الباحث القرآني

(ولو جعلناه قرآناً أعجمياً) أي لو جعلنا هذا القرآن الذي تقرأه على الناس بغير لغة العرب، ولا حجة فيه لأبي حنيفة رحمه الله في جواز الصلاة إذا قرأ بالفارسية كما زعمه النسفي وغيره لأن التركيب خارج مخرج الفرض والتقدير دون الوقوع والتحقيق (لقالوا لولا فصلت آياته) أي بينت بلغتنا فإننا عرب لا نفهم لغة العجم والاستفهام في قوله (أأعجمي وعربي) للإنكار وهو من جملة قول المشركين، أي لقالوا: كلام أعجمي ورسول عربي، والأعجمي الذي لا يفصح سواء كان من العرب أو من العجم، والياء للمبالغة في الوصف كأحمري، وليس النسب فيه حقيقياً. وقال الرازي في لوامحه. هي كياء كرسي ويختي، وفرق بينهما الشيخ، والأعجم ضد الفصيح وهو الذي لا يبين كلامه، ويقال للحيوان غير الناطق أعجم، وقيل المراد هلا فصلت آياته فجعل أعجمياً لإفهام العجم وبعضها عربياً لإفهام العرب، قال ابن عباس: يقول لو جعلنا القرآن أعجمياً ولسانك يا محمد عربي لقالوا أعجمي وعربي تأتينا به مختلفاً أو مختلطاً هَلاَّ بينت آياته فكان القرآن مثل اللسان يقول، فلم نفعل لئلا يقولوا فكانت حجة عليهم قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي أأعجمي بهمزتين مخففتين وقرىء بهمزة واحدة وقرىء بتسهيل الثانية بين بين: ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم فقال: (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) أي يهتدون به إلى الحق ويستشفون به من كل شك وشبهة، ومن الأسقام والآلام، قال الشهاب: رد عليهم بأنه هاد لهم، شاف لما في صدورهم، كاف في دفع الشبهة فلذا ورد بلسانهم معجزاً بيناً في نفسه مبيناً لغيره. (والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر) أي صمم عن سماعه، وفهم معانيه ولهذا تواصوا باللغو فيه والموصول مبتدأ خبره في آذانهم وقر، والموصول الثاني عطف على الأول، ووقر عطف على هدى، عند من جوز العطف على معمولي عاملين مختلفين والتقدير هو للأولين هدى وشفاء وللآخرين وقر في آذانهم. (وهو عليهم عمى) وذلك لتصامهم عن سماعه، وتعاميهم عما يريهم من الآيات، قال قتادة: عموا عن القرآن وصموا عنه. وقال السدي عميت قلوبهم عنه والمعنى وهم عليه ذو عمى، ووصف بالمصدر للمبالغة، وقيل: المعنى والوقر عليهم عمى، أي ظلمة وشبهة، قرأ الجمهور عمى بفتح الميم منونة على أنه مصدر. وقرأ ابن عباس وعبد الله بن الزبير وعمرو بن العاص وابن عمر بكسر الميم منونة على أنه إسم منقوص على أنه وصف به مجازاً. وقرىء بكسر الميم وفتح الياء على أنه فعل ماض، واختار أبو عبيدة القراءة الأولى. (أولئك) أي الذين لا يؤمنون (ينادون من مكان بعيد) مثل حالهم باعتبار عدم فهمهم للقرآن بحال من ينادي من مسافة بعيدة لا يسمع من يناديه منها، قال الفراء: تقول للرجل الذي لا يفهم كلامك أنت تنادي من مكان بعيد، ففيه استعارة تمثيلية، وقال الضحاك ينادون يوم القيامة بأقبح أسمائهم من مكان بعيد وقال مجاهد من مكان بعيد من قلوبهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب