةِ في نَحْوِ ﴿وألَّوِ اسْتَقامُوا﴾ [الجن: ١٦] . وقالَ الزَّجّاجُ: حُرِّكَتْ بِالضَّمِّ كَما يُفْعَلُ في نَحْنُ. وقَرَأ يَحْيى بْنُ يَعْمَرَ بِكَسْرِ الواوِ عَلى أصْلِ التِقاءِ السّاكِنَيْنِ. وقَرَأ أبُو السَّمّاكِ العَدَوِيُّ بِفَتْحِها لِخِفَّةِ الفَتْحَةِ. وأجازَ الكِسائِيُّ هَمْزَ الواوِ. والشِّراءُ هُنا مُسْتَعارٌ لِلِاسْتِبْدالِ: أيِ اسْتَبْدَلُوا الضَّلالَةَ بِالهُدى كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاسْتَحَبُّوا العَمى عَلى الهُدى﴾ [فصلت: ١٧] فَأمّا أنْ يَكُونَ مَعْنى الشِّراءِ المُعاوَضَةَ كَما هو أصْلُهُ حَقِيقَةً فَلا، لِأنَّ المُنافِقِينَ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ فَيَبِيعُوا إيمانَهم، والعَرَبُ قَدْ تَسْتَعْمِلُ ذَلِكَ في كُلِّ مَنِ اسْتَبْدَلَ شَيْئًا بِشَيْءٍ. قالَ أبُو ذُؤَيْبٍ: فَإنْ تَزْعُمِينِي كُنْتُ أجْهَلُ فِيكُمُو فَإنِّي شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَكِ بِالجَهْلِ وأصْلُ الضَّلالَةِ الحَيْرَةُ والجَوْرُ عَنِ القَصْدِ وفَقْدِ الِاهْتِداءِ، وتُطْلَقُ عَلى النِّسْيانِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: قالَ ﴿فَعَلْتُها إذًا وأنا مِنَ الضّالِّينَ﴾ [الشعراء: ٢٠]، وعَلى الهَلاكِ كَقَوْلِهِ: وقالُوا ﴿أإذا ضَلَلْنا في الأرْضِ﴾ [السجدة: ١٠] وأصْلُ الرِّبْحِ الفَضْلُ. والتِّجارَةُ: صِناعَةُ التّاجِرِ، وأسْنَدَ الرِّبْحَ إلَيْها عَلى عادَةِ العَرَبِ في قَوْلِهِمْ: رَبِحَ بَيْعُكَ وخَسِرَتْ صَفْقَتُكَ، وهو مِنَ الإسْنادِ المَجازِيِّ، وهو إسْنادُ الفِعْلِ إلى مُلابِسٍ لِلْفاعِلِ كَما هو مُقَرَّرٌ في عِلْمِ المَعانِي. والمُرادُ: رَبِحُوا وخَسِرُوا. والِاهْتِداءُ قَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُهُ: أيْ وما كانُوا مُهْتَدِينَ في شِرائِهِمُ الضَّلالَةَ، وقِيلَ: في سابِقِ عِلْمِ اللَّهِ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدى أيِ الكُفْرَ بِالإيمانِ، وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: أخَذُوا الضَّلالَةَ وتَرَكُوا الهُدى. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: اسْتَحَبُّوا الضَّلالَةَ عَلى الهُدى، قَدْ واللَّهِ رَأيْتُمُوهم خَرَجُوا مِنَ الهُدى إلى الضَّلالَةِ، ومِنَ الجَماعَةِ إلى الفِرْقَةِ، ومِنَ الأمْنِ إلى الخَوْفِ، ومِنَ السُّنَّةِ إلى البِدْعَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب