الباحث القرآني

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سورة سبأ قال القرطبي: في قول الجميع إلا آية واحدة اختلف فيها وهي قوله: (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ)، فقالت فرقة: هي مكيّة. وقالت فرقة: هي مدنية، وسيأتي الخلاف في معنى هذه الآية إن شاء الله تعالى، وفيمن نزلت. وعن ابن عباس قال: نزلت سورة سبأ بمكة. بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) (الحمد لله) التعريف إن أجري على المعهود فهو بما حمد به نفسه محمود، وإن أجري على الاستغراق فالتعريف مشعر باستحقاق جميع أفراد الحمد لله سبحانه على ما تقدم تحقيقه في فاتحة الكتاب. وقيل: معناه أن كل نعمة من الله فهو الحقيق بأن يحمد ويثنى عليه واللام لام التمليك لأنه خالق ناطق الحمد أصلاً فكان بملكه مالك الحمد للتحميد أهلاً، وقيل هي لام التخصيص والمعنى متقارب أي وله بكل المحامد الاختصاص. (الذي له ما في السموات وما في الأرض) معناه أن جميع ما هو فيهما في ملكه وتحت تصرفه يفعل به ما يشاء ويحكم فيه بما يريد، فكل نعمة واصلة إلى العبد فهي مما خلقه له ومَنّ به عليه، فحمده على ما في السموات والأرض هو حمد له على النعم التي أنعم بها على خلقه مما خلقه لهم، ولما بين أن الحمد الدنيوي من عباده الحامدين له مختص به، بين أن الحمد الأخروي مختص به كذلك أيضاًً فقال: (وله الحمد في الآخرة) كما له في الدنيا لأن النعم في الدارين كلها منه، وقيل المعنى أن له على الاختصاص حمد عباده الذي يحمدونه في الدار الآخرة إذا دخلوا الجنة كما في قوله (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده) وقوله (الحمد لله الذي هدانا لهذا) وقوله (الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن) وقوله (الحمد لله الذي أحلنا دار المقامة من فضله) وقوله (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) فهو سبحانه المحمود في الآخرة كما أنه المحمود في الدنيا، وهو المالك للآخرة كما أنه المالك للدنيا، غير أن الحمد هنا واجب لأن الدنيا دار تكليف وثم لا، لعدم التكليف وإنما يحمد أهل الجنة سروراً بالنعيم وتلذذاً بما نالوا من الأجر العظيم، كما ورد: يلهمون التسبيح والحمد كما يلهمون النفس. (وهو الحكيم) الذي أحكم أمر الدارين (الخبير) بأمر خلقه فيهما، وبضمير من يحمده ليوم الجزاء والعرض، ثم ذكر سبحانه بعض ما يحيط به علمه من أمور السموات والأرض التي نيطت بها مصالحهم الدينية والدنيوية فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب