(ذلك) أي العقاب الذي أنزله الله بهم (بأن الله لم يك) مجزوم بسكون النون المحذوفة تخفيفاً أي ما كان (مغيراً نعمة أنعمها على قوم) المراد بالنعمة هو محمد - صلى الله عليه وسلم - أنعم بها على قريش فكفروا به وكذبوه فنقله الله إلى الأنصار، قاله السدي والجملة جارية مجرى التعليل لما حل بهم من عذاب الله أي أن ذلك العقاب بسبب أن عادة الله في عباده عدم تغيير النعمة التي ينعم بها عليهم مبدلاً لها بالنقمة.
(حتى يغيروا ما بأنفسهم) من الأحوال والأخلاق بكفران نعم الله وغمص [[الغمص كفران النعمة إ. هـ منه.]] إحسانه وإهمال أوامره ونواهيه، وهذا يعم الحال المرضية والقبيحة، فكما تغير الحال المرضية إلى المسخوطة كذلك تغير الحال المسخوطة إلى ما هو أسوأ منها، هذا حاصل ما في الكشاف، وذلك كما كان من آل فرعون ومن قبلهم ومن قريش ومن يماثلهم من المشركين، فإن الله فتح لهم أبواب الخيرات في الدنيا ومنّ عليهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب، فقابلوا هذه النعم بالكفر فاستحقوا تغيير النعم كما غيروا ما كان يجب عليهم سلوكه والعمل به من شكرها وقبولها.
وجملة (وأن الله سميع عليم) معطوفة على ما قبلها داخلة معها في التعليل، أي ذلك بسبب أن الله لم يك مغيراً وبسبب أن الله سميع يسمع ما يقولونه، وعليم يعلم ما يفعلونه.
ثم كرر ما تقدم فقال:
{"ayah":"ذَ ٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ یَكُ مُغَیِّرࣰا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ یُغَیِّرُوا۟ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ"}