الباحث القرآني

(أن جاءه الأعمى) مفعول لأجله أي لأن جاءه، والعامل فيه إما عبس أو تولى، على الاختلاف بين البصريين والكوفيين في التنازع هل المختار أعمال الأول أو الثاني، والمختار مذهب البصريين لعدم الإضمار في الثاني. وقد أجمع المفسرون على أن سبب نزول الآية " أن قوماً من أشراف قريش كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله ابن أم مكتوم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطع عليه ابن أم مكتوم كلامه، فأعرض عنه، فنزلت " [[قوله تعالى: (عبس وتولى) قال المفسرون: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً يناجي عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشام، وأُمية وأُبَيّاً ابني خلف، ويَدعْوهم إلى الله تعالى، ويرجو إسلامهم، فجاء بن أم مكتوم الأعمى، فقال: علمني يا رسول الله مما علَّمك الله، وجعل يناديه، ويكرِّر النداء، ولا يدري أنه مشتغل بكلام غيره، حتى ظهرت الكراهية في وجهه - صلى الله عليه وسلم - لقطعه كلامه، فأعرض عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقبل على القوم يكلِّمهم، فنزلت هذه الآيات، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرمه بعد ذلك، ويقول: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي.]]. وعن عائشة قالت: " أنزلت عبس وتولى في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول أترى بما أقول بأساً، فيقول لا، ففي هذا أنزلت " أخرجه الترمذي وحسنه وابن المنذر وابن حيان والحاكم وصححه وابن مردويه. وعن أنس قال: " جاء ابن أم مكتوم وهو يكلم أبيّ بن خلف فأعرض عنه، فأنزل الله (عبس) الخ وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه " أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو يعلى. وعن ابن عباس قال: " بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يناجي عتبة بن ربيعة والعباس بن عبد المطلب وأبا جهل بن هشام، وكان يتصدى لهم كثيراً، ويحرص عليهم أن يؤمنوا فأقبل عليهم رجل أعمى يقال له عبد الله ابن أم مكتوم يمشي وهو يناجيهم، فجعل عبد الله يستقرىء النبي صلى الله عليه وآله وسلم آية من القرآن، قال يا رسول الله علمني مما علمك الله، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعبس في وجهه وتولى وكره كلامه، وأقبل على الآخرين، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نجواه وأخذ ينقلب إلى أهله أمسك الله ببعض بصره ثم خفق برأسه ثم أنزل الله (عبس وتولى) الآية، فلما نزل فيه ما نزل أكرمه نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم وكلمه وقال له: ما حاجتك هل تريد من شيء؟ وإذا ذهب من عنده قال: هل لك حاجة في شيء " أخرجه ابن جرير وابن مردويه، قال ابن كثير فيه غرابة وقد تكلم في إسناده [[ذكره الواحدي في " أسباب النزول " ص 333 بغير سند، وقال الحافظ في " تخريج أحاديث الكشاف 181 ذكره الثعلبي بلا إسناد، وأخرجه ابن أبي حاتم من رواية العوفي عن ابن عباس نحوه. وأخرج الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، وابن حبان عن عائشة قالت: أُنزلت سورة " عبس وتولى " في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يقول. يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرض عنه، ويقبل على الآخر، ويقول: أترى بما أقول بأساً؟ فيقول: لا، ففي هذا أُنزلت.]]. وقال المحلي: فكان بعد ذلك يقول له إذا جاء مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، ويبسط له رداءه، وقال الخازن استخلفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المدينة ثلاث عشرة مرة في غزواته [[أي يستخلفه للصلاة بالناس.]] وكان من المهاجرين الأولين، قيل قتل شهيداً بالقادسية قال أنس بن مالك رأيته يوم القادسية وعليه درع ومعه راية سوداء [[كلمة أنس لا تصح لأن الرجل أعمى.]]. قرأ الجمهور (أن جاءه الأعمى) على الخبر بدون الاستفهام، ووجهه ما تقدم. وقرأ الحسن (أن جاءه) بالمد على الاستفهام فهو على هذه القراءة متعلق بفعل محذوف دل عليه عبس وتولى والتقدير أن جاءه الأعمى تولى وأعرض.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب