الباحث القرآني

(ها أنتم) يا مخاطبون (هؤلاء) الموصوفون وجملة (تدعون) مستأنفة مقررة ومؤكدة لما قبلها لاتحاد محصل معناهما (لتنفقوا في سبيل الله) أي في الجهاد، وفي طرق الخير (فمنكم من يبخل) بما يطلب منه ويدعى إليه من الإنفاق في سبيل الله، وإذا كان منكم من يبخل باليسير من المال، فكيف لا يبخلون بالكثير، وهو جميع الأموال، ومقابله ومنكم من يجود وحذف، لأن المراد الإستدلال على البخل ثم بين سبحانه أن ضرر البخل عائد على النفس فقال: (ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه) أي: يمنعهما الأجر والثواب، وبخل وضن يتعديان تارة بعلى، وبعن أخرى، لتضمينهما معنى الإمساك، والتعدي قال السمين: والأجود أن يكونا حال تعديهما بعن مضمنين معنى الإمساك وقيل: المعنى يبخل عن داعي نفسه، لا عن داعي ربه (والله الغني) المطلق المتنزه عن الحاجة إلى أموالكم (وأنتم الفقراء) إلى الله وإلى ما عنده من الخير والرحمة. (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم) معطوف على الشرطية المتقدمة وهي وإن تؤمنوا، والمعنى إن تعرضوا عن الإيمان والتقوى، يستبدل قوماً آخرين يكونوا مكانكم، هم أطوع لله منكم. " عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية قالوا: من هؤلاء؟ وسلمان إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هم الفرس هذا وقومه "، وفي إسناده مسلم الزنجي، قد تفرد به، وفيه مقال معروف، ولهذا الحديث طرق في الصحيح [[الطبراني 26/ 66.]]. " وعن أبي هريرة قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا، ثم لا يكونوا أمثالنا؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان، ثم قال: هذا وقومه والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجال من فارس " أخرجه الترمذي وابن مردويه من حديث جابر والطبراني في الأوسط والبيهقي في الدلائل، وعبد بن حميد وعبد الرزاق وفي إسناده أيضاًً مسلم ابن خالد الزنجي نحوه. وقال عكرمة: هم فارس والروم، وقال الحسن: هم العجم، وقال شريح بن عبيد: هم أهل اليمن وقيل الأنصار وقيل: الملائكة، وقيل: التابعون وقال مجاهد: هم من شاء الله من سائر الناس، وقال الكلبي: هم كندة والنخعي عن عرب اليمن، وقال المحاسبي: فلا أحد يعد من جميع أجناس الأعاجم أحسن ديناً، ولا كانت منهم العلماء إلا الفرس. " وحكي عن أبي موسى الأشعري: أنه لما نزلت هذه الآية فرح بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هي أحب إلي من الدنيا " والله أعلم ولينظر في سنده. (ثم لا يكونوا أمثالكم) في التولي عن الإيمان والتقوى، بل مطيعين له عز وجل، قال ابن جرير في البخل بالإنفاق في سبيل الله، وكلمة ثم للدلالة على أن مدخولها مما يستبعده المخاطبون لتقارب الناس في الأحوال واشتراكهم في الميل إلى المال.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب