الباحث القرآني

(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ) الموصول مبتدأ وخبره قوله: (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) والجملة مستأنفة مسوقة لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ببيان أن هذا الجنس من الملائكة الذين هم أعلى طبقاتهم، وأولهم وجوداً يضمون إلى تسبيحهم لله، والإيمان به الاستغفار للذين آمنوا بالله ورسوله وصدقوا. وفيه دليل على أن الاشتراك في الإيمان يجب أن يكون أدعى شيء إلى النصيحة والشفقة، وإن تباعدت الأجناس وشطت الأماكن، والمراد بمن حول العرش هم الملائكة الذين يطوفون به مهللين مكبرين، وهم الكروبيون، وهو في محل رفع عطفاً على الذين الخ وهذا هو الظاهر، وقيل: يجوز أن يكون في محل نصب عطفاً على العرش والأول أولى. والمعنى أن الملائكة الذين يحملون العرش وكذلك الملائكة الذين هم حول العرش ينزهون الله متلبسين بحمده على نعمه، ويؤمنون بالله ببصائرهم، ويستغفرون الله لعباده المؤمين به، وأخبر عنهم بالإيمان إظهاراً لفضله، وتعظيماً لأهله، ومساق الآية لذلك وهم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أردفهم الله تعالى بأربعة أخر، كما قال تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) وهم أشرف الملائكة وأفضلهم، لقربهم من الله عز وجل، " وهم على صورة الأوعال، والعرش فوق ظهورهم "، ذكره القشيري وأخرجه الترمذي من حديث ابن عباس، واستفيد منه أن حمل الملائكة للعرش على ظهورها. وقد وردت في بيان مسافة أظلافهم إلى ركبهم وأرجلهم وأقدامهم وما بين شحمة أذنهم إلى عاتقهم وألفاظ تسبيحهم أخبار وآثار، وكذا في صفة العرش وبعد ما بين السماء السابعة وبين العرش، والمعول عليه منها ما ورد في الصحيح ثم بين سبحانه كيفية استغفارهم للمؤمنين فقال حاكياً عنهم. (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً) أي وسع رحمتك كل شيء، وعلمك كل شيء، وتقديم الرحمة على العلم لأنها المقصودة بالذات ههنا، قاله البيضاوي وأبو السعود، لأن المقام مقام الاستغفار، وإلا فالعلم متقدم ذاتاً (فاغفر للذين تابوا) أي أوقعوا التوبة عن الذنوب، أو عن الشرك وإن كان عليهم ذنوب. (واتبعوا سبيلك) وهو دين الإسلام (وقهم عذاب الجحيم) أي احفظهم منه واجعل بينهم وبينه وقاية بأن تلزمهم الاستقامة، وتتم نعمتك فإنك وعدت من كان كذلك بذلك، ولا يبدل القول لديك، وإن كان يجوز أن تفعل ما تشاء، وأن الخلق عبيدك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب