الباحث القرآني

(فنادته الملائكة) قيل المراد هنا جبريل، والتعبير بلفظ الجمع عن الواحد جائز في العربية، ومنه (الذين قال لهم الناس) وقيل ناداه جميع الملائكة وهو الظاهر من إسناد الفعل إلى الجمع والمعنى الحقيقي مقدم فلا يصار إلى المجاز إلا لقرينة (وهو قائم يصلي في المحراب) أي في المسجد قال السدى المحراب المصلى. وقد أخرج الطبراني والبيهقي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اتقوا هذه المذابح يعني المحاريب [[صحيح الجامع الصغير 19.]]. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن موسى الجهني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا تزال أمتي بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى [[الإمام أحمد 2/ 229.]] " وقد رويت كراهة ذلك عن جماعة من الصحابة. (إن الله يبشرك بيحيى) هو ممتنع من الصرف لكونه أعجمياً أو لكون وزن الفعل فيه مع العلمية كيعمر ويعيش ويزيد ويشكر وتغلب، وقيل أعجمي لا اشتقاق له، وهذا هو الظاهر فامتناعه للعلمية والعجمة الشخصية. قال القرطبي حاكياً عن النقاش كان اسمه في الكتاب الأول حنا انتهى، والذي رأيناه في مواضع من الإنجيل أنه يوحنا قيل سمى بذلك لأن الله أحياه بالإيمان والنبوة، وقيل إن الله أحيا به الناس بالهدى، والمراد هنا التبشير بولادته أي يبشرك بولادة يحيى. (مصدقاً بكلمة من الله) أي بعيسى عليه السلام، وسمى كلمة الله لأنه كان بقوله سبحانه (كن) وقيل لأن الناس يهتدون به كما يهتدون بكلام الله، وقيل لأن الله بشر به مريم على لسان جبريل، وقيل لأن الله أخبر في كتبه المنزلة على الأنبياء أنه يخلق نبياً من غير واسطة أب فلما جاء قيل هذا هو تلك الكلمة يعني الوعد الذي وعد. وقال أبو عبيد " بكلمة " أي بكتاب من الله، قال والعرب تقول أنشدني كلمة أي قصيدة. ويحيى أول من آمن بعيسى وصدقه وكان أكبر من عيسى بثلاث سنين، وقيل بستة أشهر، قال ابن عباس كان يحيى وعيسى ابني الخالة وكانت أم يحيى تقول لمريم إني أجد الذي في بطني يسجد للذي في بطنك فذلك تصديقه بعيسى في بطن أمه، وهو أول من صدق بعيسى، وقتل يحيى قبل أن يرفع عيسى. (وسيداً وحصوراً) السيد الذي يسود قومه، قال الزجاج السيد الذي يفوق أقرانه في كل شيء من الخير، ويا لها من سيادة ما أسناها، والحصور أصله من الحصر وهو الحبس تقول حصرني الشيء وأحصرني إذا حبسك، والحصور الذي لا يأتي النساء كأنه تحجم عنهن كما يقال رجل حصور وحصير إذا حبس رفده ولم يخرجه. فيحيى عليه السلام كان حصورًا عن إتيان النساء أي محصوراً لا يأتيهن كغيره من الرجال إما لعدم القدرة على ذلك أو لكونه يكف عنهن منعاً لنفسه عن الشهوة مع القدرة، وقال السمين الحصور فعول محول عن فاعل للمبالغة والضروب محول من ضارب، وهو الذي لا يأتي النساء إما لطبعه على ذلك وإما لمخالفة نفسه. وفي القاموس الحصور من لا يأتي النساء وهو قادر على ذلك، والممنوع منهن أو من لا يشتهيهن ولا يقربهن انتهى. وقد رجح الثاني بأن المقام مقام مدح وهو لا يكون إلا على أمر مكتسب يقدر فاعله على خلافه لا على ما كان من أصل الخلقة وفي نفس الجبلة. قال ابن عباس سيداً حليماً تقياً، وقال مجاهد السيد الكريم على الله، وقال ابن المسيب: السيد الفقيه العالم، وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كان ذكره مثل هدبة الثوب، وأخرجه أحمد في الزهد من وجه آخر عنه موقوفاً وهو أقوى وكان اسم أم يحيى اسيع. (ونبياً من الصالحين) أي ناشئاً من الصالحين لكونه من نسل الأنبياء وأصلابهم أو كائناً من جملة الصالحين كما في قوله (وإنه في الآخرة لمن الصالحين) قال الزجاج الصالح الذي يؤدي لله ما افترض عليه وإلى الناس حقوقهم، وقيل المراد بالصلاح ما فوق الصلاح الذي لابد منه في منصب النبوة قطعاً من أقاصي مراتبه وعليه مبني دعاء سليمان (وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) وفيه بعد، لأنه لا صلاح فوق صلاح النبوة. قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41) وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب