(أفلا يتدبرون القرآن) أصل التدبر التفكر في عاقبة الشيء وما يؤول إليه أمره وتدبر القرآن لا يكون إلا مع حضور القلب وجمع الهم، وقت تلاوته ويشترط فيه تقليل الغذاء من الحلال الصرف، وخلوص النية، قاله الخازن، والاستفهام للإنكار، والمعنى أفلا يتفهمونه فيعلمون بما اشتمل عليه من المواعظ الزاجرة؟ والحجج الظاهرة؟ والبراهين القاطعة الباهرة؟ التي تكفي من له فهم وعقل، وتزجره عن الكفر بالله والاشراك به والعمل بمعاصيه؟ وقيل: المراد به التأسي، وقيل: هذه الآية محققة للآية المتقدمة، ومهيجة لهم على ترك ما هم فيه من الكفر، الذي استحقوا بسببه اللعنة، أو كالتبكيت لهم على إصرارهم على الكفر.
(أم) هي المنقطعة بمعنى بل، والهمزة التي للانتقال من توبيخ إلى توبيخ أي بل أ (على قلوب أقفالها) فهم لا يفهمون ولا يعقلون قال مقاتل: يعني الطبع على القلوب، والتنكير إما لتهويل حالها أو تفظيع شأنها. كأنه قيل على قلوب منكرة لا يعرف حالها. وإما لأن المراد بها قلوب بعضهم وهم المنافقون والأقفال إستعارة لانغلاق القلب عن معرفة الحق، وإضافة الأقفال إلى القلوب للتنبيه على أن المراد بها ما هو للقلوب بمنزلة الأقفال للأبواب، أو أنها أقفال مخصوصة بها، مناسبة لها.
ومعنى الآية أنه لا يدخل في قلوبهم الإيمان، ولا يخرج منها الكفر والشرك، لأن الله سبحانه قد طبع عليها قرىء أقفالها بالجمع، وإقفالها بكسر الهمزة على أنه مصدر، كالإقبال، والآية بعمومها تشمل كل من لا يتدبر القرآن، ولا يتأسى به، ويدخل فيه من نزلت فيه دخولاً أولياً، وأما المقلدة التاركة للتدبر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهؤلاء هم الذين على قلوبهم أقفالها.
{"ayah":"أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَاۤ"}