الباحث القرآني
.
وقَوْلُهُ: ﴿ويَوْمَ نُسَيِّرُ الجِبالَ﴾ قَرَأ الحَسَنُ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وابْنُ عامِرٍ ( تُسَيَّرُ ) بِمُثَنّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ وفَتْحِ الياءِ التَّحْتِيَّةِ عَلى البِناءِ لِلْمَفْعُولِ، ورَفْعِ الجِبالِ عَلى النِّيابَةِ عَنِ الفاعِلِ.
وقَرَأ ابْنُ مُحَيْصِنٍ ومُجاهِدٌ ( تَسِيرُ ) بِفَتْحِ التّاءِ الفَوْقِيَّةِ والتَّخْفِيفِ عَلى أنَّ الجِبالَ فاعِلٌ.
وقَرَأ الباقُونَ ( نُسَيِّرُ ) بِالنُّونِ عَلى أنَّ الفاعِلَ هو اللَّهُ سُبْحانَهُ، والجِبالَ مَنصُوبَةٌ عَلى المَفْعُولِيَّةِ، ويُناسِبُ القِراءَةَ الأُولى قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا الجِبالُ سُيِّرَتْ﴾ [التكوير: ٣]، ويُناسِبُ القِراءَةَ الثّانِيَةَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتَسِيرُ الجِبالُ سَيْرًا﴾ [الطور: ١٠]، واخْتارَ القِراءَةَ الثّالِثَةَ أبُو عُبَيْدَةَ لِأنَّها المُناسِبَةُ لِقَوْلِهِ: ( وحَشَرْناهم ) قالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: التَّقْدِيرُ: والباقِياتُ الصّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ يَوْمَ نُسَيِّرُ الجِبالَ. وقِيلَ: العامِلُ في الظَّرْفِ فِعْلٌ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: واذْكُرْ يَوْمَ نُسَيِّرُ الجِبالَ، ومَعْنى تَسْيِيرِ الجِبالِ إزالَتُها مِن أماكِنِها وتَسْيِيرُها كَما تَسِيرُ السَّحابُ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ﴾ [النمل: ٨٨]، ثُمَّ تَعُودُ إلى الأرْضِ بَعْدَ أنْ جَعَلَها اللَّهُ كَما قالَ: ﴿وبُسَّتِ الجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا﴾ [الواقعة: ٥ - ٦]، والخِطابُ في قَوْلِهِ: ﴿وتَرى الأرْضَ بارِزَةً﴾ [الكهف: ٤٧] لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أوْ لِكُلِّ مَن يَصْلُحُ لِلرُّؤْيَةِ، ومَعْنى بُرُوزِها ظُهُورُها وزَوالُ ما يَسْتُرُها مِنَ الجِبالِ والشَّجَرِ والبُنْيانِ، وقِيلَ: المَعْنى بِبُرُوزِها: بُرُوزُ ما فِيها مِنَ الكُنُوزِ والأمْواتِ كَما قالَ سُبْحانَهُ: ﴿وألْقَتْ ما فِيها وتَخَلَّتْ﴾ [الانشقاق: ٤]، وقالَ: ﴿وأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقالَها﴾ [الزلزلة: ٢] فَيَكُونُ المَعْنى: وتَرى الأرْضَ بارِزًا ما في جَوْفِها ﴿وحَشَرْناهُمْ﴾ أيْ: الخَلائِقَ، ومَعْنى الحَشْرِ الجَمْعُ أيْ: جَمَعْناهم إلى المَوْقِفِ مِن كُلِّ مَكانٍ ﴿فَلَمْ نُغادِرْ مِنهم أحَدًا﴾ فَلَمْ نَتْرُكْ مِنهم أحَدًا، يُقالُ: غادَرَهُ وأغْدَرَهُ: إذا تَرَكَهُ، قالَ عَنْتَرَةُ:
؎غادَرْتُهُ مُتَعَفِّرًا أوْصالُهُ والقَوْمُ بَيْنَ مُجَرَّحٍ ومُجَنْدَلِ
أيْ: تَرَكْتُهُ، ومِنهُ الغَدْرُ؛ لِأنَّ الغادِرَ تَرَكَ الوَفاءَ لِلْمَغْدُورِ، قالُوا: وإنَّما سُمِّيَ الغَدِيرُ غَدِيرًا؛ لِأنَّ الماءَ ذَهَبَ وتَرَكَهُ، ومِنهُ غَدائِرُ المَرْأةِ؛ لِأنَّها تَجْعَلُها خَلْفَها.
﴿وعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا﴾ انْتِصابُ ( صَفًّا ) عَلى الحالِ أيْ: مَصْفُوفِينَ كُلُّ أُمَّةٍ وزُمْرَةٍ صَفٌّ، وقِيلَ: عُرِضُوا صَفًّا واحَدًا كَما في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا﴾ [طه: ٦٤] أيْ: جَمِيعًا، وقِيلَ: قِيامًا.
وفِي الآيَةِ تَشْبِيهُ حالِهِمْ بِحالِ الجَيْشِ الَّذِي يُعْرَضُ عَلى السُّلْطانِ ﴿لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكم أوَّلَ مَرَّةٍ﴾ هو عَلى إضْمارِ القَوْلِ أيْ: قُلْنا لَهم لَقَدْ جِئْتُمُونا، والكافُ في ( كَما خَلَقْناكم ) نَعْتُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أيْ: مَجِيئًا كائِنًا كَمَجِيئِكم عِنْدَ أنْ خَلَقْناكم أوَّلَ مَرَّةٍ، أوْ كائِنَيْنِ كَما خَلَقْناكم أوَّلَ مَرَّةٍ أيْ: حُفاةً عُراةً غُرُلًّا، كَما ورَدَ ذَلِكَ في الحَدِيثِ.
قالَ الزَّجّاجُ أيْ: بَعَثْناكم وأعَدْناكم كَما خَلَقْناكم، لِأنَّ قَوْلَهُ: ( لَقَدْ جِئْتُمُونا ) مَعْناهُ: بَعَثْناكم ﴿بَلْ زَعَمْتُمْ ألَّنْ نَجْعَلَ لَكم مَوْعِدًا﴾ هَذا إضْرابٌ وانْتِقالٌ مِن كَلامٍ إلى كَلامٍ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ، وهو خِطابٌ لِمُنْكِرِي البَعْثِ أيْ: زَعَمْتُمْ في الدُّنْيا أنْ لَنْ تُبْعَثُوا، وأنْ لَنْ نَجْعَلَ لَكم مَوْعِدًا نُجازِيكم بِأعْمالِكم ونُنْجِزُ ما وعَدْناكم بِهِ مِنَ البَعْثِ والعَذابِ.
وجُمْلَةُ ( ووُضِعَ الكِتابُ ) مَعْطُوفَةٌ عَلى عُرِضُوا، والمُرادُ بِالكِتابِ صَحائِفُ الأعْمالِ، وأفْرَدَهُ لِكَوْنِ التَّعْرِيفِ فِيهِ لِلْجِنْسِ، والوَضْعُ إمّا حِسِّيٌّ بِأنْ يُوضَعَ صَحِيفَةُ كُلِّ واحِدٍ في يَدِهِ، السَّعِيدُ في يَمِينِهِ، والشَّقِيُّ في شِمالِهِ، أوْ في المِيزانِ.
وإمّا عَقْلِيٌّ أيْ: أظْهَرَ عَمَلَ كُلِّ واحِدٍ مِن خَيْرٍ وشَرٍّ بِالحِسابِ الكائِنِ في ذَلِكَ اليَوْمِ ﴿فَتَرى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ﴾ أيْ: خائِفِينَ وجِلِينَ مِمّا في الكِتابِ المَوْضُوعِ لِما يَتَعَقَّبُ ذَلِكَ مِن الِافْتِضاحِ في ذَلِكَ الجَمْعِ، والمُجازاةِ بِالعَذابِ الألِيمِ ﴿ويَقُولُونَ ياوَيْلَتَنا﴾ يَدْعُونَ عَلى أنْفُسِهِمْ بِالوَيْلِ لِوُقُوعِهِمْ في الهَلاكِ، ومَعْنى هَذا النِّداءِ قَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ في المائِدَةِ ﴿مالِ هَذا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً إلّا أحْصاها﴾ أيْ: أيَّ شَيْءٍ لَهُ، لا يَتْرُكُ مَعْصِيَةً صَغِيرَةً ولا مَعْصِيَةً كَبِيرَةً إلّا حَواها وضَبَطَها وأثْبَتَها ﴿ووَجَدُوا ما عَمِلُوا﴾ في الدُّنْيا مِنَ المَعاصِي المُوجِبَةِ لِلْعُقُوبَةِ، أوْ وجَدُوا جَزاءَ ما عَمِلُوا ﴿حاضِرًا﴾ مَكْتُوبًا مُثْبَتًا ﴿ولا يَظْلِمُ رَبُّكَ أحَدًا﴾ أيْ: لا يُعاقِبُ أحَدًا مِن عِبادِهِ بِغَيْرِ ذَنْبٍ، ولا يُنْقِصُ فاعِلَ الطّاعَةِ مِن أجْرِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ.
ثُمَّ إنَّهُ سُبْحانَهُ عادَ إلى الرَّدِّ عَلى أرْبابِ الخُيَلاءِ مِن (p-٨٦٤)قُرَيْشٍ، فَذَكَرَ قِصَّةَ آدَمَ واسْتِكْبارَ إبْلِيسَ عَلَيْهِ فَقالَ: ﴿وإذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾ أيْ: واذْكُرْ وقْتَ قَوْلِنا لَهُمُ: اسْجُدُوا سُجُودَ تَحِيَّةٍ وتَكْرِيمٍ، كَما مَرَّ تَحْقِيقُهُ ( فَسَجَدُوا ) طاعَةً لِأمْرِ اللَّهِ وامْتِثالًا لِطَلَبِهِ السُّجُودَ ( إلّا إبْلِيسَ ) فَإنَّهُ أبى واسْتَكْبَرَ ولَمْ يَسْجُدْ، وجُمْلَةُ: ﴿كانَ مِنَ الجِنِّ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ سَبَبِ عِصْيانِهِ، وأنَّهُ كانَ مِنَ الجِنِّ ولَمْ يَكُنْ مِنَ المَلائِكَةِ فَلِهَذا عَصى، ومَعْنى ﴿فَفَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ﴾ أنَّهُ خَرَجَ عَنْ طاعَةِ رَبِّهِ.
قالَ الفَرّاءُ: العَرَبُ تَقُولُ: فَسَقَتِ الرُّطْبَةُ عَنْ قِشْرِها لِخُرُوجِها مِنهُ.
قالَ النَّحّاسُ: اخْتُلِفَ في مَعْنى ﴿فَفَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ﴾ عَلى قَوْلَيْنِ: الأوَّلُ: مَذْهَبُ الخَلِيلِ وسِيبَوَيْهِ أنَّ المَعْنى: أتاهُ الفِسْقُ لَمّا أُمِرَ فَعَصى، فَكانَ سَبَبُ الفِسْقِ أمْرَ رَبِّهِ. كَما تَقُولُ: أُطْعِمُهُ عَنْ جُوعٍ. والقَوْلُ الآخَرُ قَوْلُ قُطْرُبٍ: أنَّ المَعْنى عَلى حَذْفِ المُضافِ أيْ: فَسَقَ عَنْ تَرْكِ أمْرِهِ.
ثُمَّ إنَّهُ سُبْحانَهُ عَجَّبَ مِن حالِ مَن أطاعَ إبْلِيسَ في الكُفْرِ والمَعاصِي وخالَفَ أمْرَ اللَّهِ فَقالَ: ﴿أفَتَتَّخِذُونَهُ وذُرِّيَّتَهُ أوْلِياءَ﴾ كَأنَّهُ قالَ: أعُقَيْبَ ما وُجِدَ مِنهُ مِنَ الإباءِ والفِسْقِ تَتَّخِذُونَهُ وتَتَّخِذُونَ ذُرِّيَّتَهُ أيْ: أوْلادَهُ، وقِيلَ: أتْباعُهُ، مَجازًا ( أوْلِياءَ مِن دُونِي ) فَتُطِيعُونَهم بَدَلَ طاعَتِي وتَسْتَبْدِلُونَهم بِي، والحالُ أنَّهم، أيْ: إبْلِيسَ وذُرِّيَّتَهُ ( لَكم عَدُوٌّ ) أيْ: أعْداءٌ. وأفْرَدَهُ لِكَوْنِهِ اسْمَ جِنْسٍ، أوْ لِتَشْبِيهِهِ بِالمَصادِرِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿فَإنَّهم عَدُوٌّ لِي﴾ [الشعراء: ٧٧]، وقَوْلِهِ: ( هُمُ العَدُوُّ ) [المنافقون: ٤] أيْ: كَيْفَ تَصْنَعُونَ هَذا الصُّنْعَ وتَسْتَبْدِلُونَ بِمَن خَلَقَكم وأنْعَمَ عَلَيْكم بِجَمِيعِ ما أنْتُمْ فِيهِ مِنَ النِّعَمِ، بِمَن لَمْ يَكُنْ لَكم مِنهُ مَنفَعَةٌ قَطُّ، بَلْ هو عَدُوٌّ لَكم يَتَرَقَّبُ حُصُولَ ما يَضُرُّكم في كُلِّ وقْتٍ ﴿بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلًا﴾ أيْ: الواضِعِينَ لِلشَّيْءِ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ المُسْتَبْدِلِينَ بِطاعَةِ رَبِّهِمْ طاعَةَ الشَّيْطانِ، فَبِئْسَ ذَلِكَ البَدَلُ الَّذِي اسْتَبْدَلُوهُ بَدَلًا عَنِ اللَّهِ سُبْحانَهُ.
﴿ما أشْهَدْتُهم خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ قالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ: إنَّ الضَّمِيرَ لِلشُّرَكاءِ، والمَعْنى: أنَّهم لَوْ كانُوا شُرَكاءَ لِي في خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ وفي خَلْقِ أنْفُسِهِمْ لَكانُوا مُشاهِدِينَ خَلْقَ ذَلِكَ مُشارِكِينَ لِي فِيهِ، ولَمْ يُشاهِدُوا ذَلِكَ ولا أشْهَدْتُهم إيّاهُ أنا فَلَيْسُوا لِي بِشُرَكاءَ.
وهَذا اسْتِدْلالٌ بِانْتِفاءِ المَلْزُومِ المُساوِي عَلى انْتِفاءِ اللّازِمِ.
وقِيلَ: الضَّمِيرُ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ التَمَسُوا طَرْدَ فُقَراءِ المُؤْمِنِينَ، والمُرادُ أنَّهم ما كانُوا شُرَكاءَ لِي في تَدْبِيرِ العالَمِ بِدَلِيلِ أنِّي ما أشْهَدْتُهم خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ ﴿ولا خَلْقَ أنْفُسِهِمْ﴾ وما اعْتَضَدْتُ بِهِمْ، بَلْ هم كَسائِرِ الخَلْقِ، وقِيلَ: المَعْنى: أنَّ هَؤُلاءِ الظّالِمِينَ جاهِلُونَ بِما جَرى بِهِ القَلَمُ في الأزَلِ؛ لِأنَّهم لَمْ يَكُونُوا مُشاهِدِينَ خَلْقَ العالَمِ، فَكَيْفَ يُمْكِنُهم أنْ يَحْكُمُوا بِحُسْنِ حالِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ، والأوَّلُ مِن هَذِهِ الوُجُوهِ أوْلى لِما يَلْزَمُ في الوَجْهَيْنِ الآخَرَيْنِ مِن تَفْكِيكِ الضَّمِيرَيْنِ، وهَذِهِ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ عَدَمِ اسْتِحْقاقِهِمْ لِلِاتِّخاذِ المَذْكُورِ، وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ ( ما أشْهَدْناهم ) وقَرَأ الباقُونَ ( ما أشْهَدْتُهم ) ويُؤَيِّدُهُ ﴿وما كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا﴾ والعَضُدُ يُسْتَعْمَلُ كَثِيًرًا في مَعْنى العَوْنِ، وذَلِكَ أنَّ العَضُدَ قِوامُ اليَدِ، ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأخِيكَ﴾ [القصص: ٣٥] أيْ: سَنُعِينُكَ ونُقَوِّيكَ بِهِ، ويُقالُ: أعَضَدْتُ بِفُلانٍ: إذا اسْتَعَنْتَ بِهِ، وذَكَرَ العَضُدَ عَلى جِهَةِ المَثَلِ، وخَصَّ المُضِلِّينَ بِالذِّكْرِ لِزِيادَةِ الذَّمِّ والتَّوْبِيخِ.
والمَعْنى: ما اسْتَعَنْتُ عَلى خَلْقِ السَّماواتِ والأرْضِ بِهِمْ ولا شاوَرْتُهم وما كُنْتُ مُتَّخِذَ الشَّياطِينَ أوِ الكافِرِينَ أعْوانًا، ووَحَّدَ العَضُدَ لِمُوافَقَةِ الفَواصِلِ.
وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ الجَحْدَرِيُّ: ( وما كُنْتَ ) بِفَتْحِ التّاءِ عَلى أنَّ الخِطابَ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أيْ: وما كُنْتَ يا مُحَمَّدُ مُتَّخِذًا لَهم عَضُدًا ولا صَحَّ لَكَ ذَلِكَ، وقَرَأ الباقُونَ بِضَمِّ التّاءِ. وفي ( عَضُدَ ) لُغاتٌ ثَمانٍ أفْصَحُها فَتْحُ العَيْنِ وضَمُّ الضّادِ، وبِها قَرَأ الجُمْهُورُ.
وقَرَأ الحَسَنُ ( عُضُدًا ) بِضَمِّ العَيْنِ والضّادِ، وقَرَأ عِكْرِمَةُ بِضَمِّ العَيْنِ وإسْكانِ الضّادِ، وقَرَأ الضَّحّاكُ بِكَسْرِ العَيْنِ وفَتْحِ الضّادِ، وقَرَأ عِيسى ابْنُ عُمَرَ بِفَتْحِهِما، ولُغَةُ تَمِيمٍ فَتْحُ العَيْنِ وسُكُونُ الضّادِ.
ثُمَّ عادَ إلى تَرْهِيبِهِمْ بِأحْوالِ القِيامَةِ فَقالَ: ﴿ويَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ﴾ قَرَأ حَمْزَةُ ويَحْيى بْنُ وثّابٍ وعِيسى بْنُ عُمَرَ ( نَقُولُ ) بِالنُّونِ، وقَرَأ الباقُونَ بِالياءِ التَّحْتِيَّةِ: أيِ اذْكُرْ يَوْمَ يَقُولُ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - لِلْكُفّارِ تَوْبِيخًا لَهم وتَقْرِيعًا: نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أنَّهم يَنْفَعُونَكم ويَشْفَعُونَ لَكم، وأضافَهم سُبْحانَهُ إلى نَفْسِهِ جَرْيًا عَلى ما يَعْتَقِدُهُ المُشْرِكُونَ، تَعالى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، ( فَدَعَوْهم ) أيْ: فَعَلُوْا ما أمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ مِن دُعاءِ الشُّرَكاءِ ﴿فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ إذْ ذاكَ أيْ: لَمْ يَقَعْ مِنهم مُجَرَّدُ الِاسْتِجابَةِ لَهم، فَضْلًا عَنْ أنْ يَنْفَعُوهم أوْ يَدْفَعُوا عَنْهم ﴿وجَعَلْنا بَيْنَهم مَوْبِقًا﴾ أيْ: جَعَلْنا بَيْنَ هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ وبَيْنَ مَن جَعَلُوهم شُرَكاءَ لِلَّهِ مَوْبِقًا، ذَكَرَ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ أنَّهُ اسْمُ وادٍ عَمِيقٍ فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ - تَعالى - بَيْنَهم، وعَلى هَذا فَهو اسْمُ مَكانٍ.
قالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: كُلُّ حاجِزٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَهو مَوْبِقٌ. وقالَ الفَرّاءُ: المَوْبِقُ المُهْلِكُ.
والمَعْنى: جَعَلْنا تَواصُلَهم في الدُّنْيا مُهْلِكًا لَهم في الآخِرَةِ، يُقالُ: وبِقَ يَوْبَقُ فَهو وبَقٌ، هَكَذا ذَكَرَهُ الفَرّاءُ في المَصادِرِ.
وحَكى الكِسائِيُّ وبِقَ يَبِقُ وُبُوقًا فَهو وابِقٌ، والمُرادُ بِالمُهْلِكِ عَلى هَذا هو عَذابُ النّارِ يَشْتَرِكُونَ فِيهِ.
والأوَّلُ أوْلى؛ لِأنَّ مِن جُمْلَةِ ما زَعَمُوا أنَّهم شُرَكاءُ لِلَّهِ المَلائِكَةَ وعُزَيْرَ والمَسِيحَ، فالمَوْبِقُ هو المَكانُ الحائِلُ بَيْنَهم.
وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: المَوْبِقُ هُنا المَوْعِدُ لِلْهَلاكِ، وقَدْ ثَبَتَ في اللُّغَةِ أوْبَقَهُ بِمَعْنى أهْلَكَهُ، ومِنهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
؎ومَن يَشْتَرِي حُسْنَ الثَّناءِ بِمالِهِ ∗∗∗ يَصُنْ عِرْضَهُ عَنْ كُلِّ شَنْعاءَ مَوْبِقِ
ولَكِنَّ المُناسِبَ لِمَعْنى الآيَةِ هو المَعْنى الأوَّلُ.
﴿ورَأى المُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أنَّهم مُواقِعُوها﴾ المُجْرِمُونَ مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِلْإشارَةِ إلى زِيادَةِ الذَّمِّ لَهم بِهَذا الوَصْفِ المُسَجَّلِ عَلَيْهِمْ بِهِ، والظَّنُّ هُنا بِمَعْنى اليَقِينِ.
والمُواقَعَةُ المُخالَطَةُ بِالوُقُوعِ فِيها، وقِيلَ: إنِ الكُفّارَ يَرَوْنَ النّارَ مِن مَكانٍ بَعِيدٍ فَيَظُنُّونَ ذَلِكَ ظَنًّا ﴿ولَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفًا﴾ أيْ: مَعْدِلًا يَعْدِلُونَ إلَيْهِ، أوِ انْصِرافًا؛ لِأنَّ النّارَ قَدْ أحاطَتْ بِهِمْ مِن كُلِّ جانِبٍ.
قالَ الواحِدِيُّ: المَصْرِفُ المَوْضِعُ الَّذِي يُنْصَرَفُ إلَيْهِ. وقالَ القُتَيْبِيُّ، أيْ: مَعْدِلًا يَنْصَرِفُونَ إلَيْهِ، (p-٨٦٥)وقِيلَ: مَلْجَأٌ يَلْجَأُونَ إلَيْهِ. والمَعْنى مُتَقارِبٌ في الجَمِيعِ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وتَرى الأرْضَ بارِزَةً﴾ قالَ: لَيْسَ عَلَيْها بِناءٌ ولا شَجَرٌ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا يُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً﴾ قالَ: الصَّغِيرَةُ التَّبَسُّمُ، والكَبِيرَةُ الضَّحِكُ.
وزادَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ قالَ: الصَّغِيرَةُ التَّبَسُّمُ بِالِاسْتِهْزاءِ بِالمُؤْمِنِينَ، والكَبِيرَةُ القَهْقَهَةُ بِذَلِكَ.
وأقُولُ: صَغِيرَةٌ وكَبِيرَةٌ نَكِرَتانِ في سِياقِ النَّفْيِ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ كُلُّ ذَنْبٍ يَتَّصِفُ بِصِغَرٍ، وكُلُّ ذَنْبٍ يَتَّصِفُ بِالكِبَرِ، فَلا يَبْقى مِنَ الذُّنُوبِ شَيْءٌ إلّا أحْصاهُ اللَّهُ وما كانَ مِنَ الذُّنُوبِ مُلْتَبِسًا بَيْنَ كَوْنِهِ صَغِيرًا أوْ كَبِيرًا، فَذَلِكَ إنَّما هو بِالنِّسْبَةِ إلى العِبادِ لا بِالنِّسْبَةِ إلى اللَّهِ سُبْحانَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وأبُو الشَّيْخِ في العَظَمَةِ والبَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّ مِنَ المَلائِكَةِ قَبِيلَةً يُقالُ لَهُمُ: الجِنُّ، فَكانَ إبْلِيسُ مِنهم، وكانَ يُوَسْوِسُ ما بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، فَعَصى فَسَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَمَسَخَهُ اللَّهُ شَيْطانًا رَجِيمًا.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿كانَ مِنَ الجِنِّ﴾ قالَ: كانَ خازِنَ الجِنانِ، فَسُمِّيَ بِالجانِّ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ أيْضًا قالَ: إنَّ إبْلِيسَ كانَ مِن أشْرَفِ المَلائِكَةِ وأكْرَمِهِمْ قَبِيلَةً، وكانَ خازِنًا عَلى الجِنانِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: قاتَلَ اللَّهُ أقْوامًا زَعَمُوا أنَّ إبْلِيسَ كانَ مِنَ المَلائِكَةِ، واللَّهُ يَقُولُ: ( كانَ مِنَ الجِنِّ ) .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ الأنْبارِيِّ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: ما كانَ مِنَ المَلائِكَةِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، إنَّهُ لَأصْلُ الجِنِّ كَما أنَّ آدَمَ أصَّلُ الإنْسِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ما أشْهَدْتُهم خَلْقَ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ قالَ: يَقُولُ: ما أشْهَدْتُ الشَّياطِينَ الَّذِينَ اتَّخَذْتُمْ مَعِي هَذا ﴿وما كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا﴾ قالَ: الشَّياطِينُ عَضُدًا، قالَ: ولا اتَّخَذْتُهم عَضُدًا عَلى شَيْءٍ عَضَّدُونِي عَلَيْهِ فَأعانُونِي.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وجَعَلْنا بَيْنَهم مَوْبِقًا﴾ يَقُولُ: مُهْلِكًا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مُجاهِدٍ مِثْلَهُ.
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ وهَنّادٌ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ قالَ: وادٍ في جَهَنَّمَ.
وأخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ في زَوائِدِ الزُّهْدِ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ أنَسٍ في الآيَةِ قالَ: وادٍ في جَهَنَّمَ مِن قَيْحٍ ودَمٍ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ في الزُّهْدِ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو قالَ: هو وادٍ عَمِيقٌ في النّارِ فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ بَيْنَ أهْلِ الهُدى وأهْلِ الضَّلالَةِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿فَظَنُّوا أنَّهم مُواقِعُوها﴾ قالَ: عَلِمُوا.
{"ayahs_start":47,"ayahs":["وَیَوۡمَ نُسَیِّرُ ٱلۡجِبَالَ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ بَارِزَةࣰ وَحَشَرۡنَـٰهُمۡ فَلَمۡ نُغَادِرۡ مِنۡهُمۡ أَحَدࣰا","وَعُرِضُوا۟ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفࣰّا لَّقَدۡ جِئۡتُمُونَا كَمَا خَلَقۡنَـٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةِۭۚ بَلۡ زَعَمۡتُمۡ أَلَّن نَّجۡعَلَ لَكُم مَّوۡعِدࣰا","وَوُضِعَ ٱلۡكِتَـٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِینَ مُشۡفِقِینَ مِمَّا فِیهِ وَیَقُولُونَ یَـٰوَیۡلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلۡكِتَـٰبِ لَا یُغَادِرُ صَغِیرَةࣰ وَلَا كَبِیرَةً إِلَّاۤ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُوا۟ مَا عَمِلُوا۟ حَاضِرࣰاۗ وَلَا یَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدࣰا","وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦۤۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّیَّتَهُۥۤ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِی وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢۚ بِئۡسَ لِلظَّـٰلِمِینَ بَدَلࣰا","۞ مَّاۤ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّینَ عَضُدࣰا","وَیَوۡمَ یَقُولُ نَادُوا۟ شُرَكَاۤءِیَ ٱلَّذِینَ زَعَمۡتُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَهُمۡ وَجَعَلۡنَا بَیۡنَهُم مَّوۡبِقࣰا","وَرَءَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمۡ یَجِدُوا۟ عَنۡهَا مَصۡرِفࣰا"],"ayah":"۞ مَّاۤ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّینَ عَضُدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق