الباحث القرآني
وقرئ بالإفراد ويراد به جنس المسجد، وعلى هذا يندرج فيه سائر المساجد ويدخل المسجد الحرام دخولاً أولياً، قال النحاس: وقد أجمعوا على الجمع في قوله: (إنما يعمر مساجد الله).
قلت: وهي أيضاً محتملة للأمرين وعن الحسن البصري: إنما قال تعالى مساجد والمراد المسجد الحرام لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها فعامره كعامر جميع المساجد أو لأن كل بقعة وناحية من بقاعه ونواحيه المختلفة الجهات مسجد على حياله بخلاف سائر المساجد، إذ ليس في نواحيها اختلاف الجهة، ويؤيده القراءة بالتوحيد.
قال الفراء: العرب قد تضع الواحد مكان الجمع كقولهم فلان كثير الدرهم وبالعكس، كقولهم فلان يجالس الملوك، ولعله لم يجالس إلا ملكاً واحداً، والمراد بالعمارة إما المعنى الحقيقي أو المعنى المجازي وهو ملازمته ودخوله والتعبد والقعود فيه، وكلاهما ليس للمشركين، أما الأول فلأنه يستلزم المنة على المسلمين بعمارة مساجدهم، وأما الثاني فلكون الكفار لا عبادة لهم مع نهيهم عن قربان المسجد الحرام.
قيل لو أوصى كافر ببناء المسجد لم تقبل وصيته، وكذا يمنع من دخول المسجد بغير إذن مسلم حتى لو دخل عزر، وإن داخل بإذن لم يعزر، ولكن لا بد من حاجة فيشترط للجواز الإذن والحاجة، ويدل على جواز دخول الكافر المسجد بالإذن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شد ثمامة بن أثال إلى سارية من سواري المسجد، وهو كافر، والأولى تعظيم المساجد ومنعهم من دخولها.
(شاهدين) بإظهار ما هو كفر من نصب الأوثان والعبادة لها وجعلها آلهة، فإن هذا شهادة منهم (على أنفسهم بالكفر) وإن أبوا ذلك بألسنتهم، فكيف يجمعون بين أمرين متنافيين، عمارة المساجد التي هي من شأن المؤمنين، والشهادة على أنفسهم بالكفر التي ليست من شأن من يتقرب إلى الله بعمارة مساجده.
وقيل المراد بهذه الشهادة قولهم في طوافهم: لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك، مع قولهم نحن نعبد اللات والعزى، وقيل أن اليهودي يقول هو يهودي، والنصراني يقول هو نصراني، والصابئ يقول هو صابئ، والمشرك يقول هو مشرك.
وقال ابن عباس: شهادتهم سجودهم للأصنام. وقال الحسن: كلامهم بالكفر، وقيل شاهدين على رسولهم بالكفر، لأنه من أنفسهم وما أبعده عن المقام.
(أولئك حبطت أعمالهم) التي يفتخرون بها ويظنون أنها من أعمال الخير مثل العمارة والحجابة والسقاية، وفك المعاني لأنها مع الكفر لا تأثير لها، أي بطلت ولم يبق لها أثر (وفي النار هم خالدون) في هذه الجملة الاسمية مع تقديم الظرف المتعلق بالخبر تأكيد لمضمونها.
ثم بين سبحانه من هو حقيق بعمارة المساجد فقال: (إنما يعمر مساجد الله) الظاهر أن الجمع هنا حقيقة لأن المراد جميع المؤمنين العامرين لجميع مساجد أقطار الأرض، والتعمير بنحو البناء والتزيين بالفرش والسراج، وبالعبادة وترك حديث الدنيا، يقال عمرت الدار عمراً من باب قتل بنيتها، والاسم العمارة بالكسر وعمرت الخراب عمراً من باب كتب فهو عامر أي معمور.
قال أبو السعود: والمراد بالعمارة ما يعم مرمة ما استرم منها وقمها وتنظيفها ودراسة العلوم فيها ونحو ذلك انتهى، وقد تقدم الكلام في وجه جمع المساجد وفي بيان ماهية العمارة، ومن يجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز حمل العمارة هنا عليهما قال أبو السعود: إدراج السجد الحرام في ذلك غير مخالف لمقتضى الحال، فإن الإيجاب ليس كالسلب، وقد قرئ بالإفراد أيضاً، والمراد هنا قصر تحقق العمارة ووجودها على المؤمنين لا قصر جوازها ولياقتها، أي إنما يصح ويستقيم أن يعمرها عمارة يعتد بها.
(من آمن بالله) وحده (واليوم الآخر) بما فيه من البعث والحساب والجزاء حسبما نطق به الوحي (وأقام الصلاة وآتى الزكاة) على ما علم من الدين فيندرج فيه الإيمان بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم حتماً، وقيل هو مندرج تحت الإيمان بالله خاصة فإن أحد جزأي كلمتي الشهادة علم للكل.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان، قال الله تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر " [[الدارميّ كتاب الصلاة باب 23.]] أخرجه أحمد والدارقطني والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن المنذر والبيهقي وعبد بن حميد.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من بنى لله مسجداً صغيراً كان أو كبيراً بنى الله له بيتاً في الجنة " [[الترمذي كتاب المواقيت باب 120.]] أخرجه الترمذي.
وعن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة " [[مسلم 533 - البخاري 297.]] وقد وردت أحاديث كثيرة في استحباب ملازمة المساجد وعمارتها والتردد إليها للطاعات.
(ولم يخش) أحداً (إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) فيه حسم لأطماع الكفار في الانتفاع بأعمالهم. فإن الموصوفين بتلك الصفات الأربع إذا كان اهتداؤهم مرجواً فقط، فكيف بالكفار الذين لم يتصفوا بشيء من تلك الصفات، وقيل عسى من الله واجبة.
وقال ابن عباس: كل عسى في القرآن فهي واجبة، كقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) وهي الشفاعة.
وقيل هي بمعنى خليق، أي فخليق أن يكونوا من المهتدين، وقيل أن الرجاء راجع إلى العباد.
قال ابن عباس: يقول من وحد الله وآمن بما أنزل الله وأقام الصلوات الخمس ولم يتعبد إلا الله فهو من المهتدين، فمن كان جامعاً بين هذه الأوصاف فهو الحقيق بعمارة المساجد لا من كان خالياً منها أو من بعضها.
واقتصر على ذكر الصلاة والزكاة والخشية تنبيهاً بما هو أعظم أمور الدين على ما عداه مما افترضه الله على عباده لأن كل ذلك من لوازم الإيمان.
أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ
والاستفهام في قوله:
{"ayah":"إِنَّمَا یَعۡمُرُ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ یَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَن یَكُونُوا۟ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق