الباحث القرآني
سورة الفتح
(هي تسع وعشرون آية، وهي مدنية)
قال القرطبي: بالإجماع، وبه قال ابن عباس وابن الزبير، وعن المسور بن مخرمة ومروان قالا نزلت بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها، وهذا لا ينافي الإجماع على كونها مدنية، لأن المراد بالسور المدنية النازلة بعد الهجرة من مكة.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما، عن عبد الله ابن مغفل قال، قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح في مسيرة سورة الفتح على راحلته فرجع فيها.
وفي الصحيحين، عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلاً، فسأله عمر عن شيء فلم يجبه فقال عمر بن الخطاب هلكت أم عمر نزرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ذلك لا يجيب فقال عمر فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس وخشيت أن ينزل فيّ قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي، فقلت لقد خشيت أن يكون قد نزل فيّ قرآن، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه فقال: " لقد أنزلت عليّ سورة لهي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس "، ثم قرأ: (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً).
وفي صحيح مسلم: عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال: لما نزلت (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً) إلى قوله (فوزاً عظيماً) مرجعه من الحديبية، وهم يخالطهم الحزن والكآبة، وقد نحروا الهدي بالحديبية فقال " لقد أنزلت عليّ آية هي أحب إليّ من الدنيا جميعها " [[مسلم في صحيحه.]].
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6)
(إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وحده قيل المراد الحكم والقضاء كما في قوله (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق)، فكأنه قال إنا قضينا وحكمنا لك فتحاً ظاهراً واضحاً مكشوفاً بغير قتال ولا تعب، والفتح الظفر بالبلدة، عنوة أو صلحاً بحرب أو غير حرب، وبخراج أو بدونه لأنه مغلق. ما لم يظفر به فإذا ظفر به فقد فتح، مأخوذ من فتح باب الدار، وجيء به بلفظ الماضي لأن عادة الله في تحققها بمنزلة الكائنة، وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن المخبر عنه، وهو الفتح ما لا يخفى، وإسناده إلى نون العظمة لاستناد أفعال العباد إليه تعالى خلقاً وإيجاداً، واختلف في تعيين هذا الفتح فقال الأكثر على ما في البخاري: هو صلح الحديبية، والصلح قد يسمى فتحاً قال الفراء: والفتح قد يكون صلحاً، وقال قوم: إنه فتح مكة، وقال آخرون: إنه فتح خيبر، والأول أرجح، ويؤيده ما ذكرناه قبل هذا من أن السورة نزلت في شأن الحديبية.
وقيل: هو جميع ما فتح الله لرسوله من الفتوح، وقيل: هو ما فتح له من النبوة، والدعوة إلى الإسلام، وقيل: فتح الروم، ومعنى الفتح في اللغة فتح المنغلق، والصلح الذي كان مع المشركين بالحديبية كان مشدوداً متعذراً، حتى فتحه الله، قال الزهري: لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم، فتمكن الإسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير، وكثر بهم سواد الإسلام.
قال الشعبي: لقد أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية ما لم يصب في غزوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبويع بيعة الرضوان، وأطعموا نخل خيبر، وبلغ الهدىُ محله، وظهرت الروم على فارس ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس، وقال الزجاج: كان في فتح الحديبية آية عظيمة، وذلك أنه نزح ماؤها ولم يبق فيها قطرة فتمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مجه في البئر فدرت بالماء حتى شرب جميع الناس.
" وعن مجمع بن جارية الأنصاري قال: شهدنا الحديبية فلما انصرفنا منها حتى بلغنا كراع الغميم إذ الناس يوجفون الأباعر، فقال الناس بعضهم لبعض: ما للناس؟ فقالوا: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجنا مع الناس نوجف، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته عند كراع الغميم، فاجتمع الناس إليه فقرأ عليهم إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً، فقال رجل: أي رسول الله أو فتح هو؟ قال: إي والذي نفس محمد بيده، إنه لفتح، فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهماً وكان الجيش ألفاً وخمسمائة منهم ثلثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهماً [[رواه أحمد.]]، أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل وغيرهم.
وعن ابن مسعود قال: " أقبلنا من الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي وكان إذا أتاه اشتد عليه فسرى عنه، وبه من السرور ما شاء الله فأخبرنا أنه أنزل عليه إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً " [[رواه أحمد.]] أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه وأبو داود والنسائي وغيرهم وعن أنس في الآية قال الحديبية أخرجه البخاري وغيره.
وعن البراء قال: " تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحاً ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية " [[البخاري في صحيحه.]] أخرجه البخاري وغيره.
وعن عائشة قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا فتحنا الخ فتح مكة أخرجه ابن مردويه وعن أنس نحوه ومذهب أبي حنيفة أن مكة فتحت عنوة ومذهب الشافعي أنها فتحت صلحاً وفي البويطي أن أسفلها فتحه خالد عنوة وأعلاها فتحه الزبير صلحاً ودخل صلى الله عليه وسلم من جهته فصار الحكم له وبهذا تجتمع الأخبار التي ظاهرها التعارض.
{"ayah":"إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحࣰا مُّبِینࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق