الباحث القرآني
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)
(يستفتونك) ختم السورة بذكر الأموال كما أنه افتتحها بذلك لتحصل المشاكلة بين المبدأ والختام، وجملة ما في هذه السورة من آيات المواريث ثلاثة
الأولى: في بيان إرث الأصول والفروع.
والثانية: في بيان إرث الزوجين والأخوة والأخوات من الأم.
والثالثة: وهي هذه في إرث الأخوة والأخوات الأشقاء أو لأب، وأما أولو الأرحام فمذكورون في آخر الأنفال، والمستفتي عن الكلالة هو جابر كما سيأتي، وعن قتادة أن الصحابة أهمهم شأن الكلالة فسألوا عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله هذه الآية.
(قل الله يفتيكم في الكلالة) قد تقدم الكلام في الكلالة في أول هذه السورة واسم الكلالة يقع على الوارث وعلى الموروث، فإن وقع على الأول فهم من سوى الوالد والولد، وإن وقع على الثاني فهو من مات ولا يرثه أحد الأبوين ولا أحد الأولاد.
قد أخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم عن جابر بن عبد الله قال: دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا مريض لا أعقل فتوضأ ثم صَبّ علي فعقلت فقلت: إنه لا يرثني إلا كلالة فكيف الميراث فنزلت آية الفرائض، وعنه عند ابن سعد وابن أبي حاتم بلفظ أنزلت في قل الله يفتيكم في الكلالة.
وعن عمر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تورث الكلالة فأنزل الله هذه الآية، وأخرج مالك ومسلم وابن جرير والبيهقي عن عمر قال: ما سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن شيء أكثر مما سألته في الكلالة حتى طعن بإصبعه في صدري وقال: ما يكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عمر قال: ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان عهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا، وقد أوضحنا الكلام لغة وخلافاً واستدلالاً وترجيحاً في شأن الكلالة في أوائل هذه السورة فلا نعيده.
(إن امرؤ هلك) أي إن هلك امرؤ، هلك كما تقدم في قوله: (وإن امرأة خافت) والمعنى مات وسمي الموت هلاكاً لأنه إعدام في الحقيقة (ليس له ولد) إما صفة لامرؤ أو حال كما قاله صاحب الكشاف، ولا وجه للمنع من كونه حالاً والأول رجحه الكرخي.
والولد يطلق على الذكر والأنثى، واقتصر على عدم الولد هنا مع أن عدم الوالد معتبر في الكلالة اتكالاً على ظهور ذلك، قيل والمراد هنا الابن وهو أحد معنيي المشترك لأن البنت لا تسقط الأخت.
(وله أخت) المراد بالأخت هنا هي الأخت لأبوين أو لأب لا لأم فإن فرضها السدس كما ذكر سابقاً (فلها) أي لأخت الميت (نصف ما ترك).
وقد ذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى أن الأخوات لأبوين أو لأب عصبة للبنات وإن لم يكن معهن أخ، وذهب ابن عباس إلى أن الاخوات لا يعصبن البنات، وإليه ذهب داود الظاهري وطائفة، وقالوا إنه لا ميراث للأخت لأبوين أو لأب مع البنت، واحتجوا بظاهر هذه الآية فإنه جعل عدم الولد المتناول للذكر والأنثى قيداً في ميراث الأخت.
وهذا استدلال صحيح لو لم يرد في السنة ما يدل على ثبوت ميراث الأخت مع البنت، وهو ما ثبت في الصحيح أن معاذاً قضى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بنت وأخت فجعل للبنت النصف، وللأخت النصف، وكذا صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في بنت وبنت ابن وأخت فجعل للبنت النصف ولبنت الابن السدس وللأخت الباقي، فكانت هذه السنة مقتضية لتفسير الولد بالابن دون البنت.
(وهو) أي الأخ (يرثها) أي كذلك يرث الأخت جميع ما تركت (إن لم يكن لها ولد) ذكر، إن كان المراد بإرثه لها حيازته لجميع ما تركته، وإن كان المراد ثبوت ميراثه لها فالجملة أعمّ من يكون كلاًّ أو بعضاً صح تفسير الولد بما يتناول الذكر والأنثى، فإن كان لها ولد ذكر فلا شيء له أو أنثى فله ما فضل عن نصيبها، ولو كانت الأخت أو الأخ من أم ففرضه السدس كما تقدم في أول السورة.
واقتصر سبحانه في هذه الآية على نفي الولد مع كون الأب يسقط الأخ كما يسقطه الولد الذكر لأن المراد بيان سقوط الأخ مع الولد فقط هنا، وأما سقوطه مع الأب فقد تبين بالسنة كما ثبت في الصحيح من قوله - صلى الله عليه وسلم - ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، والأب أولى من الأخ [[مسلم/1615 والبخاري/2496.]].
(فإن كانتا) أي فإن كان من يرث بالإخوة (اثنتين) أي أختين فصاعداً لأنها نزلت في جابر وقد مات عن أخوات سبع أو تسع والعطف على الشرطية السابقة والتأنيث والتثنية وكذلك الجمع في قوله وإن كانوا أخوة باعتبار الخبر (فلهما الثلثان مما ترك) الأخ إن لم يكن له ولد كما سلف، وما فوق الإثنتين من الأخوات يكون لهن الثلثان بالأولى.
(وإن كانوا) أي من يرث بالإخوة (إخوة) أي وأخوات فغلب المذكور على الإناث أو فيه اكتفاء بدليل (رجالاً ونساء) أي مختلطين ذكوراً وإناثاً (فللذّكر) منهم (مثل حظ الأنثيين) تعصيباً (يبين الله لكم) حكم الكلالة وسائر الأحكام كراهة (أن تضلّوا) هكذا حكاه القرطبي عن البصريين وبه قال في الكشاف وتبعه القاضي ورجحه.
وقال الكسائي: المعنى لئلا تضلوا، ووافقه الفراء وغيره من الكوفيين قال أبو عبيد: رويت للكسائي حديث ابن عمر لا يدعو أحدكم على ولده أن يوافق من الله ساعة إجابة فاستحسنه أي لئلا يوافق (والله بكل شيء) من الأشياء التي هذه الأحكام المذكورة منها (عليم) أي كثير العلم يعلم مصالح العباد، في المبدأ والمعاد، وفيما كلفهم من الأحكام.
وهذه السورة اشتمل أولها على كمال تنزه الله وسعة قدرته، وآخرها اشتمل على بيان كمال العلم وهذان الوصفان بهما تثبت الربوبية والألوهية والجلال والعزة، وبهما يجب أن يكون العبد منقاداً للتكاليف، قاله أبو حيان.
روى الشيخان عن البراء أنها آخر آية نزلت من الفرائض، وروي عن ابن عباس: آخر آية نزلت آية الربا، وآخر سورة نزلت إذا جاء نصر الله والفتح وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - بعد ما نزلت سورة النصر عاش عاماً ونزلت بعدها براءة وهي آخر سورة نزلت كاملة، فعاش - صلى الله عليه وسلم - بعدها ستة أشهر، ثم نزلت في طريق حجة الوداع (يستفتونك) الآية فسُمّيت آية الصيف لأنها نزلت في الصيف، ثم نزلت وهو واقف بعرفة (اليوم أكملت لكم دينكم) فعاش بعدها واحداً وثمانين يوماً ثم نزلت آية الربا ثم نزلت (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله) فعاش بعدها واحداً وعشرين يوماً.
{"ayah":"یَسۡتَفۡتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ یُفۡتِیكُمۡ فِی ٱلۡكَلَـٰلَةِۚ إِنِ ٱمۡرُؤٌا۟ هَلَكَ لَیۡسَ لَهُۥ وَلَدࣱ وَلَهُۥۤ أُخۡتࣱ فَلَهَا نِصۡفُ مَا تَرَكَۚ وَهُوَ یَرِثُهَاۤ إِن لَّمۡ یَكُن لَّهَا وَلَدࣱۚ فَإِن كَانَتَا ٱثۡنَتَیۡنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَۚ وَإِن كَانُوۤا۟ إِخۡوَةࣰ رِّجَالࣰا وَنِسَاۤءࣰ فَلِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَیَیۡنِۗ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ أَن تَضِلُّوا۟ۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمُۢ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق