الباحث القرآني

. قَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنى الهِجْرَةِ في سُورَةِ النِّساءِ، وهي تَرْكُ الأهْلِ والأوْطانِ، ومَعْنى ﴿هاجَرُوا في اللَّهِ﴾ في شَأْنِ اللَّهِ سُبْحانَهُ وفي رِضاهُ، وقِيلَ في اللَّهِ في دِينِ اللَّهِ، وقِيلَ في بِمَعْنى اللّامِ، أيْ: لِلَّهِ مِن بَعْدِ ما ظُلِمُوا أيْ عُذِّبُوا وأُهِينُوا فَإنَّ أهْلَ مَكَّةَ عَذَّبُوا جَماعَةً مِنَ المُسْلِمِينَ حَتّى قالُوا ما أرادُوا مِنهم، فَلَمّا تَرَكُوهم هاجَرُوا. وقَدِ اخْتُلِفَ في سَبَبِ نُزُولِ الآيَةِ، فَقِيلَ: نَزَلَتْ في صُهَيْبٍ، وبِلالٍ، وخَبّابٍ، وعَمّارٍ. واعْتُرِضَ بِأنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وذَلِكَ يُخالِفُ قَوْلَهُ: ﴿والَّذِينَ هاجَرُوا﴾ . وأُجِيبَ بِأنَّهُ يُمْكِنُ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الآيَةُ مِن جُمْلَةِ الآياتِ المَدَنِيَّةِ في هَذِهِ السُّورَةِ كَما قَدَّمْنا في عُنْوانِها، وقِيلَ نَزَلَتْ في أبِي جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ، وقِيلَ نَزَلَتْ في أصْحابِ مُحَمَّدٍ ﷺ لَمّا ظَلَمَهُمُ المُشْرِكُونَ بِمَكَّةَ وأخْرَجُوهم حَتّى لَحِقَ طائِفَةٌ مِنهم بِالحَبَشَةِ. ﴿لَنُبَوِّئَنَّهم في الدُّنْيا حَسَنَةً﴾: اخْتُلِفَ في مَعْنى هَذا عَلى أقْوالٍ، فَقِيلَ المُرادُ نُزُولُهُمُ المَدِينَةَ قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ، والشَّعْبِيُّ، وقَتادَةُ، وقِيلَ المُرادُ الرِّزْقُ الحَسَنُ قالَهُ مُجاهِدٌ، وقِيلَ النَّصْرُ عَلى عَدُوِّهِمْ قالَهُ الضَّحّاكُ، وقِيلَ ما اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِن فُتُوحِ البِلادِ وصارَ لَهم فِيها مِنَ الوِلاياتِ، وقِيلَ ما بَقِيَ لَهم فِيها مِنَ الثَّناءِ وصارَ لِأوْلادِهِمْ مِنَ الشَّرَفِ. ولا مانِعَ مِن حَمْلِ الآيَةِ عَلى جَمِيعِ هَذِهِ الأُمُورِ، (p-٧٨٣)ومَعْنى ﴿لَنُبَوِّئَنَّهم في الدُّنْيا حَسَنَةً﴾ لَنُبَوِّئَنَّهم مَباءَةً حَسَنَةً أوْ تَبْوِئَةً حَسَنَةً، فَحَسَنَةٌ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ﴿ولَأجْرُ الآخِرَةِ﴾ أيْ جَزاءُ أعْمالِهِمْ في الآخِرَةِ أكْبَرُ مِن أنْ يَعْلَمَهُ أحَدٌ مِن خَلْقِ اللَّهِ قَبْلَ أنْ يُشاهِدَهُ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذا رَأيْتَ ثَمَّ رَأيْتَ نَعِيمًا ومُلْكًا كَبِيرًا﴾ [الإنسان: ٢٠]، ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ أيْ لَوْ كانَ هَؤُلاءِ الظَّلَمَةُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ، وقِيلَ إنَّ الضَّمِيرَ في يَعْلَمُونَ راجِعٌ إلى المُؤْمِنِينَ، أيْ: لَوْ رَأوْا ثَوابَ الآخِرَةِ وعايَنُوهُ لَعَلِمُوا أنَّهُ أكْبَرُ مِن حَسَنَةِ الدُّنْيا. ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ المَوْصُولُ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى المَدْحِ، أوِ الرَّفْعِ عَلى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ، أوْ هو بَدَلٌ مِنَ المَوْصُولِ الأوَّلِ، أوْ مِنَ الضَّمِيرِ في لَنُبَوِّئَنَّهم، ﴿وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ أيْ عَلى رَبِّهِمْ خاصَّةً يَتَوَكَّلُونَ في جَمِيعِ أُمُورِهِمْ مُعْرِضِينَ عَمّا سِواهُ، والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى الصِّلَةِ أوْ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ. ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ إلّا رِجالًا نُوحِي إلَيْهِمْ﴾ قَرَأ حَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ نُوحِي بِالنُّونِ، وقَرَأ الباقُونَ " يُوحى " بِالياءِ التَّحْتِيَّةِ، وهَذِهِ الآيَةُ رَدٌّ عَلى قُرَيْشٍ حَيْثُ زَعَمُوا أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ أجَلُّ مِن أنْ يُرْسِلَ رَسُولًا مِنَ البَشَرِ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِأنَّ هَذِهِ عادَتُهُ وسُنَّتُهُ أنْ لا يُرْسِلَ إلّا رِجالًا مِنَ البَشَرِ يُوحِي إلَيْهِمْ. وزَعَمَ أبُو عَلِيٍّ الجِبائِيُّ أنَّ مَعْنى الآيَةِ أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ لَمْ يُرْسِلْ إلى الأنْبِياءِ بِوَحْيِهِ إلّا مَن هو عَلى صُورَةِ الرِّجالِ مِنَ المَلائِكَةِ. ويُرَدُّ عَلَيْهِ بِأنَّ جِبْرِيلَ كانَ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلى صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ. ولَمّا كانَ كُفّارُ مَكَّةَ مُقِرِّينَ بِأنَّ اليَهُودَ والنَّصارى هم أهْلُ العِلْمِ بِما أنْزَلَ اللَّهُ في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ صَرَفَ الخِطابَ إلَيْهِمْ وأمَرَهم أنْ يَرْجِعُوا إلى أهْلِ الكِتابِ، فَقالَ: ﴿فاسْألُوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ أيْ فاسْألُوا أيُّها المُشْرِكُونَ مُؤْمِنِي أهْلِ الكِتابِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فَإنَّهم سَيُخْبِرُونَكم أنَّ جَمِيعَ الأنْبِياءِ كانُوا بَشَرًا، أوِ اسْألُوا أهْلَ الكِتابِ مِن غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمُؤْمِنِيهِمْ كَما يُفِيدُهُ الظّاهِرُ فَإنَّهم كانُوا يَعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ ولا يَكْتُمُونَهُ، وقِيلَ: المَعْنى: فاسْألُوا أهْلَ القُرْآنِ. و﴿بِالبَيِّناتِ والزُّبُرِ﴾ يَتَعَلَّقُ بِـ أرْسَلْنا، فَيَكُونُ داخِلًا في حُكْمِ الِاسْتِثْناءِ مَعَ رِجالًا، وأنْكَرَ الفَرّاءُ ذَلِكَ. وقالَ: إنَّ صِفَةَ ما قَبْلَ ( إلّا ) لا تَتَأخَّرُ إلى ما بَعْدَها، لِأنَّ المُسْتَثْنى مِنهُ هو مَجْمُوعُ ما قَبْلَ ( إلّا ) مَعَ صِلَتِهِ، كَما لَوْ قِيلَ أرْسَلْنا إلّا رِجالًا بِالبَيِّناتِ، فَلَمّا لَمْ يَصِرْ هَذا المَجْمُوعُ مَذْكُورًا بِتَمامِهِ امْتَنَعَ إدْخالُ الِاسْتِثْناءِ عَلَيْهِ، وقِيلَ في الكَلامِ تَقْدِيمٌ وتَأْخِيرٌ، والتَّقْدِيرُ: وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ بِالبَيِّناتِ والزُّبُرِ إلّا رِجالًا، وقِيلَ: يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ المَذْكُورُ، أيْ: أرْسَلْناهم بِالبَيِّناتِ والزُّبُرِ، ويَكُونُ جَوابًا عَنْ سُؤالٍ مُقَدَّرٍ كَأنَّهُ قِيلَ لِماذا أرْسَلَهم ؟ فَقالَ: أرْسَلْناهم بِالبَيِّناتِ والزُّبُرِ، وقِيلَ مُتَعَلِّقٌ بِـ تَعْلَمُونَ عَلى أنَّهُ مَفْعُولُهُ والباءُ زائِدَةٌ، أيْ: إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالبَيِّناتِ والزُّبُرِ، وقِيلَ مُتَعَلِّقٌ بِـ رِجالًا، أيْ: رِجالًا مُتَلَبِّسِينَ بِالبَيِّناتِ والزُّبُرِ، وقِيلَ بِـ نُوحِي، أيْ: نُوحِي إلَيْهِمْ بِالبَيِّناتِ والزُّبُرِ، وقِيلَ مَنصُوبٌ بِتَقْدِيرِ أعْنِي، والباءُ زائِدَةٌ، و﴿أهْلَ الذِّكْرِ﴾ هم أهْلُ الكِتابِ كَما تَقَدَّمَ. وقالَ الزَّجّاجُ: اسْألُوا كُلَّ مَن يُذْكَرُ بِعِلْمٍ، والبَيِّناتِ: الحُجَجُ والبَراهِينُ، والزُّبُرِ: الكُتُبُ. وقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى هَذا في آلِ عِمْرانَ. ﴿وأنْزَلْنا إلَيْكَ الذِّكْرَ﴾ أيِ القُرْآنَ، ثُمَّ بَيَّنَ الغايَةَ المَطْلُوبَةَ مِنَ الإنْزالِ فَقالَ: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ﴾ جَمِيعًا ﴿ما نُزِّلَ إلَيْهِمْ﴾ في هَذا الذِّكْرِ مِنَ الأحْكامِ الشَّرْعِيَّةِ والوَعْدِ والوَعِيدِ ﴿ولَعَلَّهم يَتَفَكَّرُونَ﴾ أيْ إرادَةَ أنْ يَتَأمَّلُوا ويُعْمِلُوا أفْكارَهم فَيَتَّعِظُوا. ﴿أفَأمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ السَّيِّئاتُ صِفَةً مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: مَكَرُوا المَكَراتِ السَّيِّئاتِ، وأنْ تَكُونَ مَفْعُولَةً لِلْفِعْلِ المَذْكُورِ عَلى تَضْمِينِهِ مَعْنى العَمَلِ، أيْ: عَمِلُوا السَّيِّئاتِ، أوْ صِفَةً لِمَفْعُولٍ مُقَدَّرٍ، أيْ: أفَأمِنَ الماكِرُونَ العُقُوباتِ السَّيِّئاتِ، أوْ عَلى حَذْفِ حَرْفِ الجَرِّ، أيْ: مَكَرُوا بِالسَّيِّئاتِ ﴿أنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأرْضَ﴾ هو مَفْعُولُ أمِنَ، أوْ بَدَلٌ مِن مَفْعُولِهِ عَلى القَوْلِ بِأنَّ مَفْعُولَهُ مَحْذُوفٌ، وأنَّ السَّيِّئاتِ صِفَةٌ لِلْمَحْذُوفِ، والِاسْتِفْهامُ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ، ومَكْرُ السَّيِّئاتِ: سَعْيُهم في إيذاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وإيذاءِ أصْحابِهِ عَلى وجْهِ الخِفْيَةِ، واحْتِيالُهم في إبْطالِ الإسْلامِ، وكَيْدِ أهْلِهِ ﴿أنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ﴾ كَما خَسَفَ بِقارُونَ، يُقالُ خُسِفَ المَكانُ يُخْسَفُ خُسُوفًا: ذَهَبَ في الأرْضِ، وخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الأرْضَ خُسُوفًا، أيْ: غابَ بِهِ فِيها، ومِنهُ قَوْلُهُ: ﴿فَخَسَفْنا بِهِ وبِدارِهِ الأرْضَ﴾ [القصص: ٨١]، وخُسِفَ هو في الأرْضِ وخُسِفَ بِهِ ﴿أوْ يَأْتِيَهُمُ العَذابُ مِن حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ﴾ بِهِ في حالِ غَفْلَتِهِمْ عَنْهُ كَما فَعَلَ بِقَوْمِ لُوطٍ وغَيْرِهِمْ، وقِيلَ يُرِيدُ يَوْمَ بَدْرٍ فَإنَّهم أُهْلِكُوا ذَلِكَ اليَوْمَ ولَمْ يَكُنْ في حُسْبانِهِمْ. ﴿أوْ يَأْخُذَهم في تَقَلُّبِهِمْ﴾ ذَكَرَ المُفَسِّرُونَ فِيهِ وُجُوهًا، فَقِيلَ المُرادُ في أسْفارِهِمْ ومَتاجِرِهِمْ فَإنَّهُ سُبْحانَهُ قادِرٌ عَلى أنْ يُهْلِكَهم في السَّفَرِ كَما يُهْلِكُهم في الحَضَرِ، وهم لا يَفُوتُونَهُ بِسَبَبِ ضَرْبِهِمْ في الأرْضِ، وبُعْدِهِمْ عَنِ الأوْطانِ، وقِيلَ المُرادُ في حالِ تَقَلُّبِهِمْ في قَضاءِ أوْطارِهِمْ بِوُجُودِ الحِيَلِ، فَيَحُولُ اللَّهُ بَيْنَهم وبَيْنَ مَقاصِدِهِمْ وحِيَلِهِمْ، وقِيلَ في حالِ تَقَلُّبِهِمْ في اللَّيْلِ عَلى فُرُشِهِمْ، وقِيلَ في حالِ إقْبالِهِمْ وإدْبارِهِمْ، وذَهابِهِمْ ومَجِيئِهِمْ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ، والقَلْبُ بِالمَعْنى الأوَّلِ مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا في البِلادِ﴾ [آل عمران: ١٩٦] وبِالمَعْنى الثّانِي مَأْخُوذٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿وقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ﴾ التَّوْبَةِ ٤٨، ﴿فَما هم بِمُعْجِزِينَ﴾ أيْ بِفائِتِينَ ولا مُمْتَنِعِينَ. ﴿أوْ يَأْخُذَهم عَلى تَخَوُّفٍ﴾ أيْ حالَ تَخَوُّفٍ وتَوَقُّعٍ لِلْبَلايا بِأنْ يَكُونُوا مُتَوَقِّعِينَ لِلْعَذابِ حَذِرِينَ مِنهُ غَيْرَ غافِلِينَ عَنْهُ، فَهو خِلافُ ما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِ ﴿أوْ يَأْتِيَهُمُ العَذابُ مِن حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ﴾، وقِيلَ مَعْنى ﴿عَلى تَخَوُّفٍ﴾ عَلى تَنَقُّصٍ. قالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ، أيْ: عَلى تَنَقُّصٍ مِنَ الأمْوالِ والأنْفُسِ والثَّمَراتِ حَتّى أهْلَكَهم. قالَ الواحِدِيُّ: قالَ عامَّةُ المُفَسِّرِينَ: ( عَلى تَخَوُّفٍ ) قالَ تَنَقُّصٍ: إمّا بِقَتْلٍ أوْ بِمَوْتٍ، يَعْنِي بِنَقْصٍ مِن أطْرافِهِمْ ونَواحِيهِمْ يَأْخُذُهُمُ الأوَّلَ فالأوَّلَ حَتّى يَأْتِيَ الأخْذُ عَلى جَمِيعِهِمْ. قالَ، والتَّخَوُّفُ التَّنَقُّصُ، يُقالُ هو يَتَخَوَّفُ المالَ، أيْ: يَتَنَقَّصُهُ، ويَأْخُذُ مِن أطْرافِهِ. انْتَهى. (p-١٨٤)يُقالُ: تَخَوَّفَهُ الدَّهْرُ وتَخَوَّنَهُ بِالفاءِ والنُّونِ: تَنَقَّصَهُ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ: ؎لا بَلْ هو الشَّوْقُ مِن دارٍ تَخَوَّفَها مَرًّا سَحابٌ ومَرًّا بارِحٌ تَرِبُ وقالَ لَبِيدٌ: ؎تَخَوَّفَها نُزُولِي وارْتِحالِي أيْ تَنَقَّصَ لَحْمُها وشَحْمُها. قالَ الهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: التَّخَوُّفُ بِالفاءِ التَّنَقُّصُ لُغَةً لِأزْدِ شَنُوءَةَ، وأنْشَدَ: ؎تَخَوَّفَ عَدُوُّهم مالِي وأُهْدِي ∗∗∗ سَلاسِلَ في الحُلُوقِ لَها صَلِيلُ وقِيلَ ﴿عَلى تَخَوُّفٍ﴾: عَلى عَجَلٍ قالَهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وقِيلَ عَلى تَقْرِيعٍ بِما قَدَّمُوهُ مِن ذُنُوبِهِمْ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقِيلَ ﴿عَلى تَخَوُّفٍ﴾: أنْ يُعاقِبَ ويَتَجاوَزَ قالَهُ قَتادَةُ: ﴿فَإنَّ رَبَّكم لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ لا يُعاجِلُ، بَلْ يُمْهِلُ رَأْفَةً ورَحْمَةً لَكم مَعَ اسْتِحْقاقِهِمْ لِلْعُقُوبَةِ. ﴿أوَلَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ﴾ لَمّا خَوَّفَ سُبْحانَهُ الماكِرِينَ بِما خَوَّفَ أتْبَعَهُ ذِكْرَ ما يَدُلُّ عَلى كَمالِ قُدْرَتِهِ في تَدْبِيرِ أحْوالِ العالَمِ العُلْوِيِّ والسُّفْلِيِّ ومَكانِهِما، والِاسْتِفْهامُ في أوَلَمْ يَرَوْا لِلْإنْكارِ، وما مُبْهَمَةٌ مُفَسَّرَةٌ بِقَوْلِهِ: مِن شَيْءٍ، وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ، ويَحْيى بْنُ وثّابٍ، والأعْمَشُ " تَرَوْا " بِالمُثَنّاةِ الفَوْقِيَّةِ عَلى أنَّهُ خِطابٌ لِجَمِيعِ النّاسِ، وقَرَأ الباقُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ بِإرْجاعِ الضَّمِيرِ إلى الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ. قَرَأ أبُو عَمْرٍو، ويَعْقُوبُ ( تَتَفَيَّؤُا ) ظِلالُهُ بِالمُثَنّاةِ الفَوْقِيَّةِ. وقَرَأ الباقُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ واخْتارَها أبُو عُبَيْدٍ، أيْ: يَمِيلُ مِن جانِبٍ إلى جانِبٍ، ويَكُونُ أوَّلَ النَّهارِ عَلى حالٍ ويَتَقَلَّصُ، ثُمَّ يَعُودُ في آخِرِ النَّهارِ عَلى حالَةٍ أُخْرى. قالَ الأزْهَرِيُّ: تَفَيُّؤُ الظِّلالِ رُجُوعُها بَعْدَ انْتِصافِ النَّهارِ، فالتَّفَيُّؤُ لا يَكُونُ إلّا بِالعَشِيِّ وما انْصَرَفَ عَنْهُ الشَّمْسُ والقَمَرُ، والَّذِي يَكُونُ بِالغَداةِ هو الظِّلُّ. وقالَ ثَعْلَبٌ: أُخْبِرْتُ عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ أنَّ رُؤْبَةَ قالَ: كُلُّ ما كانَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَزالَتْ عَنْهُ فَهو فَيْءٌ، وما لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَهو ظِلٌّ، ومَعْنى مِن شَيْءٍ مِن شَيْءٍ لَهُ ظِلٌّ، وهي الأجْسامُ فَهو عامٌّ أُرِيدَ بِهِ الخاصُّ، وظِلالُهُ جَمْعُ ظِلٍّ، وهو مُضافٌ إلى مُفْرَدٍ لِأنَّهُ واحِدٌ يُرادُ بِهِ الكَثْرَةُ ﴿عَنِ اليَمِينِ والشَّمائِلِ﴾ أيْ عَنْ جِهَةِ أيْمانِها وشَمائِلِها، أيْ: عَنْ جانِبَيْ كُلِّ واحِدٍ مِنها. قالَ الفَرّاءُ: وحَّدَ اليَمِينَ؛ لِأنَّهُ أرادَ واحِدًا مِن ذَواتِ الأظْلالِ، وجَمَعَ الشَّمائِلَ لِأنَّهُ أرادَ كُلَّها، لِأنَّ ﴿ما خَلَقَ اللَّهُ﴾ لَفْظُهُ مُفْرَدٌ ومَعْناهُ جَمْعٌ. وقالَ الواحِدِيُّ: وحَّدَ اليَمِينَ والمُرادُ بِهِ الجَمِيعُ إيْجازًا في اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ: ﴿ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: ٤٥]، ودَلَّتِ الشَّمائِلُ عَلى أنَّ المُرادَ بِهِ الجَمْعُ، وقِيلَ إنَّ العَرَبَ إذا ذَكَرَتْ صِيغَتَيْ جَمْعٍ عَبَّرَتْ عَنْ أحَدِهِما بِلَفْظِ الواحِدِ كَقَوْلِهِ: ﴿وجَعَلَ الظُّلُماتِ والنُّورَ﴾ [الأنعام: ١]، و﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وعَلى سَمْعِهِمْ﴾ [البقرة: ٧]، وقِيلَ المُرادُ بِـ اليَمِينِ: النُّقْطَةُ الَّتِي هي مَشْرِقُ الشَّمْسِ، وأنَّها واحِدَةٌ. والشَّمائِلِ عِبارَةٌ عَنِ الِانْحِرافِ في فَلَكِ الإظْلالِ بَعْدَ وُقُوعِها عَلى الأرْضِ وهي كَثِيرَةٌ، وإنَّما عَبَّرَ عَنِ المَشْرِقِ بِاليَمِينِ لِأنَّ أقْوى جانِبَيِ الإنْسانِ يَمِينُهُ، ومِنهُ تَظْهَرُ الحَرَكَةُ القَوِيَّةُ ﴿سُجَّدًا لِلَّهِ﴾ مُنْتَصِبٌ عَلى الحالِ، أيْ: حالَ كَوْنِ الظِّلالَ سُجَّدًا لِلَّهِ. قالَ الزَّجّاجُ: يَعْنِي أنَّ هَذِهِ الأشْياءَ مَجْبُولَةٌ عَلى الطّاعَةِ. وقالَ أيْضًا: سُجُودُ الجِسْمِ انْقِيادُهُ وما يَرى مِن أثَرِ الصَّنْعَةِ ﴿وهم داخِرُونَ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، أيْ: خاضِعُونَ صاغِرُونَ، والدُّخُورُ: الصَّغارُ والذُّلُّ، يُقالُ: دَخَرَ الرَّجُلُ فَهو داخِرٌ وأدْخَرَهُ اللَّهُ. قالَ الشّاعِرُ: ؎فَلَمْ يَبْقَ إلّا داخِرٌ في مُخَيَّسٍ ∗∗∗ ومُنَجَحِرٌ في غَيْرِ أرْضِكَ في جُحْرِ ومُخَيَّسٌ: اسْمُ سِجْنٍ كانَ بِالعِراقِ. ﴿ولِلَّهِ يَسْجُدُ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ مِن دابَّةٍ﴾ أيْ لَهُ وحْدَهُ يَخْضَعُ ويَنْقادُ لا لِغَيْرِهِ ما في السَّماواتِ جَمِيعًا، وما في الأرْضِ مِن دابَّةٍ تَدِبُّ عَلى الأرْضِ، والمُرادُ بِهِ كُلُّ دابَّةٍ. قالَ الأخْفَشُ: هو كَقَوْلِكَ ما أتانِي مِن رَجُلٍ مِثْلُهُ، وما أتانِي مِنَ الرِّجالِ مَثَلُهُ. وقَدْ دَخَلَ في عُمُومِ ﴿ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ﴾ جَمِيعُ الأشْياءِ المَوْجُودَةِ فِيهِما، وإنَّما خَصَّ الدّابَّةَ بِالذِّكْرِ لِأنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِن قَوْلِهِ: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ﴾ انْقِيادُ الجَماداتِ، وعَطْفُ المَلائِكَةِ عَلى ما قَبْلَهم تَشْرِيفًا لَهم، وتَعْظِيمًا لِدُخُولِهِمْ في المَعْطُوفِ عَلَيْهِ ﴿وهم لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أيْ والحالُ أنَّهم لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَةِ رَبِّهِمْ والمُرادُ المَلائِكَةُ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ. وفِي هَذا رَدٌّ عَلى قُرَيْشٍ حَيْثُ زَعَمُوا أنَّ المَلائِكَةَ بَناتُ اللَّهِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ حالًا مِن فاعِلِ يَسْجُدُ وما عُطِفَ عَلَيْهِ، أيْ: يَسْجُدُ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ والمَلائِكَةُ وهم جَمِيعًا لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنِ السُّجُودِ. ﴿يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، أيْ: حالَ كَوْنِهِمْ يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ، أوْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ نَفْيِ اسْتِكْبارِهِمْ، ومِن آثارِ الخَوْفِ عَدَمُ الِاسْتِكْبارِ، ومِن فَوْقِهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِـ يَخافُونَ عَلى حَذْفِ مُضافٍ، أيْ: يَخافُونَ عَذابَ رَبِّهِمْ مِن فَوْقِهِمْ، أوْ يَكُونُ حالًا مِنَ الرَّبِّ، أيْ: يَخافُونَ رَبَّهم حالَ كَوْنِهِ مِن فَوْقِهِمْ، وقِيلَ مَعْنى ﴿يَخافُونَ رَبَّهم مِن فَوْقِهِمْ﴾ يَخافُونَ المَلائِكَةَ فَيَكُونُ عَلى حَذْفِ المُضافِ، أيْ: يَخافُونَ مَلائِكَةَ رَبِّهِمْ كائِنِينَ مِن فَوْقِهِمْ وهو تَكَلُّفٌ لا حاجَةَ إلَيْهِ، وإنَّما اقْتَضى مِثْلَ هَذِهِ التَّأْوِيلاتِ البَعِيدَةِ المُحاماةُ عَلى مَذاهِبَ قَدْ رَسَخَتْ في الأذْهانِ، وتَقَرَّرَتْ في القُلُوبِ، قِيلَ: وهَذِهِ المَخافَةُ هي مَخافَةُ الإجْلالِ، واخْتارَهُ الزَّجّاجُ فَقالَ: ﴿يَخافُونَ رَبَّهُمْ﴾ خَوْفَ مُجِلِّينَ، ويَدُلُّ عَلى صِحَّةِ هَذا المَعْنى قَوْلُهُ: ﴿وهُوَ القاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ﴾ [الأنعام: ٦١]، وقَوْلُهُ إخْبارًا عَنْ فِرْعَوْنَ ﴿وإنّا فَوْقَهم قاهِرُونَ﴾ [الأعراف: ١٢٧]، ﴿ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾ أيْ ما يُؤْمَرُونَ بِهِ مِن طاعَةِ اللَّهِ: يَعْنِي المَلائِكَةَ، أوْ جَمِيعَ مَن تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وحَمْلُ هَذِهِ الجُمَلَ عَلى المَلائِكَةِ أوْلى، لِأنَّ في مَخْلُوقاتِ اللَّهِ مَن يَسْتَكْبِرُ عَنْ عِبادَتِهِ، ولا يَخافُهُ ولا يَفْعَلُ ما يُؤْمَرُ بِهِ، كالكُفّارِ والعُصاةِ الَّذِينَ لا يَتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفاتِ وإبْلِيسَ وجُنُودِهِ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ هاجَرُوا في اللَّهِ مِن بَعْدِ ما ظُلِمُوا﴾ قالَ: هم قَوْمٌ مِن أهْلِ مَكَّةَ هاجَرُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ ظُلْمِهِمْ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي (p-٧٨٥)حاتِمٍ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ داوُدَ بْنِ أبِي هِنْدَ قالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في أبِي جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿والَّذِينَ هاجَرُوا في اللَّهِ﴾ الآيَةَ قالَ: هَؤُلاءِ أصْحابُ مُحَمَّدٍ ظَلَمَهم أهْلُ مَكَّةَ فَأخْرَجُوهم مِن دِيارِهِمْ حَتّى لَحِقَ طَوائِفُ مِنهم بِأرْضِ الحَبَشَةِ، ثُمَّ بَوَّأهُمُ اللَّهُ المَدِينَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَعَلَها لَهم دارَ هِجْرَةٍ، وجَعَلَ لَهم أنْصارًا مِنَ المُؤْمِنِينَ ﴿ولَأجْرُ الآخِرَةِ أكْبَرُ﴾ قالَ، أيْ: واللَّهِ، لَما يُصِيبُهُمُ اللَّهُ مِن جَنَّتِهِ ونِعْمَتِهِ أكْبَرُ ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿فِي الدُّنْيا حَسَنَةً﴾ قالَ: المَدِينَةُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في الآيَةِ قالَ: لَنَرْزُقَنَّهم في الدُّنْيا رِزْقًا حَسَنًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: " لَمّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا رَسُولًا أنْكَرَتِ العَرَبُ ذَلِكَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ إلّا رِجالًا نُوحِي إلَيْهِمْ﴾ . وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿فاسْألُوا أهْلَ الذِّكْرِ﴾ الآيَةَ، يَعْنِي مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: نَزَلَتْ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ ونَفَرٍ مِن أهْلِ التَّوْراةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: بِالبَيِّناتِ قالَ: الآياتُ والزُّبُرِ قالَ: الكُتُبُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿أفَأمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ﴾ قالَ: نُمْرُوذُ بْنُ كَنْعانَ وقَوْمُهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في الآيَةِ قالَ: أيِ الشِّرْكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: تَكْذِيبُهُمُ الرُّسُلَ، وإعْمالُهم بِالمَعاصِي. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ يَأْخُذَهم في تَقَلُّبِهِمْ﴾ قالَ: في اخْتِلافِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ ﴿فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾ قالَ: إنْ شِئْتَ أخَذْتُهُ في سَفَرِهِ ﴿أوْ يَأْخُذَهم عَلى تَخَوُّفٍ﴾ يَقُولُ عَلى أثَرِ مَوْتِ صاحِبِهِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا ﴿عَلى تَخَوُّفٍ﴾ قالَ: تَنَقُّصٍ مِن أعْمالِهِمْ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عُمَرَ أنَّهُ سَألَهم عَنْ هَذِهِ الآيَةِ ﴿أوْ يَأْخُذَهم عَلى تَخَوُّفٍ﴾ فَقالُوا ما نَرى إلّا أنَّهُ عِنْدَ تَنَقُّصِ ما يُرَدِّدُهُ مِنَ الآياتِ فَقالَ عُمَرُ ما أرى إلّا أنَّهُ عَلى ما يَتَنَقَّصُونَ مِن مَعاصِي اللَّهِ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كانَ عِنْدَ عُمَرَ فَلَقِيَ أعْرابِيًّا، فَقالَ: يا فُلانُ، ما فَعَلَ رَبُّكَ ؟ قالَ قَدْ تَخَيَّفْتُهُ، يَعْنِي انْتَقَصْتُهُ، فَرَجَعَ إلى عُمَرَ فَأخْبَرَهُ، فَقالَ قَدْ رَأيْتُهُ ذَلِكَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ يَأْخُذَهم عَلى تَخَوُّفٍ﴾ قالَ: يَأْخُذُهم بِنَقْصِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: يَتَفَيَّأُ قالَ: يَتَمَيَّلُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وهم داخِرُونَ﴾ قالَ: صاغِرُونَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ولِلَّهِ يَسْجُدُ الآيَةَ قالَ: لَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِن خَلْقِهِ إلّا عَبَّدَهُ لَهُ طائِعًا أوْ كارِهًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الحَسَنِ في الآيَةِ قالَ: يَسْجُدُ مَن في السَّماواتِ طَوْعًا ومَن في الأرْضِ طَوْعًا وكَرْهًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب