الباحث القرآني

. لَمّا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ عاقِبَةَ المُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ: ولَهم سُوءُ الدّارِ كانَ لِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: قَدْ نَرى كَثِيرًا مِنهم قَدْ وفَّرَ اللَّهُ لَهُ الرِّزْقَ وبَسَطَ لَهُ فِيهِ، فَأجابَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ ويَقْدِرُ﴾ فَقَدْ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن كانَ كافِرًا، ويُقَتِّرُهُ عَلى مَن كانَ مُؤْمِنًا ابْتِلاءً وامْتِحانًا، ولا يَدُلُّ البَسْطُ عَلى الكَرامَةِ ولا القَبْضُ عَلى الإهانَةِ، ومَعْنى يَقْدِرُ: يُضَيِّقُ. ومِنهُ ﴿ومَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ [الطلاق: ٧]، أيْ ضُيِّقَ، وقِيلَ: مَعْنى يَقْدِرُ: يُعْطِي بِقَدَرِ الكِفايَةِ، ومَعْنى الآيَةِ: أنَّهُ الفاعِلُ لِذَلِكَ وحْدَهُ القادِرُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ ﴿وفَرِحُوا بِالحَياةِ الدُّنْيا﴾ أيْ مُشْرِكُو مَكَّةَ فَرِحُوا بِالدُّنْيا وجَهِلُوا ما عِنْدَ اللَّهِ، قِيلَ: وفي هَذِهِ الآيَةِ تَقْدِيمٌ وتَأْخِيرٌ. والتَّقْدِيرُ: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثاقِهِ ويَقْطَعُونَ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ أنْ يُوصَلَ ويُفْسِدُونَ في الأرْضِ وفَرِحُوا بِالحَياةِ الدُّنْيا، فَيَكُونُ وفَرِحُوا مَعْطُوفًا عَلى يُفْسِدُونَ ﴿وما الحَياةُ الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلّا مَتاعٌ﴾ أيْ ما هي إلّا شَيْءٌ يُسْتَمْتَعُ بِهِ، وقِيلَ: المَتاعُ واحِدُ الأمْتِعَةِ كالقَصْعَةِ والسُّكُرُّجَةِ ونَحْوِهِما، وقِيلَ: المَعْنى: شَيْءٌ قَلِيلٌ ذاهِبٌ، مِن: مَتَعَ النَّهارُ؛ إذا ارْتَفَعَ فَلا بُدَّ لَهُ مِن زَوالٍ، وقِيلَ: زادٌ كَزادِ الرّاكِبِ يَتَزَوَّدُ بِهِ مِنها إلى الآخِرَةِ. ﴿ويَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ﴾ أيْ يَقُولُ أُولَئِكَ المُشْرِكُونَ مِن أهْلِ مَكَّةَ هَلّا أُنْزِلَ عَلى مُحَمَّدٍ آيَةٌ مِن رَبِّهِ ؟ وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذا قَرِيبًا، وتَكَرَّرَ في مَواضِعَ ﴿قُلْ إنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشاءُ﴾ أمَرَهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ أنْ يُجِيبَ عَلَيْهِمْ بِهَذا، وهو أنَّ الضَّلالَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحانَهُ، مَن شاءَ أنْ يُضِلَّهُ ضَلَّ كَما ضَلَّ هَؤُلاءِ القائِلُونَ ﴿لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ﴾ ﴿ويَهْدِي إلَيْهِ مَن أنابَ﴾ أيْ ويَهْدِي إلى الحَقِّ. أوْ إلى الإسْلامِ، أوْ إلى جَنابِهِ عَزَّ وجَلَّ مَن أنابَ، أيْ: مَن رَجَعَ إلى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ والإقْلاعِ عَمّا كانَ عَلَيْهِ، وأصْلُ الإنابَةِ الدُّخُولُ في نَوْبَةِ الخَيْرِ، كَذا قالَ النَّيْسابُورِيُّ، ومَحَلُّ " الَّذِينَ آمَنُوا " النَّصْبُ عَلى البَدَلِيَّةِ مِن قَوْلِهِ مَن أنابَ أيْ أنَّهم هُمُ الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ وأنابُوا إلَيْهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ " الَّذِينَ آمَنُوا " خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أيْ هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا، أوْ مَنصُوبٌ عَلى المَدْحِ. ﴿وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ أيْ تَسْكُنُ وتَسْتَأْنِسُ بِذِكْرِ اللَّهِ سُبْحانَهُ بِألْسِنَتِهِمْ، كَتِلاوَةِ القُرْآنِ والتَّسْبِيحِ والتَّحْمِيدِ والتَّكْبِيرِ والتَّوْحِيدِ، أوْ بِسَماعِ ذَلِكَ مِن غَيْرِهِمْ، وقَدْ سَمّى سُبْحانَهُ القُرْآنَ ذِكْرًا قالَ: ﴿وهَذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أنْزَلْناهُ﴾ [الأنبياء: ٥٠]، وقالَ: ﴿إنّا نَحْنُ نَزَّلْنا الذِّكْرَ﴾ [الحجر: ٩]، قالَ الزَّجّاجُ، أيْ: إذا ذُكِرَ اللَّهُ وحْدَهُ آمَنُوا بِهِ غَيْرَ شاكِّينَ بِخِلافِ مَن وُصِفَ بِقَوْلِهِ: ﴿وإذا ذُكِرَ اللَّهُ وحْدَهُ اشْمَأزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ﴾ [الزمر: ٤٥]، وقِيلَ: تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهم بِتَوْحِيدِ اللَّهِ، وقِيلَ: المُرادُ بِالذِّكْرِ هُنا الطّاعَةُ، وقِيلَ: بِوَعْدِ اللَّهِ، وقِيلَ: بِالحَلِفِ بِاللَّهِ، فَإذا حَلَفَ خَصْمُهُ بِاللَّهِ سَكَنَ قَلْبُهُ، وقِيلَ: بِذِكْرِ رَحْمَتِهِ، وقِيلَ: بِذِكْرِ دَلائِلِهِ الدّالَّةِ عَلى تَوْحِيدِهِ ألا بِذِكْرِ اللَّهِ وحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ، والنَّظَرُ في مَخْلُوقاتِ اللَّهِ سُبْحانَهُ وبَدائِعِ صُنْعِهِ وإنْ كانَ يُفِيدُ طُمَأْنِينَةً في الجُمْلَةِ - لَكِنْ لَيْسَتْ كَهَذِهِ الطُّمَأْنِينَةِ، وكَذَلِكَ النَّظَرُ في المُعْجِزاتِ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي لا يُطِيقُها البَشَرُ، فَلَيْسَ إفادَتُها لِلطُّمَأْنِينَةِ كَإفادَةِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَهَذا وجْهُ ما يُفِيدُهُ هَذا التَّرْكِيبُ مِنَ القَصْرِ. ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ طُوبى لَهم وحُسْنُ مَآبٍ﴾ المَوْصُولُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ الجُمْلَةُ الدُّعائِيَّةُ، وهي طُوبى لَهم عَلى التَّأْوِيلِ المَشْهُورِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَوْصُولُ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى المَدْحِ، و( طُوبى لَهم ) خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَوْصُولُ بَدَلًا مِنَ القُلُوبِ عَلى حَذْفِ مُضافٍ أيْ: قُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ والزَّجّاجُ وأهْلُ اللُّغَةِ: طُوبى فُعْلى مِنَ الطِّيبِ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وتَأْوِيلُها الحالُ المُسْتَطابَةُ، وقِيلَ: طُوبى شَجَرَةٌ في الجَنَّةِ، وقِيلَ: هي (p-٧٣١)الجَنَّةُ، وقِيلَ: هي البُسْتانُ بِلُغَةِ الهِنْدِ، وقِيلَ: مَعْنى طُوبى لَهم: حُسْنى لَهم، وقِيلَ: خَيْرٌ لَهم، وقِيلَ: كَرامَةٌ لَهم، وقِيلَ: غِبْطَةٌ لَهم، قالَ النَّحّاسُ: وهَذِهِ الأقْوالُ مُتَقارِبَةٌ، والأصْلُ طُيْبى فَصارَتِ الياءُ واوًا لِسُكُونِها وضَمِّ ما قَبْلِها، واللّامُ في " لَهم " لِلْبَيانِ، مِثْلُ سَقْيًا لَكَ ورَعْيًا لَكَ. وقُرِئَ " حُسْنُ مَآبٍ " بِالنَّصْبِ والرَّفْعِ، مِن آبَ إذا رَجَعَ، أيْ: وحُسْنُ مَرْجِعٍ، وهو الدّارُ الآخِرَةُ. ﴿كَذَلِكَ أرْسَلْناكَ في أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِها أُمَمٌ﴾ أيْ مِثْلُ ذَلِكَ الإرْسالِ العَظِيمِ الشَّأْنِ المُشْتَمِلِ عَلى المُعْجِزَةِ الباهِرَةِ أرْسَلْناكَ يا مُحَمَّدُ، وقِيلَ: شُبِّهَ الإنْعامُ عَلى مَن أُرْسِلَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ بِالإنْعامِ عَلى مَن أُرْسِلَ إلَيْهِ الأنْبِياءُ قَبْلَهُ، ومَعْنى ﴿فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِها أُمَمٌ﴾ في قَرْنٍ قَدْ مَضَتْ مِن قَبْلِهِ قُرُونٌ، أوْ في جَماعَةٍ مِنَ النّاسِ قَدْ مَضَتْ مِن قَبْلِها جَماعاتٌ ﴿لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ﴾ أيْ لِتَقْرَأ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، والحالُ أنَّهم يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ، أيْ: بِالكَثِيرِ الرَّحْمَةِ لِعِبادِهِ، ومِن رَحْمَتِهِ لَهم إرْسالُ الرُّسُلِ إلَيْهِمْ وإنْزالُ الكُتُبِ عَلَيْهِمْ كَما قالَ سُبْحانَهُ: ﴿وما أرْسَلْناكَ إلّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]، وجُمْلَةُ قُلْ هو رَبِّي مُسْتَأْنَفَةٌ بِتَقْدِيرِ سُؤالٍ كَأنَّهم قالُوا: وما الرَّحْمَنُ ؟ فَقالَ سُبْحانَهُ قُلْ يا مُحَمَّدُ هو رَبِّي أيْ خالِقِي، لا إلَهَ إلّا هو، أيْ: لا يَسْتَحِقُّ العِبادَةَ لَهُ والإيمانَ بِهِ سِواهُ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ في جَمِيعِ أُمُورِي وإلَيْهِ لا إلى غَيْرِهِ ( مَتابِ ) أيْ تَوْبَتِي، وفِيهِ تَعْرِيضٌ بِالكُفّارِ وحَثٌّ لَهم عَلى الرُّجُوعِ إلى اللَّهِ والتَّوْبَةِ مِنَ الكُفْرِ والدُّخُولِ في الإسْلامِ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سابِطٍ في قَوْلِهِ: ﴿وما الحَياةُ الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلّا مَتاعٌ﴾ قالَ: كَزادِ الرّاعِي يُزَوِّدُهُ أهْلُهُ الكَفَّ مِنَ التَّمْرِ أوِ الشَّيْءَ مِنَ الدَّقِيقِ أوِ الشَّيْءَ يَشْرَبُ عَلَيْهِ اللَّبَنَ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: كانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ في الزَّمانِ الأوَّلِ في إبِلِهِ، أوْ غَنَمِهِ فَيَقُولُ لِأهْلِهِ مَتِّعُونِي فَيُمَتِّعُونَهُ فِلْقَةَ الخُبْزِ أوِ التَّمْرِ، فَهَذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلدُّنْيا. وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «نامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ عَلى حَصِيرٍ فَقامَ وقَدْ أثَّرَ في جَنْبِهِ، فَقُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنا لَكَ ؟ فَقالَ: ما لِي ولِلدُّنْيا، ما أنا في الدُّنْيا إلّا كَراكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ راحَ وتَرَكَها» . وأخْرَجَ مُسْلِمٌ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ وابْنُ ماجَهْ عَنِ المُسْتَوْرِدِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: «ما الدُّنْيا في الآخِرَةِ إلّا كَمَثَلِ ما يَجْعَلُ أحَدُكم أُصْبُعَهُ هَذِهِ في اليَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ ؟ وأشارَ بِالسَّبّابَةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ قالَ: هَشَّتْ إلَيْهِ واسْتَأْنَسَتْ بِهِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ في الآيَةِ قالَ: إذا حَلَفَ لَهم بِاللَّهِ صَدَّقُوا ﴿ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ﴾ قالَ: تَسْكُنُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجاهِدٍ في الآيَةِ قالَ: بِمُحَمَّدٍ وأصْحابِهِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنْ أنَسٍ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ لِأصْحابِهِ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ﴾ هَلْ تَدْرُونَ ما مَعْنى ذَلِكَ ؟ قالُوا: اللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، قالَ: مَن أحَبَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ وأحَبَّ أصْحابِي» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ﴿ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ﴾ قالَ: ذاكَ مَن أحَبَّ اللَّهَ ورَسُولَهُ، وأحَبَّ أهْلَ بَيْتِي صادِقًا غَيْرَ كاذِبٍ، وأحَبَّ المُؤْمِنِينَ شاهِدًا وغائِبًا، ألا بِذِكْرِ اللَّهِ يَتَحابُّونَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿طُوبى لَهم﴾ قالَ: فَرَحٌ وقُرَّةُ عَيْنٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وهَنّادٌ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿طُوبى لَهم﴾ قالَ: نِعْمَ ما لَهم. وقَدْ رُوِيَ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ السَّلَفِ نَحْوُ ما قَدَّمْنا ذِكْرَهُ مِنَ الأقْوالِ، والأرْجَحُ تَفْسِيرُ الآيَةِ بِما رُوِيَ مَرْفُوعًا إلى النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ كَما أخْرَجَهُ أحْمَدُ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ حِبّانَ والطَّبَرانِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ قالَ: «جاءَ أعْرابِيٌّ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ في الجَنَّةِ فاكِهَةٌ ؟ قالَ: نَعَمْ، فِيها شَجَرَةٌ تُدْعى طُوبى» الحَدِيثَ. وأخْرَجَ أحْمَدُ وأبُو يَعْلى وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ حِبّانَ والخَطِيبُ في تارِيخِهِ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ «أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ طُوبى لِمَن رَآكَ وآمَنَ بِكَ، قالَ: طُوبى لِمَن آمَنَ بِي ورَآنِي، ثُمَّ طُوبى ثُمَّ طُوبى ثُمَّ طُوبى لِمَن آمَنَ بِي ولَمْ يَرَنِي، فَقالَ رَجُلٌ: وما طُوبى ؟ قالَ: شَجَرَةٌ في الجَنَّةِ مَسِيرُ مِائَةِ عامٍ، ثِيابُ أهْلِ الجَنَّةِ تَخْرُجُ مِن أكْمامِها» وفي البابِ أحادِيثُ وآثارٌ عَنِ السَّلَفِ، وقَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما مِن حَدِيثِ أنَسٍ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في الجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَسِيرُ الرّاكِبُ في ظِلِّها مِائَةَ سَنَةٍ، اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ ﴿وظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾» [الواقعة: ٣٠]، وفي بَعْضِ الألْفاظِ إنَّها شَجَرَةُ الخُلْدِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ ﴿وحُسْنُ مَآبٍ﴾ قالَ: حُسْنُ مُنْقَلَبٍ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الضَّحّاكِ مِثْلَهُ وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وهم يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾ قالَ: «ذُكِرَ لَنا أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ حِينَ صالَحَ قُرَيْشًا كَتَبَ في الكِتابِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقالَتْ قُرَيْشٌ: أمّا الرَّحْمَنُ فَلا نَعْرِفُهُ، وكانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يَكْتُبُونَ، بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَقالَ أصْحابُهُ: دَعْنا نُقاتِلْهم، فَقالَ: لا، ولَكِنِ اكْتُبُوا كَما يُرِيدُونَ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في هَذِهِ الآيَةِ نَحْوَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ وإلَيْهِ مَتابِ قالَ: تَوْبَتِي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب