الباحث القرآني

(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى) مثل ضرب للمشرك والموحد توضيحاً لحالهما وتحقيقاً لشأن مذهبهما، والفاء لترتيب ذلك على ما ظهر من سوء حالهم وخرورهم في مهاوي الغرور، وركوبهم متن عشواء العتو والنفور، وعدم اهتدائهم في مسلك المحاجة إلى جهة يتوهم فيها رشد في الجملة، فإن تقدم الهمزة عليها صورة إنما هو لاقتضائها الصدارة، وأما بحسب المعنى فالأمر بالعكس كما هو المشهور حتى لو كان مكان الهمزة هل لقيل: فهل من يمشي مكباً الخ. والمكب والمنكب الساقط على وجهه يقال: كببته فأكب وانكب وقيل هو الذي يكب رأسه فلا ينظر يميناً ولا شمالاً ولا أماماً فهو لا يأمن العثور والانكباب على وجهه، وقيل: أراد به الأعمى الذي لا يهتدي إلى الطريق، فلا يزال مشيه ينكسه على وجهه، والمكب اسم فاعل من أكب اللازم المطاوع لكبه، يقال: كبه الله على وجهه في النار فأكب أي سقط. وهذا على خلاف القاعدة من أن الهمزة إذا دخلت على اللازم تصيره متعدياً، وهنا قد دخلت على للتعدي فصيرته لازماً. قال قتادة: هو الكافر يكب على معاصي الله سبحانه في الدنيا فيحشره الله يوم القيامة على وجهه، والهمزة للاستفهام الإنكاري، والمعنى هل هذا الذي يمشي على وجهه أهدى إلى المقصد الذي يريده. (أمَّن يمشي سوياً) قائماً معتدلاً ناظراً إلى ما بين يديه سالماً من الخبط والعثار (على صراط مستقيم) أي على طريق مستوٍ، لا اعوجاج به ولا انحراف فيه، قال ابن عباس: مكباً في الضلالة وسوياً مهتدياً قيل يعني بالمكب أبا جهل وبالسوي النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: أراد بمن يمشي مكباً من يحشر على وجهه إلى النار. ومن يمشي سوياً من يحشر على قدميه إلى الجنة، وهو كقول قتادة الذي ذكرناه ومثله قوله: (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم) وخبر " من " محذوف لدلالة خبر " من " الأولى وهو أهدى عليه، وقيل: لا حاجة إلى ذلك لأن " من " الثانية معطوف على " من " الأولى عطف المفرد على المفرد كقولك: أزيد قائم أم عمرو، ووحد الخبر لأن أم لأحد الشيئين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب