الباحث القرآني

. لَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ مَثَلَ أعْمالِ الكُفّارِ، وأنَّها كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ، ثُمَّ ذَكَرَ نَعِيمَ المُؤْمِنِينَ، وما جازاهُمُ اللَّهُ بِهِ مِن إدْخالِهِمُ الجَنَّةَ خالِدِينَ فِيها، وتَحِيَّةِ المَلائِكَةِ لَهم ذَكَرَ تَعالى هاهُنا مَثَلًا لِلْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، وهي كَلِمَةُ الإسْلامِ، أيْ: لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، أوْ ما هو أعَمُّ مِن ذَلِكَ مِن كَلِماتِ الخَيْرِ، وذَكَرَ مَثَلًا لِلْكَلِمَةِ الخَبِيثَةِ، وهي كَلِمَةُ الشِّرْكِ، أوْ ما هو أعَمُّ مِن ذَلِكَ مِن كَلِماتِ الشَّرِّ، فَقالَ مُخاطِبًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، أوْ مُخاطِبًا لِمَن يَصْلُحُ لِلْخِطابِ ﴿ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا﴾ أيِ اخْتارَ مَثَلًا وضَعَهُ في مَوْضِعِهِ اللّائِقِ بِهِ، وانْتِصابُ " مَثَلًا " عَلى أنَّهُ مَفْعُولُ " ضَرَبَ " و" كَلِمَةً " بَدَلٌ مِنهُ، ويَجُوزُ أنْ تَنْتَصِبَ " الكَلِمَةُ " عَلى أنَّها عَطْفُ بَيانٍ لِ " مَثَلًا "، ويَجُوزُ أنْ تَنْتَصِبَ " الكَلِمَةُ " بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أيْ: جَعَلَ كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، وحَكَمَ بِأنَّها مِثْلُها، ومَحَلُّ كَشَجَرَةٍ النَّصْبُ عَلى أنَّها صِفَةٌ لِ ( كَلِمَةً )، أوِ الرَّفْعُ عَلى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ، أيْ: هي كَشَجَرَةٍ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ ( كَلِمَةً ) أوَّلَ مَفْعُولَيْ " ضَرَبَ "، وأُخِّرَتْ عَنِ المَفْعُولِ الثّانِي، وهو " مَثَلًا " لِئَلّا تَبْعُدَ عَنْ صِفَتِها، والأوَّلُ أوْلى، و( كَلِمَةً ) وما بَعْدَها تَفْسِيرٌ لِلْمَثَلِ، ثُمَّ وصَفَ الشَّجَرَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿أصْلُها ثابِتٌ﴾ أيْ راسِخٌ آمِنٌ مِنَ الِانْقِلاعِ بِسَبَبِ تَمَكُّنِها مِنَ الأرْضِ بِعُرُوقِها ﴿وفَرْعُها في السَّماءِ﴾ أيْ أعْلاها ذاهِبٌ إلى جِهَةِ السَّماءِ مُرْتَفِعٌ في الهَواءِ. ثُمَّ وصَفَها سُبْحانَهُ بِأنَّها ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ﴾ كُلَّ وقْتٍ بِإذْنِ رَبِّها بِإرادَتِهِ ومَشِيئَتِهِ، قِيلَ: وهي النَّخْلَةُ، وقِيلَ: غَيْرُها. قِيلَ والمُرادُ بِكَوْنِها تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ، أيْ: كُلَّ ساعَةٍ مِنَ السّاعاتِ مِن لَيْلٍ أوْ نَهارٍ في جَمِيعِ الأوْقاتِ مِن غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ شِتاءٍ وصَيْفٍ، وقِيلَ: المُرادُ في أوْقاتٍ مُخْتَلِفَةٍ مِن غَيْرِ تَعْيِينٍ، وقِيلَ: كُلَّ غُدْوَةٍ وعَشِيَّةٍ، وقِيلَ: كُلَّ شَهْرٍ، وقِيلَ: كُلَّ سِتَّةِ أشْهُرٍ. قالَ النَّحّاسُ: وهَذِهِ الأقْوالُ مُتَقارِبَةٌ غَيْرُ مُتَناقِضَةٍ لِأنَّ الخَبَرَ عِنْدَ جَمِيعِ أهْلِ اللُّغَةِ إلّا مَن شَذَّ مِنهم بِمَعْنى الوَقْتِ يَقَعُ لِقَلِيلِ الزَّمانِ وكَثِيرِهِ، وأنْشَدَ الأصْمَعِيُّ قَوْلَ النّابِغَةِ: ؎تُطَلِّقُهُ حِينًا وحِينًا تُراجِعُ قالَ النَّحّاسُ: وهَذا يُبَيِّنُ لَكَ أنَّ الحِينَ بِمَعْنى الوَقْتِ. وقَدْ ورَدَ الحِينُ في بَعْضِ المَواضِعِ يُرادُ بِهِ أكْثَرُ كَقَوْلِهِ: ﴿هَلْ أتى عَلى الإنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ [الإنسان: ١] . وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُ أقْوالِ العُلَماءِ في الحِينِ في سُورَةِ البَقَرَةِ في قَوْلِهِ: ﴿ولَكم في الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ ومَتاعٌ إلى حِينٍ﴾ [البقرة: ٣٦] . وقالَ الزَّجّاجُ: الحِينُ الوَقْتُ طالَ أمْ قَصُرَ ﴿ويَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثالَ لِلنّاسِ لَعَلَّهم يَتَذَكَّرُونَ﴾ يَتَفَكَّرُونَ أحْوالَ المَبْدَأِ والمَعادِ، وبَدائِعَ صُنْعِهِ سُبْحانَهُ الدّالَّةِ عَلى وُجُودِهِ ووَحْدانِيَّتِهِ، وفي ضَرْبِ الأمْثالِ زِيادَةُ تَذْكِيرٍ وتَفْهِيمٍ وتَصْوِيرٍ لِلْمَعانِي. ﴿ومَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُها، وقِيلَ: هي الكافِرُ نَفْسُهُ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ: المُؤْمِنُ نَفْسُهُ ﴿كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ أيْ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ، قِيلَ: هي شَجَرَةُ الحَنْظَلِ، وقِيلَ: هي شَجَرَةُ الثَّوْمِ، وقِيلَ: الكَمْأةُ، وقِيلَ: الطُّحْلُبَةُ، وقِيلَ: هي الكُشُوثُ بِالضَّمِّ وآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ، وهي شَجَرَةٌ لا ورَقَ لَها ولا عُرُوقَ في الأرْضِ. قالَ الشّاعِرُ: ؎وهِيَ كُشُوثٌ فَلا أصْلَ ولا ثَمَرَ وقُرِئَ " ومَثَلًا كَلِمَةً " بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلى " كَلِمَةً طَيِّبَةً " ﴿اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ﴾ أيِ اسْتُؤْصِلَتْ واقْتُلِعَتْ مِن أصْلِها، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎هُوَ الجَلاءُ الَّذِي يَجْتَثُّ أصْلَكُمْ قالَ المُؤَرِّخُ: أُخِذَتْ جُثَّتُها وهي نَفْسُها، والجُثَّةُ: شَخْصُ الإنْسانِ، يُقالُ: جَثَّهُ قَلَعَهُ، واجْتَثَّهُ اقْتَلَعَهُ، ومَعْنى﴿مِن فَوْقِ الأرْضِ﴾: أنَّهُ لَيْسَ لَها أصْلٌ راسِخٌ وعُرُوقٌ مُتَمَكِّنَةٌ مِنَ الأرْضِ ﴿ما لَها مِن قَرارٍ﴾ أيْ مِنِ اسْتِقْرارٍ عَلى الأرْضِ. وقِيلَ: مِن ثَباتٍ عَلى الأرْضِ، كَما أنَّ الكافِرَ وكَلِمَتَهُ لا حُجَّةَ لَهُ ولا ثَباتَ فِيهِ ولا خَيْرَ يَأْتِي مِنهُ أصْلًا، ولا يَصْعَدُ لَهُ قَوْلٌ طَيِّبٌ ولا عَمَلٌ طَيِّبٌ. ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ﴾ أيْ بِالحُجَّةِ الواضِحَةِ، وهي الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ المُتَقَدِّمُ ذِكْرُها. وقَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحِ أنَّها كَلِمَةُ الشَّهادَةِ شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وذَلِكَ إذا قَعَدَ المُؤْمِنُ في قَبْرِهِ قالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ﴾»، وقِيلَ: مَعْنى تَثْبِيتِ اللَّهِ لَهم هو أنْ يَدُومُوا عَلى القَوْلِ الثّابِتِ، ومِنهُ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَواحَةَ: ؎يُثَبِّتُ اللَّهُ ما آتاكَ مِن حُسْنٍ ∗∗∗ تَثْبِيتَ مُوسى ونَصْرًا كالَّذِي نُصِرُوا ومَعْنى في الحَياةِ الدُّنْيا أنَّهم يَسْتَمِرُّونَ عَلى القَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا، قالَ جَماعَةٌ: المُرادُ بِالحَياةِ الدُّنْيا في هَذِهِ الآيَةِ القَبْرُ لِأنَّ المَوْتى في الدُّنْيا حَتّى يُبْعَثُوا، ومَعْنى وفي الآخِرَةِ في وقْتِ الحِسابِ. وقِيلَ: المُرادُ بِـ الحَياةِ الدُّنْيا وقْتُ المُساءَلَةِ في القَبْرِ، وفي الآخِرَةِ في وقْتِ المُساءَلَةِ يَوْمَ القِيامَةِ: والمُرادُ أنَّهم إذا سُئِلُوا عَنْ مُعْتَقَدِهِمْ ودِينِهِمْ، أوْضَحُوا ذَلِكَ بِالقَوْلِ الثّابِتِ مَن دُونِ تَلَعْثُمٍ ولا تَرَدُّدٍ ولا جَهْلٍ، كَما يَقُولُ مَن لَمْ يُوَفَّقْ: لا أدْرِي، فَيُقالُ لَهُ: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ ﴿ويُضِلُّ اللَّهُ الظّالِمِينَ﴾ أيْ يُضِلُّهم عَنْ حُجَّتِهِمُ الَّتِي هي القَوْلُ الثّابِتُ فَلا يَقْدِرُونَ عَلى التَّكَلُّمِ بِها في قُبُورِهِمْ ولا عِنْدَ (p-٧٤٧)الحِسابِ، كَما أضَلَّهم عَنِ اتِّباعِ الحَقِّ في الدُّنْيا. قِيلَ: والمُرادُ بِالظّالِمِينَ هُنا الكَفَرَةُ، وقِيلَ: كُلُّ مِن ظَلَمَ نَفْسَهُ ولَوْ بِمُجَرَّدِ الإعْراضِ عَنِ البَيِّناتِ الواضِحَةِ فَإنَّهُ لا يَثْبُتُ في مَواقِفِ الفِتَنِ ولا يَهْتَدِي إلى الحَقِّ، ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحانَهُ أنَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ مِنَ التَّثْبِيتِ والخِذْلانِ لا رادَّ لِحُكْمِهِ، ولا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ. قالَ الفَرّاءُ، أيْ: لا تُنْكَرُ لَهُ قُدْرَةٌ ولا يُسْألُ عَمّا يَفْعَلُ، والإظْهارُ في مَحَلِّ الإضْمارِ في المَوْضِعَيْنِ لِتَرْبِيَةِ المَهابَةِ كَما قِيلَ واللَّهُ أعْلَمُ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾ قالَ: شَهادَةَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ وهو المُؤْمِنُ ﴿أصْلُها ثابِتٌ﴾ يَقُولُ: " لا إلَهَ إلّا اللَّهُ " ثابِتٌ في قَلْبِ المُؤْمِنِ ﴿وفَرْعُها في السَّماءِ﴾ يَقُولُ: يُرْفَعُ بِها عَمَلُ المُؤْمِنِ إلى السَّماءِ ﴿ومَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ وهي الشِّرْكُ ﴿كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ يَعْنِي الكافِرَ ﴿اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأرْضِ ما لَها مِن قَرارٍ﴾ يَقُولُ: الشِّرْكُ لَيْسَ لَهُ أصْلٌ يَأْخُذُ بِهِ الكافِرُ ولا بُرْهانٌ، ولا يَقْبَلُ اللَّهُ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلًا. وقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذا عَنْ جَماعَةٍ مِنَ التّابِعِينَ ومَن بَعْدَهم. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ والبَزّارُ وأبُو يَعْلى وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ حِبّانَ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أنَسٍ قالَ: «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ بِقِناعٍ مِن بُسْرٍ فَقالَ: ﴿مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ حَتّى بَلَغَ ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإذْنِ رَبِّها﴾ قالَ: هي النَّخْلَةُ ﴿ومَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ حَتّى بَلَغَ ما لَها مِن قَرارٍ قالَ: هي الحَنْظَلَةُ» . ورُوِيَ مَوْقُوفًا عَلى أنَسٍ، قالَ التِّرْمِذِيُّ: المَوْقُوفُ أصَحُّ. وأخْرَجَ أحْمَدُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ قالَ السُّيُوطِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في قَوْلِهِ: كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، قالَ «هِيَ الَّتِي لا يَنْقُصُ ورَقُها قالَ: هي النَّخْلَةُ» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ وغَيْرُهُ مِن حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَوْمًا لِأصْحابِهِ: «إنَّ شَجَرَةً مِنَ الشَّجَرِ لا يَطَّرِحُ ورَقُها مَثَلُ المُؤْمِنِ، قالَ: فَوَقَعَ النّاسُ في شَجَرَةِ البَوادِي، ووَقَعَ في قَلْبِي أنَّها النَّخْلَةُ، فاسْتَحْيَيْتُ حَتّى قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: هي النَّخْلَةُ»، وفي لَفْظٍ لِلْبُخارِيِّ قالَ: «أخْبِرُونِي عَنْ شَجَرَةٍ كالرَّجُلِ المُسْلِمِ لا يَتَحاتُّ ورَقُها ولا تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ،» فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وفِي لَفْظٍ لِابْنِ جَرِيرٍ وابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِن حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ «هَلْ تَدْرُونَ ما الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ ؟، ثُمَّ قالَ: هي النَّخْلَةُ» ورُوِيَ نَحْوُ هَذا عَنْ جَماعَةٍ مِنَ الصَّحابَةِ والتّابِعِينَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإذْنِ رَبِّها﴾ قالَ: كُلَّ ساعَةٍ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ والشِّتاءِ والصَّيْفِ، وذَلِكَ مَثَلُ المُؤْمِنِ يُطِيعُ رَبَّهُ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ والشِّتاءِ والصَّيْفِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ في الآيَةِ قالَ: يَكُونُ أخْضَرَ ثُمَّ يَكُونُ أصْفَرَ. وأخْرَجَ عَنْهُ أيْضًا في قَوْلِهِ: كُلَّ حِينٍ قالَ: جُذاذُ النَّخْلِ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ أيْضًا ﴿تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ﴾ قالَ: تُطْعِمُ في كُلِّ سِتَّةِ أشْهُرٍ. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ أيْضًا قالَ: الحِينُ هُنا سَنَةٌ. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنْهُ أيْضًا قالَ: الحِينُ قَدْ يَكُونُ غُدْوَةً وعَشِيَّةً. وقَدْ رُوِيَ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ السَّلَفِ في هَذا أقْوالٌ كَثِيرَةٌ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ وأهْلُ السُّنَنِ وغَيْرُهم عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ قالَ: «المُسْلِمُ إذا سُئِلَ في القَبْرِ يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثّابِتِ في الحَياةِ الدُّنْيا وفي الآخِرَةِ﴾» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ والبَيْهَقِيُّ عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ في قَوْلِهِ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآيَةَ قالَ: التَّثْبِيتُ في الحَياةِ الدُّنْيا إذا جاءَ المَلَكانِ إلى الرَّجُلِ في القَبْرِ، فَقالا: مَن رَبُّكَ ؟ فَقالَ: رَبِّيَ اللَّهُ، قالَ: وما دِينُكَ ؟ قالَ: دِينِي الإسْلامُ، قالَ: ومَن نَبِيُّكَ ؟ قالَ: نَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، فَذَلِكَ التَّثْبِيتُ في الحَياةِ الدُّنْيا. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ في الآيَةِ قالَ: " في الآخِرَةِ " القَبْرِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: " «قالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الآيَةَ قالَ: هَذا في القَبْرِ» . وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ مِن حَدِيثِها نَحْوَهُ. وأخْرَجَ البَزّارُ عَنْها أيْضًا «قالَتْ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ تُبْتَلى هَذِهِ الأُمَّةُ في قُبُورِها، فَكَيْفَ بِي وأنا امْرَأةٌ ضَعِيفَةٌ ؟ قالَ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾» الآيَةَ، وقَدْ ورَدَتْ أحادِيثُ كَثِيرَةٌ في سُؤالِ المَلائِكَةِ لِلْمَيِّتِ في قَبْرِهِ، وفي جَوابِهِ عَلَيْهِمْ وفي عَذابِ القَبْرِ وفِتْنَتِهِ، ولَيْسَ هَذا مَوْضِعَ بَسْطِها، وهي مَعْرُوفَةٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب