الباحث القرآني

(وهو الذي يتوفاكم) ينيمكم (بالليل) فيقبض فيه نفوسكم التي بها تميزون، وليس ذلك موتاً حقيقة فهو مثل قوله: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) والتوفي استيفاء الشيء وتوفيت الشيء واستوفيته إذا أخذته أجمع، قيل إن في الجسد روحين، روح الحياة وهي لا تخرج إلا بالموت وروح التمييز وهي تخرج بالنوم فتفارق الجسد فتطوف بالعالم وترى المنامات ثم ترجع إلى الجسد عند تيقظه. وقيل غير ذلك، والأولى أن هذا الأمر لا يعرفه إلا الله سبحانه. وقد أخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " مع كل إنسان ملك إذا نام يأخذ نفسه، فإذا أذن الله في قبض روحه قبضها وإلا ردها إليه فذلك قوله تعالى يتوفاكم بالليل " [[ابن كثير 2/ 138.]]. (ويعلم ما جرحتم بالنهار) أي ما كسبتم بجوارحكم من الخير والشر، والتقييد بالظرفين جرى على الغالب إذ الغالب أن النوم في الليل والكسب في النهار (ثم يبعثكم فيه) أي في النهار يعني اليقظة برد أرواحكم، قال القاضي: أطلق البعث ترشيحاً للتوفي، وقيل يبعثكم من القبور فيه أي في شأن ذلك الذي قطعتم فيه أعماركم من النوم بالليل والكسب بالنهار. وقيل في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير هو الذي يتوفاكم بالليل ثم يبعثكم بالنهار ويعلم ما جرحتم فيه، وقيل ثم يبعثكم فيه أي في المنام، ومعنى الآية أن إمهاله تعالى للكفار ليس للغفلة عن كفرهم فإنه عالم بذلك ولكن: (ليقضى أجل مسمى) أي معين لكل فرد من أفراد العباد من حياة ورزق، وقال مجاهد هو الموت (ثم إليه مرجعكم) أي رجوعكم بعد الموت (ثم ينبئكم بما كنتم تعملون) فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب