الباحث القرآني

(ورفعنا لك ذكرك) وزيادة لك في الموضعين وعنك في موضع تفيد إبهام المشروح والموضوع والمرفوع ثم توضيحه. والإيضاح بعد الإبهام أوقع في الذهن، قال الحسن وذلك أن الله لا يذكر في موضع إلا ذكر صلى الله عليه وسلم معه. قال قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد؛ ولا صاحب صلاة إلا ينادي فيقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله، قال مجاهد يعني بالتأذين، وعبارة الخطيب تذكر معي في الأذان والإقامة والتشهد ويوم الجمعة على المنابر ويوم الفطر، ويوم الأضحى، ويوم عرفة وأيام التشريق وعند الجمار وعلى الصفا والمروة، وفي خطبة النكاح ومشارق الأرض ومغاربها، ولو أن رجلاً عبد الله وصدق بالجنة والنار وكل شيء ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم ينتفع بشيء وكان كافراً انتهى. وقيل المعنى ذكرناك في الكتب المنزلة على الأنبياء قبلك وأمرناهم بالبشارة بك، ولا دين إلا ودينك يظهر عليه، وقيل رفعنا ذكرك عند الملائكة في السماء وعند المؤمنين في الأرض، ونرفع ذكرك في الآخرة بما نعطيك من المقام المحمود وكرائم الدرجات وجلائل المراتب، قال الضحاك لا تقبل صلاة إلا به ولا تجوز خطبة إلا به. وقيل رفع ذكره بأخذ ميثاقه على النبيين وإلزامهم الإيمان به والإقرار بفضله. والظاهر أن هذا الرفع لذكره الذي امتن الله به عليه يتناول جميع هذه الأمور، فكل واحد منها من أسباب رفع الذكر، وكذلك أمره بالصلاة والسلام عليه وإخباره صلى الله عليه وآله وسلم عن الله عز وجل أن من صلى عليه واحدة صلى الله عليه بها عشراً. وكم من موضع في القرآن يذكر فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الله سبحانه من ذلك قوله تعالى (والله ورسوله أحق أن يرضوه) وأمر الله بطاعته صلى الله عليه وآله وسلم كقوله (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) وقوله (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا عنه) وقوله: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وغير ذلك. وبالجملة فقد ملأ ذكره الجميل السموات والأرضين، وجعل الله له من لسان الصدق والذكر الحسن والثناء الصالح ما لم يجعله لأحد من عباده، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله عدد ما صلى عليه المصلون بكل لسان في كل زمان. وما أحسن قول حسان رضي الله تعالى عنه: أغر عليه للنبوة خاتم ... من الله مشهور يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي مع اسمه ... إذا قال في الخمس المؤذن أشهد وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " أتاني جبريل فقال إن ربك يقول تدري كيف رفعت ذكرك. قلت الله ورسوله أعلم، قال إذا ذكرت ذكرت معي " [[سقطت هذه الكلمة من الأصل، واستدركناها من الطبري وغيره.]] أخرجه أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل وقد روي بطرق. وقال ابن عباس في الآية لا يذكر الله إلا ذكر معه فهو الذي يطوى به الذكر الجميل ويبدأ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب