الباحث القرآني

وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129) (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء [[يظن بعض الناس أن هذه الآية تمنع تعدد الزوجات وفاته أن آخرها صريح في الإباحة حيث تقول (فلا تميلوا كل الميل) فهذا لا يقال لصاحب الزوجة الواحدة وتضم إلى هذا أن من الثابت أن بعض الصحابة كانوا يتزوجون أكثر من واحدة وقصة حفصة بنت عمر معروفة وهي أنها لما مات زوجها عرضها عمر على عثمان وعمر كان يعلم أن عثمان متزوج.]]) أخبر سبحانه بنفي استطاعتهم للعدل بين النساء على الوجه الذي لا ميل فيه البتّة لما جبلت عليه الطباع البشرية من ميل النفس إلى هذه دون هذه، وزيادة هذه في المحبة ونقصان هذه، وذلك بحكم الخلقة بحيث لا يملكون قلوبهم ولا يستطيعون توقيف أنفسهم على التسوية، ولهذا كان يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم اللهم: هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك [[وكذلك يأخذ بعضهم على الإسلام أنه يبيح الزوجات ويظن أنه بذلك يدافع عن المرأة وأن التعدد ضار بها وقد قرأنا كلمة للأستاذ العقاد جاء فيها (والأمر الذي يغفل عنه الكثيرون أن إباحة تعدد الزوجات في الإسلام إنما هو في حقيقته رخصة للمرأة التي تريده باختيارها، وليس رخصة للرجل إذا أراد فمهما يكن من إرادة الرجل فهو لا يستطيع البناء بامرأة واحدة لا تختاره فضلاً عن الجمع بين امرأتين أو أربع على هواه وإذا كان قبول المرأة شرطاً واجباً لصحة كل زواج فالرخصة إذاً في مصلحة المرأة التي تختاره وترى من أحوالها في الأسرة أنها هي الرابحة في هذا الاختيار. -[258]- ولقد عرفنا نحن كما عرف غيرنا أحوالاً غير نادرة كانت المرأة توازن فيها بين جميع الاعتبارات فتخرج من هذه الموازنة بتفضيل تعدد الزوجات على ما عداه).]]، رواه ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن المنذر عن عائشة وإسناده صحيح. قال ابن مسعود: العدل بين النساء الجماع، وقال الحسن: الحب وكذا المحادثة والمجالسة والنظر إليهن والتمتّع (ولو حرصتم) يعني على العدل والتسوية بينهن في الحب وميل القلب. (فلا تميلوا كلّ الميل) إلى التي تحبونها في القسم والنفقة، ولما كانوا لا يستطيعون ذلك ولو حرصوا عليه وبالغوا فيه نهاهم عز وجل عن أن يميلوا كل الميل، لأن ترك ذلك وتجنّب الجور كل الجور في وسعهم وداخل تحت طاقتهم، فلا يجوز لهم أن يميلوا عن إحداهن إلى الأخرى كل الميل. (فتذروها) أي الأخرى الممال عنها (كالمعلّقة) التي ليست ذات زوج ولا مطلقة تشبيهاً بالشيء الذي هو معلق غير مستقر على شيء لا في السماء ولا في الأرض، أي لا أيِّماً ولا ذات زوج، وقرأ أبي بن كعب فتذروها كالمسجونة لا هي مخلصة فتتزوج، ولا هي ذات بعل فيحسن إليها. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأهل السنن عن أُبَيّ هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط [[صحيح الجامع 6391 وسلسلة الأحاديث الصحيحة 277. أبو داود كتاب النكاح 38 - النسائي كتاب النساء باب 2.]]. (وإن تصلحوا) ما أفسدتم من الأمور التي تركتم ما يجب عليكم فيها من عشرة النساء والعدل بينهن في القسم والحب (وتتقوا) الجور في القسم وكل الميل الذي نهيتم عنه (فإن الله كان غفوراً رحيماً) بكم لا يؤاخذكم بما فرط منكم من الميل إلى بعضهن دون بعض. وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (132) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب