الباحث القرآني
(هم الذين كفروا) يعني: كفار قريش (وصدوكم عن المسجد الحرام) أي عن الوصول إليه، ومعنى الصد أنهم منعوهم أن يطوفوا بالمسجد الحرام، ويحلوا عن عمرتهم (والهدي معكوفاً) أي محبوساً، قرأ الجمهور بنصب الهدي عطفاً على الضمير المنصوب في صدوكم، وقرىء عطفاً على المسجد، ولا بد من تقدير مضاف، أي عن نحر الهدي، وقرىء بالرفع على تقدير وصد الهدي، وقرأ الجمهور بفتح الهاء من الهدي وسكون الدال، وقرىء بكسرها وتشديد الياء، وانتصاب معكوفاً على الحال من الهدي، قال الجوهري: عكفه أي حبسه ووقفه، ومنه و (الهدي معكوفاً) ومنه الاعتكاف في المسجد. وهو الاحتباس، وعكف على الشيء أقبل عليه مواظباً، وقال أبو عمرو بن العلاء؛ معكوفاً مجموعاً. وأنكر الفارسي تعدية عكف بنفسه، وأثبتها ابن سيده والأزهري وغيرهما، وهو ظاهر القرآن لبناء اسم المفعول منه.
(أن يبلغ محله) أي عن أن يبلغ محله، أو مفعول لأجله، والمعنى صدوا الهدي كراهة أن يبلغ محله، ومحله منحره، وهو حيث يحل نحره من الحرم، أو هو بدل اشتمال من الهدي، وكان الهدي سبعين بدنة، وقال ابن عباس: نحروا يوم الحديبية سبعين بدنة، فلما صدت عن البيت حنت كما تحن إلى أولادها، ورخص الله سبحانه لهم بجعل ذلك الموضع الذي وصلوا إليه وهو الحديبية محلاً للنحر، فلا ينتهض حجة للحنفية على أن مذبح هدي المحصر هو الحرم، وللعلماء في هذا الكلام معروف في كتب الفروع.
(ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) يعني المستضعفين من المؤمنين بمكة (لم تعلموهم) أي لم تعرفوهم، وقيل: لم تعلموا أنهم مؤمنون (أن تطأوهم) أي بالقتل، والإيقاع بهم يقال: وطأت القوم أي أوقعت بهم، وذلك أنهم لو كبسوا مكة وأخذوها عنوة بالسيف لم يتميز المؤمنون الذين هم فيها من الكفار، وعند ذلك لا يأمنون أن يقتلوا المؤمنين فتلزمهم الكفارة وتلحقهم سبة، وهو معنى قوله: (فتصيبكم منهم) أي من جهتهم (معرة) أي مشقة، بما يلزمكم في قتلهم من كفارة وعيب، وأصل المعرة العيب، مأخوذ من العر وهو الجرب.
وذلك أن المشركين سيقولون: إن المسلمين قد قتلوا أهل دينهم، قال الزجاج: معرة أي إثم، وكذا قال الجوهري، وبه قال ابن زيد، وقال الكلبي ومقاتل وغيرهما: المعرة كفارة قتل الخطأ، كما في قوله (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة)، لأن الله أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة، دون الدية، وقال ابن إسحق: المعرة غرم الدية، وقال قطرب: المعرة الشدة وقيل الغم، وقيل: هي مفعلة من عره بمعنى عراه إذا دهاه ما يكرهه ويشق عليه.
(بغير علم) متعلق بأن تطأوهم أي: غير عالمين، وجواب لولا محذوف والتقدير: لأذن الله لكم، أو لما كف أيديكم عنهم (ليدخل الله) اللام متعلقة بما يدل عليه الجواب المقدر، أي ولكن لم يأذن لكم، أو كف أيديكم عنهم، ليدخل الله (في رحمته) بذلك أي في توفيقه لزيادة الخير في الإسلام (من يشاء) من عباده وهم المؤمنون والمؤمنات الذين كانوا في مكة، فيتمم لهم أجورهم بإخراجهم من بين ظهراني الكفار، ويفك أسرهم، ويرفع ما كان ينزل بهم من العذاب، وقيل اللام متعلقة بمحذوف غير ما ذكر، والتقدير لو قتلتموهم لأدخلهم الله في رحمته والأول أولى.
وقيل إن: (من يشاء) عبارة عمن رغب في الإسلام من المشركين.
عن أبي جمعة جنيد بن سبع قال: " قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم أول النهار كافراً وقاتلت معه آخر النهار مسلماً، وفينا نزلت ولولا رجال إلخ وكنا تسعة نفر: سبعة رجال وامرأتان ".
وفي رواية ابن أبي حاتم " كنا ثلاثة رجال وتسع نسوة "، أخرجه الطبراني وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن قانع والبارودي والطبراني وابن مردويه، قال السيوطي. بسند جيد، وعن ابن عباس في الآية قال: حين ردوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تطأوهم بقتلكم إياهم.
(لو تزيلوا) التزيل التميز أي لو تميز الذين آمنوا من الذين كفروا منهم، قاله العتبي، وقال الكلبي لو تفرقوا، وقيل لو زال الذين آمنوا من بين أظهرهم والمعاني متقاربة، قرأ الجمهور لو تزيلوا، وقرىء لو تزايلوا والتزايل التباين (لعذبنا الذين كفروا منهم) أي من أهل مكة حينئذ بأن نأذن لكم في فتحها (عذاباً أليماً) قال القاضي بالقتل والسبي، وهو الظاهر، لأن المراد من تعذيبهم التعذيب الدنيوي الذي هو تسليط المؤمنين عليهم وقتالهم، فإن عدم التمييز لا يوجب عدم عذاب الآخرة، أفاده على القاري، قال ابن عباس: لو تزيل الكفار من المؤمنين لعذبهم الله عذاباً أليماً بقتلكم إياهم، قال قتادة: إن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار، كما دفع بالستضعفين من المؤمنين عن مشركي مكة.
{"ayah":"هُمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡیَ مَعۡكُوفًا أَن یَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالࣱ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَاۤءࣱ مُّؤۡمِنَـٰتࣱ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِیبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَیۡرِ عِلۡمࣲۖ لِّیُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِی رَحۡمَتِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ لَوۡ تَزَیَّلُوا۟ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِیمًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











