الباحث القرآني
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)
(وقد نزّل عليكم في الكتاب) الخطاب لجميع من أظهر الإيمان من مؤمن ومنافق لأن من أظهر الإيمان فقد لزمه أن يمتثل ما أنزل الله، وقيل: إنه خطاب للمنافقين فقط كما يفيده التشديد والتوبيخ، والكتاب هو القرآن والذي أنزله الله عليهم في الكتاب هو قوله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) وهذا نزل بمكة لأنه قد كان جماعة من الداخلين في الإسلام يقعدون مع المشركين واليهود حال سخريتهم بالقرآن واستهزائهم به فنهوا عن ذلك.
ثمّ إن أحبار اليهود بالمدينة كانوا يفعلون مثل فعل المشركين، وكان المنافقون يجلسون إليهم ويخوضون معهم في الاستهزاء بالقرآن فنهى الله المؤمنين عن القعود معهم بقوله (أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها) أي إذا سمعتم الكفر والاستهزاء بآيات الله، فأوقع السماع على الآيات، والمراد سماع الكفر والاستهزاء.
(فلا تقعدوا معهم) ما داموا كذلك (حتى) غاية للنهي (يخوضوا في حديث غيره) أي حديث الكفر والاستهزاء.
وفي هذه الآية باعتبار عموم لفظها الذي هو المعتبر دون خصوص السبب دليل على اجتناب كل موقف يخوض فيه أهله بما يفيد التنقص والاستهزاء للأدلة الشرعية، كما يقع كثيراً من أسراء التقليد الذين استبدلوا آراء الرجال بالكتاب والسنة، ولم يبق في أيديهم سوى قال إمام مذهبنا كذا، وقال فلان من أتباعه بكذا، وإذا سمعوا من يستدل على تلك المسئلة بآية قرآنية أو بحديث نبوي سخروا منه ولم يرفعوا إلى ما قاله رأساً، ولا بالوا به بالة وظنوا أنه قد جاء بأمر فظيع وخطب شنيع، وخالف مذهب إمامهم الذي نزلوه منزلة معلم الشرائع.
بل بالغوا في ذلك حتى جعلوا رأيه القائل، واجتهاده الذي هو عن منهج الحق مائل، مقدماً على الله وعلى كتابه وعلى رسوله فإنا لله وإنا إليه راجعون، ما صنعت هذه المذاهب بأهلها، والأئمة الذين انتسب هؤلاء المقلدة إليهم برآء من فعلهم فإنهم قد صرحوا في مؤلفاتهم بالنهي عن تقليدهم كما أوضح الشوكاني ذلك في القول المفيد وأدب الطلب، اللهم انفعنا بما علمتنا واجعلنا من المتقيدين بالكتاب والسنة، وباعد بيننا وبين آراء الرجال المبنية على شفا جرف هار، يا مجيب السائلين.
قال ابن عباس: دخل في هذه الآية كل محدث في الدين وكل مبتدع إلى يوم القيامة.
(إنكم إذاً مثلهم) مستأنفة سيقت لتعليل النهي أي أنكم إن فعلتم ذلك وقعدتم معهم ولم تنتهوا فأنتم مثلهم في الكفر واستتباع العذاب [[روى الإمام أحمد 2/ 148 بترتيب الساعاتي، والترمذي 4/ 20 وحسنه، والنسائي 1/ 198 من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر " وهو حديث صحيح. قال ابن حجر: أخرجه النسائي من حديث جابر مرفوعاً وإسناده جيد، قلت: وليس في النسائي الشطر الثاني من الحديث، وأخرجه الترمذي من وجه آخر بسند فيه ضعف، وأبو داود في " سننه " 3/ 477 عن ابن عمر بسند فيه انقطاع، وأحمد 1/ 210 عن عمر- بسند فيه مجهول. وفي " القرطبي " 522/ 417! فكل من جلس مجلس معصية، ولم ينكر عليهم أن يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكر عليهم، فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.]]، قيل وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر كما في قول القائل:
*وكل قرين بالمقارن يقتدي*
وهذه الآية محكمة عند جميع أهل العلم إلا ما يروى عن الكلبي فإنه قال: هي منسوخة بقوله تعالى (وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء) وهو مردود فإن من التقوى اجتناب مجالس هؤلاء الذين يكفرون بآيات الله ويستهزؤن بها.
قال أهل العلم: هذا يدل على أن من رضي بالكفر فهو كافر، ومن رضي بمنكر أو خالط أهله كان في الإثم بمنزلتهم إذا رضي به وإن لم يباشره، فإن جلس إليهم ولم يرض بفعلهم، بل كان ساخطاً له وإنما جلس على التقيّة والخوف فالأمر فيه أهون من المجالسة مع الرضا، وإن جلس مع صاحب بدعة أو منكر ولم يخض في بدعه أو منكره فيجوز الجلوس معه مع الكراهة، وقيل لا يجوز بحال والأول أولى.
(إنّ الله جامع المنافقين والكافرين) هذا تعليل لكونهم مثلهم في الكفر، قيل وهم القاعدون والمقعود إليهم عند من جعل الخطاب موجهاً إلى المنافقين، وعن سعيد بن جبير قال: إن الله جامع المنافقين من أهل المدينة والمشركين من أهل مكة الذين خاضوا واستهزؤا بالقرآن (في جهنم جميعاً) كما اجتمعوا في الدنيا على الكفر والاستهزاء.
{"ayah":"وَقَدۡ نَزَّلَ عَلَیۡكُمۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ أَنۡ إِذَا سَمِعۡتُمۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ یُكۡفَرُ بِهَا وَیُسۡتَهۡزَأُ بِهَا فَلَا تَقۡعُدُوا۟ مَعَهُمۡ حَتَّىٰ یَخُوضُوا۟ فِی حَدِیثٍ غَیۡرِهِۦۤ إِنَّكُمۡ إِذࣰا مِّثۡلُهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ وَٱلۡكَـٰفِرِینَ فِی جَهَنَّمَ جَمِیعًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق