الباحث القرآني
. .
قَوْلُهُ: ﴿ومَن أظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلى اللَّهِ كَذِبًا﴾ أيْ لا أحَدَ أظْلَمُ مِنهم لِأنْفُسِهِمْ لِأنَّهُمُ افْتَرَوْا عَلى اللَّهِ كَذِبًا بِقَوْلِهِمْ لِأصْنامِهِمْ: هَؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ، وقَوْلِهِمْ: المَلائِكَةُ بَناتُ اللَّهِ، وأضافُوا كَلامَهُ سُبْحانَهُ إلى غَيْرِهِ، واللَّفْظُ وإنْ كانَ لا يَقْتَضِي إلّا نَفْيَ وُجُودِ مَن هو أظْلَمُ مِنهم كَما يُفِيدُهُ الِاسْتِفْهامُ الإنْكارِيُّ، فالمَقامُ يُفِيدُ نَفْيَ المُساوِي لَهم في الظُّلْمِ.
فالمَعْنى عَلى هَذا: لا أحَدَ مِثْلَهم في الظُّلْمِ فَضْلًا عَنْ أنْ يُوجَدَ مَن هو أظْلَمُ مِنهم، والإشارَةُ بِقَوْلِهِ أُولَئِكَ إلى المَوْصُوفِينَ بِالظُّلْمِ المُتَبالِغِ، وهو مُبْتَدَأٌ، وخَبَرُهُ ﴿يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ﴾ فَيُحاسِبُهم عَلى أعْمالِهِمْ، أوِ المُرادُ بِعَرْضِهِمْ: عَرْضُ أعْمالِهِمْ ﴿ويَقُولُ الأشْهادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ﴾ الأشْهادُ: هُمُ المَلائِكَةُ الحَفَظَةُ، وقِيلَ المُرْسَلُونَ.
وقِيلَ المَلائِكَةُ والمُرْسَلُونَ والعُلَماءُ الَّذِينَ بَلَّغُوا ما أمَرَهُمُ اللَّهُ بِإبْلاغِهِ، وقِيلَ جَمِيعُ الخَلائِقِ.
والمَعْنى: أنَّهُ يَقُولُ هَؤُلاءِ الأشْهادُ عِنْدَ العَرْضِ: هَؤُلاءِ المُعْرَضُونَ أوِ المَعْرُوضَةُ أعْمالِهِمُ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ بِما نَسَبُوهُ إلَيْهِ ولَمْ يُصَرِّحُوا بِما كَذَبُوا بِهِ كَأنَّهُ كانَ أمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَ أهْلِ ذَلِكَ المَوْقِفِ.
قَوْلُهُ: ﴿ألا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الظّالِمِينَ﴾ هَذا مِن تَمامِ كَلامِ الأشْهادِ: أيْ يَقُولُونَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ، ويَقُولُونَ: (p-٦٥٣)ألا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الظّالِمِينَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهم بِالِافْتِراءِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن كَلامِ اللَّهِ سُبْحانَهُ قالَهُ بَعْدَما قالَ الأشْهادُ ﴿هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ﴾ .
والأشْهادُ جَمْعُ شَهِيدٍ، ورَجَّحَهُ أبُو عَلِيٍّ بِكَثْرَةِ وُرُودِ شَهِيدٍ في القُرْآنِ كَقَوْلِهِ: ﴿ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكم شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣] .
﴿فَكَيْفَ إذا جِئْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وجِئْنا بِكَ عَلى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] وجَمْعُ شاهِدٍ كَأصْحابٍ وصاحِبٍ، والفائِدَةُ في قَوْلِ الأشْهادِ بِهَذِهِ المَقالَةِ المُبالِغَةُ في فَضِيحَةِ الكُفّارِ، والتَّقْرِيعُ لَهم عَلى رُءُوسِ الأشْهادِ.
ثُمَّ وصَفَ هَؤُلاءِ الظّالِمِينَ الَّذِينَ لُعِنُوا بِأنَّهم ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ﴾ أيْ يَمْنَعُونَ مَن قَدَرُوا عَلى مَنعِهِ عَنْ دِينِ اللَّهِ والدُّخُولِ فِيهِ ﴿ويَبْغُونَها عِوَجًا﴾ أيْ يَصِفُونَها بِالِاعْوِجاجِ تَنْفِيرًا لِلنّاسِ عَنْها، أوْ يَبْغُونَ أهْلَها أنْ يَكُونُوا مُعْوَجِّينَ بِالخُرُوجِ عَنْها إلى الكُفْرِ، يُقالُ بَغَيْتُكَ شَرًا: أيْ طَلَبْتُهُ لَكَ والحالُ أنَّ ﴿وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ أيْ يَصِفُونَها بِالعِوَجِ، والحالُ أنَّهم بِالآخِرَةِ غَيْرُ مُصَدِّقِينَ فَكَيْفَ يَصُدُّونَ النّاسَ عَنْ طَرِيقِ الحَقِّ وهم عَلى الباطِلِ البَحْتِ ؟ وتَكْرِيرِ الضَّمِيرِ لِتَأْكِيدِ كُفْرِهِمْ واخْتِصاصِهِمْ بِهِ، حَتّى كَأنَّ كُفْرَ غَيْرِهِمْ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إلى عَظِيمِ كُفْرِهِمْ.
أُولَئِكَ المَوْصُوفُونَ بِتِلْكَ الصِّفاتِ ﴿لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ في الأرْضِ﴾ أيْ ما كانُوا يُعْجِزُونَ اللَّهَ في الدُّنْيا إنْ أرادَ عُقُوبَتَهم ﴿وما كانَ لَهم مِن دُونِ اللَّهِ مِن أوْلِياءَ﴾ يَدْفَعُونَ عَنْهم ما يُرِيدُهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ مِن عُقُوبَتِهِمْ وإنْزالِ بَأْسِهِ بِهِمْ، وجُمْلَةُ ﴿يُضاعَفُ لَهُمُ العَذابُ﴾ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ أنَّ تَأْخِيرَ العَذابِ والتَّراخِي عَنْ تَعْجِيلِهِ لَهم لِيَكُونَ عَذابًا مُضاعَفًا.
وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وابْنُ عامِرٍ ويَزِيدُ ويَعْقُوبُ: يُضَعَّفُ، مُشَدَّدًا ﴿ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ﴾ أيْ أفْرَطُوا في إعْراضِهِمْ عَنِ الحَقِّ وبُغْضِهِمْ لَهُ، حَتّى كَأنَّهم لا يَقْدِرُونَ عَلى السَّمْعِ ولا يَقْدِرُونَ عَلى الإبْصارِ لِفَرْطِ تَعامِيهِمْ عَنِ الصَّوابِ.
ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِقَوْلِهِ: ﴿وما كانَ لَهم مِن دُونِ اللَّهِ مِن أوْلِياءَ﴾ أنَّهم جَعَلُوا آلِهَتَهم أوْلِياءَ مِن دُونِ اللَّهِ ولا يَنْفَعُهم ذَلِكَ، فَما كانَ هَؤُلاءِ الأوْلِياءِ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وما كانُوا يُبْصِرُونَ، فَكَيْفَ يَنْفَعُونَهم فَيَجْلِبُونَ لَهم نَفْعًا أوْ يَدْفَعُونَ عَنْهم ضَرَرًا، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ ما هي المَدِّيَّةُ.
والمَعْنى: أنَّهُ يُضاعَفُ لَهُمُ العَذابُ مُدَّةَ اسْتِطاعَتِهِمُ السَّمْعَ والبَصَرَ.
قالَ الفَرّاءُ: ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ لِأنَّ اللَّهَ أضَلَّهم في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ.
وقالَ الزَّجّاجُ: لِبُغْضِهِمُ النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ وعَداوَتِهِمْ لَهُ لا يَسْتَطِيعُونَ أنْ يَسْمَعُوا مِنهُ ولا يَفْهَمُوا عَنْهُ.
قالَ النَّحّاسُ: هَذا مَعْرُوفٌ في كَلامِ العَرَبِ، يُقالُ: فُلانٌ لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَنْظُرَ إلى فُلانٍ: إذا كانَ ثَقِيلًا عَلَيْهِ.
أُولَئِكَ المُتَّصِفُونَ بِتِلْكَ الصِّفاتِ ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أنْفُسَهم﴾ بِعِبادَةِ غَيْرِ اللَّهِ.
والمَعْنى: اشْتَرَوْا عِبادَةَ الآلِهَةِ بِعِبادَةِ اللَّهِ فَكانَ خُسْرانُهم في تِجارَتِهِمْ أعْظَمَ خُسْرانٍ ﴿وضَلَّ عَنْهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أيْ ذَهَبَ وضاعَ ما كانُوا يَفْتَرُونَ مِنَ الآلِهَةِ الَّتِي يَدَّعُونَ أنَّها تَشْفَعُ لَهم ولَمْ يَبْقَ بِأيْدِيهِمْ إلّا الخُسْرانُ.
قَوْلُهُ: لا جَرَمَ قالَ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْهِ: لا جَرَمَ بِمَعْنى حَقٍّ فَهي عِنْدَهُما بِمَنزِلَةِ كَلِمَةٍ واحِدَةٍ، وبِهِ قالَ الفَرّاءُ.
ورُوِيَ عَنِ الخَلِيلِ والفَرّاءِ أنَّها بِمَنزِلَةِ قَوْلِكَ لا بُدَّ ولا مَحالَةَ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمالُها حَتّى صارَتْ بِمَنزِلَةِ حَقًّا.
وقالَ الزَّجّاجُ: إنَّ جَرَمَ بِمَعْنى كَسَبَ: أيْ كَسَبَ - ذَلِكَ الفِعْلُ - لَهُمُ الخُسْرانَ، وفاعِلُ كَسَبَ مُضْمَرٌ، وأنَّ مَنصُوبَةٌ بِجَرَمَ.
قالَ الأزْهَرِيُّ: وهَذا مِن أحْسَنِ ما نُقِلَ في هَذِهِ اللُّغَةِ.
وقالَ الكِسائِيُّ: مَعْنى لا جَرَمَ: لا صَدَّ ولا مَنعَ عَنْ أنَّهم في الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ.
وقالَ جَماعَةٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: إنَّ مَعْنى لا جَرَمَ لا قَطَعَ قاطِعٌ ﴿أنَّهم في الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ﴾ قالُوا: والجَرْمُ القَطْعُ، وقَدْ جَرَمَ النَّخْلَ واجْتَرَمَهُ: أيْ قَطَعَهُ، وفي هَذِهِ الآيَةِ بَيانُ أنَّهم في الخُسْرانِ قَدْ بَلَغُوا إلى حَدٍّ يَتَقاصَرُ عَنْهُ غَيْرُهم ولا يَبْلُغُ إلَيْهِ، وهَذِهِ الآياتُ مُقَرِّرَةٌ لِما سَبَقَ مِن نَفْيِ المُماثَلَةِ بَيْنَ مَن كانَ يُرِيدُ الحَياةَ الدُّنْيا وزِينَتَها، وبَيْنَ مَن كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ.
﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ صَدَّقُوا بِكُلِّ ما يَجِبُ التَّصْدِيقُ بِهِ مِن كَوْنِ القُرْآنِ مِن عِنْدِ اللَّهِ وغَيْرِ ذَلِكَ مِن خِصالِ الإيمانِ ﴿وعَمِلُوا الصّالِحاتِ وأخْبَتُوا إلى رَبِّهِمْ﴾ أيْ أنابُوا إلَيْهِ، وقِيلَ خَشَعُوا، وقِيلَ خَضَعُوا، قِيلَ: وأصْلُ الإخْباتِ الِاسْتِواءُ في الخَبْتِ: وهو الأرْضُ المُسْتَوِيَةُ الواسِعَةُ فَيُناسِبُ مَعْنى الخُشُوعِ والِاطْمِئْنانِ.
قالَ الفَرّاءُ: إلى رَبِّهِمْ، ولِرَبِّهِمْ واحِدٌ أُولَئِكَ المَوْصُوفُونَ بِتِلْكَ الصِّفاتِ الصّالِحَةِ ﴿أصْحابُ الجَنَّةِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ .
قَوْلُهُ: ﴿مَثَلُ الفَرِيقَيْنِ كالأعْمى والأصَمِّ والبَصِيرِ والسَّمِيعِ﴾ ضَرَبَ لِلْفَرِيقَيْنِ مَثَلًا وهو تَشْبِيهُ فَرِيقِ الكافِرِينَ بِالأعْمى والأصَمِّ، وتَشْبِيهُ فَرِيقِ المُؤْمِنِينَ بِالبَصِيرِ والسَّمِيعِ، عَلى أنَّ كُلَّ فَرِيقٍ شُبِّهَ بِشَيْئَيْنِ، أوْ شُبِّهَ بِمَن جَمَعَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، فالكافِرُ شُبِّهَ بِمَن جَمَعَ بَيْنَ العَمى والصَّمَمِ، والمُؤْمِنُ شُبِّهَ بِمَن جَمَعَ بَيْنَ السَّمْعِ والبَصَرِ، وعَلى هَذا تَكُونُ الواوُ في والأصَمِّ، وفي والسَّمِيعِ لِعَطْفِ الصِّفَةِ عَلى الصِّفَةِ، كَما في قَوْلِ الشّاعِرِ:
؎إلى المَلِكِ القَرِمِ وابْنِ الهُمامِ
والِاسْتِفْهامُ في قَوْلِهِ: ﴿هَلْ يَسْتَوِيانِ﴾ لِلْإنْكارِ: يَعْنِي الفَرِيقَيْنِ، وهَذِهِ الجُمْلَةُ مُقَرِّرَةٌ لِما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِ: ﴿أفَمَن كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ﴾ وانْتِصابُ مَثَلًا عَلى التَّمْيِيزِ مِن فاعِلِ يَسْتَوِيانِ: أيْ هَلْ يَسْتَوِيانِ حالًا وصِفَةً أفَلا تَذَكَّرُونَ في عَدَمِ اسْتِوائِهِما وفِيما بَيْنَهُما مِنَ التَّفاوُتِ الظّاهِرِ الَّذِي يَخْفى عَلى مَن لَهُ تَذَكُّرٌ، وعِنْدَهُ تَفَكُّرٌ وتَأمُّلٌ، والهَمْزَةُ لِإنْكارِ عَدَمِ التَّذَكُّرِ واسْتِبْعادِ صُدُورِهِ عَنِ المُخاطَبِينَ.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ومَن أظْلَمُ قالَ: الكافِرُ والمُنافِقُ ﴿أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ﴾ فَيَسْألُهم عَنْ أعْمالِهِمْ ﴿ويَقُولُ الأشْهادُ﴾ الَّذِينَ كانُوا يَحْفَظُونَ أعْمالَهم عَلَيْهِمْ في الدُّنْيا ﴿هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ﴾ شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الأشْهادُ المَلائِكَةُ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتادَةَ نَحْوَهُ.
وفِي الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما عَنِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ: «إنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ حَتّى يَضَعَ كَنَفَهُ ويَسْتُرَهُ مِنَ النّاسِ ويُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، ويَقُولُ لَهُ: (p-٦٥٤)أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذا، أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذا ؟ فَيَقُولُ: رَبِّ أعْرِفُ، حَتّى إذا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ ورَأى في نَفْسِهِ أنَّهُ قَدْ هَلَكَ قالَ: فَإنِّي سَتَرْتُها عَلَيْكَ في الدُّنْيا وأنا أغْفِرُها لَكَ اليَوْمَ، ثُمَّ يُعْطى كِتابَ حَسَناتِهِ.
وأمّا الكافِرُ والمُنافِقُ فَيَقُولُ الأشْهادُ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ ألا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الظّالِمِينَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قالَ: هو مُحَمَّدٌ يَعْنِي سَبِيلَ اللَّهِ، صَدَّتْ قُرَيْشٌ عَنْهُ النّاسَ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي مالِكٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَبْغُونَها عِوَجًا﴾ يَعْنِي يَرْجُونَ بِمَكَّةَ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ في الأرْضِ﴾ الآيَةَ قالَ: أخْبَرَ اللَّهُ سُبْحانَهُ أنَّهُ حالَ بَيْنَ أهْلِ الشِّرْكِ وبَيْنَ طاعَتِهِ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، أمّا في الدُّنْيا فَإنَّهُ قالَ: ﴿ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وما كانُوا يُبْصِرُونَ﴾ وأمّا في الآخِرَةِ فَإنَّهُ قالَ: ﴿فَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ ﴿خاشِعَةً﴾ [القلم: ٤٢] ٤٣ وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ﴾ قالَ: ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ أنْ يَسْمَعُوا خَيْرًا فَيَنْتَفِعُوا بِهِ، ولا يُبْصِرُوا خَيْرًا فَيَأْخُذُوا بِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: أخْبَتُوا قالَ: خافُوا.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قالَ: الإخْباتُ الإنابَةُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ وأبُو الشَّيْخِ قالَ: الإخْباتُ: الخُشُوعُ والتَّواضُعُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: اطْمَأنُّوا.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿مَثَلُ الفَرِيقَيْنِ كالأعْمى والأصَمِّ﴾ قالَ: الكافِرُ: ﴿والبَصِيرِ والسَّمِيعِ﴾ قالَ: المُؤْمِنُ.
{"ayahs_start":18,"ayahs":["وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُعۡرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمۡ وَیَقُولُ ٱلۡأَشۡهَـٰدُ هَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ أَلَا لَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ","ٱلَّذِینَ یَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ وَیَبۡغُونَهَا عِوَجࣰا وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ كَـٰفِرُونَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَمۡ یَكُونُوا۟ مُعۡجِزِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِیَاۤءَۘ یُضَـٰعَفُ لَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ مَا كَانُوا۟ یَسۡتَطِیعُونَ ٱلسَّمۡعَ وَمَا كَانُوا۟ یُبۡصِرُونَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ خَسِرُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ","لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ","إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَأَخۡبَتُوۤا۟ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ","۞ مَثَلُ ٱلۡفَرِیقَیۡنِ كَٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡأَصَمِّ وَٱلۡبَصِیرِ وَٱلسَّمِیعِۚ هَلۡ یَسۡتَوِیَانِ مَثَلًاۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ","وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦۤ إِنِّی لَكُمۡ نَذِیرࣱ مُّبِینٌ","أَن لَّا تَعۡبُدُوۤا۟ إِلَّا ٱللَّهَۖ إِنِّیۤ أَخَافُ عَلَیۡكُمۡ عَذَابَ یَوۡمٍ أَلِیمࣲ","فَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن قَوۡمِهِۦ مَا نَرَىٰكَ إِلَّا بَشَرࣰا مِّثۡلَنَا وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ إِلَّا ٱلَّذِینَ هُمۡ أَرَاذِلُنَا بَادِیَ ٱلرَّأۡیِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمۡ عَلَیۡنَا مِن فَضۡلِۭ بَلۡ نَظُنُّكُمۡ كَـٰذِبِینَ","قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّی وَءَاتَىٰنِی رَحۡمَةࣰ مِّنۡ عِندِهِۦ فَعُمِّیَتۡ عَلَیۡكُمۡ أَنُلۡزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمۡ لَهَا كَـٰرِهُونَ"],"ayah":"۞ مَثَلُ ٱلۡفَرِیقَیۡنِ كَٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡأَصَمِّ وَٱلۡبَصِیرِ وَٱلسَّمِیعِۚ هَلۡ یَسۡتَوِیَانِ مَثَلًاۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق