الباحث القرآني

وهي مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ، والكَلْبِيِّ، ومُقاتِلٍ، ومَدَنِيَّةٌ في قَوْلِ الحَسَنِ، وعِكْرِمَةَ، ومُجاهِدٍ، وقَتادَةَ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وابْنِ الزُّبَيْرِ وعائِشَةَ أنَّها نَزَلَتْ سُورَةُ الكَوْثَرِ بِمَكَّةَ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿إنّا أعْطَيْناكَ﴾ وقَرَأ الحَسَنُ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ، وطَلْحَةُ، والزَّعْفَرانِيُّ " أنْطَيْناكَ " بِالنُّونِ. قِيلَ هي لُغَةُ العَرَبِ العارِبَةِ. قالَ الأعْشى: ؎حِباؤُكَ خَيْرُ حِبا المُلُوكِ يُصانُ الحَلالُ وتُنْطِي الحُلُولا و﴿الكَوْثَرَ﴾ فَوْعَلٌ مِنَ الكَثْرَةِ وُصِفَ بِهِ لِلْمُبالَغَةِ في الكَثْرَةِ، مِثْلَ النَّوْفَلِ مِنَ النَّفْلِ، والجَوْهَرِ مِنَ الجَهْرِ. والعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ كَثِيرٍ في العَدَدِ أوِ القَدْرِ أوِ الخَطَرِ كَوْثَرًا، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎وقَدْ ثارَ نَقْعُ المَوْتِ حَتّى تَكَوْثَرا فالمَعْنى عَلى هَذا: إنّا أعْطَيْناكَ يا مُحَمَّدُ الخَيْرَ الكَثِيرَ البالِغَ في الكَثْرَةِ إلى الغايَةِ. وذَهَبَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ كَما حَكاهُ الواحِدِيُّ إلى أنَّ الكَوْثَرَ نَهْرٌ في الجَنَّةِ، وقِيلَ هو حَوْضُ النَّبِيِّ ﷺ في المَوْقِفِ. قالَهُ عَطاءٌ. وقالَ عِكْرِمَةُ: الكَوْثَرُ النُّبُوَّةُ. وقالَ الحَسَنُ: هو القُرْآنُ. وقالَ الحَسَنُ بْنُ الفَضْلِ: هو تَفْسِيرُ القُرْآنِ وتَخْفِيفُ الشَّرائِعِ. وقالَ أبُو بَكْرِ بْنُ عَيّاشٍ: هو كَثْرَةُ الأصْحابِ والأُمَّةِ. وقالَ ابْنُ كَيْسانَ: هو الإيثارُ. وقِيلَ هو الإسْلامُ، وقِيلَ رِفْعَةُ الذِّكْرِ، وقِيلَ نُورُ القَلْبِ، وقِيلَ الشَّفاعَةُ، وقِيلَ المُعْجِزاتُ، وقِيلَ إجابَةُ الدَّعْوَةِ، وقِيلَ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وقِيلَ الفِقْهُ في الدِّينِ، وقِيلَ الصَّلَواتُ الخَمْسُ، وسَيَأْتِي بَيانُ ما هو الحَقُّ. ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ﴾ الفاءُ لِتَرْتِيبِ ما بَعْدَها عَلى ما قَبْلَها، والمُرادُ الأمْرُ لَهُ ﷺ بِالدَّوامِ عَلى إقامَةِ الصَّلَواتِ المَفْرُوضَةِ ﴿وانْحَرْ﴾ البُدْنَ الَّتِي هي خِيارُ أمْوالِ العَرَبِ. قالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: إنَّ ناسًا كانُوا يُصَلُّونَ لِغَيْرِ اللَّهِ ويَنْحَرُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَأمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ أنْ تَكُونَ صَلاتُهُ ونَحْرُهُ لَهُ. وقالَ قَتادَةُ، وعَطاءٌ، وعِكْرِمَةُ: المُرادُ صَلاةُ العِيدِ، ونَحْرُ الأُضْحِيَّةِ. وقالَ النَّحْرُ: وضْعُ اليُمْنى عَلى اليُسْرى في الصَّلاةِ حَذا النَّحْرِ قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ. وقِيلَ هو أنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ في الصَّلاةِ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ إلى حِذاءَ نَحْرِهِ. وقِيلَ هو أنْ يَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ بِنَحْرِهِ قالَهُ الفَرّاءُ، والكَلْبِيُّ، وأبُو الأحْوَصِ. قالَ الفَرّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ العَرَبِ يَقُولُ نَتَناحَرُ: أيْ نَتَقابَلُ: نَحْرُ هَذا إلى نَحْرِ هَذا أيْ قُبالَتَهُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎أبا حَكَمٍ ما أنْتَ عُمُرًا مُجالِدٌ ∗∗∗ وسَيِّدُ أهْلِ الأبْطَحِ المُتَناحِرُ أيِ المُتَقابِلُ. وقالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: هو انْتِصابُ الرَّجُلِ في الصَّلاةِ بِإزاءِ المِحْرابِ، مِن قَوْلِهِمْ: مَنازِلُهم تَتَناحَرُ: تَتَقابَلُ. ورُوِيَ عَنْ عَطاءٍ أنَّهُ قالَ: أمَرَهُ أنْ يَسْتَوِيَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ جالِسًا حَتّى يَبْدُوَ نَحْرُهُ. وقالَ سُلَيْمانُ التَّمِيمِيُّ: المَعْنى: وارْفَعْ يَدَيْكَ بِالدُّعاءِ إلى نَحْرِكَ، وظاهِرُ الآيَةِ الأمْرُ لَهُ ﷺ بِمُطْلَقِ الصَّلاةِ ومُطْلَقِ النَّحْرِ وأنْ يَجْعَلَهُما لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ لا لِغَيْرِهِ، (p-١٦٦٠)وما ورَدَ في السُّنَّةِ مِن بَيانِ هَذا المُطْلَقِ بِنَوْعٍ خاصٍّ فَهو في حُكْمِ التَّقْيِيدِ لَهُ، وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ. ﴿إنَّ شانِئَكَ هو الأبْتَرُ﴾ أيْ إنَّ مُبْغِضَكَ هو المُنْقَطِعُ عَنِ الخَيْرِ عَلى العُمُومِ، فَيَعُمُّ خَيْرَيِ الدُّنْيا والآخِرَةِ، أوِ الَّذِي لا عَقِبَ لَهُ، أوِ الَّذِي لا يَبْقى ذِكْرُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. وظاهِرُ الآيَةِ العُمُومُ، وأنَّ هَذا شَأْنُ كُلِّ مَن يُبْغِضُ النَّبِيَّ ﷺ، ولا يُنافِي ذَلِكَ كَوْنَ سَبَبِ النُّزُولِ هو اْلَعاصَ بْنَ وائِلٍ، فالِاعْتِبارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ كَما مَرَّ غَيْرُهُ مَرَّةً. قِيلَ كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ إذا ماتَ الذُّكُورُ مِن أوْلادِ الرَّجُلِ قالُوا: قَدْ بُتِرَ فُلانٌ، فَلَمّا ماتَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إبْراهِيمُ خَرَجَ أبُو جَهْلٍ إلى أصْحابِهِ فَقالَ: بُتِرَ مُحَمَّدٌ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ. وقِيلَ: القائِلُ بِذَلِكَ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ. قالَ أهْلُ اللُّغَةِ: الأبْتَرُ مِنَ الرِّجالِ: الَّذِي لا ولَدَ لَهُ، ومِنَ الدَّوابِّ: الَّذِي لا ذَنَبَ لَهُ، وكُلُّ أمْرٍ انْقَطَعَ مِنَ الخَيْرِ أثَرُهُ فَهو أبْتَرُ، وأصْلُ البَتْرِ القَطْعُ، يُقالُ بَتَرْتُ الشَّيْءَ بَتْرًا: قَطَعْتُهُ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، وأبُو داوُدَ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ أنَسٍ قالَ «أغْفى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إغْفاءَةً فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُبْتَسِمًا فَقالَ: إنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيَّ آنِفًا سُورَةٌ، فَقَرَأ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ حَتّى خَتَمَها قالَ: هَلْ تَدْرُونَ ما الكَوْثَرُ ؟ قالُوا: اللَّهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، قالَ: هو نَهْرٌ أعْطانِيهِ رَبِّي في الجَنَّةِ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ القِيامَةِ، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ الكَواكِبِ، يَخْتَلِجُ العَبْدُ مِنهم فَأقُولُ يا رَبِّ إنَّهُ مِن أُمَّتِي، فَيُقالُ إنَّكَ لا تَدْرِي ما أحْدَثَ بَعْدَكَ» . وأخْرَجَ أيْضًا مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَإذا أنا بِنَهْرٍ حافَّتاهُ خِيامُ اللُّؤْلُؤِ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي إلى ما يَجْرِي فِيهِ الماءُ فَإذا مِسْكٌ أذْفَرُ، قُلْتُ: ما هَذا يا جِبْرِيلُ ؟ قالَ: هَذا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَهُ اللَّهُ» وقَدْ رُوِيَ عَنْ أنَسٍ مِن طُرُقٍ كُلُّها مُصَرِّحَةٌ بِأنَّ الكَوْثَرَ هو النَّهْرُ الَّذِي في الجَنَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عائِشَةَ أنَّها سُئِلَتْ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ قالَتْ: هو نَهْرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكم ﷺ في بُطْنانِ الجَنَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ نَهْرٌ في الجَنَّةِ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ عَنْ حُذَيْفَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ قالَ: نَهْرٌ في الجَنَّةِ، وحَسَّنَ السُّيُوطِيُّ إسْنادَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا «أنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ إنَّكَ أُعْطِيتَ نَهْرًا في الجَنَّةِ يُدْعى الكَوْثَرَ، فَقالَ: أجَلْ وأرْضُهُ ياقُوتٌ ومَرْجانٌ وزَبَرْجَدٌ ولُؤْلُؤٌ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما الكَوْثَرُ ؟ قالَ: هو نَهْرٌ مِن أنْهارِ الجَنَّةِ أعْطانِيهِ اللَّهُ» فَهَذِهِ الأحادِيثُ تَدُلُّ عَلى أنَّ الكَوْثَرَ هو النَّهْرُ الَّذِي في الجَنَّةِ، فَيَتَعَيَّنُ المَصِيرُ إلَيْها، وعَدَمُ التَّعْوِيلِ عَلى غَيْرِها، وإنْ كانَ مَعْنى الكَوْثَرِ: هو الخَيْرَ الكَثِيرَ في لُغَةِ العَرَبِ، فَمَن فَسَّرَهُ بِما هو أعَمُّ مِمّا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَهو تَفْسِيرٌ ناظِرٌ إلى المَعْنى اللُّغَوِيِّ. كَما أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وأحْمَدُ، والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ وابْنُ ماجَهْ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَطاءِ بْنِ السّائِبِ قالَ: قالَ مُحارِبُ بْنُ دِثارٍ: قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ في الكَوْثَرِ: قُلْتُ حَدَّثَنا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: هو الخَيْرُ الكَثِيرُ، فَقالَ: صَدَقَ، إنَّهُ لَلْخَيْرُ الكَثِيرُ. ولَكِنْ حَدَّثَنا ابْنُ عُمَرَ قالَ نَزَلَتْ ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الكَوْثَرُ نَهْرٌ في الجَنَّةِ حافَّتاهُ مِن ذَهَبٍ يَجْرِي عَلى الدُّرِّ والياقُوتِ، تُرْبَتُهُ أطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وماؤُهُ أشَدُّ بَياضًا مِنَ اللَّبَنِ وأحْلى مِنَ العَسَلِ» . وأخْرَجَ البُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، والحاكِمُ مِن طَرِيقِ أبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ في الكَوْثَرِ: هو الخَيْرُ الَّذِي أعْطاهُ اللَّهُ إيّاهُ. قالَ أبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإنَّ ناسًا يَزْعُمُونَ أنَّهُ نَهْرٌ في الجَنَّةِ، قالَ: النَّهْرُ الَّذِي في الجَنَّةِ مِنَ الخَيْرِ الَّذِي أعْطاهُ اللَّهُ إيّاهُ. وهَذا التَّفْسِيرُ مِن حَبْرِ الأُمَّةِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ناظِرٌ إلى المَعْنى اللُّغَوِيِّ كَما عَرَفْناكَ، ولَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ فَسَّرَهُ فِيما صَحَّ عَنْهُ أنَّهُ النَّهْرُ الَّذِي في الجَنَّةِ، وإذا جاءَ نَهْرُ اللَّهِ بَطَلَ نَهْرُ مَعْقِلٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ﴾ قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِجِبْرِيلَ: ما هَذِهِ النَّحِيرَةُ الَّتِي أمَرَنِي بِها رَبِّي ؟ فَقالَ: إنَّها لَيْسَتْ بِنَحِيرَةٍ، ولَكِنْ يَأْمُرُكَ إذا تَحَرَّمْتَ لِلصَّلاةِ أنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ إذا كَبَّرْتَ، وإذا رَكَعْتَ، وإذا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ، فَإنَّها صَلاتُنا وصَلاةُ المَلائِكَةِ الَّذِينَ هم في السَّماواتِ السَّبْعِ، وإنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ زِينَةً، وزِينَةُ الصَّلاةِ رَفْعُ اليَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، قالَ النَّبِيُّ ﷺ: رَفْعُ اليَدَيْنِ مِنَ الِاسْتِكانَةِ الَّتِي قالَ اللَّهُ ﴿فَما اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وما يَتَضَرَّعُونَ﴾ [المؤمنون: ٧٦]» وهو مِن طَرِيقِ مُقاتِلِ بْنِ حَيّانَ عَنِ الأصْبَغِ بْنِ نُباتَةَ عَنْ عَلِيٍّ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: «إنَّ اللَّهَ أوْحى إلى رَسُولِهِ أنِ ارْفَعْ يَدَيْكَ حِذاءَ نَحْرِكَ إذا كَبَّرْتَ لِلصَّلاةِ، فَذاكَ النَّحْرُ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، والبُخارِيُّ في تارِيخِهِ وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والدّارَقُطْنِيُّ في الأفْرادِ وأبُو الشَّيْخِ، والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ﴾ قالَ: وضَعَ يَدَهُ اليُمْنى عَلى وسَطِ ساعِدِهِ اليُسْرى ثُمَّ وضَعَهُما عَلى صَدْرِهِ في الصَّلاةِ. وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ أنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِثْلَهُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ شاهِينَ في سُنَنِهِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ﴾ قالَ: إذا صَلَّيْتَ فَرَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ الرُّكُوعِ فاسْتَوِ قائِمًا. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَةِ قالَ: الصَّلاةُ المَكْتُوبَةُ، والذَّبْحُ يَوْمَ الأضْحى. وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْهُ ﴿وانْحَرْ﴾ قالَ: يَقُولُ واذْبَحْ يَوْمَ النَّحْرِ. وأخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قَدِمَ كَعْبُ بْنُ الأشْرَفِ مَكَّةَ فَقالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: أنْتَ خَيْرُ أهْلِ المَدِينَةِ وسَيِّدُهم، ألا تَرى إلى هَذا الصّابِئِ (p-١٦٦١)المُنْبَتِرِ مِن قَوْمِهِ يَزْعُمُ أنَّهُ خَيْرٌ مِنّا، ونَحْنُ أهْلُ الحَجِيجِ وأهْلُ السِّقايَةِ وأهْلُ السَّدانَةِ، قالَ: أنْتُمْ خَيْرٌ مِنهُ، فَنَزَلَتْ: ﴿إنَّ شانِئَكَ هو الأبْتَرُ﴾ ونَزَلَتْ ﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتابِ﴾ [النساء: ٤٤] إلى قَوْلِهِ: ﴿فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٥٢] قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وإسْنادُهُ صَحِيحٌ. وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أبِي أيُّوبَ قالَ: لَمّا ماتَ إبْراهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَشى المُشْرِكُونَ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ فَقالُوا: إنَّ هَذا الصّابِئَ قَدْ بُتِرَ اللَّيْلَةَ فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ إلى آخِرِ السُّورَةِ. وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وابْنُ عَساكِرَ مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ عَنْ أبِي صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ أكْبَرُ ولَدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ القاسِمَ ثُمَّ زَيْنَبَ، ثُمَّ عَبْدَ اللَّهِ، ثُمَّ أُمَّ كُلْثُومٍ، ثُمَّ فاطِمَةَ، ثُمَّ رُقَيَّةَ، فَماتَ القاسِمُ وهو أوَّلُ مَيِّتٍ مِن أهْلِهِ ووَلَدِهِ بِمَكَّةَ، ثُمَّ ماتَ عَبْدُ اللَّهِ، فَقالَ العاصُ بْنُ وائِلٍ السَّهْمِيُّ: قَدِ انْقَطَعَ نَسْلُهُ فَهو أبْتَرُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿إنَّ شانِئَكَ هو الأبْتَرُ﴾ وفي إسْنادِهِ الكَلْبِيُّ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿إنَّ شانِئَكَ هو الأبْتَرُ﴾ قالَ: أبُو جَهْلٍ.وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ ﴿إنَّ شانِئَكَ﴾ يَقُولُ: عَدُّوَكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب