الباحث القرآني
(اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب) كلعب الصبيان (ولهو) كلهو الفتيان واللعب هو الباطل واللهو كل شيء يتلهى به ثم يذهب، قال قتادة: لعب ولهو أكل وشرب. قال مجاهد: كل لعب لهو، وقيل: اللعب ما رغب في الدنيا واللهو ما ألهى جمن الآخرة وشعل عنها، وقيل: اللعب الإقتناء، واللهو النساء، وقد تقدم تحقيق هذا في سورة الأنعام (وزينة) كزينة النسوان، والزينة التزين بمتاع الدنيا من اللباس والحلي ونحوهما، من دون عمل للآخرة (وتفاخر بينكم) كتفاخر الأقران قرأ الجمهور بتنوين تفاخر، وقرىء بالإضافة أي يفتخر به بعضكم على بعض، وقيل: يتفاخرون بالخلقة والقوة، وقيل: بالأنساب والأحساب كما كانت عليه العرب.
(وتكاثر) كتكاثر الدهقان، والتكاثر إدعاء الاستكثار (في الأموال والأولاد) أي يتكاثرون بأموالهم وأولادهم ويتطاولون بذلك على الفقراء، والمعنى أن التشاغل، وشغل البال بالحياة الدنيا، دائر بين هذه الأمور الخمسة اجتمعت أم لا، قال القشيري: وهذه الدنيا المذمومة هي ما يشغل العبد عن الآخرة فكل ما يشغله عن الآخرة فهو الدنيا، وأما الطاعات وما يعين عليها فمن أمور الآخرة.
وقال علي كرم الله وجهه لعمار بن ياسر: لا تحزن على الدنيا فإن الدنيا ستة أشياء مأكول ومشروب وملبوس ومشموم ومركوب ومنكوح، فأحسن طعامها العسل وهو بزقة ذبابة، وأكثر شرابها الماء وهو يستوي فيه جميع الحيوان، وأفضل ملبوسها الديباج وهو نسيج دودة، وأفضل مشمومها المسك وهو دم فأرة، وأفضل المركوب الفرس، وعليها تقتل الرجال، وأما المنكوح فهو النساء وهن مبال في مبال.
ثم بين سبحانه لهذه الحياة شبهاً، وضرب لها مثلاً، فقال:
(كمثل غيث) أي مطر (أعجب الكفار) أي الزراع، لأنهم يكفرون البذر، أي يغطونه بالتراب كما يستر الكافر حقيقة أنوار الإيمان بما يحصل منه من الجحد والطغيان (نباته) الحاصل به (ثم يهيج) أي يجف بعد نضارته وخضرته، قاله أبو السعود، وقيل: ييبس وفيه تسامح فإن حقيقته أن يتحرك إلى أقصى ما يتأتى له، فالمعنى يطول جداً (فتراه مصفراً) أي متغيراً عما كان عليه من الخضرة والرونق إلى لون الصفرة والذبول، وقرىء مصفاراً.
(ثم يكون حطاماً) أي متفتتاً هشيماً متكسراً متحطماً بعد يبسه، شبه حال الدنيا وسرعة تقضيها مع قلة جدواها بنبات أنبته الغيث فاستوى وقوي، وأعجب به الناظرون إليه لخضرته، وكثرة نضارته، ثم لا يلبث أن يصير هشيماً تبناً كائن لم يكن، وقيل: المعنى إن الحياة الدنيا كزرع أنبته الغيث وأعجب به الكفار الجاحدون لنعمة الله فيما رزقهم من الغيث والنبات فبعث الله عليه العاهة فهاج واصفر، وصار حطاماً، عقوبة لهم على جحودهم كما فعل بأصحاب الجنة. وصاحب الجنتين وقد تقدم تفسير هذا المثل في سورة يونس والكهف. ثم لما ذكر سبحانه حقارة الدنيا وسرعة زوالها ذكر ما أعده للعصاة في الدار الآخرة وما أعده لأهل الطاعة فقال:
(وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ) أخبر بأن في الآخرة عذاباً شديداً، ومغفرة منه ورضواناً، وهذا معنى حسن، وهو أنه قابل العذاب بشيئين، بالمغفرة والرضوان، فهو من باب: لن يغلب عسر يسرين، والتنكير فيهما للتعظيم. قال قتادة: عذاب شديد لأعداء الله ومغفرة من الله ورضوان لأوليائه وأهل طاعته، قال الفراء: التقدير في الآية إما عذاب شديد وإما مغفرة، فلا يوقف على شديد، ثم ذكر سبحانه بعد الترهيب والترغيب حقارة الدنيا فقال:
(وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) لمن اغتر بها وركن إليها، واعتمد عليها، وعمل لها، ولم يعمل للآخرة، أي هي في نفسها غرور لا حقيقة له، وهذا يقتضي أن الإضافة بيانية، والمعنى وما التمتع بالدنيا إلا متاع أي تمتع هو الغرور، أي الإغترار، قال سعيد بن جبير: متاع الغرور لمن لم يشتغل بطلب الآخرة ومن اشتغل بطلبها فله متاع، بلاغ إلى ما هو خير منه، وهذه الجملة مقررة للمثل المقدم، ومؤكدة له، قال ذو النون: يا معشر المريدين لا تطلبوا الدنيا وإن طلبتموها فلا تحبوها، فإن الزاد منها، والمعيل في غيرها ثم ندب عباده إلى المسابقة إلى ما يوجب المغفرة من التوبة والعمل الصالح، فإن ذلك سبب إلى الجنة فقال: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24)
{"ayah":"ٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا لَعِبࣱ وَلَهۡوࣱ وَزِینَةࣱ وَتَفَاخُرُۢ بَیۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرࣱ فِی ٱلۡأَمۡوَ ٰلِ وَٱلۡأَوۡلَـٰدِۖ كَمَثَلِ غَیۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرࣰّا ثُمَّ یَكُونُ حُطَـٰمࣰاۖ وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابࣱ شَدِیدࣱ وَمَغۡفِرَةࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰنࣱۚ وَمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَاۤ إِلَّا مَتَـٰعُ ٱلۡغُرُورِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق